ماوريسيو ساري والألقاب.. رحلة من اليقين إلى الشك

الأحد، 18 مارس 2018 - 13:18

كتب : أحمد عبد اللطيف يوسف

ساري

الجميع يبحث في عالم يدور حول اكتمال نظريات الفيزياء بعد رحيل العالم ستيف هوكينج الذي أفنى حياته في سبيل ذلك وتغلب على صعوبات كبرى ولعل أبرزها المرض فكان خير سلف لأسماء قدمت خدمات جليلة للبشرية، نحن نبحث أيضا مع انتهاء كل موسم حول عالم من الأحلام يدور حول ماوريسيو ساري يطل علينا العنوان الأبرز لماذا لا يفوز نابولي تحت قيادته بالألقاب؟

ساري فضل المنافسة على لقب الدوري الإيطالي خرج من دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا وخرج أمام لايبزج من الدوري الأوروبي وعلى يد أتلانتا من كأس إيطاليا فلماذا فضل ساري المنافسة مع يوفنتوس وهو يعلم مدى صعوبتها عن منافسين في إمكانيات لاعبيه تخطيهم فلماذا اتجه ساري للمخاطرة؟

سهم يبدأ سعره في الانخفاض بعد فترة من الشراء فبدلا من أن يتخلص الفرد من السهم وتحمل خسارة صغيرة بدلا من خسارة كافة الأسهم لكن البعض يصل بهم إيمانهم لشراء المزيد بالسعر المنخفض حتى لو كانت الشواهد تدل على خسارته والإتجاه السائد هو البيع، تلك أمور يعلمها تماما موظف البنك السابق ماوريسيو ساري

"لو استمر ساري في وظيفته الأولى لأصبح وزيرا للاقتصاد" لوشيانو سباليتي مدرب إنتر ميلان متحدثا عن ساري، يمثل القرار صورة ذهنية معينة من جانب متخذ القرار حيث احتمال الخسارة أو احتمالية الربح وعندما يكون إطار القرار في شكل خسارة محتملة يميل متخذ القرار إلى البدائل ذات المستوى المرتفع من الخطر وبالعكس في حالة الربح.

الصراع مع يوفنتوس

صراع حصد اللقب من السيدة العجوز يعود بنا دائما إلى المربع صفر منذ توحيد إيطاليا بأكثر من مائة عام مازال بعض سكان الجنوب الإيطالي يرون في هذا الاتحاد كالاحتلال الصراع أزلي سواء انهيار وبطالة على المستوى الإقتصادي أو تهميشها على المستوى السياسي أو تقسيم الدوري الإيطالي إلى قسمين الشمالي والجنوبي على المستوى الرياضي.

"نابولي المدينة العتيقة قد تكون هي أكثر مكان مبهج في كل المدن الإيطالية" جيوفاني بوكاتشيو الشاعر الإيطالي كذلك تماما فعل اليافع الذي ولع من صغره بحبه الشديد لنابولي عكس أقرانه، "حينما كنت طفلا صغيرا في توسكاني، كنت الوحيد الذي أشجع نابولي، يشجع كل أقراني ميلان، يوفنتوس، إنتر بالإضافة إلى مدن الإقليم فيورنتينا وإمبولي".

لعل أبرز ما يظهر التنافس بين الفريقين هو تصريحات المدربين لنبدأ مع ساري "الفوز بلقب الدوري الإيطالي؟ هدفنا هو الجمال، نرغب في الجمع بين المتعة والنقاط الثلاث" ليلقى الرد جاهزا من أليجري "من يبحث عن المتعة في كرة القدم، فليذهب إلى السيرك".

"الطبيعة تتآمر مع اليوفي ليزداد الضغط على فريقي ويلعب نابولي أولا" بعد تأجيل مباراة يوفنتوس وأتالانتا لتساقط الثلوج، ساري كان قد انتقد رابطة الدوري الإيطالي مطلع العام الجاري واشتكى من وجود "خطأ جسيم" في تعديل قائمة المباريات قائلاً إن مباريات متصدر المسابقة ستأتي عقب مباريات الغريم يوفنتوس حامل اللقب في الجولات المقبلة.

الرغبة وحدها لا تكفي

"نابولي مع ساري يقدم أجمل كرة قدم في العالم، أحرص دائما على متابعة مبارياتهم" ماوريسيو بوتشينيو مدرب توتنام الإنجليزي يتفق معه بيب جوارديولا مدرب مانشستر سيتي، أحب أن أشاهد المباريات لذلك أحب مشاهدة نابولي عندما أكون في منزلي".

"يفكر في كرة القدم طيلة الوقت، لا أعرف أين يجد الوقت للاهتمام بعائلته" هكذا وصف رئيس نادي نابولي مدربه في سيرته الذاتية عندما كان مدربا لفريق يدعى سانسوفيني وصفه "اليويفا" بالـ "ميستر 33"، بسبب تجهيزه 33 لعبة تكتيكية أثناء فتراته التدريبية.

"نعم قمت بإعداد هذا العدد من الرسومات الخططية، لكن في النهاية استخدمنا فقط من أربع إلى خمس لعبات". برغم أن نابولي ساري يعتبر من أفضل فرق العالم على مستوى البناء من الخلف إلا أنه يقدم أداء ضعيف عندما يفقد الكرة، وتتباعد خطوطه على نحو مفاجئ كلما اقترب الخصم من مناطقه.

يفتقد دائما للخطة (ب) في الملعب وفق أهمية وظروف كل مباراة نابولي، يسجل دائما من اللعب المفتوح، بالإضافة إلى قلة حيلة ساري في الشوط الثاني من المباراة ويتعلق أمر ساري في بعض الأحيان إلى هدف غير متوقع.

بعد بداية مخيبة للآمال موسم 2015-2016 حوّل ساري الرسم التكتيكي من 4-3-2-1 إلى 4-3-3 لاستغلال تنوع أجنحته وفي كل الأحوال، لا فرق بين الخطتين وهو ما يؤكده ساري إلى أن من يتحدث عن الخطط الرقمية لا يفقه شيئا في كرة القدم.

ساري تغلب على هشاشة الدفاع الجنوبي في موسمه الأول، تلقى 32 هدفا بالدوري وموسمه الثاني 39 هدف وموسمه الثالث 19 هدف فقط لكن هفوات قلبي الدفاع وبالتحديد راؤول ألبيول وعدم وجود بديل يحول دون تماسك الفريق في المباريات الكبرى.

دكة نابولي

"أعتقد أنهم لم يغيروا تشكيلهم في آخر عشر مباريات، أستطيع أن أخبرك بالتشكيل" بيب جوارديولا قبل مواجهة نابولي بدور المجموعات من دوري أبطال أوروبا.

الإصرار على الشراء بأقل سعر والبيع عند أعلى سعر، هذه الطريقة ربما تكون مفيدة في أرفف السوبر ماركت.

لعل الاسم الأبرز في نابولي هو أوريليو دي لورينتيس رئبس النادي الذي بدوره يجبر جميع لاعبيه على التخلي عن عقودهم الإعلامية كاملة قبل توقيعهم على عقود الانضمام للفريق وذلك حتى تكون حقوقهم الإعلانية كاملة لصالحه وعلى الراغب في توقيع عقد مع أحد لاعبيه التفاوض معه هو شخصيا، لعل أبرز الأزمات كانت في تعاقد الفريق مع جونزالو إيجواين من ريال مدريد.

استقدام المهاجم البولندي ميليك في أغسطس 2016 لتعويض رحيل إيجواين إلى يوفنتوس لم يسعف ساري كثيرا بعد إصابته مرتين، لم يحاول النادي استقدام لاعب آخر فاتجه ساري لتغيير مركز البلجيكي دريس ميرتينز من الجناح إلى موقع المهاجم كذلك مع إصابة فوزي غلام الظهير الأيسر للفريق.

لعل ما ينقص ساري، تأثره بعدم وجود بدائل تحدث الفارق واستقدام أسماء جديدة تعطي الإضافة في الفريق، فأصبح الفريق يعتمد على 15 لاعبا طيلة الموسم ، التغيير المتكرر باستبدال زيلينيسكي عوضا عن فائد الفريق هامشيك.

مطلع الموسم تعاقدت إدارة النادي مع نيكولا ماكسيموفيتش مدافع تورينو، وجلب الظهير الأيسر ماريو روي من روما بناء على رغبة ساري للعبه معه مع إمبولي، بالإضافة للتعاقد مع الجناح الجزائري آدم وناس ليكون بديلا للجناح الأسباني كاليخون.

جوزيه كاليخون الذي اشترك منذ قدوم ساري لتدريب نابولي في 2015 فيما يقرب من 99% من المباريات لعب في الموسم الحالي في 40 مباراة بواقع 3300 دقيقة أكثر من مجموع مشاركات بديله آدم وناس بالإضافة إلى 5 لاعبين أخرين بالفريق، جدير بالذكر إلى أن نابولي لم يستخدم خمسة لاعبين آخرين من قائمة الفريق في أي من المباريات.

الاختيار الأصعب

"نأسف لخروجنا من الدوري الأوروبي، إلا أن الجانب الإيجابي هو أننا سنكون قادرين على القتال من أجل شيء مهم في البطولة المحلية، وهو الهدف الذي لم يكن أحد ينافس عليه يوفنتوس بعد شهر فبراير" ساري عقب توديع الفريق أمام ريد بول لايبزج الألماني.

ساري دائما لا يعرف إزالة الضغوط عن فريقه، هذه هي النقطة الأبرز في صراعه أمام يوفنتوس. يجيب جوارديولا في بداية مسيرته عن ذلك بتفسير مشابه لمدرستهما المشهورة بالإستحواذ "هدفنا الأول هو تكوين ما يعرف بروح الفريق، الروح التي تساعد المجموعة على التصرف تحت الضغط، والتعامل مع المواقف الصعبة بإيجابية".

أما أريجو ساكي مدرب ميلان السابق الذي يرى ساري خليفته "يوفنتوس أقرب إلى اللقب مرة أخرى، لكن نابولي يمتلك رجل عبقري لماذا من الصعب أن يفوزوا؟ لأن نابولي يسعى إلى الكمال، لديهم جماعية استثنائية، والأفكار والجودة، ولكن كأفراد يفتقرون إلى القوة البدنية والخبرة والتاريخ عاجلا أو آجلا سوف يفوزوا بالدوري الإيطالي".

التعليقات