كارلوس روا.. الابن الروحي لكوبر الذي أصيب بالملاريا والسرطان واعتزل لأسباب دينية

الأربعاء، 16 أغسطس 2017 - 13:01

كتب : زكي السعيد

كارلوس روا

وصل لقمة المجد وانهالت عليه العروض، ففضل الاعتزال لاعتقاده أن نهاية العالم اقتربت. هكذا كانت بداية نهاية كارلوس روا.

مع نهاية الأسبوع الأخير للدوري الإسباني موسم 1998\99، أُعلِن عن كارلوس أنخل روا فائزًا بجائزة زامورا كأفضل حارس في الليجا، بعد أن تلقت شباكه هدفًا كل 108 دقيقة، المعدّل الأفضل بين كل حراس إسبانيا وقتها. ومباشرة، رفض عرضا جديا من مانشستر يونايتد، وأقدم على اعتزال كرة القدم، وقرر أن ينتظر يوم القيامة "الذي سيحل بعد أشهر"، في منطقة منعزلة بعيدًا عن البشر، وقريبا من الرب.

الكثير من حراس المرمى أثاروا الجدل إما بأزيائهم، تصدياتهم الأكروباتية، تسجيلهم لكثير من الأهداف. ومن الواضح أن متطلبات هذا المركز في كرة القدم تشتمل الجنون، أو لنقل القرارات الصادمة حتى لا نجير على حق الشخص في تحديد مصيره.

روا المولود في 15 أغسطس 1969، عُرِف في بلاده الأرجنتين من خلال نادي راسينج كلوب الذي قررت إدارته القيام بفترة إعداد في دولة الكونغو الديموقراطية، وروا لم يصبه من تلك الرحلة سوى مرض الملاريا.

بعد شفائه من الملاريا بشكل كامل، انضم روا عام 1994 إلى نادي لانوس، واجتمع هناك مع المدرب هيكتور كوبر صاحب التأثير الأكبر عليه في مسيرته الكروية.

في 1997 وبعد 3 مواسم رائعة مع لانوس ظفر خلالها بكوبا كونمبول، عبَر روا المحيط ليلتحق بمايوركا، وليجتمع بمدربه كوبر من جديد.. مايوركا أمتعوا جماهيرهم بحق في ذلك الموسم، وأنهوه في المركز السادس، لكن ذلك لم يكن إنجازهم الأهم..

وصولهم لنهائي الكأس أمام برشلونة وضعهم أمام فرصة الظفر بأول بطولة كبرى في تاريخهم. ووصلت المباراة لمرحلة ركلات الترجيح، ألقى بالمسؤولية العظمى على كاهل روا، الذي تصدى لثلاث ركلات أمام ريفالدو، ثيالديس، لويس فيجو. بل وسجل بنفسه ركلة فريقه الخامسة. ورغم ذلك، خسر مايوركا.

في الصيف، خاض روا كافة مباريات منتخب بلاده الأرجنتين بمونديال 1998، وفي دور الـ16 أمام إنجلترا مارس هوايته المفضلة وأوقف ركلتين ترجيحيتين كانا كفيلتان هذه المرة لإهداء التأهل لراقصي التانجو.

في ربع النهائي وعلى الرغم من خروج الأرجنتين أمام هولندا، إلا أن اسم روا خُلّد كونه الحارس الذي تلقت شباكه هدف دينيس بيركامب الرائع في اللحظات الأخيرة من المباراة.

مسيرة روا وصلت لقمتها في موسم 1998\99 بالأخص بعد أن افتتحوه بفوز ثأري على برشلونة في كأس السوبر، وأنهوه بالمركز الثالث في الليجا، وبخسارة درامية في نهائي كأس الكؤوس الأوروبية أمام لاتسيو. أما روا، فحقق إنجازا تاريخيا بكونه الحارس الأول في تاريخ مايوركا -والأخير حتى اللحظة- الذي يفوز بجائزة زامورا.

الحارس صاحب الـ191 سم فُتحَت أمامه أبواب القدر بعد هذا الموسم الرائع، ولكنه فضل إغلاقها وتجاهل عرض مانشستر يونايتد بطل أوروبا الذي كان يبحث عن بديل لبيتر شمايكل الراحل عن الفريق. بل اتخذ قراره الأغرب على الإطلاق بالتوقف عن ممارسة كرة القدم.

روا آمن أن نهاية القرن بعد أشهر ستصحبه نهاية العالم، وكان قد ضاق ذرعا بالفعل من لعب المباريات يوم السبت، اليوم السابع في الأسبوع وفقا لكنيسة الأدفنتست التي يتبعها، وهو يوم مخصص في الأساس للتكريس والاسترخاء، الأمر الذي يتنافى مع تصدياته المثيرة على أرض الملعب في هذا اليوم المقدس!

وبالتالي اتخذ قرارا جريئا بإلقاء تلك الحياة كاملة وراء ظهره، وسافر لسانتا في، هناك حيث اعتزل العالم وعكف على "التقرب من الرب" في انتظار نهاية العالم الوشيكة.. ناديه ووكيله لم يقدرا أبدا على التواصل معه لأشهر.

في 5 أبريل 2000، وبعد أن تأكد بشكل قاطع أن القيامة لم تحن بعد، قرر العودة لفريقه مايوركا قبل الموسم الجديد مع شرط صارم بعدم اللعب يوم السبت إلا إن كانت المباراة ليلية، ولا يستثنى من هذا الشرط المباريات الهامة حتى.

بالطبع الابتعاد لأشهر بعد أن وصل لذروة مسيرته، كلّفه فقدان المركز الأساسي لصالح مواطنه الشاب ليو فرانكو. روا عرف أن أيامه في مايوركا انتهت بالفعل يوم أن قرر الهرولة صوب الحياة الخشنة، فانتقل لألباثيتي بدوري القسم الثاني وساعدهم على الصعود لليجا، قبل أن تحل الصدمة الجديدة: سرطان الخصيتين!

من النادر بحق أن تجد أرجنتينيًا لا يتعاطى الكحول. رغم ذلك، فكارلوس روا ابتعد تماما عن المسكرات، كان نباتيا لا يأكل اللحم لدرجة تلقيبه بـ"الليتشوجا"، وهي لفظة إسبانية تعني "الخس".

ولذلك صدِم روا عند إصابته بالسرطان، رصاصة الرحمة الأخيرة في مسيرته لأنه قضى عاما بين الخضوع لجراحة، وعلاج كيميائي..

الآن يشغل روا منصب مدرب حراس المرمى لنادي ديبورتيفو جوادالاخارا المكسيكي، لم يبتعد عن كرة القدم بعد اعتزاله، ولم يتخل بشكل كامل عن معتقداته الدينية أيضا.

التعليقات