كأس العالم - غانا.. لم الشمل من أجل الثأر

السبت، 29 أكتوبر 2022 - 13:06

كتب : محمد سمير

منتخب غانا - كأس العالم 2022 - رسمة أحمد نبيل

كرة القدم رياضة ترفيهية، يستمتع بها أغلب سكان الكرة الأرضية، تحولت تلك الرياضة الترفيهية مع الوقت إلى صناعة واستثمار ولكن تبقى كما هي بلقطات لا تنسى وستظل محفورة في الأذهان إلى الأبد.

لمسة يد لويس سواريز مهاجم الأوروجواي والتي حرمت غانا من فرصة هدف حقيقي قد تكون لقطة بين لقطات شهيرة في عالم كرة القدم أو كأس العالم تحديدا، لكن تلك اللقطة ستظل محفورة إلى الأبد ليس فقط في أذهان سواريز أو أسامواه جيان أسطورة غانا بل في أذهان جماهير الدولتين ومتابعي قارة إفريقيا بالكامل.

فإذا كنت متابعا جيدا لكرة القدم بالتأكيد تتذكر لمسة يد سواريز في الدقيقة الأخيرة من الشوطين الإضافيين في ربع نهائي كأس عالم 2010.

تلك اللمسة التي حرمت غانا من هدف يكتب إنجازا تاريخيا في كأس العالم كأول منتخب إفريقي يصل إلى المربع الذهبي، ولكن منع سواريز الهدف وأهدر أسامواه جيان ركلة الجزاء لتودع غانا البطولة من ربع النهائي بركلات الترجيح.

واتخذ منتخب غانا سياسة مختلفة في النسخة المقبلة من كأس العالم المقرر إقامتها في قطر من أجل الظهور بنفس المظهر المتوهج للجيل التاريخي للنجوم السوداء في 2010.

إذ عمل المنتخب الغاني على جمع لاعبيه ذوي الأصول الغانية والمجنسين بجنسيات أخرى والذين ذاع صيتهم في الملاعب الأوروبية ولا يشاركون مع منتخباتها من أجل ضمهم للنجوم السوداء ولم شملهم للظهور بمستوى مختلف في النسخة الحالية.

يسعى منتخب غانا للثأر من منتخب أوروجواي الذي يرافقه في المجموعة أولا من أجل التأهل ثم بعد ذلك من أجل البحث عن إنجاز تاريخي كان قاب قوسين أو أدنى من قبل.

أسامواه وسواريز

"أردت ضرب سواريز خلال مباراة في الدوري الإنجليزي بسبب لقطة كأس العالم ولكن تراجعت" تصريح أسامواه جيان أحد أساطير المنتخب غانا لكرة القدم يكشف مدى تأثير ما فعله سواريز.

ربما يتحدث جيان -وهو بالتأكيد رد فعل خاطئ- ليس بلسانه فقط ولكن لسان كل من تأثر بالسلب في هذه اللقطة وهم بالتأكيد ليسوا من أوروجواي.

حرمت غانا من كتابة التاريخ والتأهل إلى نصف نهائي كأس العالم بسبب ما فعله سواريز بالتصدي لرأسية دومينيك أديا ولكن أهدر جيان الفرصة الجديدة بإهدار ركلة الجزاء.

عقب نهاية كأس العالم عاد كل لاعب إلى فريقه وبعد عام كامل من المنافسات لم ينس أسامواه جيان ضياع حلمه.

وتواجه أسامواه جيان ضد لويس سواريز مجددا في 2011 ولكن هذه المرة في الدوري الإنجليزي بين سندرلاند وليفربول.

وقال جيان عن تلك المباراة "أتذكر ذلك اللقاء، كنا نلعب على ملعبنا وكان جميع اللاعبين يتصافحون، أردت أن أضرب سواريز لأن تعليقات ما بعد مباراة كأس العالم لازالت عالقة في ذهني".

وتراجع جيان عن تصرفه موضحا "كنت ساذجا، وعندما فكرت في الأمر لاحقا أدركت أنني كنت سأفعل الشيء نفسه لو كنت مكانه".

لم الشمل

لم الشمل هو تعبير يستخدم لجمع عدد من الناس القريبين من بعضهم البعض مرة أخرى بعد فراق سواء كانوا عائلة أو أبناء شعب واحد.

وفي حالتنا تلك سعى الاتحاد الغاني لكرة القدم للم شمل لاعبيه ذوي الأصول الغانية والذين هاجروا منذ الصغر أو عائلاتهم من الأساس وحصلوا على جنسيات مختلفة.

ونجحت غانا بالفعل في لم شمل عددا من اللاعبين المميزين في دوريات مثل الإنجليزي والإسباني.

وأقنع منتخب غانا مجموعة من اللاعبين المميزين مثل إيناكي ويليامز مهاجم أتليتك بلباو من أجل تمثيل النجوم السوداء.

ويليامز على سبيل المثال ولد في إسبانيا ويحمل الجنسية الإسبانية بل إنه خاض مباراة دولية من قبل مع الفريق الإسباني.

ولكن استغل الاتحاد الغاني أن اللاعب والديه غانيين ويمكنه الحصول على الجنسية بسهولة وتم إقناعه بالفعل للعب مع النجوم السوداء.

لم تتوقف مفاوضات غانا على ويليامز فقط إذ نجحت النجوم السوداء في ضم طارق لامبتي لاعب برايتون ومحمد ساليسو مدافع ساوثامبتون بجانب الثلاثي الشاب صاحب الجنسية الألمانية ستيفان أمبروسيوس ورانسفورد يبواه وباتريك فايفر بنفس الطريقة.

ويكثف منتخب غانا من محاولات إقناعه للثنائي إيدي نيكيتاه نجم أرسنال الشاب وكالوم هودسون أودوي لاعب تشيلسي المعار إلى باير ليفركوزن.

ربما يكون لم الشمل في الأغلب من أجل نبذ فكرة الثأر بمفهومها المعروف، لكن هذه المرة هو ثأر حميد.

فمحاولات الاتحاد الغاني لتجنيس لاعبيه ذوي الأصول الغانية للعب مع النجوم السوداء تأتي في المقام الأول لتخطي دور المجموعات وبالتالي الثأر من أوروجواي وبعد ذلك يأتي حلم الإنجاز غير المسبوق.

تأهل غير متوقع

منذ الصعود الأول إلى المونديال في نسخة 2006 بألمانيا، ودائما ما يكون منتخب غانا أبرز المرشحين للتأهل إلى كأس العالم عن قارة إفريقيا.

وحقق النجوم السوداء وقتها التأهل لثلاث مرات متتالية قبل أن يبتعد الفريق عن النسخة الماضية في روسيا 2018 بتفوق منتخب مصر وقتها.

ورغم ذلك كان تأهل منتخب غانا إلى كأس العالم قطر 2022 مفاجئا وغير متوقع.

وتعود أسباب المفاجأة إلى ظهور النجوم السوداء بأداء باهت في نسخة أمم إفريقيا الأخيرة قبل شهرين فقط من المرحلة الختامية للتصفيات المؤهلة إلى كأس العالم.

ودع منتخب غانا أمم إفريقيا في الكاميرون يناير الماضي من مجموعة تضم المغرب والجابون بالإضافة إلى جزر القمر صاحبة الظهور القاري الأول.

فشل منتخب غانا وقتها في تحقيق أي فوز فقط نقطة واحدة جمعها من التعادل مع الجابون وخسارتين أمام كل من المغرب والوافد الجديد جزر القمر.

تأهلت المنتخبات الثلاثة في المجموعة وودع منتخب غانا وحيدا بعد فشله في تحقيق أي فوز.

أداء أصاب مشجعي النجوم السوداء بالإحباط وبات خروجهم من المرحلة الأخيرة للتصفيات المؤهلة لكأس العالم مسألة وقت خاصة مع اصطدامهم بمنتخب نيجيريا بعد إجراء القرعة.

في نفس البطولة تأهل منتخب نيجيريا إلى ثمن نهائي أمم إفريقيا بالعلامة الكاملة في مجموعة ضمت منتخبات مصر والسودان وغينيا بيساو، قبل أن تودع النسور الخضراء من ثمن النهائي بخسارة أمام تونس بهدف دون مقابل.

تعادل منتخب غانا سلبيا بدون أهداف على ملعبه أمام نيجيريا في ذهاب المرحلة الختامية من تصفيات قارة إفريقيا المؤهلة لكأس العالم.

نتيجة إيجابية لصالح منتخب نيجيريا الذي يكفيه تحقيق الفوز على ملعبه بأي نتيجة ليحسم التأهل.

وعلى غير المتوقع خطفت غانا تعادلا ثمينا أمام نيجيريا بهدف لكل منهما ليتأهل النجوم السوداء بأفضلية الهدف خارج الأرض في حالة التعادل.

تأهل غير متوقع ولكن بدأ النجوم السوداء الإعداد بعدها بمفاوضات إقناع الطيور المهاجرة للعودة واللعب مع منتخب غانا.

تاريخ حديث ولكن

رغم حداثة تاريخ منتخب غانا مع كأس العالم إلا أن النجوم السوداء أصحاب تاريخ عريق على المستوى القاري.

ويلعب النجوم السوداء في المونديال للمرة الرابعة في التاريخ بعد التأهل ثلاث مرات متتالية منذ 2006 وحتى 2014.

وظهر منتخب غانا للمرة الأولى في نسخة 2006 في مجموعة صعبة لفريق مثله حديث العهد على المستوى العالمي، إذ تواجد النجوم السوداء رفقة كل من إيطاليا والتشيك وأمريكا.

ونجح منتخب غانا في التأهل رفقة إيطاليا إلى ثمن النهائي ولكن في خسارة منطقية ودع البطولة أمام -أصحاب كرة القدم- منتخب البرازيل الأكثر تتويجا بالمونديال.

وبزغ نجم "النجوم السوداء" في نسخة 2010 والتي أقيمت في قارة إفريقيا للمرة الأولى.

وكما أشرنا سابقا كان المنتخب الغاني قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى المربع الذهبي لو لمسة يد سواريز الشهيرة.

وتخطى منتخب غانا مجموعة كانت تضمه بجوار منتخبات ألمانيا وصربيا وأستراليا، ونجح في التأهل بفارق الأهداف عن أستراليا.

وفي ثمن النهائي تغلب منتخب غانا على أمريكا بهدفين مقابل هدف واحد بعد اللجوء لشوطين إضافيين، قبل أن تقضي أوروجواي على حلم النجوم السوداء بركلات الترجيح.

وفي نسخة 2014 ربما هو الظهور الأسوأ للنجوم السوداء في المونديال نسبة إلى النتيجة بتذيل جدول ترتيب المجموعة والخروج مبكرا، إلا أن منتخب غانا قد ترك بصمته.

تواجدت غانا رفقة ألمانيا والبرتغال وأمريكا، وحقق فريق النجوم السوداء التعادل مع ألمانيا متصدرة المجموعة بهدفين لكل منهما.

ولكن خسر المنتخب الغاني من منتخبي أمريكا والبرتغال بنتيجة واحدة وهي هدفين مقابل هدف واحد.

والآن يعود النجوم السوداء للمحفل العالمي مجددا فهل يتخطى دور المجموعات؟

النجوم السوداء

يطلق على منتخب غانا النجوم السوداء نسبة إلى النجمة السوداء الموجودة في منتصف علم الدولة.

وتعد النجمة السوداء رمزا للوحدة الإفريقية ومناهضة الاستعمار والعنصرية والتي تم استخدامها في تصميم العلم عام 1957.

وترمز النجمة السوداء إلى قارة إفريقيا وكان ذلك عندما تم تأسيس خط "النجم الأسود" الملاحي الذي تم تأسيسه لعودة الحركة إلى إفريقيا وتم تصميمه على غرار خط النجم الأبيض.

ومع الوقت بات الغانيون يعتبرون النجمة السوداء رمزا خاصا لغانا وليس لإفريقيا بشكل عام كما كان الأمر في بداية اختيار تصميم العلم.

وبدأت غانا بالفعل في استخدام رمز النجمة السوداء في مختلف المجالات وبات لقب المنتخبات الوطنية لغانا في الرياضات المختلفة.

أبرز اللاعبين

بالتأكيد سيكون للطيور المهاجرة النصيب الأكبر من التركيز خلال فترة كأس العالم مثل طارق لامبتي ومحمد ساليسو وإناكي ويليامز.

وفي حال إقناع الثنائي نيكيتاه وأودوي بالانضمام إلى غانا وانتهاء الأمور بشكل رسمي سيكون أيضا تدعيم قوي للفريق قبل كأس العالم.

ورغم ذلك فيتواجد عددا من عناصر الخبرة في منتخب النجوم السوداء.

إذ يتواجد دانييل أمارتي مدافع ليستر سيتي والمتوج سابقا بالدوري الإنجليزي والذي سبق له لعب 43 مباراة دولية مع منتخب غانا.

وفي خط الوسط توماس بارتي نجم أرسنال الحالي وأتليتكو مدريد السابق والذي سبق له لعب 40 مباراة دولية وسجل 13 هدفا.

أما في خط الهجوم فيتواجد الشقيقين جوردان وأندري أيو بخبراتهما الكبيرة.

ويلعب أندري في مركز الجناح ويتقاسم الرقم القياسي لعدد المشاركات بقميص منتخب غانا بـ 109 مباراة نجح خلالهم في تسجيل 23 هدفا.

وبعد تجربة احتراف طويلة في ملاعب أوروبا بين مارسيليا وسوانزي ووست هام وفنربخشة يلعب أندري حاليا في صفوف السد القطري.

أما شقيقه جوردان فيلعب ضمن صفوف كريستال بالاس ويلعب في مركز الهجوم وسجل 19 هدفا دوليا في 81 مباراة.

تجربة أدو

تحولت مهمة أوتو أدو من مدير فني مؤقت بعد رحيل الصربي ميلوفان رايفاتس بعد الفشل في أمم إفريقيا إلى مهمة كاملة وقيادة الفريق في كأس العالم.

ويعمل الغاني أدو كمدير فني للمرة الأولى بعد عمله كمدرب مساعد بداية من 2009.

ويتمتع أدو بخبرات كبيرة إذ سبق له العمل كمدرب مساعد في هامبورج وبوروسيا دورتموند وأخيرا منتخب غانا قبل أن يتولى المهمة رسميا.

عمل أدو أيضا كمدرب كشاف للاعبين وهو ما حدث في ناديي بوروسيا مونشنجلادباخ وبوروسيا دورتموند.

وانضم أدو كمدرب مساعد رفقة رايفاتس بداية من سبتمبر 2021 وبعد الإخفاق في أمم إفريقيا تولى المسؤولية مؤقتا.

ونجح أدو في قيادة غانا إلى كأس العالم بعد تعادلين مع نيجيريا لتصبح مهمتة دائما بعد ذلك.

لعب أدو ثماني مباريات مع غانا أول أربعة منهم مصيرية، إذ نجح في التأهل لكأس العالم عبر بوابة نيجيريا ثم في التصفيات المؤهلة لأمم إفريقيا جمع 4 نقاط بعد جولتين بفوز على مدغشقر وتعادل مع إفريقيا الوسطى.

وخاض أدو أربع مباريات ودية مع غانا في الفترة الماضية شهدت خسارتين من اليابان والبرازيل وانتصارين على تشيلي ونيكاراجوا.

مجموعة صعبة

أسفرت قرعة كأس العالم 2022 في قطر عن مجموعة صعبة للمنتخب الغاني.

يقع منتخب غانا رفقة منتخبات البرتغال وأوروجواي وكوريا الجنوبية، وكما هو الحال يتأهل أول وثاني كل مجموعة إلى ثمن النهائي.

وتقام المباريات على النحو التالي:

الخميس 24 نوفمبر: غانا × البرتغال (الساعة 6 مساء)

الإثنين 28 نوفمبر غانا × كوريا الجنوبية (الساعة 9 مساء)

الجمعة 2 ديسمبر: غانا × أوروجواي (الساعة 5 مساء)

أكثر من واجهه منتخب غانا في المجموعة هو المنتخب الكوري الجنوبي رغم إن تلك المواجهات لم يسبق لها الطابع الرسمي.

لعب المنتخبان سويا في 9 مناسبات ودية سابقة وتقاسما الفوز بـ 4 انتصارات لكل منهما بينما حسم التعادل النتيجة مرة واحدة.

آخر مواجهة بين المنتخبين كانت في يونيو 2014 وفاز وقتها المنتخب الغاني بأربعة أهداف دون مقابل.

أما كل من البرتغال وأوروجواي فلعب منتخب النجوم السوداء ضدهما مرة واحدة فقط وكانت في كأس العالم لكل منهما.

إذ تعادل منتخب غانا أمام أوروجواي بنتيجة 1-1 في المباراة الشهيرة بكأس العالم 2010 والتي انتهت وقتها بركلات الترجيح للفريق اللاتيني.

أما منتخب البرتغال فلعب ضد غانا في نسخة 2014 وحسمها بهدفين مقابل هدف واحد في الدقائق الأخيرة.

وإذا تأهل منتخب غانا فعلى الأرجح سيكون في المركز الثاني وهو ما يعني أن الطريق غير مفروش بالورود وقتها إذ سيلعب ضد متصدر المجموعة السابعة والتي تضم منتخبات البرازيل وصربيا وسويسرا والكاميرون.

التعليقات