بوركينا فاسو – المدرب المحلي كالجندي بدون سلاح.. من أجل كتابة التاريخ من جديد

الجمعة، 31 ديسمبر 2021 - 13:30

كتب : عبد الرحمن فوزي

بوركينا فاسو - المدرب المحلي كالجندي بدون سلاح

"ليس هناك من هو أسعد مني بقيادة منتخب بوركينا فاسو في كأس أمم إفريقيا للمرة الأولى، أنا فخور بذلك، وأرى نفسي مثل الجندي في الخط الأمامي بالنسبة لي هذا واجب، يجب علينا حماية وطننا حتى لو فعل ذلك الآخرين بالسلاح فيجب علي أن أفعلها بكرة القدم".

هذه كانت تصريحات كامو مالو مدرب بوركينا فاسو تعليقا على توليه مسؤولية تدريب منتخب بلاده للمرة الأولى في كأس أمم إفريقيا.

مالو مدرب محلي تولى تدريب بوركينا فاسو في 2019 خلفا لباولو دوارتي المدرب السابق.

وعلى عكس ظن الجميع فإن مالو حقق أكثر من التوقعات التي توضع على مدرب محلي يقود منتخب في إفريقيا والذين في العادة يتولون المسؤولية لفترة مؤقتة قبل التعاقد مع مدرب أجنبي.

أبرز ما أنجزه كان رفع طموح منتخبه بعد فترة من عدم التوازن وأيضا رفع طموح المدربين المحليين في إفريقيا.

مالو سيكون المدرب المحلي الأول الذي يقود منتخب بوركينا فاسو في نهائيات كأس أمم إفريقيا.

منتخب بوركينا فاسو لم يكن من صفوة منتخبات إفريقيا أبدا، ولكن حاله كحال الكثر فقط حظي ببعض الأجيال التي حققت الإنجازات الأبرز في تاريخه، وخلال الفترة الأخيرة بدأت بوادر الجيل الذهبي الجديد تظهر في بوركينا فاسو تحديد منذ تولي مالو مسؤولية تدريب الفريق.

يمتلك منتخب بوركينا فاسو ثلاثة أجيال ذهبية صنعت الإنجازات الأكبر في تاريخه على مدار السنين تحققت جميعها بقيادة مدربين أجانب.

وفي كأس أمم إفريقيا 2021 سيضع مالو هدفا لنفسه بأن يكون المدرب المحلي الأول الذي يعادل إنجازات الأجيال التاريخية السابقة لبوركينا فاسو.

1998

الجيل التاريخي الأول لبوركينا فاسو كان في كأس أمم إفريقيا 1998 بقيادة المدرب الفرنسي فيليب تروسييه.

قبل تلك النسخة كان تاريخ بوركينا فاسو في كأس أمم إفريقيا هو المشاركة مرة واحدة والخروج من دور المجموعات في 1996.

في 1998 استضافت بوركينا فاسو البطولة على أرضها للمرة الأولى، وكانت نسخة استثنائية بالنسبة لذلك المنتخب الذي وصل إلى إنجازه الأكبر تاريخيا.

وصل منتخب بوركينا فاسو إلى مباراة نصف النهائي لأول مرة في تاريخه ولكنه اصطدم بمنتخب مصر الذي أقصاه وتوج باللقب في النهاية.

وفي مباراة تحديد المركزي الثالث والرابع تعادلت بوركينا فاسو مع جمهورية الكونغو بأربعة أهداف لكل فريق قبل أن تبتسم ركلات الترجيح للضيوف في النهاية.

هزيمة بوركينا فاسو واحتلاله المركز الرابع لم تمحي الإنجاز المحقق والذي اعتبر في ذلك الوقت بالأكبر في تاريخه.

2013

بعد 15 عاما تخللهم الخروج من دور المجموعات في خمس مرات وعدم التأهل إلى البطولة مرتين، جاء دور الجيل التاريخي الجديد لبوركينا فاسو.

في تلك النسخة كان بول بوت البلجيكي هو المدرب الذي قاد منتخب بوركينا فاسو، قدم أداء مذهل بداية من دور المجموعات والذي تصدر فيه مجموعة تضم منتخبات قوية كنيجيريا وزامبيا وإثيوبيا.

ووصل بوركينا فاسو إلى نصف النهائي مرة أخرى، ولكن تلك المرة ابتسمت له ركلات الترجيح أثناء مواجهة غانا ليتأهل منتخب بوركينا فاسو إلى المباراة النهائية لأول مرة في تاريخه وليحقق إنجازه الأكبر.

في المباراة النهائية جمعت بين بوركينا فاسو ونيجيريا للمرة الثانية بعد مباراة دور المجموعات والتي انتهت بالتعادل.

ولكن في تلك المباراة أوقف منتخب نيجيريا طموح بوركينا فاسو عند هذا الحد بالفوز بصعوبة بهدف دون مقابل بعد تقديم بوركينا فاسو لمباراة كبيرة كان قريبا فيها من تحقيق لقبه الأول.

2017

شهدت نسخة 2015 خروج بوركينا فاسو من دور المجموعات، ولكن الجيل الذهبي التالي لم يكن بعيدا، إذ ظهر في 2017 بقيادة باولو دوارتي المدرب البرتغالي.

دوارتي قاد بوركينا فاسو للوصول إلى مباراة نصف النهائي للمرة الثالثة وكان قريبا من معادلة الإنجاز السابق، ولكن مرة أخرى اصدم طموح بوركينا فاسو بمنتخب مصر، وتمكن الأخير من الفوز بركلات الترجيح التي شهدت تألق كبير من الحارس عصام الحضري.

وفي مباراة تحديد المركز الثالث، تمكن بوركينا فاسو من الفوز على غانا بهدف دون رد ليحقق ثاني أفضل إنجازاته تاريخيا بالحصول على المركز الثالث.

كامو مالو

عقب البطولة بدأت النتائج في التراجع مع دوراتي ولم يتمكن من التأهل إلى نسخة 2019 على الرغم من زيادة عدد الفرق المشاركة في البطولة بعد احتلاله للمركز الثالث في مجموعته بالتصفيات والتي ضمت كل من أنجولا، وموريتانيا، وبوتسوانا.

بعد عدم التأهل وهو ما لم يرضي طموح البوركينين نظرا إلى ما وصل إليه المنتخب في الـ 10 سنوات الأخيرة، تمت إقالة دوارتي من تدريب المنتخب وتعيين كامو مالو المدرب الوطني بدلا منه.

مع مالو تحول وضع بوركينا فاسو من منتخب ضعيف لم يتمكن من التأهل إلى النسخة الأخيرة من كأس أمم إفريقيا إلى واحد من المنتخبات المرشحة لأن تكون الحصان الأسود للبطولة بناء على ما قدمه في السنتين الماضيتين.

في تصفيات كأس أمم إفريقيا، احتل منتخب بوركينا فاسو صدارة مجموعته والتي ضمت كل من مالاوي وأوغندا وجنوب السودان.

حصل منتخب بوركينا فاسو على 12 نقطة بفوزه في ثلاث مباريات والتعادل في مثلهم ولم يتعرض لأي هزيمة خلال التصفيات.

ولكن تصفيات كأس أمم إفريقيا لم تكن هي التي لفتت الأنظار نحو ما يقدمه مالو مع بوركينا فاسو ولكن تصفيات كأس العالم.

في المرحلة الثانية من تصفيات كأس العالم أوقعت القرعة بوركينا فاسو في مجموعة صعبة برفقة الجزائر والنيجر ودجيبوتي، ومن المعروف بأن صاحب المركز الأول فقط هو من يتأهل إلى المرحلة النهائية.

الجميع توقع بأن التأهل مضمون وسهل بالنسبة إلى منتخب الجزائر بطل إفريقيا وصاحب سلسلة اللاهزيمة التاريخية المستمرة حتى الآن.

ولكن ما حدث هو أن منتخب بوركينا فاسو قدم أداء رائع خلال التصفيات وحتى خلال مواجهة الجزائر ذهابا وإيابا، لأنه وعلى الرغم من تأهل الجزائر كمركز أول ولكن منتخب بوركينا لم يتعرض إلى الهزيمة في أي مباراة خلال التصفيات.

أنهى منتخب بوركينا فاسو مرحلة المجموعات في المركز الثاني برصيد 12 نقطة بفارق نقطتين عن الجزائر وما حدث هو أنه مع اللحظة الأخيرة من التصفيات كان منتخب بوركينا فاسو قادرا على التأهل في أي لحظة في حال تسجيل هدف واحد فقط.

كان منتخب بوركينا فاسو بحاجة إلى الفوز على الجزائر خارج ملعبه من أجل الوصول إلى المرحلة النهائية وهو أمر صعب جدا على جميع الخصوم خلال السنوات الأخيرة.

انتهت المباراة بالتعادل بهدفين لكل فريق وكان منتخب بوركينا فاسو قريبا من التأهل لولا قوة الجزائر، وكاد يفصل بوركينا فاسو بقيادة مالو هدفا واحدا فقط على تحقيق إنجاز في تصفيات كأس العالم لم يسبق حدوثه خلال تاريخه.

وقال مالو بعد مباراة الجزائر: "قبل الجولة الأخيرة كنا في موقع يضعنا بشكل متساوي مع الجزائر الفريق الأفضل في إفريقيا، اعتقد بأننا يجب أن نفخر بما نقوم به، واعتقد بأننا حققنا نتائج تفوق توقعاتنا على الأقل بالنسبة للمدرب المحلي الذي أنا عليه".

بشكل عام خاض قاد مالو منتخب بوركينا فاسو إلى خوض 19 مباراة ما بين مباريات التصفيات والمباريات الودية، تمكن خلالهم من الفوز في 9 مباريات، والتعادل في 7، والهزيمة في 3 فقط كانت جميعها مباريات ودية وهو معدل رائع بالنسبة إلى منتخب متوسط في إفريقيا.

مالو يحب اللعب بخطة 4-2-3-1 وهي خطة متوازنة بين الهجوم والدفاع، ولكن على الرغم من ذلك فإن القوة الدفاعية هي ما يميز منتخب بوركينا فاسو خلال فترة قيادة مالو.

خلال الـ 19 مباراة التي خاضها مالو مع الفريق تمكن من تسجيل 26 هدفا وهو معدل بالنسبة إلى تسجيل الأهداف وسكنت شباكه 12 هدفا فقط وتمكن من الحفاظ على نظافة شباكه في 9 مباريات وهو معدل جيد جدا على المستوى الدفاعي.

الطموح في 2021

"أطلب من شعب بوركينا الدعم، لن نذهب إلى تلك البطولة كأفراد ولكن سنذهب لتمثيل الشعب ونرجو أن يتم التعبير عن ذلك الشعور عن طريق الدعوات بالتوفيق".

"سندافع بقوة عن فرصنا في هذه البطولة ونأمل أن نحقق طموحاتنا، ومن المشروع اليوم لشعب بوركينا فاسو أن ينتظر تكريس أنفسنا من أجلهم، سنذهب إلى بطولة كبرى تقام كل عامين ونحن مصممين على تحقيق أهدافنا والظهور بشكل يسعد شعبنا".

في كأس أمم 2019 سيكون مالو أمام تحد أكبر بمقابلة المزيد من الفرق القوية داخل القارة، في مرحلة المجموعات يقع في المجموعة الأولى برفقة الكاميرون، وإثيوبيا، والرأس الأخضر، التأهل يبدو سهلا إلى دور الـ 16 على الورق بالنسبة إلى بوركينا فاسو ولكن التحدي الحقيقي سيبدأ من المرحلة التالية.

مالو سيكون في تحدي شخصي من أجل معادلة الإنجازات السابقة للأجيال التاريخية لبوركينا فاسو مع مدرب وطني للمرة الأولى، ليس مرشحا للتتويج باللقب ولكن قد يراه الكثيرين كحصان أسود يستطيع أن يذهب بعيدا في البطولة.

التعليقات