"كينج باور".. كلمة سر صعود الثعالب من دوامة الديون لتحقيق المستحيل

الأحد، 28 أكتوبر 2018 - 11:27

كتب : علي أبو طبل

حادث انفجار طائرة رئيس ليستر سيتي

معجزة كبيرة يتحدث عنها جميع متابعي كرة القدم حول العالم. ليستر سيتي بطلا للدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأولى في تاريخه قبل جولتين من نهاية الموسم.

كان ذلك قبل عامين، والآن ليستر سيتي هو حديث الجميع بعد تحطم الطائرة التي على الأغلب كانت تقل مالك النادي فيتشاي سريفادانابرابا قرب ملعب "كينج باور" عقب تعادل الفريق مع وست هام.

عقب فوز ليستر سيتي ببطولة الدوري، نشر FilGoal.com تقريرا للتعريف بفيتشاي، وشركة كينج باور التي انتشلت فريقا كان مُنذ سنوات قليلة يُعاني من أزمات مادية، ويُنافس في دوري الدرجة الأولى – أدنى من الدوري الممتاز بدرجتين.

فمن وراء هذا الصعود المُميز لذلك الفريق الذي كتب أحد القصص الخيالية في تاريخ الدوري الإنجليزي وكرة القدم بشكل عام؟

في عام 2010، ومع تواجد الفريق فيما يُعادل الدرجة الثالثة من المنافسات، عانى النادي من وجود أزمات مادية وديون ضخمة تحت قيادة مالكه –في ذلك الوقت- ميلان مانداريتش، وهو رجل أعمال صربي/أمريكي لديه استثمارات عديدة في كرة القدم الإنجليزية وقتها، أبرزها في بورتسموث وليستر سيتي.

في ذلك الوقت، ظهرت مجموعة King Power التايلاندية، وهي مجموعة اقتصادية مُتخصصة في مجال الأسواق الحُرة في مطارات مُختلفة في العالم، ويمتلكها رجل الأعمال التايلاندي "فيشاي سريفادرانبرابا"، واسمه الأصلي "فيشاي راكسياكسورن"، لتستحوذ على أصول النادي وتنقذه من الإفلاس.

قصة ليستر سيتي ليست الصعود الأول من القاع في مسيرة أعمال "كون فيشاي"، وهو اسم شهرة مالك الفريق الحالي. فقد واجه الكثير من التحديات في بلاده مع شركته الخاصة العاملة في مجال الأسواق الحُرة.

في 1989، قام "فيتشاي" -60 عاما- بتأسيس "كينج باور" في حيز ضيق جدا بإحدى مطارات بانكوك، ومع مرور السنوات توسّع نطاق الشركة ونفوذها لتُصبح إحدى أنجح الشركات في ذلك المجال في العالم.

في عام 2008، واجه "فيتشاي" أزمة في التراخيص مع السلطة الحاكمة في تايلاند في ذلك الوقت، والتي ادّعت عدم صلاحية التراخيص، ولكنه عبر من الأزمة بأمان.

مع مرور السنوات، تحسنت علاقة "فيتشاي" بالحكومة التايلاندية. وفي عام 2013، قام ملك تايلاند بتغيير اسم عائلة "فيشاي" إلى "سريفاندرانبرابا" والذي يعني "نور المجد التدريجي".

قرر فيتشاي الاستثمار في كرة القدم الإنجليزية، وتحديدا في ليستر سيتي الذي قام بشرائه في أغسطس 2010 مُقابل ما يُقارب الـ 39 مليون جنيه استرليني. ومع مرور أول 3 سنوات، قام بتسديد كافة الديون الواقعة على النادي، والتي كانت تبلغ حوالي 103 مليون جنيه استرليني، ثم بدأ في الاستثمار في منشآت النادي، سواء ملاعب التدريب أو الملعب الرسمي للفريق والذي تحوّل اسمه لـ "كينج باور ستاديوم".

في الموسم قبل الماضي، حصل ليستر سيتي على حصة من قرابة الـ7 مليارات ونصف المليار استرليني كمكافآت وحقوق بث تلفزيوني، وهو أضعاف أضعاف ما أنفقه رجل الأعمال التايلاندي لتحقيق تلك المعجزة الاستثنائية.

لم يكن "فيتشاي" هو أول رجل أعمال من شرق آسيا يستثمر في كرة القدم الإنجليزية، فالماليزي فينسينت تان قام بشراء ملكية نادي كارديف سيتي، وحقق تقدُما يمكن الإشادة به.

ولكن قصة ليستر سيتي تظل استثنائية، فتحت قيادة "فيتشاي"، والمديرة التنفيذية للنادي "سوزان ويلان" والتي ظهرت لمرات قليلة أبرزها في المؤتمر التقديمي للمدير الفني الإيطالي كلاوديو رانييري مطلع موسم التتويج، حقق الفريق نجاحا كبيرا في وقت سريع، فاق توقعات "فيتشاي" نفسه.

فمع صعود الفريق للدوري الإنجليزي الممتاز في 2014، قال مالك الفريق أنه يطمح بأن يُحقق ليستر سيتي تقدُما كبيرا ويُنهي الدوري ضمن المراكز الخمس الأولى خلال 3 سنوات من وقتها، وهو تصريح أثار سخرية الكثيرين.

ولم يضطر "فيتشاي" لأن ينتظر أكثر من عامين حتى يشاهد مشروعه بطلا للدوري الإنجليزي الممتاز بإجمالي صرف لا يتجاوز الـ 53 مليون دولار خلال الموسم الحالي، وهو سُدس ما ينفقه نادي مثل مانشستر يونايتد –حوالي 313 مليون دولار سنويا على انتقالات ورواتب لاعبيه.

أيوات، ابن فيتشاي ونائبه والقائم بإدارة أعمال النادي فعليا من ليستر، صرّح بعد تتويج الفريق باللقب: "حين قمنا بشراء هذا النادي، كانت لدينا خطط عديدة. ولكن إذا سألتنا عما إذا كُنا نفكر وقتها في أن نُتوج باللقب قريبا، يمكنني أن أؤكد أن ذلك لم يكن في الحُسبان".

ويكنّ "أيوات"، والذي يُلقب بـ "توب"، مشاعرا كبيرة تجاه ذلك النادي منذ أول مباراة شاهدها للفريق في نهائي كأس رابطة المحترفين عام 1997 على ملعب ويمبلي، عندما سجل إيميل هيسكي هدف تعادل متأخر أمام ميدلزبره، ليلعب الفريقان مباراة إعادة في ملعب هيلزبره ويفوز بها ليستر سيتي ويُتوج باللقب.

وعلى الرغم من ترك أغلب أمور الإدارة لإبنه، فإن "فيتشاي"، الذي يعشق رياضة البولو بصفة خاصة ويمارسها بانتظام مع الأُمراء البريطانيين، يحرص على حضور العديد من مُباريات الفريق من أرض الملعب بطائرة خاصة تهبط في دائرة منتصف الملعب لتُحضره أو تُقله إلى بلاده.

ولا يبخل مُلاك النادي في إسعاد لاعبيهم وجماهيرهم، حيث ذُكر في تقارير سابقة أبرزتها "الديلي الميل" البريطانية، أنه بعد صعود الفريق للدوري الإنجليزي منذ عامين، قام "فيتشاي" بدعوة أعضاء الفريق كاملين إلى الغداء في أحد المطاعم الفاخرة بلندن، وتحمّل التكاليف بالكامل، وقام بمكافأة كل لاعب بـ 1000 استرليني يحتفل بها كما يشاء.

كما قام بدعوة الجماهير لشراب جعة مجانية في ملعب "كينج باور" في أكثر من مناسبة، أبرزها عند صعود الفريق للدوري، وعند نجاحه في البقاء في الموسم الماضي، وفي نهاية عام 2015 عندما تصدّر الفريق جدول المسابقة. كما أنه يقوم بتقديم دعوات مجانية لحضور المباريات، وتسهيلات وقمصان للفريق من أجل الجماهير في المباريات التي يلعبها ليستر سيتي خارج ملعبه.

ولا يدّخر "فيتشاي" جُهدا حتى فيما يتعلق بمعتقداته الخاصة، حيث يدين هو وعائلته بالديانة البوذية. وفي أكثر من مناسبة، شوهد كهنة بوذيين يقومون بزيارات رسمية لمقر النادي وللاعبين. ويُعرف عن "فيتشاي" أنه يهتم بجمع تماثيل لبوذا. كما ذُكر في تقارير سابقة أنه قام بزيارة تمثال بوذا في بلاده –تايلاند- بعد صعود الفريق إلى الدوري الإنجليزي في 2014.

يان باسون، أحد مسؤولي ليستر سيتي القُدامي والمُتواجد حتى الآن، أكد أن عائلة "فيتشاي" تحافظ على تراث النادي وشعاره وقميص الفريق.

وأضاف: "الجماهير كانت متخوفة مما حدث مع أندية أُخرى من تغيير لتُراث النادي. ولكن المُلاك الجدد يحافظون على ذلك. ويهتمون بانتشار اسم النادي عالميا أكثر من اهتمامهم بالتربُح من وراء الجماهير"

وأنهى: "أسعار التذاكر لم تشهد زيادة كبيرة ما بين فترة لعبنا في الشامبيونشيب ونظيرتها في الدوري الإنجليزي الممتاز. ولا أتوقع زيادة كبيرة مع تأهلنا للعب في أوروبا".

التعليقات