كأس العرب - قطر.. لأن استخراج اللؤلؤ أفضل من استيراده

الأربعاء، 17 نوفمبر 2021 - 15:03

كتب : زكي السعيد

قطر.. لأن استخراج اللؤلؤ أفضل من استيراده

من بين اللاعبين الذين حصدوا لـ قطر لقب كأس آسيا التاريخي مطلع 2019، تواجد 12 لاعبًا تكوّنوا في أكاديمية أسباير أو أحد الأندية التابعة لها.

ذلك الجيل الذي تكوّن خصيصًا لأجل ظهور قوي في كأس العالم العام المقبل، هو مزيج من عدة جنسيات، لكنه رغم ذلك صناعة قطرية خالصة.

في السابق، تحديدًا مطلع الألفية، عندما أرادت قطر اقتحام عالم الرياضة بدعم سياسي حكومي واضح، بحثت عن المفعول السريع، وعكفت على تجنيس اللاعبين الأجانب في دوريها المحلي.

طالع أيضا - جدول نسخة 2021 والمجموعات ومواعيد المباريات

البرازيلي فابيو سيزار، ومواطنه إيمرسون، والغاني لورانس كواي، والأوروجوياني سيباستيان سوريا، أمثلة للاعبين حضروا للعب في الدوري القطري بشكل طبيعي، وانتهى بهم الأمر مجنسين ليمثّلوا المنتخب.

وباستثناء سوريا –الذي ربما كان يستحق التواجد في الجيل الذهبي الحالي-، فإن قائمة المجنسين الطويلة لم تحقق النجاح المُنتظَر، بل وفوق ذلك كادت أن تتسبب في أزمات كبيرة مثلما حدث مع إيمرسون لاعب السد الذي اتضح عدم أهليته لتمثيل قطر وتزويره في عمره.

وبالتالي، فإن قطر لم تتعرض للوصم بسبب طمعها في الربح السريع عن طريق عمليات تجنيس متتالية، بل لم تحصد النتائج من الأساس مثلما حدث على سبيل المثال مع منتخب كرة اليد الذي حقق وصافة العالم بتلك الطريقة.

أسباير.. لأن النجوم تُصنَع

وهنا يأتي دور أكاديمية أسباير التي تأسست عام 2004 وبدأت في إعداد الرياضيين على أسس علمية سليمة، وصحيح أن النتائج تحققت على مدى بعيد جدا، لكنها كانت تاريخية.

هذا النجاح ليس حصريًا على كرة القدم فحسب، بل إن معتز برشم بطل الوثب العالي صاحب ذهبية أولمبياد طوكيو هو أحد خريجي الأكاديمية.

وصحيح أن أغلب هؤلاء الرياضيين هم من المقيمين وحاملي الجنسيات الأخرى، لكن تكوينهم في أرضٍ قطرية أعطاهم شيئًا من الأصالة وانتشل منتخب قطر من موجات السخرية التي طالته لسنوات طويلة.

على هامش المونديال

تستضيف قطر كأس العرب قبل عام بالتمام والكمال من استقبالها منافسات كأس العالم في الشتاء المقبل.

بروفة تنظيمية، لكنها أيضًا بروفة فنية قوية قد تكون الأخيرة، إذ لن يعود منتخب العنابي للظهور في أي بطولة مجمعة حتى موعد المونديال.

وقد لعب منتخب قطر عددًا غير عادي من البطولات المجموعة في السنوات الأخيرة ليستعد بشكل لائق لكأس العالم.

فحل القطريون ضيوفًا على كوبا أمريكا 2019 بعد أشهر قليلة من حصدهم لقب كأس آسيا في نفس العام.

كما شاركوا بشكل بارز ومميز في الكأس الذهبية 2021 ووصلوا إلى نصف النهائي وودعوا بصعوبة بالغة أمام الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الأرض وحاصدة اللقب في النهاية.

كما كان مقررً أن تشارك قطر في كوبا أمريكا 2020، لكن تأجيلها لـ 2021 وتعارضها مع مواعيد الكأس الذهبية حال دون ظهور العنابي في المحفل اللاتيني للعام الثاني على التوالي.

هذا خلافًا للمشاركة في خليجي 24 الذي نظمته قطر بنفسها عام 2019، وخليجي 23 في العام السابق على أرض الكويت.

وبالتالي فمنتخب قطر يمتلك خبرة كبيرة في البطولات المجمعة، أضاف إليها مشاركته بصورة غير رسمية في تصفيات كأس العالم 2022 عن قارة أوروبا.

وداعًا تشابي

عندما حضر تشابي هيرنانديز عام 2015 إلى قطر للعب في نادي السد بعد نهاية مسيرته مع برشلونة، كان ذلك جزءًا من مخطط قطري نهايته المثالية أن يتولى نجم الوسط الإسباني تدريب العنابي بحلول كأس العالم 2022.

تلك الفرضية كانت مطروحة بشكل بارز حتى قبل اعتزال تشابي عام 2019 وتوليه تدريب السد مباشرةً، إلا أن المخطط تلقى ضربة موجعة في نفس ذلك العام عندما قاد مواطنه، فيليكس سانشيز، منتخب قطر للقب كأس آسيا لأول مرة في تاريخه.

هذا التتويج وضع الاتحاد القطري في موقف حرج وأخّر من الدفع بـ تشابي في المنصب المنشود، حتى انتهت القصة بالكامل قبل أسبوعين برحيله عن قطر بأكمله مسرعًا لإنقاذ مركب برشلونة من الغرق.

وبالتالي، الآن، بعد 3 سنوات من إنجازه التاريخي، والعديد من النتائج الأخرى الرائعة، بات فيليكس سانشيز مديرًا فنيًا لـ قطر دون منغصات.

سانشيز (45 عامًا) المولود في كتالونيا، بدأ مسيرته في أكاديمية لاماسيا الخاصة بـ برشلونة وتولى تدريب فريق تحت 19 عامًا بين 1996 و2006 عندما قرر خوض خطوة ستغيّر حياته.

سانشيز انتقل إلى قطر ليصير مدربًا في أكاديمية أسباير، ويشرف بنفسه على تكوين العديد من المواهب التي ستصير ركيزة أساسية لاحقة في منتخب قطر الأول.

عمل سانشيز المميز في أسباير دفع الاتحاد القطري لتعيينه مدربًا لمنتخب الشباب، ليقوه إلى لقب بطولة آسيا في تلك الفئة العمرية عام 2014 بتشكيلة ضمت المعز علي وأكرم عفيف وآخرين ممن سيظهرون معه لاحقًا في المنتخب الأول.

بعدها صُعِّد سانشيز ليتولى مهمة منتخب تحت 23 عامًا، وكان على بُعد 4 دقائق من الوصول إلى أولمبياد ريو 2016، لكن عودة مجنونة من العراق في مباراة المركز الثالث ببطولة آسيا المؤهلة للألعاب، قضت على البهجة القطرية.

التدرج الأخير لـ سانشيز حل في 2017 عندما عوض خورخي فوساتي في مهمة المنتخب الأول لـ قطر، بعد سلسلة من النتائج المخيبة.

ومع خبرة تدريبية معدومة في المحافل الكبرى، نجح سانشيز، معتمدًا على شبانه في أسباير والفئات العمرية الصغرى، في تقديم كرة قدم جذّابة حصدت لـ قطر لقبها التاريخي الأول في كأس آسيا عام 2019 بمفاجأة مدوية.

وقاد سانشيز قطر إجمالا في 57 مباراة، فاز في 28 منها، وتعادل 10، وخسر 19 مرة.

وبفضل سانشز، بصورة مباشرة وغير مباشرة، باتت قطر تمتلك أقوى جيل كروي في تاريخها قبل 12 شهر على استضافتها الحدث الكروي الأضخم.

استضافة ثانية

سبق لدولة قطر استضافة منافسات كأس العرب عام 1998، وحلت في المركز الثاني بتلك النسخة بعد الخسارة أمام المملكة العربية السعودية في النهائي.

في الواقع، كانت تلك أفضل نتيجة حققتها قطر في البطولة على الإطلاق، إذ لم تقتحم المراكز الثلاثة الأولى في أي مناسبة أخرى، والسبب بسيط، وهو قلة مشاركاتها.

فـ قطر لم تلعب إجمالا في كأس العرب إلا مرتين، الأولى عام 1985 وحلت رابعة، ثم الثانية في 98 على أراضيها.

اللؤلؤ القطري

تشتهر قطر بتجارة اللؤلؤ الذي عكف أهلها على استخراجه من قاع المحيط منذ القِدم.

تلك التجارة وإن باتت تراثية، فإن اللآلئ لم تختف، بل تمثلت في مجموعة من المواهب الكروية التي قادت نهضة الكرة القطرية.

المعز علي

المهاجم ذو الأصول السودانية، يمتلك رقمًا هائلًا غير مسبوق، إذ سجل في المنافسات الدولية الآسيوية والأمريكية الجنوبية والأمريكية الشمالية والأوروبية.

فمشاركة قطر في كوبا أمريكا 2019، والكأس الذهبية 2021، وتصفيات كأس العالم 2022 عن قارة أوروبا، سمحت للمعز بتحقيق هذا الرقم العجيب.

لكن يظل إنجاز مهاجم الدحيل الأبرز هو حصوله على لقب هداف كأس آسيا 2019 برصيد 9 أهداف، محطمًا الرقم الصامد للإيراني علي دائي كأفضل هدّف في نسخة واحدة بواقع 8 أهداف الذي حققه عام 1996.

إجمالا يمتلك المعز 23 هدفًا دوليًا في 43 مباراة مع قطر، ويعد مرشحًا لتحطيم رقم مبارك مصطفى الهداف التاريخي لـ قطر برصيد 41 هدفًا.

أكرم عفيف

كان علي عفيف أحد أبرز المواهب القطرية منذ 10 سنوات تقريبًا، لكن أثبتت الأيام أنه ليس اللاعب الأفضل في عائلته عندما ظهر شقيقه الأصغر علي على السطح.

أفضل لاعب في آسيا 2019 هو أمهر لاعبي المنتخب القطري ومصدر الخطورة الأول، وهو ركيزة محورية في الجناح الأيسر لنادي السد.

ويمتلك عفيف عدة تجارب احترافية سابقة، بدأها في مراحل الناشئين مع نادي إشبيلية، كما لعب لـ يوبين البلجيكي المملوك لأكاديمية أسباير، ومنه انتقل إلى فياريال عام 2016.

لكنه لم ينجح في تسجيل ظهوره بقميص الغواصات الصفراء، وخرج معارًا لـ سبورتنج خيخون، قبل أن يعود لاحقًا للملاعب القطرية.

حسن الهيدوس

القائد وأكثر لاعبي العنابي خبرة، يمتلك 157 مباراة دولية بالفعل في عُمر الثلاثين، وقد خاض مباريات دولية أكثر من أي لاعب في تاريخ قطر.

الجناح الأيمن الذي يكمل مثلث قطر الهجومي خاض مسيرته بأكملها في السد وحقق معه كل البطولات الممكنة.

عاصم ماديبو

كانتي الكرة الآسيوية، إذ يتشابه في هيئته وخفته مع نجم المنتخب الفرنسي، وقد كان سببًا مباشرًا في تتويج قطر بكأس آسيا بعد عروضه الرائعة في وسط ملعب العنابي.

اللاعب صاحب الأصول السودانية ينشط في نادي الدحيل، وسبق له تمثيل لاسك النمساوي، وكولتورال ليونيسا الإسباني، ويوبين البلجيكي.

التشكيل المتوقع

حراسة المرمى: مشعل برشم

الدفاع: بيدرو ميجيل – بسام الراوي (طارق سلمان) – خوخي بوعلام – عبد الكريم حسن

الوسط: عبد العزيز حاتم – عاصم ماديبو – كريم بوضياف

الهجوم: حسن الهيدوس – المعز علي – أكرم عفيف

صدامات آسيوية

دون أي منتخب إفريقي، تضم المجموعة الأولى قطر رفقة البحرين وعُمان والعراق في دربيات خليجية بالكامل.

تفتتح قطر البطولة بمواجهة البحرين يوم 30 نوفمبر في ملعب البيت، ثم تواجه عُمان يوم 3 ديسمبر في ملعب المدينة التعليمية، وتختتم دور المجموعات بمواجهة العراق يوم 6 ديسمبر في ملعب البيت.

وتلعب قطر حال تأهلها إلى ربع النهائي أمام أحد منتخبات المجموعة الثانية التي تضم تونس والإمارات العربية المتحدة وسوريا وموريتانيا.

وحال تصدر قطر مجموعتها وعبورها عقبة ربع النهائي، فتبرز احتمالية مواجهة المنتخب المصري شرط أن يتصدر الأخير مجموعته بدوره ويتجاوز ربع النهائي.

التعليقات