كيف تفوق مورينيو على كلوب؟ العودة للطرق القديمة واستغلال سذاجة الدفاع وأشياء أخرى

السبت، 10 مارس 2018 - 18:19

كتب : علي أبو طبل

يونايتد ضد ليفربول

يمكن للبرتغالي جوزيه مورينيو أن يصبح أكثر ثقة الآن بعد تفوقه في قمة السبت على نظيره الألماني يورجن كلوب.

مورينيو نجح في تحقيق انتصاره الثاني من أصل 9 مباريات جمعته طوال مسيرته التدريبية مع كلوب، في ظل تلقي 3 هزائم سابقة و4 تعادلات.

بعد أن كان التعادل سيدا للـ3 مواجهات الأخيرة بين الرجلين بألوان مانشستر يونايتد وليفربول تحديدا، فض البرتغالي الاشتباك بانتصار تفوق خلاله في العديد من النقاط الفنية، خلال الشوط الأول بالأخص، وقدم شوطا ثانيا تكتيكيا من الطراز الكبير في الوقت الذي افتقدت فيه كتيبة الرجل الألماني للحلول وانعزلت مفاتيح اللعب عاجزة عن تشكيل الخطورة، بينما كلفت السذاجة الدفاعية ضيوف "أولد ترافورد" 3 نقاط غالية كانت هامة في معركة وصافة ترتيب الدوري.

- عندما تنجح على طريقة الـ Old School

دخل مورينيو في ورطة قبل المباراة بعد تأكد غياب لاعب الوسط الفرنسي بول بوجبا وعدم جاهزية الجناح أنتوني مارسيال متأثرين بإصابتيهما، فكان عليه تجهيز الخطط البديلة بأسرع وقت ممكن.

هل يلعب بثنائي وسط ملعب أم ثلاثي كما اتبع في المباريات الأخيرة؟

اختار البرتغالي الحل الأول بشراكة جمعت نيمانيا ماتيتش وماكتومناي اللذين تقدما خطا دفاعيا شهد عودة الإيفواري إيريك بايلي بجانب كريس سمولينج، واحتفظ أنطونيو فالنسيا وآشلي يونج بمراكزهما على جانبي الملعب، ومن الخلف لا يوجد خلاف على دي خيا.

التركيبة الهجومية شهدت مشاركة أليكسس سانشيز وخوان ماتا، وكان ماركوس راشفورد مفاجأة أخرى نسبيا، وفي الأمام ظل الاعتماد على روميلو لوكاكو.

في المقابل، بدأ كلوب بطريقته وتشكيلته المعتادة خلال الأشهر الأخيرة بوجود كاريوس كحارس مرمى، وفي قلبي الدفاع فضل إشراك ديجان لوفرين على حساب الكاميروني ماتيب بجانب الهولندي فان دايك، واحتفظ أليكاسندر آرنولد بموقعه كظهير أيمن وروبيرتسون بموقعه كظهير أيسر، وتكون خط الوسط من ثلاثية ميلنر وتشان وتشامبرلين، ولا خلاف على ثلاثية صلاح وماني وفيرمينيو الهجومية.

يعتمد ليفربول على النسق السريع والضغط المتقدم على الخصم للحصول على الكرة، وإن كانت خطوط الخصم متقدمة فيمكن بسهولة إيجاد المساحات من خلفهم ومن ثم تأتي لدغات ثلاثي الهجوم.

كل ما توجب على مورينيو فعله هو كسر ذلك النسق وتضييق الخناق على خطوط ليفربول صانعة الخطورة، وعدم فتح المساحات التي يجد صلاح متنفسا من خلالها.

- لدغات مورينيو

الأمور صارت آمنة دفاعيا، ولاعبو ليفربول لا يجدون الحلول نحو مرمى دي خيا، لذا فكانت الخطوة التالية هي البحث عن التسجيل.

مرمى دي خيا في أمان؟

إذا فلنستعمله في بناء خطة هجومية قديمة للغاية، ولكنها فعالة مع خط دفاعي في سذاجة ذلك المتواجد في ليفربول.

ضربة مرمى طولية يستقبلها روميلو لوكاكو الذي نجح في غالبية التحاماته الهوائية مع قلبي الدفاع، وتصبح له الغلبة في تهيئتها برأسه نحو راشفورد الذي وجد طريقه نحو المرمى.

يقول محمد أبو تريكة في الاستوديو التحليلي ما بين شوطي المباراة على قناة BeIN Sports: "لا يمكن السماح لمهاجم طرفي في حالة راشفورد لأن يضم إلى داخل منطقة الجزاء بهذه السهولة".

سوء تمركز من الظهير الأيمن آرنولد استغله راشفورد بذكاء بتعليمات مديره الفني الذي يجيد استغلال تلك المساحات الصغيرة في مباريات بهذه الأهمية.

ما حدث في باقي الهجمة حتى نهايتها في شباك كاريوس لإعلان هدف المباراة الأول كان ينم عن مهارة فردية عالية للاعب شاب يمتلك مؤهلات المهاجم الكبير إن أراد العمل على ذلك.

لماذا نصف دفاع ليفربول بالساذج؟

لأن الأمر تكرر تماما في الهدف الثاني. لوكاكو يربح الالتحام الهوائي ويهيئ لماتا الذي سبقه فان دايك نحو الكرة، ولكن تشتيتة خاطئة تماما تذهب نحو راشفورد الذي أنهاها بسهولة في المرمى.

هدفان نظيفان لفريق يقوده مورينيو فنيا في منتصف الشوط الأول. فكرة العودة تبدو سرابا في تلك الحالة.

كان من الممكن أن تصبح الأمور اسوأ قبل نهاية الشوط الأول بفرصة سهلة أضاعها خوان ماتا، يتضح خلالها سذاجة الدفاع من جديد، ويمكنك أن تحكم من الصورة التالية.

- آشلي يونج .. رجل المباراة

منذ الدقائق الأولى، ظهر يونج كالرجل المكلف بالحد من خطورة هداف المسابقة محمد صلاح.

لا شك أننا شاهدنا المباراة الاسوأ للاعب المصري منذ أشهر، والأمر لا يعود لعيب فيه بقدر أنها كانت خطة محكمة لعزله عن شريكيه الهجوميين.

ماني وحده لم يستطع صنع الخطورة في ظل المساحات الضيقة وعدم وجود مساحات للانطلاقات بسرعته، بينما كانت تحركات فيرمينيو بعرض الملعب بلا قيمة، حتى أننا شاهدناه في الشوط الثاني يعود داعما للاعبي وسط الملعب لاستلام الكرة منهم، مما سهل من مهام خط دفاع أصحاب الأرض.

لوكاكو بذل مجهودات رائعة في هجمتي الهدفين، وراشفورد تكفل بتسجيلهما. أليكسس سانشيز وإيريك بايلي وخوان ماتا قدما مجهودات رائعة في جنبات الملعب للحد من خطورة ليفربول، ولكن إن سألتني عن اختياري لرجل المباراة، فبالتأكيد سيكون آشلي يونج.

علامات استفهام دائمة حول ثقة المدير الفني البرتغالي في لاعبه الجوكر، والثابت خلال عهد مورينيو كظهير أيسر على حساب لوك شاو الذي يعتقد الكثيرون أنه يستحق فرصا أكبر، ولا جدال على ذلك.

ولكن في مباراة بهذه الأهمية، يربح مورينيو رهانه على يونج الذي تفوق في مباراته الفردية على محمد صلاح.

أفضل ما قدمه المصري في المواجهة هو نسبة تمريرات بلغت دقتها 75% واستخلاص الكرة من الخصم في 3 مناسبات، ولكن محاولات على المرمى؟ تصويبة وحيدة لم تكن بين الخشبات الثلاثة.

مساهمات يونج كانت الأكبر، ولكنه تلقى بعض العون من ماتيتش الذي عاد لمساندته حين تأتي الكرة للاعب المصري، مع إسهامات أقل من راشفورد الذي عاد لتقديم دوره الدفاعي بالأخص في حالات تقدم آرنولد هجوميا.

تجدر الإشارة إلى أن يونج نجح في 9 التحامات سليمة من أصل 9 قام بها، وبنسبة نجاح 100%، واستخلص الكرة في 6 مناسبات بشكل ناجح كما اعترض تمريرات لاعبي ليفربول في 4 مناسبات وشتت 5 محاولات لليفربول من مناطق الخطورة.

نسبة كبيرة من خطورة ليفربول هذا الموسم، وبالأخص بعد رحيل كوتينيو، تتمثل في صلاح، وفكرة عزله بهذه الكيفية خلال غالبية الـ90 دقيقة كان بمثابة العامل الأهم لتحقيق الانتصار في المباراة.

- سكوت ماكتومناي .. لاعب مورينيو المفضل

منذ تحضيرات الموسم الجاري في الصيف الماضي، ظهر لاعب الوسط الأسكتلندي الشاب سكوت ماكتومناي ضمن أبرز الأسماء التي يعمل المدير الفني البرتغالي على سطوعها شيئا فشيئا.

وخلال الشهرين الماضيين، مع الحديث عن أزمات مع بوجبا، كان ماكتومناي هو سلاح مورينيو لتوجيه رسالة إلى لاعبه الفرنسي بأنه لا يوجد من هو أكبر من الفريق.

لاعب وسط مانشستر يونايتد الشاب حمل اليوم مسئولية خط الوسط بجانب ماتيتش في ظل إصابة بوجبا، بعد أن كان شريكا لكليهما في المباريات القليلة الأخيرة.

مباراة بعد الأخرى، ينال ماكتومناي ثقة مورينيو وكذلك ثقته بنفسه بفضل هدوئه والتحاماته المميزة دفاعيا وتحركاته وظهوره الجيد لتلقي تمريرات زملائه دون فلسفة زائدة، وكذلك تسليم الكرة للزملاء بشكل سليم.

لا شك أن بوجبا يمتلك الكثير من الابداعات والفرديات، ولكن ماذا يحتاج مورينيو في لاعب خط وسط في فريقه أكثر مما يقدمه ماكتومناي من دقة والتزام؟

ما حدث خلال الـ10 أيام الأخيرة هو الاعتماد على اللاعب الاسكتلندي في مبارتين كبيرتين بحجم خصوم مثل تشيلسي وليفربول.

ربح يونايتد المبارتين، وأشاد الجميع بهدوء وثقة ماكتومناي الذي استحق الإشادة اليوم في تفوقه التام على تشامبرلين والحد من خطورته وتحركاته نحو منطقة جزاء يونايتد، إلى أن تم استبداله بآدم لالانا في منتصف الشوط الثاني، والذي لم يقدم أكثر مما قدمه سلفه.

ماكتومناي اليوم خلال 90 دقيقة كاملة نجح في تمرير 24 تمريرة بشكل سليم بنسبة نجاح بلغت 85% من الإجمالي، وربح في 4 التحامات من أصل 8 كما حصل على أخطاء في 3 مناسبات، واعترض تمريرات لاعبي ليفربول في 5 مناسبات بشكل سليم واستخلص الكرة بشكل ناجح من الخصم في مرة واحدة، وشتت محاولتين لليفربول من مناطق الخطورة.

- الأوتوبيس يحكم!

برغم الجدال حول أسلوب مورينيو باللجوء إلى الدفاع الزائد في المباريات الكبرى تحديدا، إلا أن مورينيو عاش نهارا سعيدا بسبب نجاح رهاناته، وفي مباراة قمة بهذا الحجم تحديدا.

خرج مورينيو متقدما بهدفين نظيفين في الشوط الأول، ورغم احتمالية قدرته على إضافة المزيد في الشوط الثاني، فضل البرتغالي التراجع للخلف وامتصاص ضغط لاعبي ليفربول الذي ماجوا نحو الهجوم رغبة في العودة.

استمر تفوق يونج وماكتومناي وبايلي على مفاتيح خطورة ليفربول، واستمر رجال كلوب في تدوير الكرة دون تسديد أي فرصة محققة على مرمى ديفيد دي خيا.

الأمر بدا مثاليا لمورينيو كلما مر الوقت، وربما لو أتيحت له أدوات افتقدها اليوم مثل بوجبا ومارسيال لعمل على خلق مرتدة ينتج عنها هدف ثالث في ظل اندفاع ليفربول الزائد.

ولكن بطريقة مباغته، يسجل إيريك بايلي هدفا عكسيا في مرماه بسوء حظ يخالف ما قدمه من مجهودات طوال الـ90 دقيقة.

هدف أربك حسابات مورينيو، وخلق الإيمان لدى رجال كلوب نحو العودة.

الأمور الفنية لم تتغير، ولكن العامل صار نفسيا. من الممكن الاجتهاد والعودة بكرة مماثلة على الأقل.

هنا، قرر مورينيو اللجوء لركن الأوتوبيس بالشكل التقليدي المثالي الصريح.

جاء القرار بالتضحية براشفورد والدفاع بمروان فيلايني الغائب منذ فترة عن المشاركة. ومن يكون أفضل من البلجيكي في خطة مماثلة؟

في الحالة الدفاعية خلال الـ20 دقيقة الأخيرة، رأينا يونايتد يلعب بطريقة 6-3-1، حيث عاد أليكس سانشيز وخوان ماتا للدفاع على طرفي الملعب بمحازاة الظهيرين، بينما أمن كل من ماتيتش وماكتومناي وفيلايني عمق الملعب، وظل لوكاكو وحيدا في الأمام والرهان على سرعته وقوته البدنية واجتهاده في الالتحامات الفردية كمحطة تنتظر قدوم لاعب سريع من الخلف، وربما الأمل كان في سانشيز لخلق هذا التحول.

وجبت هنا الإشارة إلى مجهودات لوكاكو الذي ربح 4 التحامات من أصل 9، ومرر 10 تمريرات بشكل سليم بدقة 62%، بجانب صناعته لهدف وعودته دفاعيا لتشتيت الكرة من مناطق الخطورة في مناسبتين بشكل سليم، رغم ما يقارب انعزاله التام في الأمام.

لم يتم التحول الهجومي المرتد بالشكل المثالي، ولكن ما أراده مورينيو حقا هنا هو تأمين الانتصار، وهو ما تحقق بالفعل.

لم تتغير النتيجة رغم محاولات كلوب بعد ذلك بالدفع بسولانكي كخيار هجومي إضافي بدلا من الظهير روبيرتسون، وزيادة لاعبي وسط الملعب بإضافة فينالدوم بدلا من الظهير الأيمن آرنولد، من أجل خلق زيادة عددية في منطقة جزاء يونايتد بجانب إضافة صلاح إلى عمق منطقة الجزاء بدلا من طرف الملعب، أملا في اقتناص التعادل بحسه التهديفي.

تخيل أن فرصة صلاح المحققة الأولى كانت في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل من الضائع!

طرحنا سؤالا بالأمس عما تفضله كمشجع لفريق ما. المتعة أم الانتصار بأي طريقة ممكنة؟

كلوب امتلك الاستحواذ ومرر لاعبوه أكثر مما مرر لاعبو يونايتد، ولكنه لم يخلق الخطورة المقلقة لمورينيو، والذي ربح بتكتيكه المباراة، وانفرد بالمركز الثاني ووسع الفارق مع ليفربول –الثالث- إلى 5 نقاط قبل 8 جولات من نهاية الموسم.

في الواقع، مورينيو ربح كل شئ.

التعليقات