كيران تريبير.. اللاعب الذي أجبر عائلته على تشجيع الغريم التقليدي لتحقيق حلمه

الأربعاء، 19 سبتمبر 2018 - 16:56

كتب : محمد سمير

كيران تريبيير

كيران تريبيير ظهير أيمن توتنام ومنتخب إنجلترا يكمل اليوم عامه الـ28، تألق اللاعب الإنجليزي الموسم الماضي بشدة حتى حقق حلمه بالمشاركة في كأس العالم.

ولكن بالعودة إلى قصته المثيرة يظهر كيف تحول طفل صغير عاشق لكرة القدم من مدينة بوري الإنجليزية إلى لاعب كرة قدم حقيقي يتغنى الجمهور باسمه في ثمن نهائي كأس العالم وكيف حول ذلك الطفل عائلته من تشجيع ناد بجنون إلى التعاطف مع الغريم التقليدي لمجرد وجوده بأكاديميته.

ربما هو ليس من نجوم الصف الأول أو الأشهر في العالم، لكن تم اختياره هذا العام ضمن قائمة أفضل 55 لاعبا على مستوى العالم بعد ما قدمه وضمن المرشحين لتشكيل أفضل 11 لاعب من قبل الاتحاد الدولي فيفا.

وكان تريبيير قد دخل لتسديد ركلة الترجيح الرابعة لمنتخب إنجلترا أمام كولومبيا وسط تخوفات كبيرة من جماهير المنتخب الإنجليزي بسبب الذكريات السيئة تاريخيا للأسود الثلاثة مع ركلات الترجيح، خاصة مع إضاعة هيندرسون الركلة الثالثة.

لكن تريبيير بكل ثبات وهدوء دخل ليسدد ركلة الترجيح داخل الشباك على يمين الحارس الكولومبي، وفي مباراة كرواتيا بنصف النهائي كاد يساهم في تأهل لنهائي المونديال بتسجيل هدف مبكر في الدقيقة الـ5 لكن ودع الأسود الثلاثة البطولة بعد اللجوء للأشواط الإضافية وإصابة تريبيير مما اضطره للخروج.

والآن نعود إلى نشأة تريبيير الذي لطالما حلم بتمثيل منتخب بلاده وخوض منافسات كأس العالم.

النشأة:

كيران هو الطفل الأصغر بين أربعة أشقاء هم كريس وكورتيس وكيلفين بعائلة فقيرة بمدينة بوري الإنجليزية لأب يعمل في الزراعة ودراسة كل من الأشجار والنباتات الخشبية ولكن العائد المادي من ذلك لم يكن كافيا لتلك العائلة.

وقع تريبيير في عائلة مشجعة بقوة لمانشستر يونايتد باستثناء النجم الإنجليزي الذي تعلق بكرة القدم منذ طفولته.

"الدراسة أولا وقبل الرياضة" تلك الجملة لن تسمعها فقط في بيت مصري أو عربي بل سمعها كيران تريبيير كثيرا عندما كان في مرحلة المدرسة.

كانت تلك الجملة تتكرر كثيرا من والديه بسبب تعلقه الشديد بكرة القدم وانشغاله بها في مرحلة المدرسة حتى أنه تمنى أن ينتهي من التعليم ليحترف كرة القدم.

نقطة تحول:

في تلك الفترة اتخذ تريبيير خطوة ربما هي نقطة تحول في مستقبله الحالي فقد انتقل إلى الفريق المحلي بمدينة بوري "سييدفيلد" لممارسة اللعبة التي يعشقها.

وقال تريبيير عن تلك الخطوة: "عندما كنت صغيرا انتقلت من اللعب مع زملائي إلى الفريق المحلي (سييدفيلد)، كان فريقا جيدا في الحقيقة لدرجة أن ستة لاعبين منا انتقلوا بعد ذلك إلى أكاديميات مختلفة".

وكشف تريبيير "كنت في الثامنة من عمري وتم اختياري مع ستة لاعبين آخرين عن طريق كشافة بعض الأكاديميات".

وفي تلك اللحظة اقتربت لحظة تاريخية في عائلة تريبيير الذي تم اختياره من كشافة مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي في نفس التوقيت.

الغريم التقليدي:

وبالطبع أراد والد كيران رؤية نجله بقميص الشياطين الحمر، ليس هو فقط بل كل العائلة التي تشجع مانشستر يونايتد بجنون، لكن تريبيير أخبرهم برغبته في اللعب لأكاديمية مانشستر سيتي أكثر.

وقال تريبيير "رغم أن عائلتي لم تفضل انتقالي إلى مانشستر سيتي لكن والدي رفض الضغط عليّ وسمح لي باختيار ما أفضله".

لتتحول تلك العائلة المشجعة لمانشستر يونايتد لمتعاطفة بقوة مع مانشستر سيتي لحلم رؤية نجلهم يوما ما في مرحلة المحترفين.

"الدراسة أولا وقبل كرة القدم" مازالت تلك العقيدة ثابتة لعائلة كيران حتى بعد انضمامه إلى أكاديمية مانشستر سيتي.

واعترف تريبيير أن والديه في هذه المرحلة سمحا له أخيرا بالجمع بين الدراسة وممارسة كرة القدم وكشف عن امتنانه كثيرا لطاقم التدريس بمدرسته في تلك الفترة.

وأوضح كيران "كنت قريبا جدا من مديري أستاذ بريدلي، كان يسمح لي بالغياب يومين من أجل التدريب وكان يرى في شيئا ما لذلك كان يساعدني".

انبهر مدرسو كيران تريبيير بأدائه وتوقعوا وقتها أن يصبح من نجوم الدوري الإنجليزي قبل أن يتحقق ذلك بالفعل.

الفوز بكأس العالم

وانضم كيران تريبيير في تلك الفترة إلى فريق المدرسة وحقق نجاحات كبيرة حتى إنه حقق كأس العالم "المصغر" في المدرسة وكان قائدا لفريق إنجلترا.

"كيران كان قائدا ومدربا لفريق إنجلترا، فريق تم عمله بكأس عالم في المدرسة عندما كان عمره 15 عاما" لي جاركا مدرس تريبيير خلال حديثه لديلي ميل.

وأضاف "حققوا وقتها لقب كأس العالم -بالمدرسة- عن طريق ركلات الترجيح لكنه طالما حلم بخوض منافسات المونديال مع إنجلترا على مستوى الكبار".

وتذكر جاركا مدرس تريبيير موقفا في كأس العالم الأخير قائلا: "عندما سدد ركلة الترجيح في شباك كولومبيا صرخت لزوجتي لقد فعلها في نفس الزاوية التي كان يسدد فيها عندما كان طفلا بكأس العالم المصغرة".

وكشف مدرس تريبيير "عرفناه لاعبا في الهجوم وكان متخصصا في المدرسة بتسديد ركلات الجزاء والركلات الحرة".

وأتم "تريبيير كان يأخذ كل الأمور بجدية، هو رجل كل الرياضات تنافس في كأس العالم وحقق لقب تنس الطاولة والمفاجأة أنه صاحب الرقم القياسي بسباق 400 متر عدو في المدرسة حتى الآن".

2007 وأول عقد احترافي:

تخرج تريبيير من مدرسته وودهي في عام 2007 وهو نفس العام الذي انتقل فيه إلى مرحلة الشباب تحت 17 عاما.

قام تريبيير بتوقيع أول عقد احترافي في تاريخه مع مانشستر سيتي لكنه استمر بالتدريب مع فريق الشباب في النادي والذي عقد آمال عليه لوجود عدد من المواهب تم اكتشافها عن طريق كشافي أكاديمية النادي.

لم يشارك تريبيير أبدا مع الفريق الأول بمانشستر سيتي رغم توقيع عقد احترافي في ذلك الموسم.

وقاد اللاعب فريقه في تحقيق لقب كأس الاتحاد الإنجليزي للشباب بموسم 2007 - 2008 لكن تلك النجاحات لم تكفي للابتعاد عن الذعر من الخطوة المفاجأة.

مفاجأة ونقلة "تدمير ونهاية أم مساهمة في النجاح؟"

في منتصف يوليو 2008 حدثت مفاجأة غير متوقعة بأنباء قوية عن اقتراب رحيل مالكي النادي وشرائه من مستثمر خليجي قادما من أبوظبي.

أثارت تلك المفاجأة والنقلة الذعر في نفوس لاعبي مانشستر سيتي خوفا على مصيرهم خاصة اللاعبين الشباب منهم "والذي من ضمنهم تريبيير" فبالتأكيد سيكون اعتماد المستثمر على ضم وجوه جديدة تشمل الخبرة وأكثر نجومية.

4 أغسطس 2008 تم توقيع العقد رسميا ليصبح الشيخ منصور وعائلته ملاك نادي مانشستر سيتي مقابل استثمارات لا تقل عن 1 تريليون دولار.

وأصبح المحبط تريبيير يعد أيامه داخل جدران مانشستر سيتي بعد مشاهدته خلال عام ونصف العام عدد من الصفقات الكبرى للدخول في منافسة حقيقية مع الغريم التقليدي مانشستر يونايتد.

في تلك الفترة نصح والدا كيران نجلهما بالرحيل عن مانشستر سيتي على سبيل الإعارة واستمع إلى نصيحتهم هذه المرة.

الإعارة هي الحل:

لم يجد تريبيير مفرا من استثمارات مانشستر سيتي سوى الرحيل إلى برانسلي في فبراير 2010 ونجح اللاعب الشاب في تحقيق إنجازات شخصية بـ41 مشاركة مع الفريق.

خلال الـ41 مشاركة نجح تريبيير في تسجيل أهداف مهمة كما حصد جائزة أفضل لاعب شاب في العام.

بدأ تريبيير في خطف أنظار الأندية المتوسطة لينتقل بعد ذلك إلى بيرنلي - على سبيل الإعارة مجددا - ونجح في تحقيق جائزة أفضل لاعب في النادي بموسم 2011 - 2012 بسبب مستواه الرائعة واعتراضاته للكرة من الخصوم بطريقة مبهرة.

وانتهت علاقة تريبيير بمانشستر سيتي نهائيا في صيف 2012 عندما انتقل عن طريق البيع إلى بيرنلي والذي استمر لمدة خمس سنوات.

تألق تريبيير بقميص بيرنلي ودخل تشكيل أفضل 11 لاعبا بدوري التشامبيونشيب بموسمه الأول 2012 - 2013 في بيرنلي عن طريق البيع ودخل مجددا بالتشكيل بالموسم التالي.

الحلم:

قاد تريبيير بيرنلي للدوري الإنجليزي الممتاز مما جعل كبار الأندية يبدون اهتمامهم باللاعب.

وبالفعل بدأ تريبيير مشوار جديد في 19 يونيو 2015 بالتوقيع على عقد انضمامه إلى توتنام بعد اختيار ماوريسيو بوكيتينو له وحتى الآن مازال لاعبا بالسبيرز.

ورغم ذلك المشوار لم يحظى تريبيير بحلمه باللعب لمنتخب الأسود الثلاثة رغم مشاركته في مراحل الناشئين.

وبعد موسمين مع توتنام انضم أخيرا إلى المنتخب الإنجليزي وسجل مشاركته الأولى في يونيو 2017 أمام فرنسا وديا وشارك لمدة 76 دقيقة في خسارة الأسود الثلاثة بهدفين مقابل ثلاثة.

"شاهدت دموع والدي في عيونهم عند مشاهدتي للمرة الأولى بقميص منتخب إنجلترا، كانت لحظة فارقة" من حديث تريبير لصحيفة ديلي ميل عقب تأهل المنتخب الإنجليزي لنصف نهائي كأس العالم.

وتابع "والدي مشجعا بقوة لكرة القدم أتذكر في كأس العالم 2010 قام بشراء حامل خشبي بارتفاع 10 أقدام لوضع علم إنجلترا في الشارع، ونقلنا شاشة التليفزيون في الحديقة لكن يبدو أن الجميع لم يكن سعيدا بذلك".

وأتم حديثه عن والده "تم شكوتنا وطالبنا المجلس بإزالة العلم لكن والدي أصر على تركه رافضا كل الخطابات، كان أمرا مضحكا لكن والدي مجنونا بإنجلترا، من الصعب توقع شعوره وهو هنا في روسيا يشاهدني بقميص المنتخب في كأس العالم".

شارك تريبيير مع المنتخب الإنجليزي في 15 مباراة دولية بينهم سبع مباريات ودية وست مباريات بكأس العالم.

نجح تريبيير في ست مباريات بكأس العالم من تسجيل هدفا وصناعة آخر وقدم مستوى رائع حفظ له مكانا في القائمة التي ضمت 55 لاعبا للاختيار بينهم ضمن أفضل 11 لاعبا بالموسم الماضي.

تريبيير الذي نشأ في عائلة فقيرة مشجعة لمانشستر يونايتد وانتقل إلى غريمهم التقليدي يتألق الآن بألوان توتنام وإنجلترا ويتم عامه الـ28، ويبدو أن تحقيق حلمه بالمشاركة في كأس العالم لن يوقف طموحه برغبته في تحقيق إنجازات جديدة بداية من أمم أوروبا كما صرح بعد الحصول على المركز الرابع في كأس العالم.

التعليقات