بين أنتوني هوبكنز وريان جوسلينج.. هل هناك أسباب تجعلك تتطلع بحماس إلى توهج ليفربول مستقبلا؟

الثلاثاء، 30 مارس 2021 - 22:50

كتب : عمر مختار

ليفربول وأنتوني هوبكنز

بعد 30 عاما من الغياب، عاد ليفربول للتتويج بالدوري الإنجليزي. لقب هو الأول للحٌمر في حقبة بريمرليج بمسماه الجديد تاريخيا. أمر أدى لتضخيم كبير حول ذلك التتويج وسيستمر.

ذلك التضخيم جاء لأن أنفيلد هو موطن لمشجعين مميزين يعرفون كرة القدم أفضل من غيرهم ممن يشجعون أندية اخري، لأنه لا يوجد نادٍ آخر لديه مشجعين أو تاريخ عريق، عالم أصبح فيه مايكل أوين فجأة من مشجعي الريدز مرة أخرى ويعتقد أن أفضل شئ حققه أتليتكو مدريد هو الفوز هناك.

وبشئ من السخرية، أجد نفسي أتسائل: هل كان هذا جيدًا بالفعل لليفربول؟ قد يكون هذا الأمر غريبًا ولكن هل هم كذلك؟

هل سبق لأحدكم أن شاهد فيلم “Fracture”من بطولة أنتوني هوبكنز وريان جوسلينج؟ إذا كانت الإجابة نعم، فانتم تعرفون بالفعل أن الأمر لا يتعلق بنص مكتوب بشكل مثالي أو مواقف يمكن الدفاع عنها بل في كيف كان يبحث عن الثغرات في القضايا.

هذا بالظبط ما سنستعرضه بعد قليل، فاز ليفربول بالبريميرليج وقد حصل على الثناء اللازم، ومع ذلك، هل هناك أسباب تجعلك تتطلع بحماس إلى توهجهم مستقبلا؟ هل هناك احتمال أن يسقط كل ذلك؟

لنلقي نظرة سريعة على جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الموسم الماضي، هناك ليفربول المتصدر برصيد 99 نقطة، بفارق 18 كاملة عن مانشستر سيتي، ليس لديك شك في هيمنتهم؟

سأقوم بالتدقيق واستخدام البيانات للإجابة علي هذه التساؤلات، لذا هيا بنا نبدأ.

شغلت تقنية "VAR" معظم المناقشات المتعلقة بالتحديثات الأخيرة لعالم كرة القدم، لكن الأهداف المتوقعة (Expected Goals) بالنسبة لي كانت طريقة أكثر تشويقًا لإلقاء الضوء على اللعبة، حيث يتم إعطاء كل فرصة لتحقيق الهدف قيمة عددية بين 0-1، هذا القيمة تعكس مدى صعوبة أو سهولة هذه الفرصة، الفرصة xG 0.5 تعني أنه هناك احتمالية 50٪ لتحويل الفرصة إلي هدف، الفرصة 0.9 نسبتها 90٪ وهكذا، كلما اقتربت من المرمي، كلما كانت التسديدة أسهل كلما ارتفعت قيمة xG.

إذا فكرت في الأمر، فهذه فرصة لإحداث ثورة في الطريقة التي ننظر بها إلى كرة القدم، بدلاً من مجرد قياس جودة المهاجم من خلال الأهداف التي يسجلها، يمكننا إلقاء نظرة على الاهداف المتوقعة لديه، هل يتطابق عدد تسجيله للأهداف مع عدد الاهداف المتوقع تسجيلها أم أنه يتجاوزها أو يقل عنها؟ نفس المبدأ ينطبق على الدفاع.

لنفترض أن الفريق استقبل الكثير من التسديدات على المرمى، فقد نميل إلى الاعتقاد بأن دفاعهم كان ضعيفًا، ومع ذلك، ربما يستخدمون دفاع متأخر، ونتيجة لذلك، يستقبلون الكثير من التسديدات من مسافات بعيدة والتي تُحسب على أنها تسديدة على المرمى ولكن لديها نسبة أهداف متوقعة قليلة، هذا من شأنه أن يمنح الفريق قيمة منخفضة ضده ويعكس بشكل أكثر دقة مدى جودة دفاعه.

إذا تمكنا من حساب عدد الأهداف المتوقعة مقابل عدد الأهداف المتوقع استقبالها لكلا الفريقين أثناء المباراة، فيمكننا عند إذن حساب النتيجة التي كان يجب رؤيتها إحصائيًا.

على سبيل المثال، بدأ ليفربول الموسم الماضي بسحق نورويتش سيتي الصاعد حديثًا برباعية مقابل هدف، وكان عدد الأهداف المتوقع لكلا الفريقين 2.23 لليفربول و 0.43 لنورويتش سيتي، بناء عليه فقد سجل كلا الفريقين أهدافا أكثر من المتوقع لكن النتيجة تظل فوز ليفربول.

فاز ليفربول في مباراته الثانية خارج أرضه علي ساوثامبتون بهدفين لهدف، كان عدد الأهداف المتوقع لكلا الفريقين 2.14 لساوثامبتون و 1.52 لـ ليفربول. وفقًا لذلك، لم يكن ينبغي فوز ليفربول بهذه المباراة.

فاز ليفربول في أول خمس مباريات له في الدوري وقد حققوا فوزهم السادس على التوالي خارج ملعبه أمام تشيلسي على ملعب ستامفورد بريدج بهدفين لهدف، كان عدد الأهداف المتوقع لكلا الفريقين 1.23 تشيلسي 1.03 لـ ليفربول.

في نوفمبر 2019، ظهر ليفربول بالفعل كبطل محتمل للمسابقة بعد فوزه علي ملعبه أنفيلد بثلاثة أهداف مقابل هدف على حامل اللقب مانشستر سيتي، كان عدد الأهداف المتوقع لكلا الفريقين 1.33 لمانشستر سيتي 1.48 لـ ليفربول، فوز اخر لم يكن ينبغي علي ليفربول تحقيقه.

من خلال حساب الأهداف المتوقعة لكل مباراة، يمكننا بعد ذلك حساب النقاط المتوقعة (EP) التي كان يجب على الفريق تحقيقها بناءً على الفرص التي كانوا يصنعونها ويستقبلونها خلال الموسم، وعند النظر إلى النقط المتوقعة لليفربول فإن النتيجة تروي قصة مثيرة للاهتمام.

إليك جدول ترتيب البريميرليج النهائي كما كان الموسم الماضي:

وهذا جدول ترتيب البريميرليج بناءًا علي النقاط المتوقعة:

تفوق ليفربول علي عدد النقاط المتوقع إحرازها بمقدار 24.72 نقطة، لقد سجلوا 9.81 هدفًا أكثر من المتوقع واستقبلوا 6.57 هدفًا أقل من المتوقع، بناء علي ذلك كان ينبغي أن يحتل الفريق المركز الثاني، بفارق 12 نقطة خلف مانشستر سيتي، نقطة فوق تشيلسي الثالث و4 نقاط فوق مانشستر يونايتد في المركز الرابع.

من الواضح أن هناك بعض التناقض بين المتوقع والحقيقة وأن هناك فرق تفوقت علي الإحصائية المتوقعة بشكل مبالغ فيه، لذلك هذا الجدول يوضح الفرق الخمسة الأوائل المتوفقة علي الإحصائيات المتوقعة في البريميرليج الموسم الماضي.

تفوق ليفربول بشكل واضح على أي نادٍ آخر وقدد حقق ضعف رقم نيوكاسل يونايتد الذي جاء في المركز الثاني، ورغم تقديم ستيف بروس عمل جيد في نيوكاسل يونايتد ولكن بناءً على الأهداف المتوقعة كان ينبغي أن يهبط فريقه في نهاية الموسم.

ربما سيقول البعض أن ما حدث مع ليفربول كان مجرد صدفة وأن الفريق كان في حالة توهج خلال الموسم الماضي، لذلك لنلقي نظرة على الموسم قبل الماضي، الموسم الذي خسر فيه ليفربول مرة واحدة فقط، وقد حصل على 97 نقطة احتل بها المركز الثاني، هذا جدول ترتيب البريمرليج عند نهاية الموسم:

وهذا جدول ترتيب البريميرليج بناءًا علي النقاط المتوقعة:

تفوق ليفربول مرة أخري على إحصائية النقاط المتوقعة بمقدار 13.55 نقطة مرة أخرى.

على مدار موسمين متتاليين، تفوق ليفربول علي إحصائية الأهداف المتوقعة بـ 38.72 نقطة، هذا العمل يستحق الإشادة بكل تأكيد ولكن هل سيستمر؟

كانت المرة التي فاز بها ليستر سيتي في عام 2016 خيالية ولن تتكرر، ومع ذلك، فقد تفوقوا علي إحصائية النقاط المتوقعة بمقدار 12.06 نقطة.

لماذا هذا التفوق؟ كيف أنهى ليفربول الدوري متقدمًا بفارق 18 نقطة على مانشستر سيتي بينما كان ينبغي أن يتأخر بفارق 12؟

من أصل 32 انتصارا حققهم ليفربول، فاز في 14 منهم (44.75٪) بهدف واحد.

بالمقارنة مع الموسم قبل الماضي، فقد حقق مانشستر سيتي الانتصار بهدف واحد في 9 مباريات فقط (28.125٪)، تفوق مانشستر سيتي على ليفربول بـ17 هدفًا واستقبل هدفين فقط اكثر منه، لكنهم خسروا 9 مباريات في حين خسر ليفربول 3 مباريات فقط، خمسة من تلك الهزائم كانت بهدف واحد فقط، هذه هي الأسرار وراء قصة الموسم الماضي.

لكن كيف تمكن ليفربول من التفوق علي الإحصائية المتوقعة؟ هذا هو السؤال الحقيقي الذي يحتاج إلى إجابة.

بالطبع لعب ليفربول بشكل جيد للغاية، لديهم أكبر عدد مرات الفوز بهدف واحد و أهداف مستقبلة متوقعة يدينون بها كثيرًا لحارس مرماهم أليسون بيكر أكثر من أي لاعب آخر، بالتأكيد، ليس أمرًا سيئًا أن يكون لديك حارس مرمى ممتاز، إنه أمر أساسي.

هناك الكثير من النقاش حول أسلوب لعب ليفربول والفطنة التكتيكية ليورجن كلوب، ربما يوضح لنا الأداء المفرط لليفربول خلال الموسمين الماضيين أن هذا ليس مكان قوته، بل يتعلق الأمر بحدة لاعبيه وكذلك اتخاذ القرارت داخل الملعب.

أظهر كلوب كيف أنه سيد إدارة المواقف والمباريات، كان فوز الفريق بدوري أبطال أوروبا في عام 2019 سببه الأساسي التركيز الذهني للاعبين في اللحظات الصعبة، صعدوا إلي دور الستة عشر بفضل الفوز بهف نظيف على نابولي النائم حيث تصدي أليسون لفرصة ميليك في الوقت المحتسب بدل الضائع.

خاض مباراة نصف نهائية قوية أمام برشلونة الذي كان يعاني من الضعف الذهني لدرجة أنهم كانوا قادرين على نسيان تقدمهم في الذهاب بثلاثية نظيفة، مواجهة نهائية أمام توتنام استمرت دقيقتين حتى احتسب الحكم ركلة جزاء، أداروا المباراة بذكاء حتي الدقائق الأخيرة وسجلوا هدفًا ثانيًا في وقت متأخر.

في الموسم الماضي، جلب كلوب شيئًا جديدًا إلي ليفربول، تسجيل هدف واحد ثم التحكم في المباراة، هذا من شأنه أن يضعه في قمة الجانب النفسي للعبة.

قام زين الدين زيدان بعمل الكثير مع ريال مدريد لمساعدتهم على إدارة المواقف شديدة الضغط وكذلك استخدام العواطف لتحقيق الفائدة، أولي جونار سولشاير في مانشستر يونايتد والآن أندريا بيرلو في يوفنتوس، كلها قواعد مبنية على المشاعر، ربما تتحدث مسيرتهم كلاعبين أكثر من خبراء تكتيكيين أمثال رافاييل بينيتيز أو ماوريسيو ساري، وهم مدربون ليس لديهم مسيرة لعب يمكن الحديث عنها، في لعبة ذات لحظات رفيعة المستوى ربما تحولت سيطرة كلوب علي المباراة إلى فن، ربما هذا هو المكان الذي يجب أن يحصل فيه علي المدح والثناء.

يورجن كلوب شخصية رائعة، الصورة العامة له شخص لطيف يضحك ويمزح، لكن هناك وجه اخر يصرخ على الخطوط، يركض إلى أرض الملعب، وينتقد تكتيكات الفرق الكبيرة التي تأتي وتدافع أمامه.

من المغري التساؤل عما إذا كانت الصحافة ستظل هادئة، لقد كان يفوز ومن السهل أن تكون لطيفًا عندما تفوز، لكن موسمه الأخير في بروسيا دورتموند يجب أن يكون بمثابة تحذير، في نهاية الدور الأول من موسمه الأخير في ألمانيا، كان النادي الذي فاز معه بلقبين ووصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في منطقة الهبوط، وقد أعادهم إلى مركز مؤهل للدوري الأوروبي قبل الاستقالة، ربما عندما تتلاشى القدرة على إدارة المواقف، تنخفض النتائج أيضًا، ربما هذا هو الجانب السلبي لمدرب عاطفي في نادٍ عاطفي.

أخيرًا، احتفظ يورجن كلوب بالدوري الألماني مرة واحدة مع بروسيا دورتموند لكنه فشل بعد ذلك في منافسة بايرن ميونيخ، من الأفضل أن يبتعد عن الغطرسة، لإلقاء نظرة على البيانات وربما التفكير في كيفية العودة.

بالعودة إلي التساؤلات التي تقول هل هناك أسباب تجعلك تتطلع بحماس إلى توهجهم مستقبلا؟ هل هناك احتمال أن يسقط كل ذلك؟، اعتقد أن الإجابة الان أسهل بكثير مما نعتقد.

التعليقات