المغرب .. أسود بقيادة ثعلب

الثلاثاء، 05 يونيو 2018 - 14:35

كتب : عادل كُريّم

هيرفي رينار

"إخوتي هيا.. للعلى سعيا.. نشهد الدنيا.. أن هنا نحيا" ..

حينما تم وضع النشيد الوطني المغربي عام 1956 بعد الاستقلال، كان مجرد موسيقى بلا كلمات.. إلا أن تأهل المنتخب المغربي لكأس العالم للمرة الأولى في تاريخه 1970 بالمكسيك دفع ملك البلاد وقتها الحسن الثاني لإصدار أمر ملكي بكتابة كلمات للنشيد حتى يرددها اللاعبون قبل مبارياتهم في المونديال.

بعدها بـ16 عاماً كان لاعبو المغرب يحتفلون بكونهم أول فريق عربي وإفريقي ينجح في تجاوز الدور الأول لكأس العالم.. المكسيك كانت الفأل الحسن من جديد لأسود الأطلس الذين عادوا للمونديال، ليتفوقوا على إنجلترا وبولندا والبرتغال ويعتلوا قمة مجموعتهم، ليصبحوا أول فريق من القارة السمراء يمر من مرحلة المجموعات، قبل أن تتوقف مسيرة رفاق الحارس العملاق بادو الزاكي في دور الستة عشر بهدف ألماني متأخر من لوثر ماتيوس.

مشاركة للنسيان في 1994، ثم تألق في 1998 وخروج بفعل فاعل برازيلي - نرويجي أعاد للأذهان المؤامرة الألمانية النمساوية على الجزائر في 1982.. غياب طويل قبل أن يعود الأسود للمونديال هذا العام، بقيادة ثعلب فرنسي اسمه هيرفي رينار.

في روسيا

أسود الأطلس وقعوا في مجموعة صعبة للغاية، ستجمعهم بحامل لقب يورو 2016 البرتغال، وبطلة العالم 2010 إسبانيا، بالإضافة للمنتخب الإيراني. المغرب تبدأ المشوار أمام إيران يوم 15 يونيو في سان بطرسبرج، ثم تلتقي البرتغال بعدها بخمسة أيام في موسكو، قبل أن تنهي مرحلة المجموعات بلقاء إسبانيا يوم 25 يونيو في كالينينجراد.

بلا هزيمة

4 مباريات ودية خاضها أسود الأطلس استعداداً للمونديال دون هزيمة. الفوز بثنائية على أوزبكستان وبهدفين لهدف على صربيا في مارس الماضي، أعقبهما تعادل سلبي مع أوكرانيا ثم فوز بهدفين لهدف على سلوفاكيا هذا الشهر. المغرب تختتم استعداداتها بلقاء إستونيا في التاسع من يونيو قبل التوجه إلى أرض المونديال في روسيا.

رينار.. ليس بالحماس وحده

في عام 2012، وقبل انطلاق كأس الأمم الأفريقية في ضيافة الجابون وغينيا الاستوائية، اصطحب مدرب منتخب زامبيا وقتها الفرنسي هيرفي رينار لاعبي فريقه إلى شاطئ المحيد الأطلنطي في عاصمة الجابون ليبرفيل.. تحديداً عند الموضع الذي سقطت فيه الطائرة التي كانت تقل منتخب زامبيا عام 1993 ليلقى كل من عليها مصرعهم، وتفقد زامبيا جيلها الذهبي بسبب هذا الحادث.

رينار جعل لاعبيه يتعهدون هناك أنهم سيحققون شيئاً يليق بذكرى من رحلوا في هذا المكان بالذات.. وبعدها بثلاثة أسابيع كان هؤلاء اللاعبين يبرون بقسمهم، ويحتفلون مع المدرب الفرنسي بلقب كأس الأمم الأفريقية للمرة الأولى في تاريخ زامبيا.

المدرب الذي يشتهر دائما بقميصه الأبيض وابتسامته الواثقة عاد بعد ثلاث سنوات ليكتب التاريخ، حينما أصبح أول مدرب في تاريخ القارة السمراء يفوز بكأس الأمم الأفريقية مع فريقين مختلفين، بعدما قاد كوت ديفوار للفوز بلقب كأس الأمم 2015 في غينيا الاستوائية.

"الثعلب" كما يعني اسمه باللغة الفرنسية انتقل بعدها لتدريب المغرب، لينجح في إعادة أسود الأطلس لكأس العالم بعد غياب عشرين عاماً، ومن مجموعة صعبة ضمت معه كوت ديفوار ومالي والجابون.

وبينما يعتبر البعض الحماس والجانب النفسي أقوى عوامل رينار، إلا أن الفرنسي أثبت أنه مدرب يملك مرونة فنية عالية، وأن تكتيكه الفني لا يقل بأي حال من الأحوال عن روحه الحماسية التي تميزه أينما حط الرحال.

4-2-3-1

مباراة سلوفاكيا أكدت اعتماد رينار على طريقة 4-2-3-1 من جديد.. الفرنسي منح الفرصة لحارس جيرونا الإسباني ياسين بونو بعدما منحها من قبل لحارس نومانثيا الإسباني أيضاً منير الكاجوي، بانتظار حسم موقفه من حارس عرين الأسود الأساسي في روسيا.

نجم ريال مدريد أشرف بن حكيمي لعب في مكانه كظهير أيمن. حكيمي كان قد شارك في بعض مباريات التصفيات على الجانب الأيسر ليتيح الفرصة لوجود نبيل درار، الذي غاب عن المباريات الودية الأخيرة للإصابة، إلا أن رينار يبدو متفائلاً بعودته قبل مباراة إيران الأولى في المونديال. وجود حكيمي على الجهة اليمنى قابله حمزة منديل في مركز الظهير الأيسر، فيما شغل القائد مهدي بن عطية ورومان سايس قلبي الدفاع. تشكيلة تبدو الأقرب للظهور في المونديال، مع احتمال تواجد مانويل دا كوستا بدلاً من سايس.

مبارك بوصوفة وكريم الأحمدي شغلا مركز لاعبا الارتكاز، وبوجود لاعبين مثل سفيان أمرابط ومهدي كارسيلا لن يشعر رينار بالقلق في هذا المركز. يونس بلهنده الذي تعرض للكثير من الانتقادات في مباراة أوكرانيا استمر في مركز صانع الألعاب، وتألق هذه المرة ليسجل هدف الفوز على سلوفاكيا بطريقة رائعة. بلهنده يحظى بثقة كبيرة من رينار الذي أشاد به عقب المباراة وطالب الجمهور المغربي بالتوقف عن مهاجمته.

حكيم زياش ونور الدين أمرابط لعبا كجناحين مع المهاجم خالد بوطيب. زياش قدم مباراة مميزة كعادته، وكاد يسجل بتسديدة متقنة ارتدت من القائم، وتبادل المراكز مع أمرابط بطريقة جيدة ومميزة في طريقة رينار. وجود فيصل فجر وأمين حارث الذي فاز بلقب أفضل لاعب شاب في الدوري الألماني مع شالكه إضافة قوية لهذا الخط.

نقطة الخلاف طالت المهاجم خالد بوطيب، الذي لم ينجح مرة أخرى في استغلال ثقة رينار، وغاب عن التمركز الجيد داخل منطقة الجزاء، خاصة مع كثرة الكرات العرضية التي لم ينجح في التعامل معها، مما دفع زياش وأمرابط وبلهنده للاعتماد على تبادل المراكز ومحاولة التسديد من خارج منطقة الجزاء.

دخول أيوب الكعبي في الشوط الثاني أعطى الهجوم المغربي اللمسة التي كان يفتقدها، ونجح لاعب نهضة بركان في خطف التعادل برأسية مميزة. وبالرغم من اعتماد رينار شبه الدائم على بوطيب إلا أن المستوى الذي قدمه الكعبي في مباراة سلوفاكيا وقبلها دفع الجماهير المغربية لمطالبة رينار بإشراك هداف بطولة الأمم الأفريقية للمحليين بصفة أساسية في المونديال. قائمة المغرب تضم أيضاً مهاجمين آخرين هما يوسف النصيري وعزيز بوحدوز.

الضغط

أسلوب رينار يعتمد بصورة كبيرة على الضغط المتواصل والمرتفع من لاعبي الوسط على الفريق المنافس. أسلوب ينجح كثيراً لكنه يحتاج للياقة بدنية وتركيز عاليين، وربما يتسبب في ظهور بعض المساحات بين وسط الملعب والدفاع، مثلما حدث في مباراة سلوفاكيا.

ويتطلب ذلك وجود بدلاء على أعلى مستوى، وهو ما ظهر في كل وديات الفريق، بلاعبين من نوعية الكعبي وأمين حارث ومانويل دا كوستا.

النتائج الودية لا تهم

"إذا فزنا في كل مبارياتنا الودية وبخمسة أو ستة أهداف، فهذا لا يعني أننا جاهزون للمونديال. ألمانيا خسرت من النمسا ومازالت بين المرشحين للقب".. هذه هي فلسفة رينار التي لا تتغير.

الفرنسي على سبيل المثال يرى أنه استفاد من مباراة أوكرانيا التي انتهت بالتعادل السلبي بصورة أكبر من الفوز على سلوفاكيا. "كم من نتائج ودية خدعت فرق كبيرة قبل البطولات الأهم"، هكذا يقول.

الأمل في تقديم المغرب بطولة كبيرة يتزايد في كل يوم، وبرغم صعوبة المجموعة إلا أن رينار يبدو واثقاً في قدرة أسوده..

"أتمنى أن نكون في كامل جاهزيتنا قبل مباراة إيران. سنذهب من أجل تشريف الكرة المغربية، لأننا نعرف ما ينتظره الجمهور المغربي منا."

التعليقات