زيدان الذي لا نعرفه

الإثنين، 31 مايو 2021 - 17:39

كتب : أمير عبد الحليم

زيدان الذي لا نعرفه

على مدار الموسم، أظهر زين الدين زيدان 3 مواقف لم تكن يوما من شخصيته التي عرفناها، كان زيدان مختلفا.. كان زيدان الذي لا نعرفه.

الرحيل بعد موسم صفري لم يكن كافيا لزيدان لوضع نهاية حزينة لولايته الثانية في ريال مدريد، وأضاف دراما بخطاب انتقد فيه الجميع باستناء الجماهير واللاعبين.

وربما هذا الشيء الوحيد الذي نعرفه في هذه النسخة من زيدان، الرجل الذي لم ينتقد لاعبيه يوما بعد أي خسارة وكان يُصرح دائما "لا أشعر بالقلق وأثق في اللاعبين".

لنبدأ من النهاية.

لم يحافظ زيدان المدرب الذي دائما كان يوصف بالهدوء على هدوئه، وأصدر بيانا لتوضيح أسباب رحيله عن ريال مدريد.

هو نفس المدرب الذي رحل بعد التتويج بثلاث كؤوس دوري أبطال متتالية دون أن يكشف الأسباب الحقيقية لترك هذا المنصب المرموق.

رحل زيدان وعاد لإنقاذ ناديه بعدما أغرقت اختيارات الإدارة الفريق، دون حتى أن يكشف عن السبب الحقيقي لإنهاء ولايته الأولى.

لكن زيدان المختلف لم يسكت هذه المرة، ويبدو أنه وصل لأقصى ما يمكن الوصول له من القدرة على الصبر.

وقال: "أرحل، ولست أهرب، أو تعبت من التدريب. في مايو 2018 رحلت لأنه بعد عامين ونصف، بعد انتصارات وتتويجات عديدة، شعرت أن الفريق بحاجة للتجديد ليبقى في أعلى مستوى. الآن، اختلف الأمر. أرحل لأني أشعر أن النادي لم يعد مؤمنا بي، أو يمنحني الدعم لأبني شيئا على المدى القريب أو البعيد".

ورغم التتويج بثنائية الدوري والسوبر الموسم الماضي، عاش زيدان القلق على منصبه مع أن الفريق لم يتم دعمه بأي صفقات وعانى من أكثر من 60 إصابة على مدار الموسم الغريب.

لم يعتمد على قائده سيرخيو راموس على سبيل المثال سوى في 21 مباراة، نفس عدد المباريات التي وجد فيها إدين هازارد لائقا للمشاركة.

وجه آخر لا نعرفه أظهره زيدان عندما انفجر في مؤتمر صحفي قبل مباراة ريال مدريد وويسكا في فبراير الماضي، وكان على غير عادته غاضبا وعنيفا في رده على الصحفي فيرناندو بورجوس.

كانت تقارير رحيل زيدان والتكهن بخليفته تخرج يوميا خلال هذه الفترة التي شهدت هزائم كأسي السوبر والملك ومن ليفانتي في الليجا.

زيدان دائما كان يؤكد على إدراكه أن صاحب منصب مدرب ريال مدريد مهدد بسبب التطلعات الكبيرة من الجميع حول النادي، ولا يضيق ذرعا بتقارير رحيله التي كانت تنتشر عقب كل تعثر منذ الولاية الأولى.

لكن زيدان الذي كان عائدا من فترة العزل بعد تعافيه من فيروس كورونا، انفجر في وجه بورجوس المعتاد على هذه المواقف لكن من مدربين ليسوا من طينة زيدان.

عاش هذا الموقف من قبل عندما كان جوزيه مورينيو مدربا لريال مدريد، لكن مع زيدان الهادئ؟

على غير العادة، كان زيدان منتظرا لسؤاله وحضر له ردا بالفعل، وقال له: "دعونا نعمل، ريال مدريد هو بطل دوري العام الماضي، من حقنا أن نقاتل على الدوري هذا الموسم، وفي الموسم المقبل سيكون علينا القيام ببعض التعديلات".

وأكمل غاضبا "اتركونا نقاتل، بحق الدوري الذي ربحناه العام الماضي، لقد فزنا العام الماضي وليس منذ 10 أعوام، العام الماضي، احترموا ذلك قليلا، أنتم تضحكونني، طالبوا بتغييري في وجهي وليس من ظهري فقط".

زيدان كان على موعد مع صدام جديد مع بورجوس قبل نهاية الموسم، عندما أظهر غضبه من التقارير التي انتشرت عن إخبار لاعبيه بقرار رحيله خلال مراحل حسم الليجا.

واليوم، عاد زيدان مجددا للحديث عن المضايقات الصحفية التي تعرض لها في خطابه.

وقال زيدان: "أود انتهاز الفرصة لأبعث برسالة للصحفيين. أجريت مئات المؤتمرات الصحفية ولسوء الحظ تكلمت قليلا عن كرة القدم، أعرف أنكم تحبون الكرة، هذه الرياضة التي تجمعنا. رغم ذلك، دون انتقاد أو تلقين، لوودت أن تكون الأسئلة لا تتعلق دائما بالأمور الجدلية، لكنا تحدثنا عن الكرة وقبل كل شيء اللاعبين، الذين سيبقون دائما أهم شيء في هذه الرياضة. دعونا لا ننسى كرة القدم، فلنهتم بها".

وجه آخر غريب على زيدان أظهره بعد مباراة إشبيلية في الجولة الـ35 من الليجا، وهي المباراة التي تلت تعادل برشلونة وأتليتكو مدريد واحتاج ريال مدريد الفوز فيها ليتصدر المسابقة.

تراجع الحكم عن احتساب ركلة جزاء لكريم بنزيمة وعاد لـ VAR واحتسب ركلة جزاء لإشبيلية بسبب لمسة يد على إيدر ميليتاو في نفس اللعبة.

وبسبب هذا القرار، انتظر ريال مدريد للدقيقة 4+90 ليتعادل بصعوبة ويفشل في التتويج بالليجا رغم انتصاره في الثلاث مباريات التالية.

زيدان الهادئ في تصريحاته عن قرارات التحكيم، انفجر غاضبا عقب المباراة لأول مرة في مسيرته التدريبية.

وقال: "أنا غاضب للغاية، عليهم أن يشرحوا لي قوانين ركلات الجزاء".

هذا نفس زيدان الذي انتقد رونالد كومان مدرب برشلونة مرتين خلال نفس الموسم بعد فوز ريال مدريد بمباراتي كلاسيكو الليجا بسبب الحديث عن التحكيم.

لم يكن الموقف الجدلي التحكيمي الوحيد الذي عاشه ريال مدريد هذا الموسم، لكن زيدان الذي كان يتجنب الرد على أسئلة الصحفيين بشأن على أداء التحكيم يبدو أنه كان قد قرر الرحيل فعلا وأراد ترك انطباعات مختلفة عنه قبل الوداع.

ألقى زيدان برسالته الوداعية حجرا في المياه الراكدة، ولا يوجد وصف لها أفضل مما كتبه الصحفي راؤول فاريلا في صحيفة "ماركا": "يكتب زيدان هذه الرسالة بابتسامة حادة مثل السكين الذي يستخدمه لطعن ريال مدريد وخاصة رئيسه وصديقه فلورنتينو بيريز في ظهره".

بيريز الذي ظهر في الإعلام قبل نهاية الموسم للتسويق لفكرة السوبر الأوروبي، قد يضطر للظهور مجددا خلال هذه الأيام للتعليق على رسالة زيدان.

قد يكتفي بالهجوم القاسي الذي شنه جوسيب بيدريرول مقدم برنامج التشيرنجيتو على زيدان ودفاعه عن بيريز، ولكن في كل الأحوال قد لا تُنسى رسالة زيدان سريعا إلا بثورة لإصلاح قوام الفريق المتهالك.

زيدان الذي نعرفه يمتلك حاسة إضافية ميزته كلاعب وجعلت أصابعه تلامس المجد، لم تفارقه هذه الحاسة بعدما أصبح مدربا بل زاد التأكد من أن زيدان يرى أشياء قبل حدوثها.

"كنت أرى الأشياء قبل غيري وأسرع من المدافعين، كنت أفهم كيف يفكر المدافعون على أي حال".

هذه الحاسة التي قال عنها من قبل إنه كانت تساعده على أن يكون أسرع من تفكير المدافعين، حافظ عليها كمدرب في اختياراته وقراراته التي قادته لإنجازات فريدة تجعله المدرب الأفضل في تاريخ ريال مدريد.

وربما هي التي دلته على الرحيل عن ريال مدريد بعد أيام من إضافة نجمة دوري الأبطال الثالث لتاجه، وهي نفسها التي طلبت منه العودة ليقود الفريق للتتويج بالليجا.

لكن لو هي التي قادته لاختيار الرحيل الآن، فهذا يعني أن هناك ما هو أسوأ لريال مدريد!

التعليقات