كتب : محمد يسري | الثلاثاء، 06 أغسطس 2019 - 18:12

روليت كلوب.. ألا يعي الألماني قيمة ليفربول؟

يورجن كلوب - ليفربول

"نمتلك ثروة هائلة لكننا لا نستطيع أن نفعل مثلما تفعل الفرق الأخرى، لكن أيضا لا نحتاج هذا (صفقات)" بكل تأكيد أنت تعلم عزيزي القارئ من قائل هذه الجملة طالما تتواجد هنا لتقرأ هذه الكلمات.

نعم، تخمينك صحيح صاحب المقولة هو يورجن كلوب المدير الفني لليفربول، الذي صرح بهذه الكلمات منذ عدة أيام.

مع كل سوق انتقالات صيفية كانت أم شتوية يخرج علينا كلوب ليتحدث عن كم إنفاق الأندية الأخرى بشكل جنونية مقارنة بناديه، وكأن ليفربول لا يمتلك المال الكافي حتى لسد ثغراته.

لأن الحاجة أم الاختراع

في العادة وعند وجود نقص أو ثغرة في التشكيل يلجأ المدير الفني للسوق لشراء ما يحتاجه، ذلك ما يفعله بيب جوارديولا مع مانشستر سيتي تحديدا، على سبيل المثال.

إلا أن كلوب لا يفضل تلك الفكرة، ربما لرغبته في الحفاظ على تقاليده أو حتى لا يُقارن بـ جوارديولا في عملية البيع أو الشراء أو حتى لوجود علة أو مبرر حال خسارته للألقاب في نهاية المطاف.

وكأنه يعمل مديرا لأحد مصانع إعادة التدوير يقوم كلوب بسد ثغراته عن طريق تطويع لاعبيه في المراكز التي يعاني من النقص فيها، وهو ما أكده بنفسه حين قال: "عليك أن تجد الحلول خلال تدريب الفريق وهذا ما أفعله".

لهذا رأينا جيمس ميلنر يلعب في مركز الظهير الأيسر رغم إنه يلعب بقدمه اليمنى، ورأينا جو جوميز مدافعا بجوار فيرجل فان دايك ورأينا أوكسلاد تشامبرلين يلعب في وسط الملعب بعد سنوات من اللعب كجناح مع أرسنال ورأينا ترينت ألكسندر أرنولد وأندرو روبيرتسون يصنعا العديد من الأهداف.

رهانات عديدة قام بها كلوب، نجح أغلبها، وكان سببا في تفوقه في المباريات.

لكن مهلا.. نجاح رهانات كلوب لم تكن لعبقريته التدريبية -الموجودة بالفعل لدى بطل دوري أبطال أوروبا- ولكنه جاء للمقومات التي تمتلكها هذه العناصر.

ميلنر لديه من القوة البدنية والذكاء الخططي ما يجعله يتواجد في أي مركز، كما أن كلوب لم يكن قد اعتمد على الظهير الأيسر لإرسال العرضيات وقتها.

تشامبرلين كان لاعبا للوسط بالأساس في أكاديمية أرسنال قبل أن ينقله أرسين فينجر للجناح.

كما أن نجاح أي قلب دفاع يعد مضمونا بنسبة كبيرة إذا كان شريكا لـ فان دايك وهو ما نلاحظه من تطور مستوى جويل ماتيب.

مسرح بلا مبدعين

نجاح رهانات كلوب -حتى الآن- لا يعني بالضرورة نجاح الرهان الجديد الخاص بخط الوسط.

كلوب يبدو وكأنه لا يعي مكانة ليفربول الحالية وكأنه أيضا لا يزال عالقا في "سنوات التكوين" التي بنى خلالها الفريق حتى أصبح بطلا لأوروبا.

في بدايات كلوب مع ليفربول كانت الخصوم في الدوري الإنجليزي تواجه الفريق بشجاعة، تهاجمه وتستبيح دفاعه وتستحوذ على الكرة وتشن الهجمات، ورغم صعوبة اللعب ضد هذا الأسلوب إلا أن سهل كثيرا من تحقيق كلوب لما يريد.

استحواذ خصوم ليفربول على الكرة كان يتيح لعناصر وسط ملعب كلوب -التي تركض كثيرا وتتمتع بقوة بدنية جبارة- الفرصة للضغط واستخلاص الكرة سريعا.

تقدم الفرق للهجوم كان يعني وجود مساحات شاسعة خلف مدافعيهم يستخلصها أجنحة ليفربول بسرعتهم للتسجيل.

إذا، كان ليفربول يواجه فرقا تترك له فراغات كبيرة في خط دفاعها لذا كان الفريق يفوز بسهولة في المباريات.

لكن مع استقطاب فان دايك الذي جاء وحل مشكلات ليفربول الدفاعية، فطنة خصوم ليفربول ومعرفتهم بأن هجومهم لليفربول يعد السبب في تفوق الحُمر عليهم؛ باتت الفرق تدافع ضد ليفربول وتتكتل في مناطقها الدفاعية، وهنا تأزم الموقف.

أصبح ليفربول مطالب بأخذ زمام المبادرة.

لن تتواجد المساحات لـ محمد صلاح وساديو ماني خلف المدافعين، وأصبح على لاعبي الوسط خلق الفرص وإرسال التمريرات بين الخطوط حتى يصل صلاح وماني للمرمى.

ولأن الإبداع ليس سمة عناصر وسط ليفربول عاني الفريق كثيرا في الموسم الماضي.

جوردان هندرسون وجيني فينالدوم وميلنر لا يتمتعوا برؤية ثاقبة وقدم ذهبية تقدم تمريرات حريرية، وحتى نابي كيتا الوحيد الذي يمتلك هذه الخصائص لم يتأقلم بعد على رتم مباريات الدوري الإنجليزي.

أما بالنسبة لآدم لالانا فقد يُصاب في أي لحظة خلال الموسم.

لنلقي نظرة على معدل صناعة الفرص للتسجيل خلال المباراة الواحدة من لاعبي وسط ليفربول:

ميلنر: 1,4 فرصة للتسجيل

فينالدوم: 0,7 فرصة للتسجيل

لالانا: 0.7 فرصة للتسجيل

فابينيو: 0.6 فرصة للتسجيل

هندرسون: 0.5 فرصة للتسجيل

كيتا: 0.4 فرصة للتسجيل

*ميلنر مختص بتنفيذ الركلات الركنية.

معاناة ليفربول تراجعت نسبيا مع اعتماد كلوب على عرضيات ألكسندر أرنولد (1.7 فرصة) وروبيرتسون (1.4 فرصة) التي نتج عنها العديد من الأهداف في الثلث الأخير من الموسم تحديدا، لكنها ستتجدد بعدما عرفها الجميع.

وفي حقيقة الأمر لم يفكر كلوب في ضم أي عنصر في وسط الملعب لديه القدرة على الإبداع بعد رحيل فيليبي كوتينيو عن الفريق وانتقاله إلى برشلونة.

وما أظنه أن كلوب لم يكن يستمتع بأداء كوتينيو مع الفريق خصوصا بعدما أعاده لوسط الملعب، واعتمد على صلاح وماني وفيرمينو في خط الهجوم، لأن البرازيلي لم يكن يضغط بقوة مثل ميلنر ولم يكن شرسا مثل فينالدوم، ولم يكن ليفربول أصلا -في ذلك التوقيت- في حاجة للمساته الإبداعية لأن الخصوم لم يكونوا قد اكتشفوا تلك الخدعة بعد، خدعة أن هجومهم لليفربول هو سبب تفوق ليفربول.

روليت

يراهن كلوب على أنه سيجد الحل لوسط ملعبه من تشكيلة فريقه، لكن تلك المرة قد تكون نتيجة الرهان تماما مثل نتيجة لعبة الروليت الروسية.

في تلك اللعبة التي كانت شائعة قديما في روسيا، يقوم الشخص بوضع رصاصة واحدة في أسطوانة المسدس ثم يقوم بتدوير الأسطوانة التي تسع لـ 6 رصاصات، ثم يقوم بالمقامرة مع غريمه بإطلاق النار على رأسه أو رأس غريمه وهو لا يعلم في أي ضربة ستخرج الرصاصة.

وكلوب لم ينج من رصاصة واحدة بل عدة رصاصات، رصاصة الدفاع ورصاصة الظهير ورصاصة مركز تشامبرلين، لكنه لن ينجو من رصاصة خط الوسط.

الفريق في حاجة ماسة للاعب وسط قادر على الابتكار لفك تكتلات الخصوم الدفاعية وفي نفس الوقت يكون جيد في عملية الضغط، وتشكيل ليفربول لا يوجد به أي لاعب يحمل هذه الصفات.

فكرة أن تستمر عناصر الوسط في الضغط والاستخلاص على أن تتكفل الأظهرة والأجنحة بصناعة الفرص لن تجدي نفعا لـ بطل أوروبا في الموسم المقبل.

لذلك كان على كلوب أن يدخل بقوة في سوق الانتقالات بحثا عن هذا اللاعب.

دوني فان دي بيك لاعب وسط أياكس كان عنصرا مثاليا لليفربول كلوب، ممرر جيد يجيد التحرك بين الخطوط وصاحب مجهود كبير، مميزات جعلته يتحول من لاعب ارتكاز دفاعي إلى صانع ألعاب وجعلته أيضا يقترب من الانتقال إلى ريال مدريد.

ليفربول فوت الفرصة ولم يظفر بـ دي بيك ولم يحاول التعاقد معه قبل أن يدخل ريال مدريد في الصفقة.

أو ربما كان يجب على كلوب أن يعود لـ نبيل فقير نجم ليون.

فقير كاد أن ينتقل إلى ليفربول في الموسم الماضي لكن الصفقة توقفت في اللحظات الأخيرة، قبل أن ينتقل إلى ريال بيتيس مقابل 20 مليون يورو، وهو رقم قليل للغاية مقارنة بالتأثير المذهل الذي سيصنعه مع الفريق الأندلسي.

وبالأساس كان يجب على كلوب أن يضع ميزانية كاملة من أجل لاعب وسط، ولا يهم أنه اشترى كيتا بمبلغ وقدره سابقا.

جوارديولا أيضا وعلى سبيل المثال تعاقد مع إديرسون من بنفيكا مقابل 40 مليون يورو ليكون أغلى حارس في التاريخ في وقت من الأوقات، وذلك بعد موسم واحد من انتداب كلاوديو برافو من برشلونة.

رفع جودة وسط ليفربول مطلوبة، خصوصا وأن كل الفرق التي تنافسه رفعت من جودة وسط ملعبها، سيتي تعاقد مع رودري، أرسنال تعاقد مع داني سيبايوس، يونايتد يقترب من برونو فيرنانديس وتوتنام دعم بـ تانجي ندومبيلي وجيوفاني لو سيلسو في الطريق، وحتى تشيلسي الممنوع من التعاقد استعاد ماسون مونت أتم شراء ماتيو كوفاسيتش.

والتدعيم هنا لن يكون بسبب تدعيم باقي الفرق ولكن لحاجة ليفربول الحقيقة لـ مايسترو.

كلوب يبدو وكأنه فردا في الكشافة، متمسك بقوانينها التي تتمثل في الإخلاص والاقتصاد وإعادة تدوير الموارد، وعليه ألا يستمر على هذا النهج حتى يستمر في المنافسة في السنوات المقبلة ويحافظ على ما حققه مع ليفربول.

ناقشني عبر تويتر: twitter.com/MoYossry

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات