ضحايا المونديال - الشعر الطويل والأقراط والمثلية الجنسية.. محرمات الأرجنتين في كأس العالم 1998

الخميس، 31 مايو 2018 - 11:21

كتب : زكي السعيد

ريدوندو

الإصابة، أسباب فنية، شجب لنظام حاكم أو ظلم نظام حاكم لأحد معارضيه، خلافات شخصية مع المدرب.. تعددت أسباب غياب اللاعبين عن المونديال، وبقى "شَعر ريدوندو" هو السبب الأغرب على الإطلاق.

FilGoal.com يقدم سلسلة "ضحايا المونديال"، لنبحث في شأن هؤلاء الذين لم تشملهم القائمة النهائية المسافرة للمنافسة في أقوى بطولات كرة القدم على الإطلاق: كأس العالم.. وبطل هذه الحلقة سيكون الأمير فرناندو ريدوندو الغائب عن كأس العالم 1998.

قدم مغناطيسية

لا يصح بدء الحديث عن لاعب الوسط الأرجنتيني الأعسر دون التطرق لمقولة سير أليكس فيرجسون المدير الفني التاريخي لمانشستر يونايتد: "ماذا يملك هذا اللاعب في قدميه؟ مغناطيس؟!".

المدرب الإسكتلندي الغاضب بعد تجريد فريقه من لقبه الأوروبي، خرج بتلك الكلمات الخالدة في حق ريدوندو الذي راوغ لاعبه النرويجي هينينج بيرج بالطريقة الأغرب على الإطلاق، مستعملا كعب القدم، قبل أن يعطي التمريرة الحاسمة لراؤول جونزاليس في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2000.

قبل ذلك بعامين، سافر منتخب الأرجنتين إلى فرنسا للعب كأس العالم دون لاعب الوسط الأفضل في العالم حينها –ربما-، لأنه اختار الاحتفاظ بهيئته الشكلية على تمثيل بلاده.. ولكنه لم يكن المونديال الأول الذي يغيب عنه ريدوندو لأسباب غير فنية.

في نسخة 1990، أراد كارلوس بيلاردو مدرب الأرجنتين استدعاء موهبة أرجنتينيوس جونيورز الصاعدة بسرعة الصاروخ، ريدوندو بلغ وقتها 21 عاما، ولكنه امتلك الشخصية اللازمة حتى يقول للمنتخب حامل لقب المونديال: "لا".

السبب كان رغبته في إنهاء دراسته الجامعية للقانون، ولربما إدراكه أنه لن يكون ركيزة رئيسة في تشكيلة المدرب بيلاردو دفعه إلى تجنب السفر إلى إيطاليا من الأساس، فريدوندو أحب دائما أن يلعب الدور القيادي، وبتلك الشخصية حكم وسط ملعب أي فريق لعب له.

بعد كأس العالم –الذي لم يشارك فيه ريدوندو-، أتته فرصة الانتقال إلى أوروبا من بوابة تينيريفي الإسباني الذي أشرف على تدريبه مواطنه خورخي سولاري، وعندما أتى الأرجنتيني الآخر خورخي فالدانو لتدريب الفريق الكناري، انفجر ريدوندو.

تزامنا مع تصاعد سمعته في الملاعب الإسبانية، تلقى ريدوندو الاستدعاء الدولي من ألفيو باسيلي حتى يشارك في كأس القارات 1992، هذه المرة لم يقل "لا"، بل سافر إلى المملكة العربية السعودية، جالبًا اللقب لبلاده، ومُظهرًا أفضلية واضحة على كافة اللاعبين الآخرين في تلك البطولة، ليتوج بجائزة أفضل لاعب في الدورة.

بعد عام، عاد ليتوج بلقب جديد مع المنتخب: كوبا أمريكا 1993 –اللقب الأخير للأرجنتين- وكوّن حينها شراكة مميتة في وسط الملعب مع دييجو سيميوني "المخ والعضلات".

في الصيف التالي، ورغم انتقاله إلى ريال مدريد صحبة فالدانو الذي انتقل بدوره لتدريب الميرنجي وطلبه اسمًا، شهدت مسيرة ريدوندو الدولية انبعاجا كبيرا بتولي دانييل باساريلا المهمة.

باساريلا

كان باساريلا شخصية تحظى بكثير من التبجيل في الأرجنتين، إذ يُعد أول أرجنتيني تلمس يداه كأس العالم على الإطلاق بصفته قائدا للمنتخب بنسخة 1978.

باساريلا الذي يعتبر أفضل مدافع أرجنتيني على الإطلاق في نظر الكثيرين، وصفه دييجو مارادونا ذات يوم قائلا: "إنه أفضل ضارب رأسيات رأيته في حياتي".

وعلى الرغم من تلك الإشادة، فإن علاقة باساريلا ومارادونا يشوبها الكثير من الصراع والشد والجذب، مما سيدفع بمارادونا إلى الانحياز لاحقا لصف ريدوندو عندما يحتدم القتال.

ظهرت خلافات باساريلا ومارادونا على السطح بتولي كارلوس بيلاردو مهمة تدريب الأرجنتين عام 1983، ليقوم "الناريجون" أو "الأنف الكبير" كما تم تلقيبه لضخامة أنفه، بإعطاء شارة القيادة لمارادونا بعد أن حملها باساريلا على ذراعه لسنوات.

مع اقتراب كأس العالم 1986 زادت الأمور سخونة عندما انقسمت غرفة خلع الملابس على نفسها، المخضرمون خورخي فالدانو وريكاردو بوتشيني انحازا لصديقهما باساريلا الذي استغل في إحدى المرات تأخر مارادونا 15 دقيقة عن اجتماع للمجموعة، وقال ساخرا: "لماذا تأخر القائد؟ أبسبب انشغاله بتعاطي المخدرات؟".

مارادونا قال لاحقا في مذكراته أنه كان "نظيفا" في المكسيك 1986 وقتما سخر منه باساريلا أمام المجموعة، ولذا ضرب مارادونا بعنف ردا على سخرية باساريلا لاعب فيورنتينا.

قائد نابولي أفصح عن النزوة التي انتشر صداها في الملاعب الإيطالية، نزوة باساريلا الذي يسافر من فلورنسا إلى موناكو دوريًا بطائرته الخاصة لمقابلة زوجة أحد لاعبي المنتخب الأرجنتيني، بل إنه يعود للتباهي بذلك في غرفة خلع ملابس فيورنتينا.

بسبب التهاب في الأمعاء لباساريلا –ناتج ربما عن إفصاح مارادونا- اضطر بيلاردو إلى الاعتماد على خوسيه لويس براون في خط الدفاع بالمباراة الأولى أمام كوريا الجنوبية، ومع تعافي باساريلا من آلام الأمعاء، اتضحت نوايا بيلاردو الحقيقية.

المدرب انحاز إلى صف نجمه الذهبي مارادونا، وقرر مواصلة الاعتماد على براون فيما تبقى من مباريات البطولة على حساب باساريلا الذي لم يشارك في أي دقيقة بنسخة 1986 على الرغم من كونه اللاعب الوحيد المتبقي من المنتخب الفائز بـ1978.. في نهاية الأمر، تقدّم مارادونا لتسلم الكأس التي لمسها يوما ما باساريلا بكثير من الفخر.

ثورة باساريلا

في كأس العالم 1994، عاد مارادونا إلى الصورة بهدف رائع في شباك اليونان خلال انتصار الأرجنتين 4-0، إلا أنها كانت "الصرخة الأخيرة" لدييجو الذي خرجت عينة المنشطات من دمائه "إيجابية" لتطيح به من البطولة وتتسبب في زلزال داخل معسكر المنتخب الأرجنتيني الذي ودع البطولة في مفاجأة كبيرة من دور الـ16 أمام رومانيا.

لجأ الاتحاد الأرجنتيني إلى باساريلا حتى يأتي ويلملم شمل الأرجنتين التي قدّمت أسوأ عرض مونديالي لها منذ عقدين.

وعلى الفور بدأ باساريلا حملة التصحيح ومسح تأثير مارادونا "السيء" على لاعبي المنتخب الأرجنتيني، فقام فورا بمنع اللاعبين أصحاب الشعر الطويل أو مرتديي الأقراط أو مثليي الجنس من تمثيل الأرجنتين!

منْع اللاعبين أصحاب الشعر الطويل يعني أن أسماء الضحايا تشمل: جابرييل عمر باتيستوتا هداف المنتخب، كلاوديو كانيجيا نفاثة خط الهجوم، أريل أورتيجا صانع الألعاب المبدع، وأخيرا فرناندو ريدوندو حاكم خط الوسط.

أورتيجا انصاع للأمر واضطر لتقصير شعره، أما باتيستوتا فابتعد لأشهر طويلة عن المنتخب لصالح المهاجم الشاب هيرنان كريسبو، قبل أن يعود مهاجم فيورنتينا لرشده أخيرا ويقوم بتقصير شعره بدوره.

الوضع كان مختلفا مع كانيجيا الذي قال: "هذا سخف، لا يمكنني الموافقة على مطالب مماثلة، فأنا مثل شمشون".

كانيجيا الصديق المقرب لمارادونا وضع طعنته الأخيرة في جسد باساريلا قائلا: "باساريلا رفع كأس العالم بفضل أهداف (ماريو) كيمبس الذي امتلك شعرا أطول من شعر المسيح. تاريخ كرة القدم الأرجنتينية كُتب بواسطة لاعبين أصحاب شعر طويل. أفضل فتراتي كانت عندما امتلكت شعرا كثيفا بدا كالخوذة، مثل فانجيو (سائق سيارات سرعة أرجنتيني شهير)".

أما ريدوندو، فقال: "لقد شرح لي (المدرب) أفكاره ورؤيته، وكيف أنه سيتعامل مع المجموعة، ولم نتوصل لاتفاق يخص مسألة الشعر. أحترمه، ولكن شعري جزء من شخصيتي، أنا لاعب كرة قدم، ولكن قبل ذلك أنا شخص يشعر بأنه على ما يرام مع تلك الهيئة".

وهنا ظهر مارادونا لاعب بوكا جونيورز حينها، قام أولا بصبغ شعره باللون الأصفر في رسالة مبطنة لعدوه باساريلا، وقدم دعما علنيا لامتناع ريدوندو الانضمام للمنتخب: "استبعاد لاعب مماثل من صفوف المنتخب لأنه لم يقص شعره هو غباء، سأساند ريدوندو حتى الموت. ارتداء قميص المنتخب الوطني مهم للغاية، ورغم ذلك، بقى اللاعب حازما في موقفه، وهو الأمر الجيد للاعبين، لأنه يظهر بأنهم يمتلكون الشخصية ولا يتخلون عن قناعاتهم".

وبات خورخي فالدانو في وضع حرج، يتوجب عليه دعم لاعبه في ريال مدريد من جهة، وتحركه مشاعره إلى مساندة صديقه باساريلا في مواجهة مارادونا من جهة أخرى، لينتهي الأمر على تصريحه: "أرفض تصديق أن قرارا مماثلا ناتج عن طول الشعر فحسب".

فيما امتلك مساعده الأرجنتيني أنخيل كابا الجرأة للإفصاح عن وجهة نظر عكسية: "من التفاهة عدم استدعاء لاعب لهذا السبب، نعيش في زمن الحرية، وكل شخص مسؤول عن نفسه".

بينما استغل ميتشل جونزاليس لاعب ريال مدريد وضع زميله، وقام بالسخرية من خافيير كليمنتي مدرب إسبانيا الذي استبعده في تلك الفترة من حساباته: "الآن عرفت لماذا لا أقنع كليمنتي، شعري قصير للغاية".

في العام التالي اشتعل الوضع عندما اتهم باساريلا نظيره ريدوندو بالكذب، إذ ادعى أنه استبعد ريدوندو لأسباب فنية بعد أن رفض اللعب على الجبهة اليسرى في خط الوسط.. حسنا، عذر أقبح من ذنب في تلك الحالة، فكيف لمدرب أن يقبل على نفسه إبعاد ريدوندو عن عمق الملعب!

ومع توتر الأجواء، قرر باساريلا إظهار حسن النوايا مبدأيا، واستدعى ريدوندو للمنتخب الأرجنتيني في يناير 1997. وفي يوم 22 يناير بعد عدة أيام من الاستدعاء، جمعت مكالمة هاتفية ساخنة الثنائي المتناحر نتج عنها مزيدا من التنافر، مما دفع بريدوندو إلى الدعوة لمؤتمر صحفي في اليوم التالي بمقر النادي.

جلس ريدوندو أمام الصحفيين في المؤتمر الشهير، وبدا على وجهه تبعات تلك المكاملة الهاتفية، اللاعب أعلن بأنه لن يلعب للأرجنتين في كأس العالم، وأرجع السبب الرئيسي في هذا إلى نعته "بالكاذب" من قبل باساريلا قبل عام.

وقبل انطلاق كأس العالم مباشرة، احتاج باساريلا لحارس مرمى ثالث في قائمته، فطلب من جايجو مدرب حراس المرمى محاولة إقناع نوربرتو سكوبوني حارس مرمى كروز أزول بتقصير شعره والانضمام للمنتخب، فأجاب سكوبوني غير مكترث: "سأقص شعري فقط في حالة واحدة، إن خسر باساريلا 30 كيلوجراما من وزنه".

لعبت الأرجنتين كأس العالم دون فرناندو ريدوندو، ورغم الانطلاقة المميزة، إلا أن عبقرية دينيس بريكامب كانت أقوى تأثيرا من قوانين باساريلا الخاصة بالالتزام.

أما ريدوندو، فمضى ليصير واحدا من أعظم لاعبي وسط الملعب في تاريخ ريال مدريد، وحقق معه لقبين في دوري أبطال أوروبا، بل كان قائدا للفريق الذي هزم فالنسيا بثلاثية نظيفة –في فرنسا بالمناسبة- عام 2000، والتي كانت للغرابة مباراته الأخيرة مع مدريد بعد أن فاز فلورنتينو بيريز بالانتخابات وانتقم من أنصار سلفه لورنزو سانز.

اقرأ أيضا

مجلس الأهلي يقر 8 قرارات رسمية – اعتماد تعيين حسام غالي ومحمد فضل رسميا

حوار – عمرو جمال يتحدث عن حلم الطفولة بأن يصبح شرطيا.. وأمل المونديال الذي لم يفقده

ريال مدريد والأندية الإنجليزية الأكثر استفادة من "أموال" دوري أبطال أوروبا

أهلا بك في عالم التدريب.. رسميا – لامبارد مدربا لدربي كاونتي

مواعيد مباريات الخميس – المغرب ضد أوكرانيا والسنغال مع لوكسمبورج

رسميا – صلة ترعى الأهلي 4 سنوات مقبلة مقابل 500 مليون جنيه

التعليقات