جنون جوارديولا (1) - توابع ريمونتادا توتنام ومؤتمر عاصف وتهديد النجوم الكبار

الإثنين، 13 فبراير 2023 - 20:44

كتب : عمر الصاوي

جنون جوارديولا (1)

" أريد ان أشاهد ردة فعل من منظومة سيتي باكملها، ليس فقط لاعبي الفريق".

المقولة السابقة كانت لبيب جوارديولا المدير الفنى لمانشستر سيتي عقب الفوز الملحمي على توتنام 4-2 على ملعب الاتحاد في 18 يناير الماضى، بعد نهاية الشوط الأول بتأخر السيتى بهدفين دون مقابل وهى بداية سلسلة طويلة من الأحداث المفاجئة داخل ملعب الاتحاد ربما تستمر حتى الصيف المقبل.

أهم شيء في تتبع مسيرة كبار المدربين هو مراقبتهم أثناء فترات التعثر والتراجع وهو ما تجده دوما فى مسيرات مدربين بحجم بيب جوارديولا – يورجن كلوب – أنطونيو كونتى – توماس توخيل – ماسيميليانو أليجري، وقدرتهم غير العادية على تجديد الحوافز والدوافع لأنفسهم أولا قبل فرقهم.

بعد نهاية كأس العالم فى قطر كان الفارق بين سيتى وأرسنال 5 نقاط لمصلحة المدافع اللندنية، والأن وصل الفارق إلى 5 نقاط ومباراة إضافية مؤجلة للجانرز، قبل موقعة صعبة لحامل اللقب أمام المتصدر الذى يقدم أفضل مواسمه منذ ما يقرب من 17 عاما وإيقافه بات أمرا ليس بالسهل.

الشوط الأول لسيتي انتهى أمام توتنام بهدفين للأخير فى آخر دقيقتين قبل عودة الشوط الثانى بأربعة أهداف، ولكن رغم الفوز كان جوارديولا غاضبا، فأشعل الأجواء داخل ملعب الاتحاد بتصريحاته النارية ليستفز المنظومة بالكامل، إدارة وجماهير ولاعبين وإعلام..

حققنا 4 بطولات دورى من أخر 5 بطولات هل هذا كافى ؟ نعم نجحنا ولكن هذا فى الماضى، أنت تتقاضى راتبا عن الحاضر وليس الماضى.

علينا المضى قدما والبعد عن الإحساس الزائف بالتشبع، فلا يوجد تشبع في العمل.

إذا فشلت الآن سيتم طردك وستخسر وظيفتك ولا معنى لماضيك مهما كان.

دورى أن اقول لك الحقيقة كلاعب، فقط لن أقول سوى الحقيقة بخلاف ذلك لن تجد.

هل تبحث عن الثناء ربما تجده عند أى شخص أخر ولكن ليس عندى.

هدف اليونايتد الأول تسلل ؟ نعم وماذا بعد؟ لا يمكنك هنا الشكوى والتملل، لا يوجد مكان لذلك، ربما فى مكان أخر ولكن هنا لا يوجد مكان للأعذار.

هذا النادى يجب أن يطمح للمزيد وللأعلى، لقد تم تصميمه ليفوز فقط، وهو ما جعلنى أقرر البقاء هنا وإذا تغير هذا الأمر سأرحل.

بالطبع، لست سعيداً مع اللاعبين في الوقت الحالى.

نعم عدنا من التأخر أمام توتنام ولكن هل تظن أننا سنستطيع فعلها فى كل مرة؟ لن ننجح فى كل مرة.

نحن لاعبون لطفاء وجمهور لطيف نصلح لبيع الورد، أهلا وسهلا احصل على تلك الوردة. لا نحن لسنا بائعي ورود بل نريد هزيمة أرسنال. آسف نحن فريق جيد ولطيف، لا أريد أن أكون لطيفاً، أريد أن أفوز على أرسنال، إذا لعبنا بهذه الطريقة، فإن أرسنال سيدمرنا.

نريد منافسة فريق شاب صغير جائع يتصدر الدورى الآن.

انظر الى ريكو لويس البالغ من العمر 18 عاما، إنه جائع نهم يرغب فى حصد لقب بطولة الدورى لأول مرة، ويرغب فى تحسين عقده ومعيشته واللعب أساسيا، هذه هي الروح المطلوبة.

الجماهير ماذا تفعل؟ تطلق صافرات الاستهجان على اللاعبين بين الشوطين وطوال المباراة.. الجماهير صامتة لطيفة، هل هذا دور الجماهير؟

يجب على جماهيرنا أن يحفزونا، ويطلبوا المزيد، وعليهم أن يصرخوا ويقولوا هيا يا رفاق نعرف كم انتم جيدون أظهروا لنا ذلك مجدداً.

يقول الإعلام إننا لم نحقق نجاحًا لأننا لم نفز بلقب دوري الأبطال، هذا هراء.

لقد حققنا 4 بطولات دورى من 5 أمام أقوى نسخة فى تاريخ ليفربول الرهيب.

الدوري الإنجليزي لايمنحك وقتا للإسترخاء، حتى الفرق المتوسطة تزداد قوة، يجب أن تلعب بكل تركيز وقوة وتركض بكل قوتك أو سيتم دهسك.

الآن لم يعد يمكنهم القول أن سيتي أكثر من ينفق الأموال، لأنه في السنوات الخمس الماضية في صافي الإنفاق نحن في المرتبة الخامسة أو السادسة في إنجلترا، وفي اوروبا نحن 12 أو 13، سيكونوا مضطرين لتغيير الأدلة.

التصريحات الماضية جميعها جاءت في المؤتمر التالي لمباراة توتنام، والتى وصفها الصحفى الإنجليزي مايك ميناى قائلا: "كان مؤتمر بيب جوارديولا الصحفي رائعاً وغير مألوف، شغوف للغاية وجذاب، مليء بالسخرية ومعقد ولكنه رائع، لم أره يتحدث هكذا من قبل".

محمد أبو تريكة نجم الأهلى السابق ومحلل قنوات بي إن سبورتس وصف المؤتمر بأنه الأفضل للمدرب الإسباني منذ توليه قيادة سيتي، لقدرته غير العادية على رفع مستوى التحفيز مجددا بعد حالة التراخي بعد كأس العالم.

تصريحات بيب كانت بداية سلسلة من الأحداث ربما تمتد حتى الصيف المقبل، فمن تصريحات تحفيزية ساخنة ضد الجميع إلى تصريحات واضحة فى مؤتمر ما قبل مباراة أرسنال، وبلغت تلك الأحداث ذروتها برحيل الظهير الأيسر الأساسي جواو كانسيلو وأحد أبرز نجوم الفريق خلال آخر عامين معارا إلى بايرن ميونخ دون توفير بديل فى صفقة أشبه بالطرد للظهير الدولى البرتغالى.

بالعودة للأحداث من جديد عقب مباراة ولفرهامبتون وقبل مباراة أرسنال بكأس الاتحاد في دور الـ32 تلقى بيب سؤالا من أحد الصحفيين داخل النادى حول غضب بعض اللاعبين من عدم المشاركة وكان يقصد الخماسي (كانسيلو – ووكر – لابورت – فودين – جوندوجان) فكان رد الإسباني هادئا بشكل مفاجىء: "بالنسبة للاعبين، إذا لم يكونوا سعداء، فيمكنهم الرحيل.. الحياة قصيرة للغاية".

فى تحليل سابق لليفربول جاء ذكر جوارديولا بداخله أكثر من مرة، حيث ذكرنا مخاوفه المستمرة من حدوث حالة الهبوط وانعدام الدوافع داخل سيتي، فهو مدرب يملك نظاما صارما وتدريبات حادة مستمرة، كونه متطلبا لأقصى درجة.

لذلك بدأ سيتى عملية التطهير والتجديد في الصيف الماضي، برحيل جيسوس وسترلينج وفيرناندينيو وزينشينكو وفيران توريس، وقبلهم ساني وأجويرو وأوتامندي وكومباني ودافيد سيلفا ليبقى فقط كيفن دي بروين من الفريق الذي تسلمه جوارديولا في صيف 2016.

لاشك أن بيب من أبرز المدربين فى الساحة العالمية وربما يعد الأفضل بشهادة زملائه المدربين ولكن بعيدا عن التكتيكات التى يتغزل بها الجميع والثورة الفكرية فى كرة القدم التى قادها بيب منذ 2009 فى عالم كرة القدم، فهناك جانب مهم حول شخصية هذا الرجل لم يحصل على حقه، وهو قدرته غير العادية على جلب الدوافع لنفسه قبل المجموعة، والسعي نحو الكمال البشري بالمزيد من الإنجازات.

إضافة إلى ذلك يملك بيب شخصية فريدة جمعت بين القوة والهيمنة والقدرة على فرض الرأي بشكل يجبر الجميع على الاستماع، وهو ما يضعه على قمة الهرم التدريبي، بسبب قدرته على إعادة فريقه إلى المسار الصحيح بأقصى سرعة ممكنة.

السؤال الهام الآخر هو: هل يعانى بيب من غياب المساعدين بعد رحيل ميكيل أرتيتا (مدرب أرسنال الحالي) ورحيل معلمه السابق ومساعده فى نفس الوقت "خوانما ليلو" مطلع الموسم الحالى لقيادة السد القطرى؟

دور ليلو لا يخفى على أحد في تطوير مستوى العديد من اللاعبين وأبرزهم رودري وكانسيلو، والأخير أشار موقع "ذا أثلتيك" إلى اعتماد بيب على ليلو في كبح جماح ثوراته المتكررة.

فى تقرير سابق أشرنا للدور الكبير الذى لعبه ليلو داخل الفريق الذي وصفه بيب قائلا:

"لقد ساعدنا كثيرا وبدون تأثيره لكان من المستحيل أن نتواجد في مكاننا الحالي بالترتيب. إنه يعرفني جيدا ويعرف ما أحتاجه في الوقت المناسب، فلديه إحساس خاص برؤية الأشياء التي لا أراها أنا في المباراة. هو يقرأ المواقف بطريقة مختلفة عني وهذا ما يساعد، في الأوقات الصعبة يجعلني أشعر بالهدوء ويجعلني أرى الوضع الحقيقي للفريق أنا أتميز أحيانا بكثير من العاطفة ولكنه هادىء تماما يفكر فى أصعب الأوقات وبغض النظر عن النتيجة سواء كانت جيدة أو سيئة، لديه رؤية لا أملكها. ليلو مميز، لقد كان مهمًا جدًا في هذه الفترة".

"إنه يتحدث بشكل خاص مع اللاعبين اللاتينيين بسبب إجادته للإسبانية وهذا مهم لي... كان حلمًا بالنسبة لنا أن نعمل معًا يومًا ما والآن أصبح الحلم حقيقة، إن معرفته باللعبة غامرة. إنه يرى أشياء لا يستطيع فعلها سوى قلة من الناس في العالم بمن فيهم أنا. لقد ساعدني على أن أكون أكثر هدوءًا. أنا رجل أعبر أحيانًا عن شعوري كثيرًا لكنه يجعلني أقرأ المواقف بشكل أفضل. في إحدى المرات بعد هزيمة كنت حزينا فجلس بجوارى وقال لى: بيب هذه سنة مختلفة، عليك أن تتحلى بالصبر أكثر، فسيتغير الجميع وسيخسرون المباريات".

بيب لم يكن محبا لدور المساعد المطيع وكان يبحث دوما عن المساعد الذي لا يخشى ذكر رأيه ومعارضته..

"هناك خلافات ولكن هذا لطيف، لا أريد شخص يوافق فقط على كل شيء، أحتاج إلى رجل يدفعني ويتحداني فكريا. هذا هو سبب أهمية اختيار هذا النوع من الأشخاص ليكونوا مساعدين لك، فأنا لا أعرف كل شيء في كرة القدم. الآن أتعلم وسأظل أتعلم، وأحتاج إلى رجال مقربين مني يمكنهم مساعدتي في أن أكون مديرًا أفضل للاعبين والفريق ويجعلوني أرى الأشياء التي لا أستطيع رؤيتها".

التصريحات السابقة لبيب عن ليلو توضح دور الأخير الكبير داخل غرفة الملابس وربما افتقاد بيب لمساعدين من طينة ليلو وأرتيتا أثر بشكل كبير على الفريق، وهو ما قد يتضح بشكل أكبر فى نهاية الموسم مع إمكانية دخول عناصر جديدة للجهاز المعاون لبيب.

تغييرات الصيف المقبل داخل سيتى ستكون كثيرة للغاية ولن تكون فقط داخل اللاعبين، بل ربما تطول الجميع من أجهزة معاونة لبيب وإدارة رياضية سواء متعلقة بالفريق الأول أو الأكاديمية، بعد رحيل اثنان من أبرز كوادر الأكاديمية: جو شيلدز إلى تشيلسى في يناير، ثم جيسون ويلكوكس الى ساوثامبتون اعتبارا من بداية الموسم المقبل..

نستكمل غدا في الجزء الثاني

التعليقات