فضائح تحكيمية في المونديال – انتقام بلاتر و6 كيلوجرامات من الهيروين

الثلاثاء، 01 مايو 2018 - 16:42

كتب : فادي أشرف

منتخب كوريا الجنوبية 2002

مطار كريستوفر كولومبوس في مدينة جنوى، إيطاليا، 22 يوليو 1966.

حسب جريدة "جارديان" الإنجليزية العريقة، تلقى المدافع الإيطالي فرانشيسكو جانيتش أول ثمرة طماطم فاسدة في وجهه مع نزوله من طائرة الأتزوري في مطار جنوى بعد 3 أيام من خسارة الإيطاليين على يد منتخب كوريا الشمالية المغمور في إنجلترا.

Image result for francesco janich

حاول المسؤولون الإيطاليون أن يحموا المنتخب من غضب شعبي انفجر من عار الهزيمة أمام الكوريين، منها أن تصل الطائرة قبل 20 دقيقة من إتمام الساعة للرابعة فجرا ولكنهم لم يفلحوا. هزيمة تركت جرحا عميقا في بلاد الكالتشيو لدرجة وصفت بعدها المباراة بأنها حرب فييتنام الخاصة بالإيطاليين، وإن ذكر كلمة كوريا بحد ذاته يعد كابوسا في إيطاليا.

بعد 36 عاما، كانت إيطاليا على موعد مع عار أكبر وبطله هذه المرة إكوادوري يدعى بايرون مورينو.

مرحبا بكم في سلسلة فضائح تحكيمية في المونديال، التي يستعرض من خلالها FilGoal.com أشهر الأخطاء التحكيمية في البطولة الأهم عالميا والقصص التي أدت إليها ودارت حولها، والحلقة الأولى حول فضيحة استاد دايجون..

"بلاتر ينتقم"

في 2002 ذهبت إيطاليا إلى كأس العالم بقائمة ذهبية. عظماء مثل أليساندرو ديل بييرو وفيليبو إنزاجي وكريستيان فييري وفرانشسكو توتي في أوج عطائهم، مدعومين بدفاع لا يضم من لاعبين تبلغ أعمارهن فوق الـ30 سوى باولو مالديني على يسار الرائعين فابيو كانافارو وأليساندرو نيستا، وخلفهم الحارس الأغلى في العالم جيانلويجي بوفون.

هذا الجيل عانى قبل عامين من حادثة كسرت قلبه، قبل دقائق من تتويجه بلقب يورو 2000 ضربهم سيلفان ويلتورد بهدف سكن مرمى فرانشسكو تولدو، قبل أن يضربهم ديفيد تريزيجيه بهدف ذهبي نقل الكأس من روما إلى باريس.

بشكل مفاجئ قبل انطلاق تصفيات 2002، استقال دينو زوف غضبا من هجوم مالك ميلان سيلفيو بيرلسكوني، وبديله في تدريب الأتزوري كان عملاقا آخر، جيوفاني تراباتوني.

كمحب لكرة القدم، سيرة تراباتوني ستقبض قلبك بسبب طرقه الدفاعية المملة التي منحته 7 ألقاب دوري إيطالي و3 ألقاب أوروبية ولقب دوري في ألمانيا، ولكن هذا لا يهم ولا يعيب أي مدرب في إيطاليا.

تأهل الأتزوري إلى كأس العالم دون هزيمة، وسافر إلى كوريا الجنوبية كأحد المفضلين للفوز بالبطولة.

Image result for trapattoni 2002

في المقابل، لم يكن أشد المتفائلين في كوريا الجنوبية يتوقع تأهل نمور تايجوك من الدور الأول رغم استضافة البطولة لأول مرة مناصفة مع عدو تاريخي، اليابان.

بقيادة جوس هيدينك، خسر الكوريون من فرنسا 5-0 في كأس القارات قبل عام من كأس العالم، لم يفوزوا في ولا مباراة في الكأس الذهبية التي حلوا فيها ضيوفا على اتحاد كونكاكاف. في دولة متحفظة، كان هيدينك يبدو وكأنه جاء ليلهو، كثير من الإجازات وظهور دائم مع رفيقته دون زواج. الغضب الكوري ينتظر فقط كارثة في المونديال لينفجر في وجه الهولندي.

في مراجعته لمشوار كوريا الجنوبية قبل كأس العالم، قال جيري لونجمان في جريدة نيويورك تايمز إن "في دولة يعد فيها من الطبيعي ألا يأخذ فيها المواطن إجازة لكي يعمل أكثر، بدا أن هيدينك يستمتع بوقته أكثر من اللازم".

متعة هيدينك انتقلت للكوريين المتشائمين في الدور الأول، فوز على بولندا ثم تعادل مع أمريكا وفوز تاريخي على البرتغال أخذوا نمور تايجوك إلى دور الـ16 مع إقصاء لنسخة ممتعة للغاية من برازيل أوروبا.

Image result for guus hiddink 2002

على الطرف الآخر من قصتنا، لم تكن بداية إيطاليا جيدة. فاز الأتزوري 2-0 على الإكوادور للمصادفة، قبل الخسارة 2-1 من كرواتيا والتعادل 1-1 مع المكسيك.

الغضب الإيطالي من الأداء لم ينصب على اللاعبين فقط، بل على الحكام أيضا. 4 أهداف ملغية في الدور الأول رأى الإيطاليون أن 3 منهم كان يجب أن يحتسبوا، والسبب كما شرح أصحاب نظرية المؤامرة في إيطاليا انتقام رئيس الفيفا آنذاك جوزيف بلاتر من نائبه الإيطالي أنطونيو ماتاريسي الذي هاجمه قبل أن يستقيل من منصبه. رأيهم كان كذلك قبل "فضيحة دايجون".

Image result for blatter mattarese

استاد دايجون، كوريا الجنوبية، 19 يونيو 2002.

تأهل كوصيف للمجموعة وضع الأتزوري في وجه الكوريين الجنوبيين بذكريات ما حدث في 1966. ربما تظن أن كوريا الشمالية ستشجع إيطاليا في ظل خلاف سياسي عميق بين شقي كوريا، ولكن في كرة القدم جمعت الوطنية الكوريتين تحت مظلة واحدة ضد الأوروبيين.

امتلأ ملعب دايجون عن أخره، رفع الجمهور الكوري جلادات بلاستيكية شكلت كلمة "1966 مرة أخرى".

دخلت إيطاليا المباراة دون نيستا المصاب وكانافارو الموقوف، ولكن هذا لم يتسبب في تفاؤل للكوريين الذين حذرتهم حكومتهم من إحداث أي شغب حال حدوث النتيجة الطبيعية للمباراة.. فوز إيطاليا.

هنا ظهر بطل قصتنا، الإكوادوري بايرون مورينو.

بعد 4 دقائق فقط حصل سيول كي هيون على ركلة جزاء من كريستيان بانوتشي، ولكن بوفون تصدى لها في لحظة تجلي ضد تسديدة آن يونج هوان من نقطة الجزاء.

وضع فييري بعض الطمأنينة في قلب تراباتوني المؤمن والكثير من الثقة في المياه المقدسة التي يتبارك بها قبل المباريات. احتفل فييري بمطالبة الجمهور الكوري بالصمت.

وبينما يتحضر تراباتوني لاستقبال إسبانيا في دور الثمانية، تجسد ويلتورد في شكل سيول كي هيون الذي استغل خطأ بانوتشي لتسجيل التعادل في الدقيقة 88. مطالب فييري بالصمت ذهبت هباء وانفجر ملعب دايجون.

إلى الوقت الإضافي..

27 دقيقة مرت قبل أن يقتل آن يونج هوان الإيطاليين بقفزة لا تنسى فوق مالديني ليطلق العنان لاحتفال ما يقرب من 3 ملايين كوري في الشوارع.

على عكس 1966، لم ينتظر الجمهور الإيطالي الغاضب فريقه بالطماطم الفاسدة بل بالأوتوجرافات. في نظرهم لم يخسر المنتخب بل سرقه مورينو.

"سارقون!"

في اليوم التالي ترك الصحفيون الإيطاليون تحفظهم جانبا وانفجروا في وجه الحكم الإكوادوري. صدرت كورييرو ديللو سبورت بعنوان "سارقون"، بينما تصدرت كلمة "العار" لا جازيتا ديللو سبورت.

حتى جريدة كورييري ديللا سيرا الأكثر تحفظا قالت إن إيطاليا طردت من كأس عالم قذر كان فيه الحكام مأجورين، لدرجة أن وزير إيطالي قال: "يبدو وأن الجميع اجتمع على طاولة وقرر خروج إيطاليا، لم أرى مباراة مثل تلك".

أخطاء مورينو في هذه المباراة كانت معدودة ولكنها قاتلة. طرد غير مستحق لتوتي بسبب كرة اتهمه فيها الحكم بالتمثيل للحصول على ركلة جزاء رغم احتكاك مع سانج تشونج جوج، قبل أن يمنع داميانو توماسي من التسجيل باحتسابه تسللا عليه رغم صحة موقفه، ما دون ذلك كان طبيعيا.

بعد البطولة، انتشرت نكتة عن شاب دخل إلى متجر نايكي ليطلب قميص المنتخب الكوري، ليرد البائع: "هل تريد نسخة اللاعبين أم قميص مورينو؟".

بعد البطولة، ازدادت الروايات حول مورينو الذي استمتع بإجازة في أمريكا واشترى سيارة جديدة ماركة أوبل كورسا، ليرد الحكم أنه أقام في منزل أخته وأن سيارته الجديدة لا يزيد سعرها عن الراتب الذي تقاضاه للتحكيم في كأس العالم، بل وهاجم الإيطاليين مشددا أنه لم يخطئ خلال المباراة، وأن من يقولون إنه تلاعب بالمباراة عليهم إظهار دليل على ذلك.

مورينو أصبح أشهر إكوادوري على وجه الأرض، لدرجة أنه ترشح لمنصب نيابي بحملة عنوانها "بطاقة حمراء في وجه الفساد"، إلا أنه في نفس الشهر تعرض لإيقاف لمدة 20 مباراة بسبب سوء إدارته لمباراة في الدوري الإكوادوري بين ليجا دي كيتو وبرشلونة، واحتسابه 13 دقيقة كوقت بدلا من ضائع مكنوا الضيوف من الفوز 4-3.

مورينو لم يتوقف هنا بل زار إيطاليا مرتين، أول مرة للظهور في برنامج كوميدي تم تكريسه للسخرية منه مقابل مبلغ مالي، والثانية لتحكيم نهائي بطولة ودية تعرض فيها للقصف ليس فقط بالطماطم الفاسدة ولكن بزجاجة نبيذ كاملة.

في 2010 تم القبض على مورينو حاملا لـ6 كيلوجرامات من مخدر الهيروين في مطار جون كينيدي في نيويورك وتم حبسه لعامين قبل أن يخرج ليقول إنه كان يحاول تسديد ديونه التي تراكمت عليه بسبب مصروفات علاج ابنه.

في إيطاليا، لم تصنع تصريحات مورينو أي تعاطف. رغم عدم إدانته، ظل مورينو مجرما أمام الإيطاليين، بل قال جيانلويجي بوفون إن الكيلوجرامات الستة من الهيروين كانوا في جسد مورينو أثناء المباراة.

اعتمد هذا التقرير بشكل رئيسي على تقرير جريدة جارديان حول مورينو ومباراة استاد دايجون.

التعليقات