محمد صلاح.. حكاية الظهير الذي أصبح هدافا لإنجلترا

الأحد، 13 مايو 2018 - 18:27

كتب : فادي أشرف

محمد صلاح احتفال بالهدف

"أهدر 5 انفرادات خلال المباراة.. منحته 25 جنيها بسبب بكائه الشديد بعدها".

"كنت أدربه على التسديد على الشباك الخالية وزملاءه كانوا يشجعونه من الخارج فقط ليجعلونه سعيدا".

"هذا لاعب يحتاج لعمل كثير جدا حتى ينصهر في بوتقة الفريق، لاعب كبير لكن لديه ذاتية شديدة".

هذا الحديث قيل عن محمد صلاح، هداف الدوري الإنجليزي والحاصل على جائزة BBC لأفضل لاعب في إفريقيا لعام 2017.

في ليلة من الليالي، استلم صلاح الكرة أمام مدافع إيفرتون في دربي من أشرس الدربيات في إنجلترا. بقوته دفعه للخلف – أمر مقبول للغاية في الدوري الإنجليزي – مر بمهارة من أخر وسدد في أقصى الزاوية البعيدة. أمر تكرر من صلاح كثيرا في 44 مرة سجل فيها بقميص ليفربول هذا الموسم.

التطور الرهيب، ووقوف صلاح للحصول على تلك الجائزة، لم يكن وليد الصدفة أو بسبب تألق دام موسما واحدا أو موسمين بل نتيجة عمل قام به بداية من المقاولون العرب مرورا ببازل ثم تشيلسي وفيورنتينا وروما، انتهاء بالمحطة التي شهدت انفجاره.. ليفربول.

اقرأ أيضا – أبواب المجد تُفتح أمامه.. صلاح أفضل لاعب في إفريقيا من BBC

منذ رحيله إلى بازل، انتقلت الأضواء تدريجيا إلى صلاح. تسلطت عليه مع انتقاله لتشيلسي قبل أن تخفت وتسطع ثم لا تلتفت إلا إليه. انظروا إلى الأخبار الأكثر قراءة على موقع FilGoal.com. كلها عن صلاح.

ولكن هناك مرحلة من عمر صلاح قد لا تحظى بالأضواء التي تستحقها..

الرحلة من قرية نجريج بمحافظة الغربية إلى مقر نادي المقاولون العرب في منطقة الجبل الأخضر بضاحية مدينة نصر شرق القاهرة تأخذ – حسب Google Maps – حوالي 3 ساعات.

بالطبع لم يملك صلاح سيارة أو وسيلة تنقل ثابتة، الرحلة بالتأكيد تأخذ أكثر من 3 ساعات والكثير من المجهود لناشئ عليه بذل الكثير من الجهد في تدريبات فريقه لإثبات ذاته.

"عندما كنت مدربا لفريق تحت 16 عاما في المقاولون العرب كان لدي 5 ظهراء يسار، بينهم شريف علاء وعلي فتحي اللذين لعبا للزمالك بعد ذلك، ومحمد صلاح".

سعيد الشيشيني، المدرب الذي أشرف على صعود صلاح الصاروخي في قطاع ناشئي المقاولون العرب رأى في صلاح أمرا هاما.

Image result for ‫سعيد الشيشيني‬‎

"كنا نواجه إنبي الذي يملكون قطاعا قويا للناشئين، فزنا 4-0 وكان صلاح الظهير الأيسر"، يضيف الشيشيني "من مركز الظهير الأيسر ركض صلاح، أكثر من 5 مرات لينفرد تماما بمرمى إنبي، لكن عندما كان يصل إلى المرمى يهدر الكرة".

يستكمل الشيشيني قصته عن محمد صلاح لـFilGoal.com قائلا: "بعد المباراة، بكى صلاح بشدة بسبب إهداره للفرص، كان هناك لاعب سجل 3 أهداف منحته 50 جنيها كمكافأة ومنحت صلاح 25 جنيها كمكافأة على أداءه".

لكن كان هناك قرارا أكثر أهمية أخذه الشيشيني، ربما يكون أحد أهم القرارات المؤثرة في مسيرة صلاح.

"في هذا اليوم، قررت أن صلاح سيلعب في مركز الجناح الأيمن لـ(يضم) داخل الملعب ويسدد بقدمه اليسرى. الركض من مركز الظهير الأيسر إلى مرمى الخصوم كان يأخذ الكثير من مجهوده وبالتالي كان لا ينهي الهجمات بالشكل الصحيح، فكرت أن اقترابه من المرمى أكثر سيجعله هدافا قديرا، وهذا ما حدث".

الشيشيني كان يستعمل صلاح في مباريات فريق تحت 16 في دوري منطقة القاهرة، وتحت 17 عاما في دوري الجمهورية، وبعد هذا القرار أخبر الشيشيني صلاح أنه سيكون هدافا للفريقين في المسابقتين.

"بالفعل، سجل صلاح 35 هدفا في المسابقتين. ومنذ ذلك الحين لم يتوقف صلاح عن التسجيل بقميص المقاولون العرب".

Image result for ‫محمد صلاح المقاولون العرب‬‎

في موسم 2010/2011، تولى محمد رضوان تدريب الفريق الأول للمقاولون العرب في موسم كان صعبا للغاية على ذئاب الجبل حيث توالى على تدريبهم محمد عامر وحمزة الجمل والبرتغالي تيودوروف، إلا أن ذلك لم يمنع هبوطهم في ذلك الموسم ولكن الهبوط برمته تم إلغاءه من قبل اتحاد الكرة.

ربما فترة قيادة رضوان ومعاونه الشيشيني لم تكن مؤثرة – من على السطح – في تاريخ المقاولون العرب أو الكرة المصرية في أي شيء، إلا أنها منحت كرة الفراعنة أهم أبطالها. محمد صلاح.

في موسم 2009/2010، شارك صلاح مع المقاولون في 46 دقيقة فقط في الدوري، ولكن في الموسم التالي مع رضوان والشيشيني شارك في 20 مباراة سجل فيهم 4 أهداف أولهم جاء ضد الأهلي في لقاء شهير – بسبب محمد صلاح – انتهى 1-1.

"منذ ذلك اليوم صار اسم محمد صلاح معروفا، بسبب تلك السرعة غير العادية وبالتأكيد هدفه ضد الأهلي".

ما فعله صلاح مع المقاولون العرب – المشهور دائما بقدرته على تقديم اللاعبين المميزين لمنتخبات الشباب – جعل له مكانا في فراعنة تحت 20 عاما.

قبل رحيله عن مصر، سجل صلاح إجمالا 12 هدفا في 44 مباراة.

"أي مدرب يريد أن (يتفلسف) أو يصف نفسه بالعبقرية، سيقول لك إنه كان يتوقع لمحمد صلاح أن يصبح هدافا للدوري الإنجليزي". ضياء السيد، مدرب محمد صلاح في منتخب تحت 20 عاما.

Image result for ‫ضياء السيد‬‎

يقول ضياء السيد لـFilGoal.com: "صلاح كان لاعبا جيدا، لم أكن أملك شكا في ذلك. كنت واثقا من أنه سيكون لاعبا رائعا في الدوري الممتاز.. في مصر!".

خاض صلاح مع منتخب مصر للشباب 11 مباراة سجل فيهم 3 أهداف، وكان يمكنه زيادة غلته من الأهداف كثيرا بحسب رواية ضياء السيد.

"في كأس أمم إفريقيا للشباب في 2011، كنا نواجه جنوب إفريقيا وفزنا 1-0. في ذلك اليوم أهدر صلاح على الأقل 10 فرص للتسجيل. بعد المباراة بكى بشدة رغم أننا تأهلنا إلى نصف النهائي وتأهلنا إلى كأس العالم في كولومبيا".

ويضيف السيد "بعد تلك المباراة، أخذته في ملعب المران للتسديد على المرمى الخالي، كانت الأمطار تهطل يومها بشدة وأخذ صلاح يسدد كثيرا على المرمى الخالي وزملاءه يشجعونه من الخارج فقط لجعله سعيدا".

وأكمل السيد "كل من تابع مسيرة صلاح يعرف أنه طور أمر إنهاء الهجمات بشكل رائع، تحدى نفسه ونجح".

بعد كارثة بورسعيد وتوقف النشاط الكروي في مصر، واجه منتخب تحت 23 عاما فريق بازل، فاز المنتخب المصري 4-3 وأحرز صلاح هدفين وحجز معهما تذكرة إلى سويسرا وانتقال إلى بازل.

لكن الشيشيني وضياء السيد يروا أن مهارات صلاح ليست السبب الوحيد في تألقه في إنجلترا وسيادته لإفريقيا وتتويجه بلقب "ملك مصر" في إنجلترا، والهتاف له في أنفيلد عن طريق حناجر ألفت الغناء لأساطير مثل إيان راش وكيني دالجليش وستيفن جيرارد ولويس سواريز.

يقول الشيشيني "كشخص، صلاح لم يتغير. ربما من الطبيعي أن يختلف أي شخص بعد تحقيقه لشهرة سريعة وخاصة لاعبي كرة القدم. لم ينس صلاح نجريج أبدا ودائما ما يذهب هناك ويعامل الجميع بتواضع. لم ينس جذوره أبدا وهذا أمر يٌحترم عليه".

أما ضياء السيد فكان له نظرة أخرى في سمات صلاح الشخصية "صلاح كان دائما طموحا. دائما ما كان يريد التعلم والتطور، وفي نفس الوقت كان متواضعا ويحترم زملاءه ومدربيه بشدة".

ويشدد السيد "الأهم، هو أنه دائما كان ملتزما كلاعب كرة قدم، داخل وخارج الملعب. نصحته في مرة أن يتعلم من كل مدرب يتعامل معه وهو تعامل مع مدربين كبار مثل مورات ياكين وجوزيه مورينيو وفينتشنزو مونتيلا ولوتشيانو سباليتي ويورجن كلوب، وهو استفاد من الجميع ولهذا دائما مشواره الكروي في تصاعد".

ومنذ انطلاق صلاح في أوروبا لم يتوقف، تألق في سويسرا وفي إيطاليا وانفجر في إنجلترا وتأهل بمنتخب مصر إلى كأس العالم. كل هذا بعمر الـ25 فقط، ومازال أمامه سنوات في سيادة إفريقيا، ومن يدري ما قد يحدث بعد ذلك؟

هذا الموضوع تم كتابته بالتعاون مع موقع bleacherreport

التعليقات