خوسيه تشيلافيرت.. أنا لست مثلهم

السبت، 27 يوليه 2019 - 23:46

كتب : إسلام أحمد

خوزيه تشيلافيرت

"اعتاد المشجعون على الصراخ في وجهي والشعور بالفزع كي أعود إلى المرمى، لم أتوقف مطلقا للتفكير فيما يقوله الآخرون. أنا فقط اعتمد على قدراتي".

خوسيه لويس تشيلافيرت حارس منتخب باراجواي وأحد أكثر الحراس تسجيلا للأهداف في تاريخ كرة القدم وواحد ممن أرسو قواعد جديدة للساحرة المستديرة في العقدين الأخيرين من القرن الماضي يتمم عامه الرابع والخمسين.

أفضل حارس في العالم 3 مرات سجل في مسيرته 67 هدفا وتوج بـ12 لقبا رغم عدم ارتداءه قمصان كبار الأندية الأوروبية.

ركلات الجزاء كانت عاملا حاسما في مسيرة الحارس الذي يحتفل بعيد مولده في 27 يوليو، سواء بالتصديات أو التسجيل منها وأصبح ملهما لمن جاء بعده مثل تيم كرول وجيرزي دوديك.

تشيلافيرت ولد وسط عائلة فقيرة حيث عُرف عنه أن كان يمشي حافيا في الشوارع حتى سن السابعة من عمره وعمل على بيع الحليب في ضاحية ريفية بالقرب من مدينة لوكي بالعاصمة أسنيسيون.

بعمر الـ 17 لعب بصفوف فريق سبورتيفو لوكينيو عام 1982 ليرتدي قميص فريقه المحلي لمدة موسمين وتلتقطه أعين فريق جواراني أحد كبرى الأندية في باراجواي.

موسم وحيد ثم انتقال لسان لورينزو الأرجنتيني ليقضى 3 سنوات ومن ثم تجربة احترافية أولى في أوروبا مع ريال سرقسطة.

إذا كان خروج مانويل نوير من مرماه ومشاركة الحراس في بناء اللعب من الخلف في الوقت الحالي أصبح مألوفا، فكان الجميع يصرخ في وجه تشيلافيرت من أجل الابتعاد عن أسلوبه في الاحتفاظ بالكرة والخروج من مناطق الجزاء والركض لتنفيذ الكرات الثابتة.

تشيلافيرت تحدث عن معاناته في بداية مشواره الكروي وأسلوبه "العديد كان ضد أسلوبي في البداية، عندما كنت أخرج بالكرة من مناطق الجزاء وأنا في صفوف ريال سرقسطة عام 1988 اعتاد المشجعون على الصراخ في وجهي والشعور بالفزع كي أعود إلى المرمى".

"بدأت في وقت لاحق التدرب على تسديد ركلات الجزاء والكرات الثابتة حتى حصلت على الفرصة بشكل حقيقي".

الباراجوياني بدأ في التدرب عقب انتهاء الحصص التدريبية ما بين 80 و120 مرة بشكل يومي على تسديد الركلات الثابتة ومن علامة الجزاء من أجل التفوق.

رحلته في إسبانيا استمرت لـ 3 أعوام بعدها عاد الحارس المُلقب بـ "بولدوج" بسبب ارتداءه قميصا مطبوعا عليه شخصية كرتونية إلى الأرجنتين، والتي جزء منها يعود أيضا إلى شخصيته ومحاولته للقتال والدفاع عن فريقه.

خلال 9 سنوات قبل انضمامه لفيليز سارسفيلد حقق الفريق الفوز بلقب وحيد، لكن الأمور تغيرت بدءا من موسم 1993.

تشيلافيرت سجل أول هدفا بقميص فريقه الجديد في شباك أستوديانتيس من علامة الجزاء في مباراة انتهت بالتعادل بهدف لكل فريق ثم احتفل على ملعب خوزيه أمالفيتاني بشكل سيصبح معتادا بعد ذلك.

ساهم في تأهل فريقه لكوبا ليبرتادوريس 1994 تحت قيادة المدير الفني كارلوس بيانكي ففازوا على بوكا جونيورز وكروزيرو في دور المجموعات، ركلات الترجيح حسمت تأهلهم لربع النهائي أمام ديفنسور سبورتينج الأوروجوياني.

تشيلافيرت سجل ركلته الترجيحية وتصدى لأخرى ليساهم في تأهل فريقه، في المربع الذهبي أمام أتليتكو جونيور الكولومبي كانت لركلات الترجيح عامل الحسم وكان تشيلافيرت السبب أيضا بعد تعادل في مجموع المباراتين 3-3.

تشيلافيرت تصدى لركلة ترجيح من رونالد فالديراما وقاد فريقه لتأهل للنهائي القاري لأول مرة في تاريخهم لمواجهة ساو باولو الذي كان في أفضل أوقاته الكروية حينها.

ركلات الترجيح للمرة للثالثة وفي النهائي نجح تشيلافيرت في التصدي لركلة باولينيها الأولى ثم انبرى لركلة ترجيح فريقه مباشرة وسددها في المرمى، ليساهم في فوز فيليز بأول ألقابه القارية.

لاحقا في طوكيو باليابان نجح تشيلافيرت بالخروج بشباك نظيفة أمام ميلان الإيطالي في كأس الإنتركونتينتال (كأس العالم للأندية) ويحقق الفقير الفوز ضد الأمير مثلما وصفت نيويورك تايمز الأمريكية حينها قبل المباراة.

تشيلافيرت قبل لقاء ميلان تحدث عن تفرده في ذلك الوقت بسبب بعض المقارنات "أنا لست مثل رينيه هيجيتا أو جورج كامبوس، لا يستطيعوا التسديد مثلما أفعل، كما أنني لا أخاطر كثيرا مثلما يفعلون".

في ذلك الوقت عُرف عن الحارس الكولومبي خروجه المبالغ فيه بالكرة خارج حدود منطقة الجزاء والحارس المكسيكي اشتهر بسبب قدراته على تسجيل الأهداف.

هيمنة فيليز مع تشيلافيرت على الألقاب كانت محلية بتحقيق لقب الدوري 3 مرات والفوز بلقب كأس سوبر أمريكا الجنوبية وكأس إنترأمريكانا (بطولة بين بطل أمريكا الشمالية والجنوبية).

"بعض اللاعبين يسجلون أهدافا من مناطق بعيدة لكنها تكون عن طريق الصدفة، لكن هدفي مختلف لقد رأيت الحارس متقدما خارج منطقة الجزاء يشاهد الطيور بدلا من التركيز في المباراة".

"لقد قمت بالركض سريعا وعندما وصلت للكرة لاحظت تواجد الحكم أمامي وصرخت من أجل أن يبتعد، الكرة كانت لتصطدم به إذا لم يتحرك".

"لقد ظننت أن كرة أعلى مما يجب لكنه بدأت في الهبوط سريعا وحاول بورجوس التعامل مها لكنه كان متأخرا".

"لقد احتفلت بالهدف ومن ثم هنأني لاعبي ريفر بليت، الأمر كان خاصا بالنسبة لي لأن أبي كان يتعافي من عملية في القلب وأهديت الهدف له".

"عندما فزنا باللقب أهديت قميصي للحكم لقد كانت آخر مباراة له وكان يستحق ذلك بسبب تحركه".

"إذا سددت 1000 ركلة حرة لن أسجل هدفا مثل هذا".

حينها عاقب تشيلافيرت حارس ريفر بليت جيرمان بورجوس وسجل هدفا من ركلة ثابتة من منتصف ملعب فريقه.

في 1997 نجح فيليز سارسفيلد في الفوز على ريفر بليت في ريكوبا سود أمريكانا (كأس السوبر القارية) بركلات الترجيح بعد نهاية اللقاء بهدف لكل فريق.

تشيلافيرت فشل في تسجيل ركلته الأولى بنجاح لكنه تصدى لركلتي جاياردو وتروتا ليقود فريقه للقب القاري الأخير.

خلال تلك الفترة من 1993 وحتى 1999 توج "بولدوج" بـ 11 جائزة فردية من ضمنها أفضل حارس في العالم 3 مرات 1995 و1997 و1998، وأفضل لاعب في القارة اللاتينية متفوقا على إنزو فرانشيسكولي وكارلوس فالديراما وأرييل أورتيجا وأفضل لاعب في الأرجنتين 1996.

وسط تألقه وتسجيله للأهداف والتتويج باللألقاب عُرف عن تشيلافيرت عصبيته الزائدة ودخوله في مشاحنات مع منافسيه أبرزهم دييجو أرماندو مارادونا وروبرتو كارلوس وسيباستيان أبريو وفايستينو أسبريا.

تشاجر مع أسبريا في تصفيات كأس العالم 1998 الأمر الذي وصل لتدخل الشرطة للفض بين لاعبي المنتخبين في أرضية الملعب.

الحارس قاد منتخب بلاده للتأهل لكأس العالم 1998 لأول مرة منذ لأول مرة منذ 1986 وسط جيل قوي احتاج لقائد مثله رفقة أريستيديس روخاس وميجيل بينيتيز وفرانشيسكو أرسي.

سجل هدفا في شباك الأرجنتين خطف بها نقطة التعادل من ملعب مونيمنتال بالتصفيات كان الثالث في مسيرته الدولية.

تشيلافيرت عدّد مكاسب باراجواي من التأهل حينها لكأس العالم قبل عام 1998 "لم يسمع أحد عن باراجواي، إن فخرنا هو أن نثبت لبلدنا وبقية العالم أنه عندما يتحد الفريق، يصبح كل شيء ممكنا".

أثناء خوض كأس العالم تحدث عن الصعوبات والضغوط التي تحيط باللاعبين قائلا: "ضغوط؟ إنها مباراة كرة قدم، عندما لا تعرف كيفية إطعام أطفالك هذا ما يسمى ضغط".

باراجواي وصلت لدور الـ 16 من المونديال وودعت بعد الوصول لأشواط إضافية أمام فرنسا مستضيفة البطولة المسابقة مرفوعة الرأس كما تواجد تشيلافيرت في قائمة أفضل لاعبي البطولة.

لكنه أصبح أول حارس في تاريخ كأس العالم يسدد ركلة مباشرة على المرمى خلال مواجهة بلغاريا في دور المجموعات.

بعد كأس العالم أراد ليفربول الإنجليزي التعاقد معه لكن إدارة فيليز رفضت العرض رغم تعنته والامتناع عن التدريبات من أجل الموافقة على رحيله.

"لقد أفسدوني تماما، لابد أن يدفعوا لي ما يدينون به فأنا لا أتدرب، من خلال عدم السماح لي بالرحيل حرموني من 8 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات".

استضافت باراجواي كوبا أمريكا 1999 لكن تشيلافيرت رفض حينها المشاركة بقميص منتخب بلاده بحجة أن الأموال المدفوعة لتنظيم البطولة كان من الأفضل استغلالها لتحسين التعليم في البلاد.

استمر تشيلافيرت مع الفريق حتى 2001 وسجل الهاتريك الشهير من 3 ركلات جزاء في شباك فيرو كاريل أويستي ليصبح أول حارس مرمى يحتفظ بالكرة بعد تسجيل 3 أهداف عقب المباراة.

انفرط عقد الفريق بين رحيل بعض اللاعبين، ليعود تشيلا إلى أوروبا مع ستراسبورج الفرنسي.

في 2001 رغم الهبوط للدرجة الثانية الفرنسية نجح تشيلافيرت في التتويج بلقب كأس فرنسا بالفوز على إميان بركلات الترجيح وهو من سجل ركلة الفوز الأخيرة.

في تصفيات كأس العالم 2002 نجح في تسجيل 4 أهداف في شباك كولومبيا وبيرو وبوليفيا والأرجنتين ليساهم في تاهل ثاني على التوالي لكأس العالم لباراجواي.

تشيلافيرت ظل وفيا للإثارة الجدل وقام في التصفيات بالبصق على روبرتو كارلوس مبررا ذلك بأن البرازيلي قام بسبه ووصفه بالهندي – نسبة للهنود الحمر – ليتم إيقافه 3 مباريات.

لكن قبل المشاركة في مونديال كوريا واليابان 2002 دافع تشيلافيرت عن مدربه الإيطالي تشيزاري مالديني بسبب هجوم الإعلام عليه مصرحا بأن 90% من الإعلاميين غير أكفاء ومرحبا بانتقاد أداءهم عقب انتهاء مشاركتهم في البطولة.

تلك المرة ودعت باراجواي أيضا من ثمن النهائي بالخسارة من ألمانيا بالخسارة من ألمانيا في الدقائق الأخيرة.

قضى موسما آخرا مع ستراسبورج ساهم في إعادتهم مرة أخرى إلى أضواء الدوري الفرنسي وعاد من جديد لأمريكا الجنوبية عن طريق نادي بنيارول الأوروجوياني ليتوج بلقب الدوري عام 2003.

عودة من جديد لفيليز لكنها لم تكن مثل التجربة الأولى التي استمرت لما يقارب الـ 9 أعوام، فلم يشارك في أي مباراة حتى خاض المباراة الأخيرة له والتي كانت الختامية في مسيرته.

بعدما اعتزل تشيلافيرت عام 2004 ظل يشاهد حارس آخر من البرازيل يُدعى روجيرو سيني يقترب من أرقامه التهديفية ليحطم رقمه برصيد 67 هدفا عام 2006، من ثم أصبح سيني الحارس الأكثر تسجيلا للأهداف في العالم.

تشيلافيرت قبل كأس العالم 2010 تم سؤاله عن سعره حينها إذا كان لاعبا ليرد "لا أعرف ما الذي استحقه بأسعار اليوم، لكنني متأكد من أنه سيكون مقابل الكثير من المال خاصة أنني أتقدم للأمام وأسجل الأهداف".

التعليقات