رحيل دييجو - مارادونا وأرجنتينوس جونيورز.. من فيوريتو إلى ديزني لاند

الخميس، 26 نوفمبر 2020 - 12:37

كتب : إسلام أحمد

دييجو أرماندو مارادونا - أرجنتينوس جونيورز

"سيدي، لدي صديق أفضل مني. هل يمكنني إحضاره الأسبوع المقبل؟".

هكذا عرض جويو كاريزو أحد أفضل لاعبي فريق أرجنتينوس جونيورز تحت 10 سنوات على مدربه فرانسيس كورنيجو الفرصة لمشاهدة "المعجزة".

فرانسيس كورنيجو كتب في كتابه "Cebollita Maradona": "يقولون إن الناس يشهدون معجزة واحدة على الأقل في حياتهم، لكن معظمهم لا يدرك ذلك. بالتأكيد أنا فعلت ذلك".

"حدثت معجزة في ذلك السبت الممطر من عام 1969، عندما فعل طفل يبلغ من العمر ثماني سنوات، وهو عمر لم أصدقه، أشياء بالكرة لم أرها من قبل في حياتي".

En marzo de 1969, recomendado por su amigo

كورنيجو الذي توفي عام 2008 اكتشف مارادونا عام 1969، وأمس توفى مارادونا عن عُمر يناهز الـ 60 عاما بسكتة قلبية في منزله بالأرجنتين بعد مسيرة أسطورية.

ملعب أرجنتينوس جونيورز يُعرف باسم دييجو أرماندو مارادونا الذي بدأ مسيرته الكروية بالقميص الأحمر واستمر معهم طويلا ثم خمس مواسم مع الفريق الأول قبل أن يغادر إلى بوكا جونيورز عام 1981.

مارادونا يقول في كتابه "إل دييجو" عن الاختبارات في أرجنتينوس جونيورز: "قطعت مسافة طويلة بين بلدتي "فيوريتو" حتى وصلنا الى "لاس مالفيناس" حيث يتدرب أرجنتينوس جونيورز، كانت أول مرة أقطع تلك المسافة، لكنني اعتدت عليها بعد ذلك آلاف المرات".

"وصلنا الى لاس مالفيناس، كانت تمطر بغزارة، أخبرونا أنه لا يمكننا التدرب بسبب حالة الملعب، بكينا من فرط الاحباط وأغرقنا المطر".

"أنقذنا السيد فرانسيس، كان يدير الأمور في النادي، أوجد حلا للمشكلة ونقل الاختبارات الى حديقة سافيدرا، وأوصلنا بسيارة صديقه".

"فرانسيس هو فرانسيسكو كورنيخو، مؤسس فريق لوس سيبوييتوس أو "البصل الصغير"، مجموعة من الناشئين لا تزيد أعمارهم عن 14 عاما".

Francis es Francisco Cornejo, el hombre que pasó a la posteridad como el

"في حديقة سافيدرا قسمونا لفريقين، لعبت بجانب جويو رغم أننا كنا غريمين دوما، لعبنا بإنسجام شديد، كنت أراوغ الجميع، أمرر الكرة من بين أقدامهم، أقوم بحركة (المظلة) من فوقهم، أمرر بالكعب، وسجلت هدفين".

"فرانسيس لم يصدق أنني في التاسعة من عمري، سألني: يا بني.. هل أنت متأكد أنك من مواليد الستينات؟!".

"طلب مني أوراقي، إذ قال: أريد أن أرى أوراقك، قلت له: لقد تركتها في المنزل".

"اعترف لي بعد ذلك أنه كان يظن أنني قزم، شخص كبير في السن، لكن في جسد طفل".

El tan querido y respetado Francis tenía leucemia, falleció en el 2018 a los 79 años. Francis y Maradona generaron un vínculo irrompible, de confianza y picardía.   /Libro Cebollitas Francis Cornejo/ Archivo

"فريق لوس سيبوييتوس كان لا يقهر، فزنا في 136 مباراة متتالية، سجلت الكثير من الأهداف، لو كانوا أحصوها لكنت متفوقا على بيليه، بالطبع لا يمكن تأكيد ذلك أو توثيقه، لكنني أعلم جيدا ما فعلته".

"عام 1971، وأنا في سن الـ11، سنحت أمامي فرصة خوض بطولة دولية في أوروجواي، كنت سأسافر لأول مرة خارج الأرجنتين، لكن نقص أوراق هويتي حرمني من السفر.. كنت أريد قتل نفسي".

دييجو يذكر أحد المباريات وهو بعمر الـ 12: "لكن ما حدث معي كان العكس، كنت في الـ12 من عمري وألعب مع وضد من يكبرونني بأكثر من ثلاثة سنوات".

"السيد فرانسيس كان يضعني بمقاعد البدلاء، وحين يتأزم الموقف يقوم بإشراكي، المرة الأولى كانت أمام راسينج، دخلت الملعب وكان التعادل السلبي سائدا، ثم سجلت هدفين".

"مدرب الفريق المنافس بالومينو، سأل فرانسيس: "كيف يمكنك أن تضع لاعبا مثل هذا على مقاعد البدلاء؟ حافظ عليه، إنه عبقري".

"ثم أخرج فرانسيس أوراق هويتي لبالومينو، لم يصدق عمري".

 Maradona's original contract he signed with Argentinos Juniors is on display

*عقد مارادونا عام 1974 مع أرجنتينوس جونيورز

بدأ اسم مارادونا يشتهر أكثر فكتبت عنه صحيفة "كلارين" الأرجنتينية لكن كُتب اسمه "كارادونا" كما ظهر في برنامج تلفزيوني كانت تشاهده الأرجنتين كلها.

واصطحب فرانسيس دييجو إلى مباراة للفريق الأول لأرجنتينوس، بين الشوطين دخل إلى الملعب وسط حشد كبير من الجماهير من أجل استعراض مهارته في التحكم بالكرة، ورغم شعوره بالخجل، ظهر بشكل بارع، وصار المشجعون يعرفونه رغم عدم علمهم باسمه.

في عام 1975 كان مارادونا قريبا من خوض أول مباراة له بقميص الفريق الأول، فاستأجر النادي له شقة حينما كان في المدرسة الثانوية وهو ما تحول إلى متحف لاحقا لعشاق صاحب القميص رقم 10.

بفضل ألبرتو بيريز مدرب أرجنتينوس جونيورز السابق الذي جمع تذكارات مارادونا افتتح المنزل في عام 2016.

 The bedroom where Maradona dreamed of future football stardom

*غرفة نوم مارادونا

 Maradona enjoyed listening to records in his room

 Maradona lived in the two-storey home from 1978

لكن تأخرت مشاركة دييجو مع الفريق الأول بسبب عقوبة سابقة فرضت علي في مباراة فيليز.

مارادونا يقول "الحكم كان كارثيا، بعد انتهاء المباراة اقتربت منه وقلت له في سخرية "أنت ظاهرة، يجب أن تحكم مباريات دولية".

في 20 أكتوبر 1976، بعمر الـ 15 عاما تحت قيادة خوان كارلوس مونتيس خاض مارادونا مباراته الأولى في الدوري الأرجنتيني بقميص أرجنتينوس جونيورز بالقميص رقم 16 في مباراة خسرها الفريق أمام تاييريس دي كورودبا.

في التدريبات أخبر مونتيس، مارادونا أنه سيكون على مقاعد البدلاء في المباراة بل وأن يكون مستعدا لأنه قد يشارك.

في بداية الشوط الثاني تأخر أرجنتينوس في النتيجة 1-0 وحانت اللحظة.

يقول مارادونا "مونتيس حدّق بي، كما لو كان يسألني هل تجرؤ؟ نظرت إليه، وكان هذا جوابي".

مونتيس قدّم نصيحة لمارادونا قبل دخوله لأرضية الملعب: "تعال إلىّ دييجو، ألعب كما تعلم كيف وإذا استطعت فمرر الكرة من بين أقدام اللاعبين".

مارادونا شارك في الشوط الثاني بتلك المباراة بدلا من روبن جياكوبيتي، ونفذ دييجو ما قاله له مدربه، فلقد مرر الكرة من بين أقدام مُراقبه خوان دومينيجو كابريرا واستمع للجماهير وهي تقول "أولييييه".

كشف مارادونا الفارق مقارنة بمباريات الناشئين: "لاحظت قلة المساحات في الملعب، مقارنة بمباريات الناشئين، وكثرة الالتحامات العنيفة، تعلمت سريعا كيف ومتى أقفز وأتجنب العرقلة، والاستمرار بالكرة، كنت قويا بدنيا بفضل الطبيب بالادينو".

مارادونا تذكر هذا اليوم "شعرت في ذلك اليوم أنني رفعت السماء على يدي".

"لقد بدأت تاريخا طويلا وجميلا مع أرجنتينوس جونيورز، تاريخ لا يُنسى".

ميجيل أنخيل بيرتولوتو كتب في صحيفة "كلارين" الأرجنتينية اليوم التالي عن الموهبة الشابة "مارادونا، موهبة كبيرة، لم يجد من يلعب معه".

44 años del debut de Diego Maradona en Argentinos – Canal Showsport

سجل مارادونا بعد أسبوعين فقط من عيد ميلاده السادس عشر ثنائية في مرمى سان لورينزو، وبعد 11 مباراة مع أرجنتينوس جونيورز تلقى فرصة ارتداء قميص منتخب الأرجنتين.

اُستبعد مارادونا من كأس العالم 1978 في اللحظة الأخيرة، فيما وصفه بأسوأ يوم في حياته.

"بكيت كثيرا، لم أبك هكذا حتى في 1994 بعد قضية المنشطات، شعرت بالظلم في كلا الحالتين، لكنني لم ولن أسامح مينوتي".

"لن أكره مينوتي، ستظل صورته امامي كشخص حكيم، لكن لن أسامحه أبدا".

"في المنتخب كنا 10 لاعبين في المركز رقم 10، أكثر من يعجب مينوتي كان خوسيه فالنسيا، لأنه هو الذي اكتشفه".

"من بعده يأتي ريكاردو فيا، ثم نوربرتو ألونسو الذي استفاد من الضجة الصحفية حوله".

"عدت إلى المنزل فور علمي بنبأ استبعادي من قائمة المنتخب قبل المونديال، بحجة أنني "لازلت صغيرا جدا".

"المنزل كان أشبه بمأتم، أمي تبكي وأبي يبكي، وكذلك إخوتي، ومع ذلك كانوا يواسونني، ويبشرونني بأنني سأشارك مستقبلا في خمس نسخ من كأس العالم، حتى مينوتي قال لي ذلك".

"لم أتوقف عن البكاء، كان اليوم الأسوأ في حياتي، لم أشعر بخيبة الأمل أبدا مثلما شعرت هذا اليوم، لكنني أقسمت بأنني سأنتقم".

غضب عارم انتاب دييجو الذي حطم فريق تشاكاريتا بعد أيام في الدوري بتسجيل هدفين وصناعة مثلهما في مباراة انتهت بالفوز 5-0.

في الدوري عام 1978 قاد مارادونا فريقه للمركز الخامس وحصد لقب الهداف برصيد 22 هدفا، ومن ثم تُوج بلقب كأس العالم 1979 للشباب بعدما سجل في جميع المباريات التي خاضها وحصد جائزة أفضل لاعب في البطولة.

"كل أرجنتيني كان يتذكر منتخبنا، كانوا يلقبوننا بالمجانين، جعلنا الشعب يستيقظ في الرابعة فجرا لمشاهدة مبارياتنا في اليابان، كنت قائد المنتخب، وكنت سعيدا بذلك".

"قدمنا مباريات رائعة في البطولة، أردت اللعب باستمرار طوال 90 دقيقة وأكثر، لكن في ربع النهائي امام الجزائر أخرجني مينوتي، لذا كنت في قمة الغضب".

"فازت الأرجنتين على الجزائر 5-0، جلست على مقاعد البدلاء غاضبا، ثم توجهت مباشرة لغرف الملابس، بدأت في البكاء كالمجنون".

"وصل اللاعبون بعد المباراة، حاولوا مواساتي.. حتى جاء مينوتي، وأخبرني أنه أراد إراحتي، وأنني لا يمكن أن أشارك في جميع المباريات وفي كل الدقائق".

"لم أتناول العشاء هذا اليوم، لكنني فكرت في شارة القيادة التي أحملها، وتفرغت للتركيز في مباراة نصف النهائي امام أوروجواي".

"فزنا 2-0 وسجلت هدفا، احتفلت أمام مقاعد بدلاء أوروجواي بطريقة مستفزة بعد الهدف، لكنني اعتذرت لهم بعد ذلك، كنت مجنونا".

"تبقى الفوز في النهائي على الاتحاد السوفيتي للعودة بالكأس الى الأرجنتين، كنت أحلم برفع الكأس على سلم طائرة العودة".

"لن أنسى يوم 7 سبتمبر 1979 ، يوم انتصارنا في النهائي على السوفييت 3-1، كنت واثقا من الفوز رغم تأخرنا بهدف، سجلت هدفا من ضربة ثابتة..كان أفضل انتقام ورد اعتبار بعد 78".

"سمعت كيف كان يشجعنا اليابانيون بحماس "أر - جن - تينا".. وفجأة انطفأت الأنوار، انتقلنا للاحتفال والرقص في غرف الملابس ثم في الفندق، مينوتي أخبرني بأنني فزت بالكرة الذهبية كأفضل لاعب في البطولة".

"حققت ما تمنيته، كنت أول من نزل من الطائرة والكأس بين يديه".

أعلن نادي أرجنتينوس بفضل عقد رعاية مع شركة الخطوط الجوية المحلية "أوسترال" والتي تولت رعاية قميص النادي، أن مارادونا غير قابل للبيع، بعد حصولها على صفقة جيدة تضمن بها بقاء نجمها حتى لو لفترة قصيرة.

في موسم 1979 سجل أيضا 22 هدفا حصد به الفريق المركز الثاني بالتساوي مع فيليز سارسفيلد، الفريقان خاضا مباراة فاصلة لحسم الوصافة لكنه غاب عنها بسبب مشكلة تأديبية فشاهد فريقه يخسر 4-0.

تأثير غياب مارادونا تواصل في نسخة 1980، غاب عن المباراة الفاصلة لتحديد البطل فخسر الفريق النهائي رغم تسجيله 25 هدفا في ذلك الموسم، لكن تلك المرة بسبب المرض، خلال خمس بطولات محلية في 3 سنوات حصد لقب الهداف رغم أنه ليس مهاجما ولم يتخط الـ 20 بعد.

في بطولة "ناسيونال 1980" قال الحارس هوجو "المجنون" جاتي التاريخي لبوكا جونيورز أن مارادونا "سمين" وأنه لاعب جيد لكن مبالغ فيه.

مارادونا أظهر كيف كان مبالغا في قدراته في ذلك الوقت فأمطر شباك جاتي برباعية -منها هدفان من ركلتين حرتين- ساهمت في وصول الفريق لربع نهائي المسابقة، في الوقت الذي هتفت جماهير بوكا له تحيةّ لأداءه وهو ما ساهم في انتقاله لاحقا لهم.

"بعدها احتفلت بالسفر مع عائلتي الى الولايات المتحدة، ذهبنا إلى ديزني لاند".

تصارع ريفر بليت وبوكا جونيورز على الظفر بخدمات دييجو، لكنه فضّل ارتداء قميص الأزرق والأصفر، وخاض مباراة ودية أخيرة أقيمت بين الفريقين ارتدى خلالها قميص أرجنتينوس في الشوط الأول وفريقه الجديد في الشوط الثاني.

مارادونا سجل 116 هدفا في 166 مباراة رسمية مع أرجنيتينوس دون أن يتوج بألقاب، بل احتفل بالوصافة في ذلك التوقيت قبل أن يبدأ مشواره عام 1981 مع بوكا جونيورز، ومسيرة امتدت وستظل ممتدة حتى بعد وفاته.

المصادر: صحيفة كلارين - كتاب أنا مارادونا الحلقات 2 - 3 - 4 على FilGoal.com - صحيفة ذا صن.these football times

التعليقات