نيمانيا ماتيتش وزهرة الخشخاش.. لحظة حرب ظلت خالدة معه للأبد

الثلاثاء، 06 نوفمبر 2018 - 12:44

كتب : إسلام مجدي

نيمانيا ماتيتش

"نحن جميعا نتاج للطريقة التي نشأنا بها، وما أريده هو اختيار شخصي لذا أفعل ما أفعله لأسبابي أنا". نيمانيا ماتيتش لاعب وسط مانشستر يونايتد.

عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، أصبحت زهرة الخشخاش رمزا لتذكر الجنود الذين ضحوا بحيواتهم في مناطق الحرب في شمال أوروبا، وضحوا من أجل بلادهم في الفترة من 1914 وحتى 1918.

في عام 2012 أصبحت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز تضح رمز زهرة الخشخاش على قمصانها خلال شهر نوفمبر، حتى يوم تذكر ضحايا الحرب والذي يأتي يوم 11 من نفس الشهر.

الزهرة الحمراء تم اختيارها كمرجع لمناطق الحرب خاصة وأنها كانت تنموا في تلك الأراضي بكثرة.

تلك القمصان التي تحتوي على زهرة الخشخاش يتم وضعها في مزاد سنوي يتم تنظيمه بواسطة الفيلق الملكي البريطاني.

عدد من لاعبي كرة القدم يرفضون ارتداء زهرة الخشخاش بسبب الصراعات، كان هناك جيمس ماكلين الأيرلندي الشمالي لاعب ستوك سيتي ونيمانيا ماتيتش لاعب مانشستر يونايتد. ماكلين نظرا لأنه من أيرلندا الشمالية وشهد أحداث الأحد الدموي التي راح ضحيتها 28 مدنيا خلال مسيرة سلمية تم إطلاق النار عليهم من الجنود البريطانيين يرفض ارتدائها، فماذا عن ماتيتش؟

"أنا صغير للغاية على تلك الحرب"

ليس من السهل على اللاعبين الذين نشأوا في يوغوسلافيا أن يتخطوا ما حدث فيها من حرب، خاصة وأنهم عاشوا أعوامهم الأولى قبل احتراف كرة القدم وسط تلك النزاعات.

ماتيتش ذو الأصول المقدونية ولد في مدينة شاباك في يوغوسلافيا، والتي أصبحت بعد ذلك تابعة لصربيا. قريته كانت صغيرة للغاية بها ما يقارب الـ1500 نسمة.

نيمانيا كان محبا لكرة القدم بجانب شقيقه أوروس كلاهما كان يحب الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاصة. ثم بدأ مسيرته منذ سن الخامسة وبالتحديد في عام 1993، مع نادي فريلو، والذي كان يدربه في ذلك الوقت دراجان ماتيتش والده.

Image result for young nemanja Matić

"كان الأمر صعبا للغاية أن ألعب تحت إمرة والدي، كنت في السابعة من عمري أو الثامنة، كان يطلب مني المزيد وأن أقدم أفضل مما أفعل، إن سجلت هدفين أو ثلاثة في بعض المباريات، يقول لي إن ذلك ليس جيدا كفاية، لذا كان ذلك وقتا صعبا للغاية علي". ماتيتش.

سرعان ما أثبت نيمانيا أنه كفؤ ليلعب لفريق أكبر، وبالفعل اصطحبه والده لكي ينضم إلى فريق أوبرينوفاتش 1905. وكان في الـ10 من عمره.

"أكاديمية أوبرينوفاتش كانت من أفضل الأكاديميات في يوغوسلافيا، كنا نواجههم وخسرنا بنتيجة 5-0، المدرب وجد رقم هاتف منزلنا، واتصل بوالدي وسأله إن كان بإمكانه ضمي، لم أرغب في الرحيل عن قريتي، لكن بعد فترة حينما أصبحت قادرا على ذلك لاحظت أن فريق قريتي لم يكن جيدا كفاية".

"لم يكن هناك دوري جيد، لذا قررت الانضمام إلى أوبرينوفاتش".

لكن من هنا تعثرت حياته.

"لم أفهم ماذا يحدث الكثير من الانفجارات والقنابل، والرعب كان أسوأ ما في الأمر".

تم إلغاء الحكم الذاتي في كوسوفو، وكانت هناك العديد من أساليب القمع التي انتهجتها الدولة منذ بداية التسعينيات، أوقفت الصحف وحظرت اللغة الألبانية، ومجازر للكوسوفيين والألبان، ثم الشركات والمؤسسات العامة.

بدأ ألبان كوسوفو التمرد ضد بلجراد وتأسس جيش تحرير كوسوفو عام 1996، وبدأت الاشتباكات المسلحة في عام 1998، في تلك الفترة كان ماتيتش قد بدأ أولى خطواته للتعرف على فريق كرة قدم أكبر لكنه كره الحرب تماما لأنها حرمته من تلك الفرصة.

محاولات الصلح والدفع بقوات حفظ السلام فشلت، لتعد منظمة حلف شمال الأطلسي تثبيت قوات حفظ السلام بالقوة، ليأتي بعد ذلك الحدث الأشهر في حياة ماتيتش الصغير، قصف حلف الناتو ليوغوسلافيا، وتدخل ضد القوات الصربية مع موجات قصف واشتراك قوات أرضية، وتطلب توقف الهجمات عقد اتفاق بعد شهرين ونصف الشهر.

Image result for young nemanja Matić

"لم يكن وقتي جيدا أو سهلا أبدا في يوغوسلافيا، بسبب الحرب، كنت صغيرا للغاية، ولا أريد تذكر المزيد، أسوأ ذكرى لي في حياتي كانت عام 1999، أمريكا قامت بقصف دولتنا".

تلك اللحظات الصعبة للغاية لم يتفهمها ماتيتش الصغير الذي أراد لعب كرة القدم فقط.

"سألت والدي، لكنه لم يتمكن من شرح الأمر لي، تلك اللحظة ستظل خالدة معي للأبد".

18 شهرا من الصراع وما يقرب من 13 ألف قتيل، كانت تلك محصلة حرب كوسوفو بجانب قصف الناتو. تطلب الأمر من الفتى الصغير أن يستعيد رونقه، لأن والده أراد منه أن يحقق حلمه ويصبح لاعبا محترفا.

"طفولتي في بدايتها كانت رائعة للغاية، كنت ألعب كرة القدم كثيرا، حتى جاءت الحرب، لكنني كنت ألعب الكرة مثل أي طفل".

جاء النجم الأحمر مع بداية الألفية وبالتحديد عام 2000 لضم الموهبة الصغيرة التي يراها أمامه، خاصة وأن أوبرينوفيتش كانت واحدة من أفضل الأكاديميات وقتها في يوغوسلافيا، وبالتالي ذلك الفتى الموهوب الذي يتحدث الجميع عنه أمامه فرصة كبيرة ليصبح لاعبا للفريق الأول للنجم الأحمر.

النجم الأحمر كان أكبر فريق في صربيا، استمر هناك لمدة 4 أعوام، ماتيتش حصل وعد من الفريق قبل انضمامه إليه باللعب كأساسي، لكن ذلك لم يحدث، وبالتالي فكر في الرحيل خاصة وأنه شعر بأن بإمكانه تحقيق المزيد. "لأنني قادر على ذلك ولأنني أرغب في اللعب مع الفريق الأول.

أهلا بك في بارتيزان

انضم ماتيتش إلى بارتيزان، كانت خطوة منه للعب بانتظام مع فريق الأول، لكن ذلك لم يحدث لذا لم يستمر صاحب الـ16 طويلا ورحل إلى فريق كولوبارا في الدرجة الثالثة الصربية، قبل أن ينضم إلى الفريق السلوفيني كوشيتسه الذي أتى من أجله خصيصا ولم يمنحه وعدا شفهيا فقط، بل مكتوب أيضا بأنه سيلعب.

مدربه كان يان كوزاك، الذي تولى فيما بعد تدريب منتخب سلوفاكيا، كان يقول له دائما إنه سيصبح واحدا من أهم خطوط الوسط في أوروبا.

"حينما رآني قال لي، يجب أن تستمر معنا، يجب أن توقع على عقد، سيكون لك شأن في كرة القدم".

خلال فترته مع فريق كوشيتسه حصل على الجنسية السلوفانية، وأصبح أحد أعمدة الفريق، وأبدع كثيرا في معظم مراكز خط الوسط، لكنه كان أكثر قدرة على قراءة المباريات لذا فضل مدربه إشراكه في العمق خلف صانع الألعاب، وأحيانا كصانع ألعاب.

الطريق إلى إنجلترا

لاعب فريقه كوشيتسه السلوفيني استقبل دعوة من نادي ميدليسربه لكي يخضع لفترة معايشة، وخلال أسبوع كامل، لفت إليه الأنظار حتى أنه شارك مع منتخب صربيا لأول مرة ضد بولندا.

ميدلسبره كان يفكر في ضم صاحب الـ20 عاما، حتى أن الشاب أحب النادي كثيرا وكان يرغب في التوقيع له.

قال ماتيتش :"لقد كانت الأجواء جيدة للغاية هنا، وشعرت برضى كبير بها، النادي يمتلك مؤسسات رائعة وانبهرت بمقر التدريبات يمتلكون 10 ملاعب كرة قدم".

اضطر ماتيتش إلى العودة إلى صربيا من أجل تمثيل المنتخب، كان يشعر ببعض القلق من أن ميدلسبره قد يصرف نظره بسبب عودته للمنتخب، لكن في نفس الوقت لديه ثقة في حكم قرار جاريث ساوثجيت مدرب الفريق في ذلك الوقت.

"اللعب في إنجلترا حلم للجميع وأنا كذلك، هناك بعض العروض لكنني سأقرر في يناير".

كشافو تشيلسي أبلغوا إدارة النادي بضرورة التوقيع مع ماتيتش، وفي صيف 2009، وقع النادي معه بمبلغ 1.5 مليون جنيه إسترليني وبعقد يمتد لعامين، لكن بدايته لم تكن ناجحة، مع استعماله كصانع ألعاب من قبل كارلو أنشيلوتي مدرب الفريق، إلى منافسة أسماء كانت قوية للغاية بالنسبة له.

"كنت صغيرا للغاية في فترتي الأولى مع تشيلسي، في مركزي كان هناك لاعبين كبار مثل مايكل بالاك وفرانك لامبارد ومايكل إيسين".

"انضممت إلى تشيلسي مصابا، غبت لمدة 4 أشهر، لذا كانت الأمور صعبة للغاية علي، الدوري الإنجليزي لم يكن سهلا للغاية، كان صعبا وقويا للغاية".

"تخيل أن تنضم من فريق سلوفيني إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، إنها ليست خطوة سهلة، بالنسبة لي كان كالحلم، ولكنني كنت شابا لذا هي خبرة جيدة".

حتى تلك الفترة لم يكن هناك أي قرار قد صدر باستعمال زهرة الخشخاش لتخليد ذكرى ضحايا الحرب، كان تشيلسي قد تخلى عن ماتيتش فيتسه الهولندي معارا ثم بعد عودته إلى بنفيكا البرتغالي.

"خلال فترتي في البرتغال اعتدت على اللعب ضد لاعبين ضعاف بدنيا، فزت بكل كرة، كان الأمر أسهل للغاية علي من الدوري الإنجليزي الذي لديه لاعبين أقوياء للغاية بدنيا".

تحولت مسيرة ماتيتش تماما في البرتغال تحت إمرة خورخي خيسوس، كان يشعر ببعض الحزن لأنه تم استخدامه كترضية من النادي اللندني لكي يتمكن بدوره من الحصول على خدمات ديفيد لويز، لكنه كتب قصته الخاصة مع النادي البرتغالي، ولعب نهائي الدوري الأوروبي وكان متميزا للغاية كعادته في فترته مع بنفيكا.

وفي يناير 2014 عندما عاد جوزيه مورينيو مرة أخرى لتدريب الزرق، قرر ضمه مرة أخرى لتشيلسي بمبلغ 25 مليون يورو.

ماتيتش ارتدى مع تشيلسي رمز زهرة الخشاش مع فريقه في فترته الثانية، في شهر نوفمبر من كل عام كانت تتواجد على قميصه، فما الذي اختلف منذ انضمامه إلى الشياطين الحمر؟

"أعرف جيدا لما يرتدي الجميع رمز زهرة الخشخاش، وأحترم حق الجميع في فعل ذلك وأتعاطف مع جميع من خسروا أحبائهم بسبب الحرب".

"على الرغم من ذلك، كلما ارتديتها فلا يذكرني ذلك سوى بالهجوم الذي أثر في كثيرا حينما كنت صغيرا، طفل في الـ12 من عمره يعيش في قرية فريلو مرعوبا، وذلك أثناء قصف صربيا عام 1999".

"قمت بارتدائها في وقت سابق، لكن الآن لا أشعر أن ذلك أمرا صحيحا لوضعها على قميصي".

"لا أريد أن أقلل منها كمصدر فخر لبريطانيا أو أهين أي أحد، نحن جميعا نتاج للطريقة التي نشأنا بها، وما أريده هو اختيار شخصي لذا أفعل ما أفعله لأسبابي أنا".

"آمل أن يتفهم الجميع أسبابي حاليا، والتي قمت بشرحها سلفا، والآن يجب أن أركز على مساعدة الفريق فيما هو قادم من مباريات".

الفيلق الملكي البريطاني علق على ذلك الأمر قائلا إن القرار بارتداء زهرة الخشخاش اختياري ويجب أن يكون بقرار شخصي وليس إجباريا".

ربما ارتداها ماتيتش في الماضي، لكن ظلال الحرب التي عاشها كطفل ولم ينسها أبدا، قد تكون طرقت بابه مرة أخرى مع تذكر الحرب العالمية الأولى.

اقرأ أيضا

محمد إيهاب لـ في الجول: الذهب الأولمبي حلمي الأكبر.. واعتزالي في طوكيو

مدرب المنتخب لكهربا: راجع نفسك.. احتفالك العصبي بهدفك في الحدود لم يعجبني

يوسف لـ في الجول: نستغرب إيقاف أزارو.. لكن نثق تماما في مهاجمي الأهلي

لوائح الكاف توضح – لماذا لا يمكن لـ الأهلي الاستئناف على إيقاف أزارو

ماذا يفعل الأهلي في غياب أزارو.. نتائج متباينة

اختر تشكيل الأهلي في مواجهة الترجي عقب إيقاف أزارو

التعليقات