محلل أداء الأهلي الجديد - رحالة لأكثر من 60 دولة ..وكشاف ومحاضر خريج مدرسة كلوب

الإثنين، 09 يونيو 2025 - 22:54

كتب : محمود عزت

سيباستيان بودسيادلي - الأهلي

سيباستيان بودسيادلي رحالةٌ بولندي زار أكثر من 60 دولة، يعشق للأماكن السياحية، وصاحب تجربة تحليلية مميزة في الدوري الألماني، بدأت من ملاعب الهواة حتى وصلت إلى أندية البوندسليجا، ليحط الرحال أخيرا في القاهرة.

سيباستيان بودسيادلي، البولندي-الألماني لا يحمل فقط جهاز اللابتوب في حقيبته، بل يحمل معه آلاف الكيلومترات قضاها في التنقل عبر البلاد، وذكريات رائعة عن الأماكن السياحية التي زارها حتى تقارير فنية كتبها في مدرجات ملعب دورتموند.

تعلم بودسيادلي تحليل الأداء في مدرسة كولن الألمانية الذي أخرجت مدربين رائعين أمثال الأسطوري يورجن كلوب وهانزي فليك وتوماس توخيل، فمن هو العقل الجديد في جهاز الإسباني خوسيه ريبيرو؟

ويستعرض FilGoal.com قصة سيباستيان بودسيادلي محلل أداء الأهلي الجديد في جهاز الإسباني خوسيه ريبيرو كالتالي:

بالنسبة للكثيرين، يُعد العمل في مجال كرة القدم حلمًا صعبًا بعيد المنال، لكن سيباستيان بودسيادلي كرس حياته لهذا الشغف، حيث أن النجاح لا يأتي من تلقاء نفسه، إذ قادته شخصيته والتعلم والعمل الجاد إلى العمل في أندية البوندسليجا.

بودسيادلي من أبوين بولنديين، لكنه وُلد في ألمانيا، حيث انتقل والداه للعيش هناك قبل أكثر من 30 عامًا، وفي صغره، اعتاد أن يزور أجداده بانتظام لمدة 3 أشهر في كل عطلة، لذلك ارتباط بموطنه الأصلي بولندا.

بفضل زيارته المستمرة، تتحدث العائلة البولندية بسهولة، ويبدو أن هذا ليس فقط بفضل العطلات، بل أيضًا بفضل أحاديثهم اليومية في المنزل.

دراجة صغيرة وحلم كبير

كملايين الأطفال حلم بودسيادلي بأن يصبح لاعب كرة قدم، لذلك انضمّ إلى نادٍ قروي بألمانيا في الرابعة من عمره، ولعب في دوري الناشئين في الدرجة الثانية.

كان النادي على بُعد حوالي 15 كيلومترًا من منزله، لذلك اضطر لقطع هذه المسافة باستخدام الدراجة.

أدرك بودسيادلي سريعا أن حلمه أن يكون لاعب كرة قدم لن يتحقق، لذلك اتخذ مسارا مختلفا من خلال التعليم والتدريب.

"في سن الخامسة عشرة، أدركت أنني أستطيع العمل في كرة القدم، وليس بالضرورة أن أصبح لاعب كرة قدم محترفًا" سيباستيان بودسيادلي.

بدأ بودسيادلي تدريب مجموعة من الأطفال حين كان في السابعة عشر، وفي هذا العمر، كان عليه أن يفكر في مستقبله الدراسي، وأي الكليات سيختار؟ لذلك التحق بالمعهد العالي بفينر نويشتات في النمسا بعد أن قرأ أن لديهم برنامجاً ممتازاً لكلية التربية البدنية.

لم ينته شغف بودسيالي كلاعب كرة قدم، إذ لعب كهاو في الدرجة الرابعة بالدوري النمساوي، ودرس "تحليل كرة القدم" لأول مرة، ليحصل على فترة تدريب في نادي ماترسبورج.

وخلال فترة تواجده مع نادي ماترسبورج، ظهر عرضا آخر، إذ كان عمه يعمل في نادي دولكان زابكي البولندي كحارس للملعب، ليعمل في النادي خلال قضاء أجازته.

وانضم للنادي ليشاهد المدرب روبرت بودولينسكي عن قرب الذي وصفه أنه أول ما ساعده في عالم كرة القدم، واستطاع لأول مرة رؤية طبيعة فترة الإعداد الصيفية قبل كل موسم.

ذكريات جميلة

تطوع سيباستيان في بطولة يورو 2012 ببولندا وأوكرانيا، إذ قال "يورو 2012 بمثابة نقطة تحول، عملت في عدة مجالات، سواءً في ملعب بي جي إي الوطني، أو في منطقة المشجعين".

"كانت هذه أمورًا عاديةً نوعًا ما تتعلق بالمساعدة والتوجيه وتقديم المعلومات للجماهير، لكن لديّ ذكريات رائعة جدًا، حدث رائع، يُضاهي حقًا المنافسة على لقب أفضل فريق في أوروبا" يتذكر سيباستيان.

Z wolontariatu do Bundesligi. Historia Sebastiana Podsiadły prosto z Berlina

مدرسة كولن

في عام 2013، أكمل درجة البكالوريوس، ليقرر بودسيالي الانضمام إلى كولن أحد أفضل مدارس التدريب بألمانيا، إذ أخرجت مدربين متميزين أمثال الأسطوري يورجن كلوب وهانزي فليك وتوماس توخيل.

قرر بودسيالي دراسة الماجيستير، وفي الوقت نفسه انضم لقسم الكشافة الذي يجمع عشرات الطلاب الجامعيين ليعملوا كمحللين ضمن فترة تدريب.

"في سن 24، كنت أسافر لجميع أنحاء أوروبا، واكتسبت الخبرة، كنت في أكثر من 20 دولة، لقد كان وقتًا رائعًا، أعتقد بطولة أوروبا للشباب تركتا انطباعًا كبيرًا لدي، وبالطبع كان أفضل ملعب زرته هو دورتموند، إنه مذهل".

"كنا عشرين شخصًا، حللنا دوريات أوروبا، وجدنا لاعبين مميزين وأعددنا ملفاتهم الشخصية، وكانت تقاريرنا مبنية على إحصائيات من WyScout، وكنت مسؤولًا عن بلجيكا".

"بهذه الطريقة وبتكلفة منخفضة، استحوذ كولن على قاعدة بيانات ضخمة، بفضل مجموعة من المتحمسين، دون ميزانية تذكر، وأثبت قسم الكشافة نجاحه، ليتم تطبيقه في أندية أخرى في الدوري الألماني على سبيل المثال، شالكه الذي لديه شبكة من الكشافين الهواة، يتقاضون 450 يورو شهريًا مقابل عملهم".

"يستخدم أياكس أمستردام أيضًا نظامًا مشابهًا، إذ يسافر مجموعة من الكشافين الهواة إلى أندية صغيرة لمشاهدة اللاعبين، ويُعدّون تقارير أولية، ويرسلونها إلى النادي، ليقوم محللوه برصد المواهب".

"في كل عام، تُهدر أموال طائلة على لاعبين مجهولين دون تحليل مسبق، تدور الأندية في حلقة مفرغة، إذ تتصرف بشكل عشوائي بدلاً من اتخاذ خطوة نحو استثمار حقيقي ضمن شبكة واسعة من الكشافين" سيباستيان بودسيادلي.

عمل سيباستيان بودسيادلي أيضا في مشروع آخر يخص المنتخب الألماني، إذ تواجد ضمن "فريق كولن" لإرسال تقارير عن أهم اللاعبين الألمان الذين يمكنوا أن يمثلوا ألمانيا في المستقبل تحت قيادة يواكيم لوف المدرب السابق.

Kolejny Polak w Bundeslidze. Wcześniej pomagał Joachimowi Loewowi i uczył się w Kolonii

إليكم استقالتي

كان بودسيالي بارعًا في عمله، ففي السنة الثانية من الماجستير، عُرضت عليه وظيفة الكشاف في نادي كايزرسلاوترن.

في البداية، كان العمل عن بُعد لإكمال دراسته، عندها بدأ بالسفر إلى جميع أنحاء أوروبا بحثًا عن لاعبين، ليصبح منسقًا لقسم الكشافة بأكمله.

وعندما تغيرت الإدارة بالنادي، أصبح الأمر أصعب بالنسبة له، إذ لم يُولي المدير الرياضي الجديد أهمية كبيرة لعمل الكشافين، لذلك قدم استقالته خشية أن تضيع التقارير التي يتعب عليها سدىً، لكنه انضم إلى قسم التحليل بالنادي ورحل عن الكشافة.

في عام 2018، تلقى بودسيالي عرضًا مثيرًا للاهتمام من منصة TransferRoom، التي تعد منصة لتبادل انتقالات اللاعبين عبر الإنترنت، إذ يمكن لأي إدراج لاعبيها والتواصل فيما بينها.

كان سيباستيان مسؤولاً عن بولندا وهولندا وبلجيكا والنمسا، كما حضر بعض المؤتمرات التي نظمتها المنصة، لكنه لم يستمر طويلا لينتقل بعدها إلى نادي سانت باولي ليصبح محلل الفريق الأول.

"أعددتُ تقاريرًا للفريق بناءً على تحليل التدريبات والمباريات، نقاط القوة والضعف لدى الفريق واللاعبين، وكيفية تصرفهم في مواقف محددة كما ركزت أيضا على المنافسين" سيباستيان بودسيادلي.

رحل المدير الفني حينها، وعيّن محلل آخر مكان سيباستيان في الجهاز الفني، لينُقل إلى قسم الاستكشاف الذي يعرفه جيدا وتولى مسئولية هولندا وبلجيكا.

الاستعانة بصديق

في أغسطس 2018، تلقى اتصالاً من أحد أصدقائه في مدرسة كولن الذين عادة ينتقلون إلى أفضل الأندية الألمانية، إذ طلب منه مدرب اللياقة البدنية الانضمام إليه في نادي يونيون برلين الذي كان يبحث عن محلل للفريق الأول، ليتعاقد معه النادي بعد مقابلة واحدة فقط.

ويتحدث سيباستيان عن دورة عمله قائلا "تبدأ دراسة الفريق المنافس قبل أسبوعين من المباراة، يجب إعداد التقرير قبل أسبوع ونصف من المباراة".

"وفي الوقت نفسه، أركز على إعداد الفريق للمباراة التي ستقام بعد أيام قليلة، لذا يعمل المحلل في تداخل".

Sebastian Podsiadły

"كل تقرير لديه إطاره الخاص المحدد، اللعب بالكرة أو بدونها، التنظيم الهجومي والدفاعي، وسلوك الفريق في الهجوم المرتد والارتداد الدفاعي، بالإضافة إلى الركلات الركنية والحرة في الدفاع والهجوم"

"أيضا هناك تعليقات على كل لاعب على حدة، نقاط قوته وضعفه، لكل لاعب تحليل مُعدّ للخصم الذي سيواجهه في مباراة معينة، ما الذي يجب أن ينتبه إليه تحديدًا؟ ما هي طريقة الخصم على أرض الملعب؟ يتلقى اللاعب معلومات مُكثّفة ومقاطع فيديو".

"أثبت علماء النفس الرياضي أن هذا النهج يعزز ثقة اللاعب بنفسه، إذ يعرف ما ينتظره في المباراة" سيباستيان بودسيادلي.

محاضر وعودة إلى الماضي

أصبح سيباستيان مُحاضرًا في جامعة IST الخاصة في مدينة دوسلدورف الألمانية، إذ قدّم محاضرات في مجال الكشف عن المواهب وتحليل الأداء.

أراد سيباستيان العودة إلى بولند بعد رحيله عن نادي يونيون برلين بعد ذكريات وصفها بالرائعة.

"ماذا عساي أن أقول؟ الأمر صعب، فلا كلمات تُفيه حقه، الأمر ليس رياضيا بل إنسانيا أيضا، له من احتفالٍ رائعٍ معكم، احتفالٌ لن أنساه أبدًا، أفخرُ بكوني جزءًا من عائلة يونيون، وبأنني عشتُ كل نجاحاتها، ذُرفت دموعٌ كثيرةٌ عند وداعنا، لقد كانت فترةً رائعة في حياتي، وسأظلُّ ممتنًا لها إلى الأبد. ولن أنساها أبدًا".

بعد رحيله، عرض عليه نادي ليجيا وارسو الانضمام إليه، إذ كان يحلم البولندي الأصل في تطوير كرة القدم ببلاده.

"في بولندا، يُنظر إلى الاستكشاف على أنه اكتشاف المواهب فقط أما في ألمانيا فينظرون إليه على نطاق أوسع، يُعدّ الاستكشاف والتحليل موضوعًا ضخما ومتعدد المستويات" سيباستيان بودسيادلي.

ورغم رغبته الشديدة للعودة إلى بلاده، لكنها خطورة لم تمم إذ انضم إلى نادي فولفسبورج ثم شتورم جراتس النمساوي قبل أن ينتقل إلى قارة جديدة عبر بوابة الأهلي.

"يسعدني أن أعلن أنني سأمثل النادي الأهلي من الآن فصاعدًا، فرصة عظيمة، مسؤولية كبيرة، وبداية جديدة رائعة، وأتطلع للفوز بالألقاب مع النادي، عملٌ شاقٌّ ينتظرني".

"سأعمل مع مدربٌ إسباني، وأنا ذو أصولٌ ألمانية وبولندية، والعمل سيكون في مصر، يا لها من قصة، أبدأ الآن بكتابة قصة رائعة مع النادي الأهلي وجماهيره" سيباستيان بودسيادلي.

رحالة بولندي

يعرف سيباستيان بودسيادلي نفسه أنه بولندي زار أكثر من 60 دولة على حسابه الشخصي عبر إنستجرام.

وإذ تجولت بين الحساب ستجد العديد من الصور التي تخص أماكن سياحية على سبيل المثال الأردن، المجر، روما، بلجيكا، النمسا، ألمانيا، بولندا، اليونان، فيتنام والعديد من المدن والدول الأخرى.

ويصف بودسيادلي تجربة زيارة البحر الميت في الأردن أنها خاصة للغاية، إذ يقول عنها "مدينة البتراء الشهيرة، عاصمة مملكة الأنباط، والمدرجة الآن على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، كان الدخول عبر وادٍ جميلًا، وهي مقبرة مذهلة تُعدّ الأشهر، يا له من منظر خلاب، المكان يستحق الزيارة، لا تُفوّت الأمر".

"المحطة التالية بعد البتراء كانت الصحراء، إذ أقمنا في مخيم بدوي، بالطبع لم يكن الإنترنت متوفرًا، تناولنا طعامًا تقليديًا، وشربنا الشاي وغنّينا، ولعبنا الكوتشينة".

"لم أرَ هذا الكمّ من النجوم من قبل، وقمنا بجولة بسيارة جيب في الصحراء، وكان الليل باردًا جدًا، إذ اختبئنا تحت بطانيتين، أيضا زرت البحر الميت بالتأكيد كان من أجمل الأماكن التي زرتها في حياتي".

تُظهر رحلات البولندي- الألماني سيباستيان جانبًا إنسانيًا وشخصيًا مغايرًا عن صورته المهنية كمحلل في كبرى أندية ألمانيا.

فالرجل الذي قضى سنوات في تحليل الخطط والتكتيكات داخل ملاعب كرة القدم، لا يتردد في استكشاف العالم من زاوية أكثر بساطة.

من البتراء إلى البحر الميت، ومن مخيمات الصحراء الأردنية إلى شوارع فيينا وبرلين، يوثق بودسيادلي أفضل الأماكن السياحية بعدسة هاتفه وينقلها لمتابعيه عبر إنستجرام.

وهنا في مصر بالتأكيد سيزور العديد من الأماكن السياحية، لكن عليه أولا أن يساهم في نجاح الأهلي بقيادة الإسباني خوسيه ريبيرو، فهل تكون رحلته في مصر سياحية فقط أم تكون مميزة أيضا على المستوى الرياضي، هذا ما سنعرفه خلال بطولة كأس العالم الأندية وبقية الموسم المقبل.

التعليقات
/articles/506926/محلل-أداء-الأهلي-الجديد-رحالة-لأكثر-من-60-دولة-وكشاف-ومحاضر-خريج-مدرسة-كلوب