الدنمارك في يورو 1992: مأساة في قلب القصة الساحرة.. ودليل براءة الجوهري

الثلاثاء، 01 يونيو 2021 - 21:59

كتب : فادي أشرف

الدنمارك 1992

12 دقيقة متبقية على نهاية المباراة في ملعب أوليفي في جوتنبرج بالسويد..

الدنمارك تدافع بضراوة أمام ألمانيا الموحدة لتوها، بقيادة يورجن كلينسمان وماتياس سامر والكثير من المتوجين بكأس العالم في إيطاليا قبل عامين. بيتر شمايكل يبدع في المرمى أمام هجوم الماكينات..

الكرة تصل للاعب الوسط المهاجم كيم فيلفورت في ظهور نادر بمنطقة جزاء ألمانيا. استلم ودار وواجه المرمى الألماني وسدد!

Kim Vilfort: the tragic hero of Denmark's Euro 92 glory

نهاية قصة ملحمية. الدنمارك، التي لم تتأهل من الأساس لـ يورو 1992 في السويد، تتوج بطلة للبطولة في ربما أكبر مفاجأة في تاريخ كرة القدم الحديثة.

ولكن في قلب تلك القصة الملحمية الساحرة، الكثير من الحزن، بل ودليل براءة مدرب المنتخب المصري في كأس العالم 1990، محمود الجوهري.

أفول الديناميت

في يورو 1984 في فرنسا، وصلت الدنمارك لنصف النهائي، وفي مشاركتها الأولى في كأس العالم بعد عامين وصلت لدور الـ 16. مستقبل الدنمارك الكروي بدا مشرقا تحت قيادة المدرب سيب بيونتيك، بأداء ممتع بقيادة أمثال مايكل لاودروب وبريبين إلكاير. فريق الديناميت الدنماركي كان على حافة مشاركة كبار أوروبا الألقاب.

لأسباب عدة، عادت الكرة الدنماركية لسابق إحباطاتها. خروج من الدور الأول في يورو 1988، وفشل للتأهل للدورة الأولمبية في نفس العام رغم الاقتراب الشديد، بل والتأهل المضمون، بسبب إشراك لاعب غير مقيد في إحدى المباريات.

رحل بيونتيك وتولى مساعده ريتشارد مولر نيلسن الدفة. نيلسن لم يقدم كرة ممتعة مثل بيونتيك، لدرجة أن الأخوين لاودروب اختلفا معه كثيرا بسبب طريقته التي وصفاها بالعقيمة.

Coach Richard Moller Nielsen; guided Denmark to soccer glory - The Boston  Globe

تصفيات محبطة

تصفيات يورو 1992 كانت مؤلمة في بدايتها. تعادل مع أيرلندا الشمالية خارج الديار وخسارة من يوغوسلافيا في كوبنهاجن دفعت مايكل لاودروب للاعتزال الدولي بعمر الـ 26، وبريان لاودروب لعدم الانضمام للمنتخب.

ورغم غياب أفضل لاعبين في تاريخ الدنمارك، فاز المنتخب ببقية المباريات في التصفيات، بل وهزموا يوغوسلافيا في عقر دارها، لكن هذا لم يكن كاف للتأهل.

يوغوسلافيا آنذاك كان منتخبا مرعبا. الجيل اليوغوسلافي الذي كان سيشارك في البطولة توج ببطولة العالم للشباب في 1987، ولكن الحرب الأهلية وعقوبات الأمم المتحدة كان لها رأي آخر.

"لم يأخذوننا من على الشاطئ"

فيلفورت، بطل المباراة النهائية قال لـ BBC: "البعض لم يكن يصدق أننا سنشارك في البطولة، لكن كانت هناك أحاديث حول ذلك الأمر".

وأضاف "عندما علمنا باحتمالية مشاركتنا، لم نتناقش في الأمر. لم يكن في الإمكان أن نقول لا للمشاركة لأن ذلك كان سيدمر علاقتنا بيويفا. كان فريقنا جيدا للحقيقة، وكنا متجمعين لمواجهة اتحاد الدول السوفيتية السابقة الذي كان يستعد للبطولة. لم يأخذوننا من إجازاتنا على الشاطئ كما تردد".

بحسب فيلفورت، لم تملك الدنمارك شيئا لتخسره. "لو كنا خسرنا 3 مرات 5-0 في الدور الأول، لما لامنا أحد".

المنتخب الدنماركي الذي توجه للجارة السويدية لم يكن ضعيفا. قلب الفريق كان مكونا من لاعبي بروندبي الذين وصلوا لنصف نهائي كأس يويفا قبل عام، وربما لو لم تكن يوغوسلافيا في المجموعة ضدهم، لتأهلوا أوتوماتيكيا للبطولة.

مع عودة بريان لاودروب، زادت قوة المنتخب.

المأساة في قلب القصة الساحرة

النتائج في الدور الأول لم تكن مشجعة. تعادل سلبي مع إنجلترا، ثم خسارة من السويد مستضيفة البطولة، ولكن فوز مفاجئ على فرنسا بقيادة جان بيير بابان وإريك كانتونا 2-1 في الجولة الثالثة، أهلت الدنمارك لنصف النهائي.

مباراة لم يلعبها فيلفورت، لأن في تلك الأثناء كان بجوار ابنته التي كانت تحارب سرطان الدم، أو اللوكيميا.

قرار فيلفورت كان واضحا. لن يعود للسويد وسيبقى مع زوجته وابنته. الفريق فاز بدونه، وبديله هنريك لارسن (الدنماركي، وليس السويدي)، سجل الهدف الأول ضد فرنسا.

ولكن أسرة فيلفورت طلبت منه العودة لمواجهة هولندا في نصف النهائي والعودة – بعد الهزيمة المتوقعة أمام الطواحين.

"لقد كانت أفضل مباراة لعبتها"، هكذا يصف فيلفورت أداءه ضد هولندا.

How a Danish fairytale destroyed Netherlands' Euro 1992 dreams | Goal.com

فيلفورت، رفقة لارسن، كانا فقط اللاعبين الهجوميين في تشكيل الدنمارك ضد العمالقة روود خوليت وفرانك ريكارد والشاب الواعد دينيس بيركامب. لارسن تألق وسجل هدفين، ومرت الدنمارك للنهائي بعد الفوز بركلات الترجيح بعد التعادل 2-2، ليعود فيلفورت للدنمارك من أجل نجلته.

ولكن "ليني" ابنة فيلفورت، هي من طلبت منه العودة للسويد للمشاركة في أهم لحظة لبلادها كرويا، ولم يرفض فيلفورت طلب نجلته الشجاع لينضم للفريق ليلة مواجهة الألمان أبطال العالم، والمدعمين بلاعبين من الشرق المنضم للغرب قبل البطولة.

ألمانيا دخلت المواجهة – شبه المضمونة لصالحها – بشكل هجومي للغاية. تسديدة قوية من شتيفن إيفنبرج احتاجت لتصدي رائع من بيتر شمايكل.

ولكن بعد 19 دقيقة، سدد جون جينسن صاروخا من على حافة منطقة الجزاء ليعلن تقدم الدنمارك عكس سير اللقاء.

حاول ماتياس سامر التعديل بتسديدة جديدة لكن شمايكل كان في الموعد، وفي الشوط الثاني حاول كلينسمان برأسية لكن شمايكل مرة أخرى أنهى آماله في نيل التعادل.

قبل 12 دقيقة من النهاية.. الكرة تصل للاعب الوسط المهاجم كيم فيلفورت في ظهور نادر بمنطقة جزاء ألمانيا. استلم ودار وواجه المرمى الألماني وسدد معلنا يوفوريا دنماركية لم تتكرر عبر التاريخ.

المأساة، كانت وفاة ليني عقب البطولة، ولكنها كانت قد رأت أبيها محمولا على الأعناق كبطل شعبي لبلاده.

دليل براءة الجوهري

الدقائق الأخيرة من مباراة الدنمارك وألمانيا، شهدت استغلالا كاملا من رفقاء شمايكل لقاعدة استطاعة الحارس الإمساك بالكرة حال تمريرها له من مدافع. كانت تلك المباراة هي الأخيرة التي طُبق فيها هذا القانون، قبل تغييره بمنع الحارس من الإمساك بالكرة.

بعض التقارير، تقول إن تلك المباراة كانت الدافع الرئيسي خلف تغيير القانون، وليس ما قدمه منتخب مصر بقيادة الجوهري في كأس العالم 1990، والكرات المتبادلة بين هاني رمزي وأحمد شوبير لتمرير الوقت.

التعليقات