ما بين سوق الانتقالات الأكثر نشاطا وطموحات الجماهير .. كيف يبدو مستقبل أرسنال؟

الإثنين، 05 فبراير 2018 - 11:44

كتب : علي أبو طبل

أوباميانج - مخيتاريان - أرسنال

انتصار عريض بخماسية مقابل هدف واحد في ليلة مبهرة على ملعب الإمارات في الظهور الأول لبيير إيمريك أوباميانج وتسجيله لهدفه الأول بقميص المدفعجية، كما أن الصفقة الجديدة الأخرى هنريك مختاريان ساهم بصناعة 3 أهداف.

يا لها من بداية لـ "أرسنال جديد" بعد نهاية سوق انتقالات هو الأنشط للنادي خلال السنوات الأخيرة!

خسر الفريق خدمات أليكسيس سانشيز لصالح مانشستر يونايتد، ولكن في الحقيقة حين تتعمق أكثر ستجد النادي لم يخسر شيئا في النهاية.

التعويض الفني تم بأفضل طريقة ممكنة، وماديا فإن النادي قد استفاد من بيع لاعب كان على وشك الرحيل مجانا في الصيف المقبل على كل حال.

قد يتم اعتبار هذا النشاط في سوق الانتقالات كرد فعل لاهتزاز نتائج الفريق خلال النصف الأول من الموسم.

قد يكون ذلك سببا حقا، ولكن عوامل أخرى ساهمت في ظهور أرسنال بهذا النشاط في السوق الشتوي، مع تحديد اختيارات بعينها لدعم الفريق، وأخرى قد تكون في الطريق خلال الصيف المقبل.

موقع FourFourTwo يستعرض عوامل هامة وتغييرات هائلة في منظومة أرسنال خلال الأشهر الأخير لا يمكن إغفالها، وتم الاستعانة ببعض تلك النقاط في هذا التقرير من FilGoal.com.

العين الخبيرة

منذ بداية عهد فينجر في نهايات القرن الماضي مع أرسنال، كانت السياسة واضحة وهي استقطاب مواهب شابة تنمو وتتطور بين جدران ملعب "هايبوري"، ومن ثم يتكون فريقا عملاقا ظل قادرا على تحقيق لقب الدوري الممتاز في مناسبات عديدة.

باتريك فييرا، تيري هنري، روبرت بيريز، وغيرها من أسماء الجيل الذهبي للمدفعجية كان الفضل في تواجدها يعود في الأساس لعين فينجر الخبيرة.

مرت السنوات، وظل الرجل الفرنسي مقتنعا بنظرياته، ولكن ربما كيفية تحقيق ذلك أصبح محل شك.

ضم أرسنال وقام بتصعيد عدة أسماء شابة خلال السنوات الـ10 الأخيرة، كان من المنتظر أن تتوهج وتتألق.

بعضها تألق بالفعل، ولكن لحاجة النادي ماديا فكان مصيرها دوما الرحيل عن صفوف النادي، بينما البعض الآخر كان بمثابة خيبة أمل.

في النهاية، الفريق لا يحقق الألقاب الكبرى، ومن يتوهج يرحل باحثا عن المجد سواء في نادي إنجليزي آخر ينافس بشكل أقوى على لقب الدوري الممتاز، أو أحد كبار أوروبا المنافسين على الكأس ذات الأذنين.

سياسة المواهب الصاعدة؟ لا زال آخرون ينتهجونها بشكل ناجح، ولكن كان لا بد من إعادة هيكلة المنظومة بما يتناسب مع طموحات جماهير النادي، فربما عين فينجر الخبيرة بحاجة لأخرى لتساعدها.

في نوفمبر 2017، أعلن النادي اللندني عن رحيل ستيف رولي، كبير كشافي النادي طوال الـ25 عاما الماضية، وكان الإسم البديل هو سفين ميسلنتات.

ذلك الإسم الأخير كان وراء تكوين جيل قوي للغاية في بوروسيا دورتموند خلال الأعوام الأخيرة.

هو من التقط موهبة شينجي كاجاوا من الدوري الياباني قبل سنوات، وهو من عمل على استقطاب روبيرت لفياندوفسكي حين كان لا يزال مهاجما مغمورا في ليخ بوزنان البولندي، كما التقط موهبة هنريك مختاريان من شاختار دونيتسك في 2013 وبيير إيمريك أوباميانج من سانت إيتيان في الفترة ذاتها.

بالتأكيد يدين يورجن كلوب، المدير الفني السابق لدورتموند والحالي لليفربول، بالكثير لهذا الرجل، ولكن خليفته توماس توخيل لم يشعر بالارتياح معه نظرا لسلطاته الكبيرة داخل النادي، لدرجة منعه من حضور تدريبات الفريق، وكانت تلك بداية أدت في النهاية لرحيل ميسلنتات عن النادي الألماني، قبل أن يستقطبه أرسنال.

لا شك أن ذلك الرجل بعلاقاته وبعينه الخبيرة كان عاملا حفازا لإعادة توحيد شراكة مختاريان وأوباميانج من جديد بين جدران ملعب الإمارات هذا الشتاء، وقد تكون تلك مجرد بداية لإضافات فنية أفضل للفريق في الفترة المقبلة.

متطلبات السوق

في حين كان ينفق قطبا مانشستر مبالغ طائلة لإقناع أفضل اللاعبين بالإنضمام، افتقد أرسنال لتلك الميزة نظرا لضعف قدرات التفاوض والحسم.

لا شك أن اللعب لأندية كبرى بعينها يظل حلما لأي لاعب صاعد، ولكن متطلبات السوق ومعطيات كرة القدم اختلفت عن ذي قبل.

سوق الانتقالات أصبح يعتمد بشكل أوضح على مبدأ العرض والطلب، ودور الوكلاء أصبح كبيرا في تغيير مسار بعض الصفقات، وأسلوب فينجر "القديم" رفقة شريكه ديك لو، المسؤول السابق عن الصفقات في النادي، لم يعد كافيا لمنافسة ذلك التوحش المالي.

القدرات المادية متواجدة، وكل الأرقام الاقتصادية تثبت الأرباح الطائلة التي يحققها أرسنال سنويا، ولكن القدرة على الإقناع تطلبت الرجل المناسب لتنفيذ ذلك.

راؤول سانيلهي كان الوجه الجديد في أرسنال خلال الشهر الأخير حين تولى منصب مدير علاقات كرة القدم، وهو المنصب المسؤول بشكل مباشر عن التفاوض وحسم الصفقات، بعد نهاية مرحلة الاختيار الفني، والمسؤول عنها ميسلنتات.

سانيلهي كان المدير الرياضي لبرشلونة مسبقا لمدة 15 عاما قبل أن يرحل لخلافات مع الإدارة، وعمل من قبل على إتمام انتقال البرازيلي نيمار من سانتوس إلى البلاوجرانا، قبل أن يرحل عن قلعة "كامب نو" وعن إدارة الأندية عموما ويتوجه للعمل بشركة "نايكي" الأمريكية للملابس الرياضية، ثم يتمكن المسؤولون في أرسنال من إقناعه ليعود مع مشروع جديد لأرسنال يبدو في الأفق.

عمل سانيلهي ظهر سريعا. لا أحد يوقن ما إذا كان قد شارك في اتمام مفاوضات ضم الجابوني أوباميانج مؤخرا، والتي عمل عليها بشكل مؤكد المدير التنفيذي للنادي إيفان جازيديس، ولكن طريقة عمل ذلك الهيكل الجديد في سوق الانتقالات الشتوي يبشر بمستقبل انتقالات قريب أكثر سلاسة وحسما.

لم يكن ضم مختاريان وأوباميانج هما الإنجاز الأبرز في شهر يناير على كل حال، فقد تمكن النادي من تجديد تعاقد الألماني ميسوت أوزيل، والذي كان على وشك الرحيل مجانا في الصيف المقبل كما كان وضع سانشيز.

سياسة التنظيف

بعض الأسماء يعتبرها محبو النادي أقل من التطلعات والتوقعات.

ظل فينجر مقتنعا بغالبية تلك الأسماء طوال الفترة الأخيرة، منحهم الثقة ولكن دون جدوى على مستوى النتائج والألقاب، بل أن الأمر انتهى بالنادي إلى خارج دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ 19 عاما.

الهيكلة الإدارية الجديدة، وربما فينجر أخيرا، اقتنعوا بما تراه غالبية الجماهير، وبدأت سياسة تنظيف صفوف النادي من بعض الأسماء التي لم تساعد على تطور الفريق، وفي الحقيقة فإن الأمر بدأ من الصيف الماضي.

هل هناك ما هو أفضل من التخلص من تلك الأسماء التي لم تعد مرغوبة وبمقابل مادي جيد أيضا لتتوازن عملية البيع والشراء ماديا؟

تخلص أرسنال من كيران جيبس لصالح ويست بروميتش ألبيون، وحارس المرمى تشيزني لصالح يوفنتوس، والمدافع جابريال باوليستا لصالح فالنسيا، قبل أن يلحق به للنادي الإسباني في الشتاء فرانسيس كوكلين، ويرحل ثيو والكوت لإيفرتون، بينما كانت عملية البيع الأكبر بإسم أليكس أوكسليد تشامبرلين الذي رحل في الصيف إلى ليفربول، وكان آخر الراحلين في الشتاء هو المهاجم الفرنسي أوليفييه جيرو إلى الغريم تشيلسي، وفي صفقة انتقالية رحل سانشيز إلى يونايتد مقابل قدوم مختاريان، ليستفيد النادي بما هو مجموعه 110 مليون جنيه إسترليني مقابل رحيل تلك الأسماء.

في المقابل، لم ينفق النادي أكثر من 107 ملايين جنيه إسترليني في آخر مناسبتين للانتقالات، ليصبح رابحا من جميع النواحي حتى اللحظة.

سوق صيفي أكثر هدوء

في كل انتقالات صيفية، ومع الأسماء الرنانة التي تتنقل بين الأندية، تظل جماهير أرسنال تطالب إدارتها باستقطاب أسماء بعينها من أجل التنافس بشكل أقوى.

تنجح الإدارة أحيانا، ولا تتجاوب في أحيان أخرى، والنتيجة في النهاية كانت واحدة، لأن المشكلة لم تكن في استقطاب أسماء كبرى فحسب.

يمكن القول أن هيكل الفريق صار أكثر استقرارا بنهاية شهر يناير المنقضي. لا يوجد لاعب غير معلوم مستقبله، وتم استقطاب أسماء مميزة، وخيارات الفريق واحتياجاته أصبحت أكثر تحديدا، ويمكن التوجه صيفا لبعض الأسماء الجيدة القابلة للتطور، دون استهلاك وقت أو مجهود سعيا لضم لاعبي الفئة الأولى المتصارع عليهم من الكبار.

هناك اتفاق على أن الفريق بحاجة لحارس مرمى جديد خلفا لبتر تشك الذي تقدم كثيرا في العمر، وخيار مميز في قلب الدفاع سيكون أمرا مقبولا، بالإضافة إلى لاعب ارتكاز، وخيارات أخرى سيتم العمل عليها في هدوء دون استهلاك الأحاديث حول الحلول الهجومية التي صارت متواجدة بالفعل.

ما بعد فينجر؟

18 شهرا لا تزال متبقية في التعاقد الحالي للفرنسي آرسين فينجر مع أرسنال، ولا نعلم ما إذا كان سيكمل ذلك التعاقد للنهاية أم لا.

كل شئ في الهيكل الإداري لفريق الكرة يتغير، وسياسة التعاقدات والتفاوضات تغيرت بالكامل، وسلطات الرجل الفرنسي تتقلص تدريجيا في الوقت الذي لا يبدي فيه أي تذمر، ما إذا كان سيخدم ذلك مصلحة الفريق.

ظل فينجر هو الرجل الذي تثق فيه الإدارة طوال العقد الأخير مهما ساءت الأوضاع، ولكن لا شئ يبقى على حاله.

نتائج الفريق في تراجع، في الدوري بالأخص، حيث يجد فينجر صعوبة كبيرة في التواجد وسط الأربعة الكبار، وهو أمر غير مقبول بين أوساط الجماهير التي لا تعد الفوز بكأس الإتحاد الإنجليزي إنجازا مرضيا.

يتواجد أرسنال سادسا في جدول الترتيب حاليا، وربما التفكير في التواجد في المربع الذهبي للمشاركة في دوري أبطال أوروبا في الموسم المقبل أصبح أمرا صعبا، بينما يبدو الفوز بلقب الدوري الأوروبي لتحقيق ذلك السبيل طريقا أسهل.

ماذا لو غاب الفريق عن دوري الأبطال لعام ثان على التوالي؟

قد ترتفع الموجة عن المستوى الآمن للرجل الفرنسي، وقد يطاله التغيير في الصيف القادم، وبلا شك سيتم ذلك بشكل سلس في ظل الهيكلة الجديدة للفريق، وفي ظل حقيقة أن ذلك يحدث على كل حال، وأنها سنة الحياة التي يعتقد بعض جماهير المدفعجية أنها تأخرت بعض الشئ.

التعليقات