تحليل في الجول - هل يمكننا منح ماركينيوس عباءة مثل سوبرمان

الثلاثاء، 04 مايو 2021 - 12:18

كتب : عمر مختار

ماركينيوس

منذ فترة كنت جالسًا في أحد المقاهي، أقرأ كتابًا في علم النفس يتحدث عن سلوك الأفراد ودوافعهم الشخصية في المواقف المختلفة، في تلك اللحظة سمعت محادثة.

ماركينيوس

النادي : باريس سان جيرمان

"هل يمكنني إحضار الأطفال إلى عالم بهذه القسوة؟" سأل زوج زوجته.

قلت لنفسي تلقائيًا، "في عالم به ماركينيوس؟ نعم، نعم، يمكنك ذلك".

في ذلك الوقت كنت أنظر أيضًا إلى كتابات مارك وايد حول دوافع سوبرمان، آخر أبناء كريبتون، وقد ارتبط الأمر بالكتاب وسؤال الزوج!

"على الرغم من أن أصوله خارج كوكب الأرض، فمن العدل أن نفترض بأن كال إل يشعر بالحاجة للمجتمع الذي يتشاركه جميع البشر من حوله ؛ إذا لم يكن الأمر كذلك، فمن المرجح أنه لن يكلف نفسه عناء العمل من التاسعة إلى الخامسة في متروبوليس كونه كلارك كينت، وسيحلق بمجرد أن يشعر بالملل لاستكشاف النظام الشمسي والمجرات الاكبر."

على عكس التسعينيات، فلاعبو كرة القدم اليوم هم رياضيون الهيئة، عندما يتمكن لاعب خط الوسط العادي من تغطية ما يزيد عن 14 كيلومترًا في سباقات السرعة في تسعين دقيقة، سيكون من المعقول أن نقترح أن كرة القدم جاهزة للقفزة التطورية التالية.

سيكون هناك متسع لجيل جديد من لاعبي كرة القدم المطيعين والأذكياء، تخيل كرة القدم كمسلسل يتكون من عدة حلقات، ويتفكك عندما تكثُر الفواصل بينهم، لن يبرز اللاعبون مثل الفواصل التي لا طائل من ورائها، مما يقيد استمتاعك بمشاهدة المسلسل، لكن إذا قلت الفواصل، ستكون اللعبة أسهل في المتابعة، وسيساعد ذلك أيضًا علي جذب معجبين جدد.

منذ سنوات لم أري جديدًا يحدث في كرة القدم لدرجة أن الرياضة أصبحت تخطو على أصابع قدميها مثل كبار الكهنة، استنتج مشرعو اللعبة أهميتها من الهواء الخفيف الذي ملأ حانة في لندن في القرن التاسع عشر، مع الاحترام الواجب، كان هؤلاء نفس السادة ذوي الرؤية البعيدة الذين اعتبروا الاحتراف في الرياضة أمرًا مستحيلًا.

حاول أن تقضي خمسة وعشرون عامًا من حياتك في التأكد من شيء ما لتكتشف فقط أن الشركة التي تحتفظ بها، والوظيفة التي تشغلها هي روتين يومي مزعج، كيف قرر مدرس كيمياء أصلع في ليلة وضحاها أن يصنع الميثامفيتامين، كيف قرر شاب يعاني من الأرق في إحدي ليالي الصيف إختراق قاعدة بيانات جامعته؟ وذلك بغرض أخذ بعض الصور الخاصة بالطلبة، ووضعها على موقع للمقارنة بين صورتين والتصويت أيهما أجمل، ليستنتج من تلك التجربة ملاحظة هامة وهي التي جعلته يمضي في تطبيق فكرة "فيسبوك" بعد ذلك، إذن، ما الذي يمنع حدوث ذلك في كرة القدم؟

وصفه المدير الفني السابق لباريس سان جيرمان، توماس توخيل بأنه "مذهل"، ويثق به زملائه في الفريق كممثل لهم عند الحديث مع مجلس الإدارة، لا يزال والداه يناديانه باسم "موكوتي"، ولكن داخل غرفة الملابس، أصبح معروفًا باسم القيصر فرانز، في إشارة إلى الأسطورة الألمانية فرانز بيكنباور، معظم الناس لا يصدقون أنه يبلغ من العمر فقط 26 عامًا.

بدأ الأمر بإنشاء شخص يُدعي ماركوس أوس لقناة علي يوتيوب " golwin marketingesportivo"، قناة بها 327 مشتركًا، ومعظم مقاطع الفيديو فيها تحصل على أقل من 2000 مشاهدة، لذلك قد لا تلتفت لها علي الإطلاق حتي إذا وجدتها بالصدفة أمامك، القناة تعتبر جزءًا من شركة تسويق رياضية صغيرة في البرازيل تم إطلاقها في النصف الثاني من عام 2010، مسجلة بإسم ابنة ماركوس "رياما" لإنتاج مقاطع لمباريات كرة القدم للشباب.

بعد بضعة أشهر من إنشاء القناة، تمكنت مجموعة أوس من تصوير مباراة بين كورينثيانز وبرشلونة في بطولة تحت 17 عامًا تسمى أبطال المستقبل، كان برشلونة يضم جيرارد ديولوفو وماورو إيكاردي في صفوفهم، لكن في ذلك اليوم سحقهم البرازيليون برباعية نظيفة، اختتم ماركينيوس فوز كورينتيانز بالهدف الأكثر روعة في مسيرته، بعد أن شاهد الحارس بعيدًا عن مرماه، سدد ماركينيوس من منتصف ملعبه كرة مرت في الشباك.

في نفس المسابقة التي أقيمت في ديسمبر 2010 في بيلو هوريزونتي، تألق ماركينيوس أمام باريس سان جيرمان وزميله السابق أدريان رابيو وكان أيضًا مثيرًا للإعجاب أمام إيفرتون، لذلك تمت دعوته فورًا لأول مرة للعب مع منتخب البرازيل تحت 17 عامًا بعد أن شاهده إيمرسون أفيلا مدرب الفريق الذي كان موجودًا في المدرجات.

يقوم رودريجو ليتاو، مدربه في كورينتيانز أثناء ذلك الوقت ضاحكًا: "كلما دعيت لإلقاء محاضرة، فإن هذا العرض الذي قدمه أمام برشلونة هو الذي أستمتع بالحديث عنه، كان ماركينيوس مذهلاً في ذلك اليوم، ليس فقط من الناحية الدفاعية، ولكن أيضًا في إدارة الأشياء على أرض الملعب".

كما يتذكر أفيلا تلك الأحداث قائلاً "كان لدى إيفرتون بعض المهاجمين الأقوياء وقد أرسلوا الكثير من الكرات في منطقة الجزاء لكن لم يكونوا قادرين على التغلب على ماركينيوس في الهواء، ولا مرة واحدة، لقد كان رائعًا في تلك المباراة".

"إنه موهوب تقنيًا، ويقرأ المباراة بشكل أفضل من المدافعين الأكثر خبرة ويصل دائمًا إلى الكرة ثانية واحدة قبل المهاجمين، بطريقة ما ، يمكن وصفه بأنه سيد الاعتراض، خارج الملعب، إنه أيضًا رجل رائع ومبهج دائمًا. لم يكن لدي أدنى شك في إعطائه شارة الكابتن".

إذا كنت سترسم مخططًا نموذجيًا لقلب الدفاع في كرة القدم الحديثة، فمن المحتمل أن تكون السمات البارزة هي القوة، السرعة، القدرة الدقيقة على التمرير العمودي والقطري، القيادة والتوقيت المناسب للتدخل، أو يمكنك ببساطة ذكر ماركينيوس الذي يتمتع بتركيب قلب الدفاع المثالي في العصر الحديث.

ليس هناك شك في أن جزءًا كبيرًا من سبب وصول باريس سان جيرمان لنهائي دوري أبطال أوروبا العام الماضي ونصف نهائي المسابقة هذا العام كان بسبب ماركينيوس، فثباته في الخط الخلفي للفريق الفرنسي أعاد تمامًا تغيير أي معايير دفاعية سابقة.

أسهل شيء بالنسبة لقلب الدفاع هو الجلوس والدفاع وسط مجموعة تدافع بكتل عميقة في مساحات ضيقة، لكن اسلوب باريس سان جيرمان والمنتخب البرازيلي يتطلب ضغطًا استباقيًا للأمام، كان على ماركينيوس، الذي لم يستمتع أبدًا برفاهية التدريب من الدرجة الأولى، أن يكتسب ذلك.

خصائص ماركينيوس تلائم أي نوع من الدفاع دون أي انخفاض في الإنتاج أو الجودة، بصفته مدافعًا مركزيًا، تتمثل وظيفته كجزء من الفريق في منع الخصم من خلق فرص عالية الجودة لتسجيل الأهداف.

يعتمد اسلوب باريس سان جيرمان علي التحكم في المباراة، حيث يتطلعون للسيطرة دائمًا على الكرة، وبالتالي يصعب على الخصم خلق فرص هجومية.

على الرغم من ذلك، فإن الجانب الآخر من هذا التحكم هو أنه في كثير من الأحيان عندما يمكن للخصم الانتقال بسرعة من الدفاع إلي الهجوم، سيترك مدافعي باريس يحاولون الدفاع عن مرماهم في مساحة كبيرة.

الدفاع في المساحة وقراءة اللعب

لحسن الحظ بالنسبة لماركينيوس، فإن هذا يكمن في صالحه كمدافع، قوته وسرعته يجعلان من الصعب جدًا على مهاجمي الخصم إحداث الفارق، كما أنه يقرأ اللعب جيدًا بشكل لا يصدق.

لا يقتصر الأمر على قراءة المدافع البرازيلي للحركة فحسب، بل إنه سريع بما يكفي للتعامل مع مختلف المواقف والفوز بالكرة هناك، يتحكم ماركينيوس في نصف ملعبه بالكامل بقدرته على التحرك بسرعة وتغطية المساحة بمفرده.

قام ماركينيوس بالضغط 10 مرات لكل 90 دقيقة، 3.88 مرة الثلث الدفاعي، 4.76 في الثلث الأوسط و1.36 في الثلث الهجومي، قام بـ 2.05 حجز لكل 90 دقيقة منها 0.76 للتسديدة و 1.29 للتمريرة، قام بتشتيت الكرة 4.13 مرة لكل 90 دقيقة، وقد قام بـ 0.06 خطأ أدي إلي تسديد الخصم للكرة.

في البداية، يحمل لاعب الخصم الكرة لكن ماركينيوس لا يمكنه الاشتباك لأنه يتعين عليه تغطية المهاجم الثاني في جانبه الأعمى، لكن مع تطور زمن الهجمة، ومع تحرك حامل الكرة لتهديد منطقة الجزاء، نرى أن ماركينيوس يختار وقتًا مناسبًا للصعود والفوز بالكرة بطريقة نظيفة.

يستخدم ماركينيوس سرعته بشكل جيد للغاية للدفاع في المساحة عندما يجد نفسه آخر رجل.

نرى هذه القدرات على قراءة اللعب في المثال القادم.

الدفاع في كتل متوسطة وعميقة

إذا أراد فريق الدفاع بكتلة عالية بإستخدام الإستحواذ وتدوير الكرة، فسيكون ماركينيوس هو الشخص المناسب دفاعيًا، وإذا أراد الفريق الدفاع بكتلة عميقة أو متوسطة ولعب كرة القدم الطويلة والمباشرة، فسيكون ماركينيوس أيضًا مناسبًا.

فاز ماركينيوس بـ 2.43 صراع هوائي، بنسبة 59.7% لكل 90 دقيقة، اعترض الكرة 1.32، قام بـ 1.36 تدخل (منهم 0.85 تدخل صحيح) واسترجع الكرة 9.15 مرة لكل 90 دقيقة، لم يرتكب أي خطأ أدي إلي هدف، لم يتسبب في أي ركلة جزاء علي فريقه ولم يسجل أي هدف في مرماه، حصل علي إنذارين فقط خلال هذا الموسم.

طبيعة ماركينيوس الإستباقية تجعله خيار مناسب عندما يفقد الفريق الكرة، القراءة التي يتمتع بها لمسار اللعب تجعله يتحكم في الزمان والمكان، سوف تجده في المكان المناسب والوقت المناسب، هذا ليس شيئًا سهلاً علي الإطلاق، بل يحتاج إلي وعي كبير لأن أي تقدم أو تأخر عن التوقيت المناسب سيضر المجموعة بأكملها، لكن ماركينيوس لا يقع في ذلك الفخ أبدًا.

لا يوجد شيء لا يستطيع فعله في المرحلة الدفاعية، في الواقع ، يمكنه أن يشارك في مركز الظهير الأيمن أو يلعب دور الرقم 6 في خط الوسط وسيكون مثيرًا للإعجاب.

تمريرات طويلة دقيقة

كما ذكرت قبل قليل، يتطلع باريس سان جيرمان والمنتخب البرازيلي للسيطرة على الكرة واللعب إلي الأمام دائمًا.

نتيجة لذلك، يجب أن يكون قلب الدفاع في هذا النظام قادرًا على استخدام قدمه بشكل فعال لأنه دائمًا ما يكون لديه مساحة ووقت عند الإستحواذ في المرحلة الهجومية.

ماركينيوس موزع رائع للكرة، بقدمه اليمنى يمكنه التوزيع في جميع مناطق الملعب بدقة عالية، كما أنه يبحث بإستمرار عن فرص للتمرير عموديًا ومساعدة فريقه على التقدم إلى نصف ملعب الخصم.

يتمتع ماركينيوس بالقدرة على إسقاط التمريرة في المساحة خلف الخط الدفاعي الذي يمنع حارس المرمى من الخروج والاستيلاء على الكرة.

يستطيع ماركينيوس أمام الفرق التي تكون سعيدة بالجلوس بعمق لتجبر خصمها على محاولة اختراق حاجز الدفاع إيجاد مساحة على جانبي الكتلة الدفاعية، هذه التمريرات تجبر الخصم على التكيف والخروج للأطراف وهذا بدوره يخلق مساحة في وسط الكتلة يمكن استغلالها.

بناء اللعب من الخلف

فضلًا عن كونه موزعًا بارعًا للكرة، يمثل ماركينيوس أيضًا تهديدًا للخصم عند خروجه من الخط الدفاعي لبناء اللعب.

إن وجود مدافعين قادرين على المراوغة أثناء الاستحواذ هو أمر فعال للغاية لأنه يجبر لاعبي الخصم على كسر حاجزهم الدفاعي ويزيد من محفزات الضغط لديهم للفوز بالكرة.

سيؤدي ذلك إلى إنشاء مساحات خلف ذلك اللاعب الضاغط يمكن للفريق المهاجم الاستفادة منها والعثور على زميل في الفريق يستحوذ على الكرة.

قام بـ 68.55 محاولة تمرير منها 62.65 تمريرة صحيحة بمعدل إتمام تمريرات ناجحة بنسبة 91.4 % (94.9 % تمريرات قصيرة، 95% تمريرات متوسطة و78% تمريرات طويلة)، 6.47 تمريرة لكل 90 دقيقة تحت الضغط، تمريرات تقدمية أكثر 3.94 تمريرة لكل 90 دقيقة، تمريرات إلي الثلث الأخير 5.24 تمريرة لكل 90 دقيقة، و1.61 تمريرة لتبديل جهة اللعب لكل 90 دقيقة ( تمريرة تعبر أكثر من 40 ياردة عبر أطراف الملعب).

يتمتع ماركينيوس بثقة كبيرة عند الاستحواذ ويشعر بالراحة عند امتلاكه للكرة تحت ضغط الخصم.

لمس الكرة 78.71 مرة لكل 90 دقيقة، 9.97 في منطقة جزاء فريقه، 35.93 في الثلث الدفاعي، 43.31 في الثلث الأوسط، 4.64 في الثلث الهجومي و1.01 في منطقة جزاء الخصم، حمل الكرة بقدمه 51.92 مرة لكل دقيقة، قطع مسافة متقدمة 153.53 ياردة، حمل الكرة للأمام 3.56 مرة و0.47 مرة للثلث الأخير.

حتي عندما يمرر للظهير الأيمن بصفته يميل للعب كقلب دفاع في الجانب الأيمن، فإنه يمرر الكرة بقوة وسرعة مناسبة علي الطرف تجعل الظهير مستعدًا للركض فقط لصنع مواقف 2 ضد 1 أمام الخصم، لا يمرر ماركينيوس هذه الكرات أبدًا إلا عندما يجد مساحة مناسبة تركها جناح الخصم خلفه، هو ذكي جدًا فيما يتعلق بهذه الألعاب.

سجل 0.22 هدف لكل 90 دقيقة (0.73 تسديدة منها 0.41 علي المرمي)، كما أن أرقامه في (Shot- Creating Actions) مذهلة، وهي الأفعال التي تؤدي إلي تسديدات مثل التمريرات أو المرواغات أو الحصول علي ضربات حرة مباشرة، حصل ماركينيوس علي 0.6 لكل دقيقة و 0.16 (Goal- Crating Actions) الأفعال التي تؤدي إلي أهداف.

هل هناك أي شك في أن ماركينيوس هو أحد أفضل المدافعين في كرة القدم العالمية حاليًا؟

سأقوم بتغيير القواعد هذه المرة، تشبه قوة ماركينيوس بشكل حتمي قوة سوبرمان، دائمًا ما شعرت بأنه يلعب كأنه يعرف ذلك، إنه يتحرك مثل العاصفة، يطير في الهواء، ويخلق فراغًا صامتًا لم يكن موجودًا منذ لحظات، كلما كبرت العاصفة من حوله، كان أكثر هدوءًا.

إذا كان S هو رمزًا للأمل في كريبتون، فإن ماركينيوس يجسد الأمل في تطلعاتي لتغيير المستقبل، فقط امنحه عباءة مثل سوبرمان، حتى يتمكن الأطفال الذين يشاهدون كرة القدم من التعرف عليه والتطلع إلي التميز في العالم الآخر، امنحه عباءة لأن جميع زملائه في الفريق سيخبرونك أنه يستحق ذلك لأنه مختلف وليس مجرد ملهم.

التعليقات