كيف يصرف باريس سان جيرمان ببذخ رغم تقشف أندية العالم

الثلاثاء، 20 يوليه 2021 - 21:44

كتب : عبد الرحمن فوزي

باريس سان جيرمان

بعد انتشار وباء كورونا توقفت كرة القدم لفترة وعادت، لكن لم تعد بالشكل المعتاد. عادت خلف أبواب مغلقة بدون حضور جماهيري في معظم أوقات الموسم.

ومع عودة كرة القدم، لم تعد القدرة المالية للأندية الكبرى كما كانت، فجميع الأندية قد خسرت الكثير من الأموال، وأندية أخرى قاربت على الإفلاس.

باريس سان جيرمان واحد من الأندية التي لم تعان آثار كورونا -على الأقل ظاهريا-، وهو النادي الأكثر إجرائا للتعاقدات الكبرى هذا الصيف حتى الآن.

تعاقد النادي حتى الآن مع جيانلويجي دوناروما، وسيرجيو راموس، وجورجينو فينالدوم، ولكن تلك الصفقات كانت مجانية بسبب انتهاء تعاقداتهم مع أنديتهم.

قد يكون هذا الثلاثي قد أتى للنادي بالمجان، ولكن أجورهم قد أضافت 28 مليون جنيه استرليني لقائمة الرواتب السنوية في النادي.

وهناك أيضا صفقة أشرف حكيمي، والتي كلفت النادي 60 مليون استرليني.

ولأول مرة يقوم النادي العاصمي بموسم انتقالات بذلك الحجم منذ صيف 2017، عندما أتم النادي التعاقد مع نيمار دا سيلفا، وكيليان مبابي. ويأتي ذلك الصيف الاستثنائي بعد موسم عانى فيه الجميع من الخسائر بسبب انتشار جائحة كورونا.

ويبقى السؤال هنا، كيف يقوم النادي بكل تلك التعاقدات، في ظل اعتماد باقي الأندية على سياسة التقشف بسبب الخسائر التي تتعرض لها. هذا ما أجابت عنه "ذا أثليتيك" في تقريرها.

قال دانيال بلوملي خبير التمويل الرياضي والمحاضر في جامعة شيفيلد هالام: "هذا الوباء في الواقع يمثل فرصة لبعض الأندية التي لديها مُلاك أثرياء يمكنهم الإنفاق في ظل اللوائح المخففة. نادي مثل باريس سان جيرمان لديه القدرة المالية لفعل ذلك".

الصيف الحالي على الرغم من اعتماد سياسة التقشف من قبل العديد من الأندية، إلا أن باريس سان جيرمان ومانشستر سيتي يواصلان الحصول على الدعم المالي من قبل مُلاكهم العرب.

قواعد اللعب المالي النظيف في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" كانت هي ما تمنع باريس سان جيرمان ومانشستر سيتي من إجراء التعاقدات الكبيرة في الآونة الأخيرة.

قواعد اللعب المالي النظيف تنص على أن واردات الأندية والإيرادات يجب أن تتعدى المصروفات، وأن الحد الأقصى للخسارة هو 30 مليون يورو في ثلاث سنوات متتالية، وأكثر من ذلك تكون الأندية معرضة لعقوبات، قد تصل للاستبعاد من البطولات الأوروبية.

ولكن في الصيف الماضي، قرر الاتحاد الأوروبي تخفيف تلك اللوائح، باعتبار أن ذلك ضروريا لتتمكن الأندية من التعامل مع عام الجائحة. هذا الأمر فتح الباب أمام الأندية التي تمتلك تمويلا كبيرا لإظهار عضلاتهم، إذ سمح الاتحاد الأوروبي لملاك الأندية بضخ أموال إضافية اعتبارا من يونيو الماضي، لتلبية التدابير الطارئة، وأن الحد الأقصى للخسارة لم يعد ساريا.

ولم تندرج السنة المالية 2020 تحت قواعد اللعب المالي النظيف، وفي المقابل سيتم إضافتها لسنة 2021، ولن يتم معاقبة الأندية في حالة الخسارة طالما أنها جائت بسبب جائحة كورونا.

وما ينطبق على مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان لا ينطبق على الأندية الأخرى، والتي لا تمتلك جهة تضخها بالأموال، ولذلك ومع تخفيف لوائح اللعب المالي النظيف، فإن باريس، ومانشستر سيتي تمكنا من صرف العديد من الأموال على الرغم من تقليل الأندية الأخرى المنافسة لمصاريفها.

ووفقا لـ"ذا أثليتيك"، فإن مانشستر سيتي أيضا يسعى لصرف 200 مليون جنيه إسترليني في الصيف الحالي مقابل التعاقد مع هاري كين وجاك جريليش.

أرقام باريس سان جيرمان الرسمية والمعلنة من قبل الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، تتماشى إلى حد كبير مع معاناة باقي الأندية بعد جائحة كورونا.

شهد موسم 2019-20 خسارة النادي 106 مليون جنيه إسترليني بعد أن انخفض إجمالي دخلهم التشغيلي بمقدار 87 مليون جنيه إسترليني، وبلغت فاتورة الأجور السنوية للنادي 354 مليون جنيه إسترليني، مما يضعهم على قدم المساواة مع مانشستر سيتي، الذي كانت فاتورة رواتبه البالغة 351 مليون جنيه إسترليني في نفس الموسم غير مسبوقة في الدوري الإنجليزي الممتاز.

تم تجاوز خسائر باريس سان جيرمان في 2019-20 من قبل خمسة أندية في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهم أستون فيلا، وتشيلسي، وليستر سيتي، وإيفرتون، ومانشستر سيتي، لكن يمكنهم على الأقل الاستناد على سنوات جني الأرباح في 2017-18، و2018-19، إذ حققا في هذين الموسمين أرباحًا قبل خصم الضرائب بنحو 62 مليون جنيه إسترليني، مما خفف من خسائر الموسم الأخير المسجلة.

ووفقا لذا أثليتيك، أنه على الرغم من ذلك، فالتوقعات هي أن باريس سان جيرمان لن يخرق قواعد اللعب المالي النظيف في 2021-22، حتى مع إضافة دوناروما وراموس وفينالدوم وحكيمي.

ثلاث صفقات منها كانت انتقالات مجانية، وسيتم توزيع رسوم انتقال حكيمي على مدة العقد الذي يمتد لخمس سنوات، فستعادل 12 مليون جنيه إسترليني في كل عام حتى 2026، جنبًا إلى جنب مع أجور الرباعي الجديدة، والتي تبلغ حوالي 35 مليون جنيه إسترليني سنويًا.

كما أن النادي قد حصل على 8 مليون إسترليني مقابل بيع باكر إلى باير ليفركوزن مؤخرا، كما من المتوقع أن يحاول النادي بيع كورزاوا وأريولا أيضا في الصيف الحالي.

باريس سان جيرمان تضرر أيضا كما هو الحال مع جميع أندية الدوري الفرنسي بسبب انهيار صفقة البث التلفزيوني الخاصة بالمسابقة، ولكن في المقابل فإن عائدات النادي من المشاركة في دوري أبطال أوروبا في تزايد مستمر بعد أن وصل لنصف النهائي والنهائي في الموسمين الماضيين، وذلك ما يعوض خسائرهم الأخرى.

باريس سان جيرمان أيضا لديه عقود رعاية كبيرة مع نايكي جوردان، ولكن الفضل الأكبر في كل ذلك يعود إلىى صفقة الرعاية القطرية.

الاتحاد الأوروبي بدأ في وضع الأساس لقانون اللعب المالي النظيف في 2009، وخلال تلك المدة لم يتمكن من هزيمة مانشستر سيتي أو باريس سان جيرمان قانونيا، وما حدث مؤخرا يؤكد وجود بعض العيوب في التنفيذ.

"يويفا" حاول معاقبة مانشستر سيتي بالفعل وحرمانه من المشاركة في دوري أبطال أوروبا لمدة موسمين بسبب اختراق قواعد اللعب المالي النظيف، ولكن النادي تمكن من الفوز في القضية.

تفوق مانشستر سيتي في القضية جاء بسبب عدم قدرتهم على إيجاد دليل قاطع، إذ أن الناديان يخفيان التمويلات التي يتلقونها من ملاك الأندية على أنها عقود رعاية، وحاول الاتحاد الأوروبي الزعم بأن مانشستر سيتي حاول تضليل هيئات الرقابة باخفاء التمويل على أنها عقود رعاية، ولكن لم ينجح في إثبات ذلك.

وفقا لذا أثليتيك، فإن الاتحاد الأوروبي سيحاول تغيير قواعد اللعب المالي النظيف، خاصة في ظل رغبة الأندية الكبرى في إنشاء بطولة دوري السوبر الأوروبي.

وقال أندريا ترافيرسو مدير البحوث والاستقرار المالي في الاتحاد الأوروبي: "يجب أن تتطور القواعد دائما".

وتابع "عليهم التكيف مع السياق الذي تعمل فيه الأندية، فهي تقيم الموقف في الماضي، يمثل الوباء مثل هذا التغيير المفاجئ والذي يجعل التطلع إلى الماضي بلا هدف".

وأضاف "لذا ربما يجب أن تركز القواعد بشكل أقوى على الحاضر والمستقبل، يجب أن يكون لديهم بالتأكيد تركيز أقوى على تحديات مستويات الأجور المرتفعة، حل هذا الأمر لن يكون سهلا".

من المرجح أن يتم صياغة قواعد اللعب المالي النظيف بشكل جديد بحلول نهاية العام الجاري، وسيكون ناصر الخليفي مالك باريس سان جيرمان هو أحد الشخصيات المحورية في التفاوض، والذي أصبح رئيسا ااتحاد الأندية الأوروبية منذ الإعلان عن إنشاء السوبر ليج.

وقد لا يصيغ الخليفي القوانين بنفسه، ولكن على الأقل سيكون صوته مسموعا في إنشاء القوانين الجديدة. وهو ما قد يعني استمرار باريس سان جيرمان والأندية صاحبة التمويل الخارجي في الصرف بدون قيود حقيقية، حتى مع عودة قانون اللعب المالي النظيف.

التعليقات