شاختار دونتسك وزوريا لوهانسك.. موقف غير واضح لضحايا الحرب الأوكرانية الروسية

الثلاثاء، 22 فبراير 2022 - 11:57

كتب : إسلام أحمد

شاختار

وقع فلاديمير بوتين رئيس دولة روسيا، مساء أمس الاثنين على مرسومين يقضيان باعتراف روسيا باستقلال جمهوريتي دونتسك ولوهانسك عن دولة أوكرانيا.

المدينتان الأوكرانيتان تمتلكان فريقان يشاركان في البطولات الأوروبية الموسم الجاري، شاختار ممثلا لمدنية دونتسك وزوريا ممثلا لمدينة لوهانسك.

الآن بعد اعتراف روسيا باستقلال المدينتين عن أوكرانيا، كيف سيكون موقف الفريقين من المشاركة المحلية في الدوري والبطولات الأوروبية؟

لنعد إلى عام 2014 أولا.

في شهر مارس 2014 في أعقاب الثورة الأوكرانية وحركة الميدان الأوروبي التي أدت لتغيير السلطة، خرجت مظاهرات من جانب الجماعات الموالية لروسيا والمناهضة للحكومة في مناطق دونتسك ولوهانسك من أوكرانيا والتي يطلق عليه منطقة "دونباس".

ونشبت حربا في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا والتي تقطنها أغلبية ناطقة باللغة الروسية لقربها من روسيا بين القوات المحلية والحكومة الأوكرانية.

فيما أعلن السكان المحليون في أبريل 2014 إنشاء جمهوريتي دونتسك ولوهانسك الشعبيتين اللتين لا تحظيان حاليا بأي اعتراف دولي.

وأمس أعلن فلاديمير بوتين استقلال المدنيتين وأنهما أصبحتا دولا مستقلة باعتراف روسي.

شاختار دونتسك

في 2019 عرضت هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” تقريرا عن معاناة فريق شاختار الأوكراني الذي لم يلعب على أرضية ميدانه منذ 2014.

دونباس أرينا ملعب شاختار استضاف مباراة نصف نهائي يورو 2012 بين البرتغال وإسبانيا، لكن الآن الوضع مختلف فستجد لافتة "ابتعد عن العشب".

الملعب تعرض لأضرار بالغة، الأولى بسقوط قذيفة على أرضية الملعب، ومرة أخرى سقوط صاروخ أوكراني في مكان قريب أدى لعدة تشققات في سقف الملعب، ولا زال الطريق طويلا لضمان آمن الملعب.

فيكتوريا تعمل كمرشدة للملعب قالت: "العمل المطلوب إنهاءه يتطلب العديد من الأموال الغير مملوكة لجمهورية دونتسك".

بالنزول لممرات خروج اللاعبين تجد أطنانا من الغذاء والأدوات الطبية منذ 2017 والتي تم نقلها من مالك النادي لتخفيف معاناة أهالي المدينة.

اضطر النادي لترك المدينة واللعب في مدينة خاركييف ومن قبلها لفيف والآن في العاصمة كييف بسبب الوضع الأمني وكذلك خطورة الأمر مع هجرة سكان المدينة.

نيكولاي تارابات وزير الرياضة في جمهورية دونتسك قال في وقت سابق: "الأمر متروك للسيد أحمدوف (مالك شاختار) لا يمكننا التعليق على قراراته لأي سبب من الأسباب التي اختارها ونقل لنادي بعيدا، ربما في المستقبل يمكن للنادي أن يصبح مفتاح السلام".

رغم مغادرة المدينة إلا أن النادي لم يتجنب الصراع، ألقت عام 2017 منظمة المحاربين القدامى باللوم على الاتحاد الأوكراني لعدم ارتداء لاعبي شاختار قمصانا تدعمهم، وهو ما تكرر قلبها عام 2014 عندما رفض النادي ارتداء قمصانا مكتوب عليها "المجد للجيش الأوكراني" قبل مباراة كارباتي لفيف.

زوريا لوهانسك

تعني كلمة Zorya "الفجر" باللغة الأوكرانية.

في 2009 تحول النادي الذي تأسس عام 1923 لنادي يشارك في المسابقات الأوروبية عقب تولي يوري فيرنيدوب منصب المدرب المساعد ثم تولى منصب المدير الفني، يوري هو المدرب الحالي لفريق شيريف تيراسبول المولودوفي الذي فاز على ريال مدريد في كبرى مفاجآت دوري أبطال أوروبا الموسم الجاري.

ملعب أفانهارد معقل الفريق بسبب القصف الأوكراني الروسي هجره الفريق على بُعد 400 كيلومتر إذ يلعب حاليا في مدينة زابوريزهيا بعدما لعب من قبل في مدينتي أوديسا ثم لفيف.

انتهى بهم الأمر إلى مواجهة الإفلاس وعدم وجود مشجعين محليين أو بنية تحتية. كما لم يكن لدى النادي أي نوع من برامج تنمية الشباب بعدما استأجروا ملاعبهم وملاعبهم التدريبية، خاصة في ظل الأزمات المالية التي ضربت الفريق من قبل الحرب الأوكرانية الروسية.

كما صرح الرئيس التنفيذي السابق للنادي سيرجي رافيلوف قائلا: "اللعب في مدينة مختلفة يجلب تكاليف إضافية ويزيد من تفاقم المشكلات المالية لـ زوريا".

منذ نشوب الحرب، حصد شاختار لقب الدوري 4 مرات وحل وصيفا مرتين، واحتل زوريا المركز الثالث 3 مرات، ليضمن كلاهما المشاركة في البطولات الأوروبية ممثلا لأوكرانيا.

إذا أين سيلعب شاختار وزوريا الموسم المقبل عقب إعلان استقلال المدينتين؟

الإجابة قد تكون عند شيريف تيراسبول.

شيريف تيراسبول المولدوفي

أحد أكبر مفاجآت دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي هو شيريف تيراسبول الذي واجه ريال مدريد وإنتر ميلان وشاختار الموسم الحالي بدوري الأبطال وتفوق ذهابا على سبورتنج براجا في الدوري الأوروبي.

يقع النادي الذي تأسس عام 1997 في ولاية ترانسنيستريا الانفصالية غير المعترف بها، وهي منطقة انفصالية في مولدوفا تقع على حدود أوكرانيا وتعتمد على دعم الكرملين ومعترف بها من روسيا فقط ولها علمها وحكومتها الخاصة.

تنقسم المنطقة الآن إلى ثلاث أقليات عرقية متساوية: الأوكرانيون والروس والمولدوفيون. حوالي نصف أولئك الذين يعيشون في ترانسنيستريا يحملون الجنسية الروسية. العديد منهم لديهم جوازات سفر مولدوفية أيضا.

تشرح سابين فون لويز من مركز دراسات أوروبا الشرقية والدولية (ZOiS) في برلين، في مقابلة مع RFE / RL: "فريق شريف تيراسبول لكرة القدم هو مجرد جزء من إمبراطورية تسيطر بشكل فعال على المنطقة الانفصالية اقتصاديا".

ملاك النادي يمتلكون 60% من اقتصاد المدينة عن طريق شركة Sheriff Ltd وهي عبارة محلات السوبر ماركت ومحطات الوقود وشركات البناء والفنادق وشبكة الهاتف المحمول والمخابز والتقطير والتلفزيون والقنوات الإذاعية في المنطقة.

يقول ميهاي إيزاك الخبير السياسي في مولدوفا، إن شيريف تيراسبول هو أكثر من مجرد فريق كرة قدم. وصرح إيزاك مؤخرا أن "نادي كرة القدم يشارك في إجراءات مختلفة تهدف إلى تعزيز العلاقات بين ترانسنيستريا وروسيا" .

يشارك شيريف في الدوري المولدوفي وهو صاحب الرقم القياسي برصيد 19 لقبا رغم أن النادي تأسس منذ 25 عاما فقط.

هنا قد يواصل شاختار وزوريا المشاركة في الدوري الأوكراني خاصة أن كلا الفريقين خرج من مدينته ومواصلا المشاركة حتى الآن في المسابقة منذ 2014.

كرة القدم تتغلب على الحرب

في أعقاب ضم روسيا لشبة جزيرة القرم من أوكرانيا في 2014 وهو الأمر الذي تسبب في اندلاع الأوضاع السياسية بين البلدين.

رفض الاتحاد الأوروبي انضمام فرق شبة جزيرة القرم للمشاركة في الدوريات الروسية، ذلك فضلت روسيا إقامة دوري شبة جزير ة القرم والذي يُعرف باسم " Crimean Premier League".

أنشأ الدوري من 8 فرق، 5 منها لم تعرف معنى اللعب على المستوى الاحترافي، وبسبب رفض الاعتراف بالدوري طالب رئيس اتحاد القرم لكرة القدم إن الاتحاد الأوروبي (يويفا) لديه طريقتان لحل المشكلة، إما الاعتراف بشبه جزيرة القرم كجزء من الاتحاد الروسي أو منحه عضوية كما في حالة كوسوفو.

ولذلك من شبه المستحيل أن تشاهد بطل المسابقة يتأهل لدوري الأبطال، ويقام الدوري تحت رعاية الاتحاد الأوروبي مباشرة.

الدوري ما زال مستمرا منذ موسم 2015، والأكثر تتويجا به هو إف سي سيفاستوبول صاحب الـ 3 ألقاب.

وهذا قد يعني أن كل دولة ستشكل دوريا خاصا بها، في حال رفض يويفا ضم فرق الدولتين للدوري الروسي بدرجاته، وقد تطالب بعودة شاختار للمشاركة في دوري دونتسك وزوريا للمشاركة في دوري لوهانسك.

هنا سيكون علينا الانتظار لفترة كي تتضح الصورة بشكل أوضح على المستوى الرياضي لمعرفة موقف الفريقين ومستقبلهما.

--

توتر رياضي

منذ 2014 اتجه يويفا لفصل الفرق الأوكرانية والروسية عن بعضها البعض سواء على مستوى بولات الأندية والمنتخبات.

كما أن الاتحاد الدولي للعبة "فيفا" فصل بين أوكرانيا وروسيا لضمان عدم مشاركتهما في ملحق تصفيات كأس العالم عن قارة أوروبا في شهر مارس المقبل.

رغم أنهما لم يتواجها في يورو 2020، إلا أن قبل بداية البطولة اشتعلت الأجواء بين المنتخبين سياسيا بسبب قميص أوكرانيا.

يذكر أنه جمعت مواجهتين فقط روسيا وأوكرانيا في تصفيات يورو 2000، الأولى انتهت بفوز أوكرانيا 3-2 وتعادلا في الإياب بهدف لكل فريق.

ظهر القميص الجديد باللون الأصفر المعتاد مع وجود خريطة لدولة أوكرانيا محفورة على منطقة الصدر، وشملت تلك الخريطة شبه جزيرة القرم، والتي ضمتها روسيا لأراضيها في عام 2014.

كما كُتب على القميص عبارة "المجد لـ أوكرانيا، المجد للأبطال".

وتعتبر روسيا شبه جزيرة القرم جزء من أراضيها، على الرغم من الاعتراف الدولي بأنها أراضي أوكرانية.

وكتب أندريه بافيلكو رئيس الاتحاد الأوكراني معلقا على صورة القميص: "هذا هو المخطط الأكثر قيمة لبلدنا بالنسبة لنا جميعا".

وتابع "وطن موحد وغير قابل للتجزئة مع شبه جزيرة القرم، ودونيتسك، ولوجانسك، وكييف، ودنيبرن، ولفوف، وأوديسا، وجميع المدن والقرى، حيث اللحن الرئيسي منذ الطفولة هو لحن النشيد الوطني".

الإعلان عن قميص أوكرانيا أثار رد فعل عنيف من المسئولين السياسيين في روسيا.

ووصف نائب مجلس "الدوما" الروسي ديميتري سيفشوف، القميص على إنه "استفزاز سياسي"، كما دعا الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "ويفا" إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بمنع القميص من الظهور في يورو 2020.

كما قالت ماريا زاخاروفا المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية: "أوكرانيا ربطت الأراضي الأوكرانية بشبه جزيرة القرم الروسية، وخلقت وهما مستحيلا".

جزء آخر من الصراع تمثل في استبعاد المدافع الأوكراني ياروسلاف راكيتسكي من المنتخب الوطني بعدما وقع لزينيت سان بطرسبرج الروسي في عام 2019.

وأصرت أوكرانيا على أن القرار لم يكن سياسيا عندما تم استبعاد العديد من اللاعبين الدوليين الذين يلعبون في روسيا.

وبحسب موقع RT الروسي ففي ديسمبر 2021 عوقب نادي NK Veres Rivne بعدما أجرى لاعبيه مقابلات باللغة الروسية بعد مباراة، مما دفع النادي إلى تقديم دروس باللغة الأوكرانية لأي لاعب شعر أنه يتحدث اللغة بمستوى "غير كاف".

الموسم الحالي من المفترض أن يشهد إقامة نهائي دوري أبطال أوروبا في ملعب كريستوفيسكي بمدينة سان بطرسبرج الروسية، وإذا دقت طبول الحرب قد يتم نقل المباراة النهائية لدوري الأبطال لدولة أخرى للعام الثالث على التوالي.

الموقف ضبابي على المستوى الرياضي وفي الفترة المقبلة سيتضح كل شيء.

التعليقات