أولمبياد طوكيو 2020 - المضمار الذي صُمم لكسر الأرقام القياسية في ألعاب القوى

الخميس، 05 أغسطس 2021 - 17:15

كتب : إسلام أحمد

ألعاب قوى - طوكيو 2020

في ريو 2016 تحطم 27 رقما قياسية في منافسات ألعاب القوى، بين أرقام أولمبية وعالمية ووطنية وشخصية.

في طوكيو 2020 ومع تواصل المنافسات وتبقى 18 منافسة تحطم من المسابقات التي انتهت 50 رقما قياسيا بين أرقام أولمبية وعالمية وشخصية.

فارق ضخم وشاسع بطريقة غريبة للغاية، لكن هناك سبب لكل هذا، وبالطبع لن يكون المنشطات.

صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية سلطت الضوء على مضمار الملعب الأولمبي بالعاصمة اليابانية في أولمبياد طوكيو 2020 وتأثيرها على أداء الرياضيين في كسر الأرقام القياسية وكذلك سلبياتها.

"New OR" رقم قياسي أولمبي جديد.. هي ما أشارت له الشاشة عندما فازت الجامايكية إيلين طومسون هيرا بسباق 100 متر سيدات.

لم تحتفظ طومسون هيرا فقط باللقب الأولمبي لمسافة 100 متر التي فازت بها في ريو دي جانيرو في عام 2016، لكنها حطمت الرقم القياسي لفلورنس جريفيث جوينر المسجل في عام 1988.

Tokyo Olympics - Elaine Thompson-Herah leads Jamaican 1-2-3 in women's 100m  final - newsbinding

بعد ذلك بيوم واحد، أصبح الإيطالي مارسيل جاكوبس أسرع رجل في العالم بتوقيت 9.80 ثانية في سباق 100 متر ليخلف يوسين بولت باعتباره أسرع رجل في العالم.

لم يكن جاكوبس معروفا كثيرا قبل أن يتخطى رقم بولت القياسي.

Tokyo Olympics: Lamont Marcell Jacobs claims shock 100m gold - The Frontier  Post

بالطبع ابتسم جاكوبس وطومسون هيرا، لكن في المقابل يبتسم شخص مجهول يرتدي قميصا وبنطالا في مقعد يطل على المضمار وهو: أندريا فالاوري المدير الدولي لموندو مورد مضمار الألعاب الأولمبية.

فالاوري مسؤول عن تزويد أسرع العدائين في العالم بأسرع مضمار في العالم. مضمار يهدد بالفعل كل السجلات العالمية، إذ من المنتظر أن تتحطم أرقام قياسية جديدة.

Andrea Vallauri is responsible for supplying the world’s fastest runners with the world’s fastest track.

منذ بداية المنافسات الجمعة الماضية، والأرقام القياسية والشخصية تتحطم، وتُظهر لوحة النتائج ملاحظات تشير إلى أن أفضل النتائج الشخصية أو السجلات الوطنية قد تم تحطيمها.

في نهائي 100 متر سيدات ركضت 6 في زمن أقل من 11 ثانية، بما في ذلك شيريكا جاكسون، التي كانت 10.76 أسرع حاصلة على المركز الثالث في دورة الألعاب الأولمبية.

الإيطالي جاكوبس وهو عداء غير معروف، تخصص في الوثب الطويل حتى عام 2018، حقق رقما قياسيا أوروبيا في نهائي 100 رجال.

وصف فالاوري مضمار السباق بسرعة البرق: "إنه جديد بالنسبة لطوكيو، كان لدينا طموح خاص لابتكار شيء مختلف".

حاولت شركة موندو -والتي صممت 12 مضمارا أولمبيا- من قبل ما يقارب 3 سنوات من أجل ابتكار السطح المستخدم في طوكيو عن طريق اختبار الطرق لإصدارات مختلفة، وتحديد مصادر المواد، وتجربة أنواع مختلفة من المطاط.

وطوال الاختبارات سعت الشركة المُصنعة لمعرفة ما يفضله الرياضيون، وهو ما يشبه اختبار تذوق وصفة جديدة لمشروب غازي مألوف.

قال فالاوري إن الإجابات التي تلقتها الشركة كانت بالإجماع: "كانت ردود الفعل من الرياضيين هي نفسها، هذه هي الأرضية".

جرب المصممون في مصنع موندو في ألبا بالقرب من مدينة تورينو الإيطالية أنواعا مختلفة من المطاط قبل دمج حبيبات ثلاثية الأبعاد في تصميمهم النهائي.

السطح الناتج للمضمار، وفقا لفالوري يسمح بامتصاص الصدمات وعودة الطاقة "مثل الترامبولين".

فقالت سيدني ماكلولين الفائز بسباق 400 متر حواجز برقم قياسي عالمي: "يمكنك أن تشعر بالارتداد، تمتص بعض المسارات ارتدادك وحركتك؛ هذا يعيد توليدها ويعيدها إليك".

Tokyo Olympics: Sydney McLaughlin sets world record as she wins gold in  400m hurdles | The Independent

طومسون هيرا اقترحت أنها لو لم تبدأ احتفالها قبل بضع ياردات من خط النهاية، فربما تكون قد هددت الرقم القياسي العالمي لجريفث جوينر البالغ 10.49.

وقالت: "كان بإمكاني أن أذهب أسرع إذا لم أكن أشر وأحتفل مبكرا".

وفي رياضة تتكرر فيها مشكلات تعاطي المنشطات، يمكن أن يقع الأداء المتميز محل الشك. لكن فالاوري والرياضيين يقولون إن مضمار "القفز"، كما وصفه العديد، يلعب دورا كبيرا (إلى جانب الأحذية عالية الأداء وحتى هواء الصيف الحار).

وقال فالاوري إنه يتوقع أن يقدم المضمار الذي تبلغ قيمته 1.5 مليون دولار فائدة تصل إلى 2% للمنافسين. عندما يتم كسر الأرقام القياسية بمقدار أجزاء من الثانية، فقد يكون هذا هو الفرق.

ولم تصدق الإيفوارية ماري جوزيه تا لو بعد أن علمت مدى سرعتها في الركض في الجولة الأولى من التصفيات التي يبلغ طولها 100 متر. وقالت: "لم أكن أتوقع أن أركض بالسرعة التي فعلت بها للتو". واحتلت المركز الرابع في النهائي.

Marie-Josee Ta Lou, of the Ivory Coast, wins a heat in the women’s 100-meter run at the 2020 Summer Olympics, Friday, July 30,…

بعد أن تقلصت درجات الحرارة يوم السبت الماضي، أشارت ماكلولين (21 عاما)، إلى أن مضمار طوكيو يمثل تهديدا لكتب التاريخ، قالت عن سباق الحواجز: "من الممكن تسجيل رقم قياسي عالمي، إنها مجموعة رائعة حقا من الفتيات".

بالفعل بعد نهاية السابق حققت سيدني رقما قياسيا عالميا، وفي المركز الثاني تحطم رقما شخصيا، والثالث حطم رقما إقليميا.

على الرغم من أن اسم موندو غير مألوف على الأرجح لمعظم عشاق الرياضة، إلا أنه شهير لدى الرياضيين.

الشركة تتباهى بإن أكثر من نصف الأرقام القياسية العالمية التي سُجلت في العشرين عاما الماضية كانت على مسارات صممتها الشركة الإيطالية.

قال العداء الجنوب أفريقي جيفت ليوتليلا بعد أن حسم مكانه في التأهل في نصف النهائي لمسافة 100 متر: "كنا نشاهد الفتيات وقلنا، حسنا، هذا المضمار سريع".

المضمار يستفيد منه من يريد الركض بسرعة وكذلك من يقفزون في الهواء.

بعد المنافسة في تصفيات الوثب الطويل، قال البرازيلي ساموري فراجا إن السطح كان جيدا بما يكفي لتهديد الأرقام القياسية.

وفي الوثب الثلاثي، قفزت يوليمار روخاس من فنزويلا إلى 15.67 مترا وحطمت الرقم القياسي العالمي الذي ظل في مكانه منذ عام 1995 والرقم القياسي الأولمبي من عام 2008.

لم تكن روخاس وحدها التي لم تصدق. حدق منافسوها أيضا، بعيون واسعة، عندما أكدت شاشة الفيديو في الملعب علامتها الفائزة.

بالنسبة لبعض الرياضيين، فإن مضمارا مثل المضمار الذي يواجهونه في طوكيو له بعض العيوب: فهو يدفع أجسادهم بطرق لا تفعلها الأسطح البطيئة عادةً.

العداء الفرنسي جيمي فيكاوت، الذي خاض أفضل موسم ليبلغ نصف النهائي 100، قال إن التدريب على مثل هذا السطح سيكون "خطيرا للغاية" لأنه قد يتسبب بسهولة بإصابات عضلية

ووافقه الرأي، الكندي جافين سميلي إن المضمار كان لا يرحم لدرجة أنه غير الطريقة التي كان يستعد بها عادة للسباق.

قال جافين: "إنه يجعل جسمك يشعر بالألم، خاصة في اليوم التالي".

ولفهم ذلك أوضح "غيرت جدولي التدريبي قبل 24 ساعة لأمنح نفسي مزيدا من الوقت للتعافي".

المحاولة لكسر أرقام قياسية لم يؤت ثماره مع الجميع، النيجيري إينوك أديجوكي لم يتأهل لنهائي 100 متر رجال بعد إصابته عقب 20 مترا من البداية.

تطور التكنولوجيا سواء في المضمار أو الأحذية يفتح الباب للتساؤل حول مقدار المساعدة التي يجب السماح بها للرياضيين وما إذا كان من العدل أن تكون السجلات المسجلة في ظروف مختلفة في خطر الآن.

للتخفيف من بعض هذه المزايا، حددت الهيئة الإدارية لألعاب القوى، حدودا للمسارات شبيهة بتلك الموجودة في الأحذية، بما في ذلك حدود نطاق امتصاص الصدمات وعودة الطاقة والسُمك.

لكن بالنسبة إلى فالاوري، فإن المهمة بسيطة: توفير سطح يمكن للرياضيين الأولمبيين أن يتفوقوا فيه، بغض النظر عن انضباطهم، ومهما كانت مكانتهم. ووصف المضمار بالإطارات في سلسلة سباقات الفورمولا 1.

فقال: "إذا كان الإطار هو نفسه لجميع السيارات، فهذا عادل".

التعليقات