كتب : فادي أشرف | الأحد، 28 يناير 2018 - 14:04

مقال رأي – لماذا لم يصبح للأهلي اليد العليا في سوق الانتقالات

الأهلي - أتليتكو مدريد

"الأهلي باع أحمد حجازي بـ100 مليون جنيه، ولا تريدني أن أطلب 20 مليون في ياسر إبراهيم؟"، فرج عامر رئيس نادي سموحة.

تصريح رئيس سموحة يلخص سوق الانتقالات في مصر، ولكنه بشكل أو بآخر ليس خاطئا أو استغلاليا بل بالعكس، هذا هو السوق بكل قسوته.

لا داع للتوتر أو الانزعاج أو الاندهاش حينما تعرف أن لاعبا يبلغ من العمر 25 عاما وخبرته لا تتعدى 20 مباراة في الدوري الممتاز تم بيعه بـ15 مليون جنيه، لأن هذا المبلغ أقل قليلا من 850 ألف دولار. الزمالك حصد في هذا الموسم 2.3 مليون دولار من قيمة انتقالات لاعبيه، منهم مليون ونصف بالعملة الصعبة قيمة إعارة مصطفى فتحي فقط. لا تنس التعويم ونسبة التضخم وقيمة الجنيه أمام الدولار في عملية تحليلك للصفقة.

في الوقت نفسه، ضع نفسك مكان رئيس ناد يرى أمامه "تورتة" يريد الحصول على أكبر قطعة منها لناديه، والشاري ليس فقط مضغوطا بحاجته الفنية ولكن أيضا مطالبات جماهيره. ستطلب السعر الأعلى، هذا بالطبع ما ستفعله لأن مصلحة ناديك تحتم عليك ذلك.

الأهلي بدا متخبطا في يناير، أمر مثل اتصال حسام البدري بأحمد العش وإعلان سيد عبد الحفيظ إتمام الصفقة قبل أن يتم "تجميدها" ممن يبدو وأنهم سلطة أعلى من البدري في قطاع الكرة يؤكد مدى التخبط الذي عانى منه الأهلي في موسم الانتقالات الشتوية.

احتياجات الأهلي كانت واضحة في السوق، استطاع أن يلبي حاجته لضم حارس مرمى في صورة علي لطفي الذي يعتبر بديلا جيدا لمحمد الشناوي وشريف إكرامي لكن ملف المدافع الذي بدأ مع أحمد الصالح واستمرت حلقاته تواليا مع أحمد سامي وياسر إبراهيم وعبد الله بكري – مع التراشق اللفظي مع مصر للمقاصة وسموحة - وأحمد العش ورامي صبري ومحمد عبد الغني – الذي انضم للزمالك في النهاية – أظهر أن الأهلي لم يعد صاحب اليد العليا في سوق الانتقالات بل صار يعاني لإتمام الصفقات أكثر من ذي قبل.

والآن وصل الأهلي لمرحلة حرجة، 3 أيام على انتهاء سوق الانتقالات والكل يعرف احتياجاته وسيكون من الطبيعي جدا أن يطلب أي ناد أضعاف أضعاف السعر الطبيعي لأي صفقة في ظل احتياج الأهلي الشديد لها.

لماذا سيوافق إنبي مثلا على بيع صلاح محسن إلى الأهلي مقابل 20 مليون جنيه في الوقت الذي يعرف فيه مدى احتياج إدارة الأهلي لصفقة جماهيرية لتعويض عدم القدرة على إتمام معظم الصفقات التي حاول النادي إبرامها، أو ما الذي سيجعل إنبي يوافق على التفريط في رامي صبري بثمن طبيعي في وقت يعرف فيه مدى حاجة الأهلي الفنية لقلب دفاع؟ الأمر طبيعي للغاية بقواعد أي سوق وخاصة في كرة القدم.

وفي هذه المرحلة الحرجة، تجد أن مدير التعاقدات يدخل للتفاوض في صفقة حسمت في النهاية لصالح الزمالك ليحرج فقط نفسه مع لسان مرتضى منصور، ويتكلف الأهلي ليس فقط سخرية مجانية من رئيس الزمالك بل أيضا يوم أخر ضائع من أيام ثمينة لتدعيم القائمة المنقوصة.

"القيعي يعتقد أن الأمور الآن مثل الماضي وأنه مهندس الصفقات! هذا لن يحدث في الوقت الحالي". مرتضى منصور رئيس الزمالك، هل فسر مشكلة الأهلي في تعاقداته في يناير؟

الأسطورة تقول إن مكالمة واحدة من محمود الخطيب رئيس الأهلي تنهي أي صفقة، ويرى القيعي حسب تصريحاته لبرنامج "في الإستاد" على إذاعة نجوم إف إم أن اسم الأهلي يكفي لإتمام أي صفقة، وأن اللاعب عليه أن يقبل بأموال أقل مقابل البطولات والشهرة وأموال الإعلانات والدخل العام الأعلى للاعب الأهلي من نظرائه في الأندية الأخرى.

ربما كان ذلك الأمر صحيحا في 2005، ولكن في 2018 الأمور مختلفة تماما.

ما الذي يجعل ناديا يوافق على تقسيط ثمن صفقة في حين أن شاريا آخر جاهز لدفع الثمن نقدا على الطاولة، أو يجعل لاعبا يفضل الأهلي على الزمالك في وقت يعرف فيه أن دخوله للتشكيل الأساسي أصعب من دخول جمل من ثقب إبرة والنماذج التي تثبت ذلك متعددة، وأن الضغوط في الأهلي لا تساوي بأي شكل من الأشكال ضغوط اللعب للزمالك (اقرأ - مقال رأي - لماذا اللعب في الزمالك أسهل وظيفة في مصر) في وقت تظل فيه قيمة العقود متقاربة في النهاية، بل في وقت "يفاصل" فيه الأهلي في قيمة تجديد عقود نجوم الصف الأول مثل أحمد فتحي وعبد الله السعيد. لماذا قد يقبل أي لاعب بعرض من الأهلي أو الزمالك بعد دخول منافس جديد على الصفقات وفتح موسم الهجرة إلى السعودية حيث يستطيع اللاعب في 6 أشهر فقط الحصول على ما قد يحصل عليه طوال عقده الممتد لـ3 سنوات مع الأهلي أو الزمالك؟

عوامل كثيرة تسببت في ألا يصبح للأهلي اليد العليا في موسم الانتقالات، وكلها داخل النادي وليست من خارجه. نجاحات سوق 2005 لا يمكن أن تتكرر في 2018 دون وضع المزيد من المال في الصفقات. إدارة الأهلي كان في يدها إنهاء الاحتياج الفني لمدافع بشكل تام منذ بداية الشهر إلا أن رفضه لدفع مبلغ أقل من الذي دفعه الزمالك لضم محمد عنتر منعه من ضم مدافعا دوليا، أحمد الصالح.

السوق عرض وطلب، المعروض أساسا قليل ومعظمه متوسط الموهبة مع استثناءات قليلة جدا، والطلب عالي مع دخول أندية السعودية والإمارات طرفا في الصفقات وظهور أندية ذات قوة شرائية واستقرار مادي ليست مضطرة لبيع لاعبيها لتغطية نفقاتها مثل سموحة ومصر للمقاصة، مع الوضع الاقتصادي الراهن، صار دفع الأموال والاستثمار في الصفقات ضرورة ملحة للاستمرار في المنافسة في السوق التي تنعكس في النهاية على المستوى الفني لفريق الكرة.

الدفع، أو الدواء المر!

حول الأهلي قواعد غير ملموسة وليست مضمونة التحقق ولكنها في معظم المواقف تثبت صحتها، مثل "شخصية لاعب النادي الأهلي"، التي يرجع البعض لها تألق إسلام محارب السريع، وهو اللاعب الأقل موهبة من أحمد الشيخ مثلا الذي لم ينجح في التتش.

وفي الواقع، يقدم الأهلي أداء ونتائج جيدة بقائمة تقترب نسبة إنتاج قطاع الناشئين في النادي بها إلى 50%، ولكن ظنك أن الأمر يعتبر نجاحا مخططا له سيندثر عندما تعلم أن 14 لاعبا من أصل 33 في قائمة الفريق الحالية – باحتساب اللاعبين تحت السن - من أبناء القطاع، لكن 5 منهم خرجوا وعادوا بمبالغ طائلة وإن أصغر لاعب من أبناء القطاع في الفريق الأول - غير اللاعبين تحت السن - هو رامي ربيعة صاحب الـ24 عاما الذي تم تصعيده في 2011 – أي قبل 7 أعوام.

يبدو حتى الآن أن الأهلي لا ينوي دفع مبلغ صار طبيعيا في سوق الانتقالات المصري (حقيقة: المصري البورسعيدي دفع 10 مليون جنيه لضم إسلام عيسى) لذا عليه أن يجرب الاستراتيجية الأخرى وهي الاستثمار المكثف في قطاع الناشئين والتخطيط له بشكل علمي والتنسيق مع الفريق الأول بطريقة تسمح له بالحصول على تدعيماته من القطاع وتحقيق الاكتفاء الذاتي بدلا من عدم الدفع في الشراء ولعن البائع الذي يثمن بضاعته حسبما يشاء.

نموذج مثل أياكس أمستردام ربما ليس الأمثل بالنسبة للأهلي، إنتاج اللاعبين وبيعهم بأسعار طائلة لإعادة الاستثمار في الأكاديمية دون تحقيق بطولات كبرى لن يناسب الأهلي بكل تأكيد.

ولكن نموذج مثل برشلونة على سبيل المثال، الذي يعتمد في التدعيم على أكاديميته مع الدخول في صفقة أو صفقتين كبار سنويا يضمن للأهلي الاستمرار في تسيد الكرة المصرية ونجاحا جزئيا في إفريقيا.

ربما تكون تلك الاستراتيجية دواء مر، نجاحها لن يكون ملموسا قريبا بل تحتاج خطة طويلة المدى قد لا يحصل خلالها الأحمر على لقب دوري أبطال إفريقيا المفقود منذ 2013، ولكنها في الوقت نفسه سيحقق اكتفاء ذاتيا يضمن له المنافسة القارية، لأنه على الأقل لن يدخل دور الـ32 من البطولة بقائمة تضم قلب دفاع واحد فقط!

ناقشني عبر تويتر

التعليقات