ماوريسيو بيلليجرينو.. كيف صنعت الهزيمة منه مدربا مميزا وكاد يصنع إنجازا ضد برشلونة

الإثنين، 03 يوليه 2017 - 18:40

كتب : علي أبو طبل

ماوريسيو بيلليجرينو

"لم أكن لأغادر موطني لأي سبب سوى كرة القدم".

في زمن يعتبر فيه الكثيرين من المديرين الفنيين مهنتهم بمثابة فرصة لكسب المال والحصول على أكبر العقود الممكنة، قليلون مثل ماوريسيو بيلليجرينو هم من يحفزهم الشغف في اتخاذ قراراتهم.

"التدريب ليس مهنتك إذا" كانت تلك هي ردة فعل المدير الفني الأرجنتيني تجاه إجابة أحد زملائه بالنفي عن سؤاله ما إذا كان يقبل تدريب فريق صغير في الدرجة الثالثة بالأرجنتين.

لعب بيلليجرينو تحت قيادة مديرين فنيين ذوي أسماء رنانة مثل لويس فان جال وهيكتور كوبر ورافائيل بينيتيث، وكان سؤاله الشاغل دوما هو كيف وجدوا طريقهم في هذه المهنة، لذا قرر أن يسلك المسار بنفسه والآن حان الدور لإلقاء نظرة عليه بعد الإعلان عن توليه تدريب ساوثامبتون.

ونشرت صحيفة "جارديان" الإنجليزية تقريرا عن المدرب الأرجنتيني ويستعرضه FilGoal.com.

"سيكون مديرا فنيا جيدا"

من النادر أن يشيد الهولندي فان جال بأحد ما بهذه البساطة، ولكن كان ذلك رأيه في مدافعه الأرجنتيني حين كان لاعبا.

مسيرة بيلليجرينو التدريبية ليست طويلة بعد، ولكنه أثبت قدراته بالقدر الكافي الذي يؤهله للتدريب في الدوري الإنجليزي الممتاز من بوابة ساوثامبتون.

ليس شرطا على الدوام أن تكون اللاعب ذي المقومات الأفضل بين زملائك بقدر أن تمتلك الشخصية القوية والعقلية والقدرة على التحفيز وأن تكون قائدا حقيقيا في الملعب، وتلك المواصفات كانت في بيلليجرينو.

سانتي كانيزاريس، حارس المرمى الأسطوري لنادي فالنسيا الإسباني، يتحدث عن زميله السابق:"لم يكن أفضل قلب دفاع لدينا، ولكنه كان قلب الدفاع الذي قدره المديرون الفنيون أكثر من أي شخص آخر فلديه عقلية كبيرة ويتحمل المسؤولية ويشعر بالخزي من الخسارة".

ويضيف كانيزاريس"يشارك خبراته مع الجميع ويتحدث كثيرا ويحفز ويعتبر بمثابة معالج نفسي يستمع وينصح".

قيل عن بيلليجرينو بعيدا عن الملاعب أنه كان شخصا انطوائيا لا يتحدث كثيرا ولا يتمتع بالكثير من العلاقات الاجتماعية.

ويقول بيلليجرينو عن ذلك:"أعتبر كرة القدم مدرستي في الحياة هي المكان الذي أستطيع أن أعبر فيه عن نفسي لم أستمتع بكوني لاعبا بقدر كوني مديرا فنيا، الفوز أمر هام فقط لأنه يعني عدم الهزيمة فالهزيمة في بلد مثل الأرجنتين تعني رفضا اجتماعيا من الكثيرين وهو أمر لا يمكن تقبله".

شعر بيلليجرينو بحزن شديد بعد خسارة نهائي دوري أبطال أوروبا برفقة فالنسيا أمام بايرن ميونيخ، خاصة عندما أضاع ركلة جزاء بنفسه وعقليته لا تتقبل فكرة الهزيمة عموما.

ولكن كانيزاريس يصر"عليك أن تخسر أولا لكي تربح".

ربح فالنسيا لقبين من الدوري الإسباني في الـ3 أعوام التالية، متفوقا على جالاكتيكوس ريال مدريد.

تلك العقلية والروح القيادية وذلك التواضع كان عاملا هاما جعلته يكتسب ثقة العديد من المدربين الذين عمل تحت قيادتهم في أوروبا لبرشلونة وفالنسيا، ومع رحيل بينيتيث من فالنسيا إلى ليفربول، لم يفرط في لاعبه القائد.

لعب بيلليجرينو لليفربول لعام واحد قبل أن يرحل لديبورتيفو ألافيش في إسبانيا كلاعب، ثم اعتزل في 2006 وبدأ المسار التدريبي الذي أدى به لأن يكون مساعدا لرافا بينيتيث في ليفربول في 2008 واستمر معه كمساعد في إنتر ميلان حتى عام 2010.

وفي 2012، بدأ مساره التدريبي كرجل أول على دكة البدلاء وكانت البداية من فالنسيا في مهمة لم تستمر 6 أشهر.

21 مباراة قاد فيها الخفافيش، ربح في 10 وتعادل في 4 وخسر في 7، ليعود إلى بلاده ويقود فريق استوديانتس.

لم يحقق الألقاب في الأرجنتين، ولكن قدراته كمدير فني تطورت للغاية، حيث قاد استوديانتس لموسمين خاض فيها الفريق 95 مباراة وربح في 39 منها وتعادل في 30 وخسر في 26.

بعد ذلك قاد اندبندينتي لموسم واحد خاض فيه الفريق 41 مباراة، ربح في 21 وتعادل في 13 وخسر 7، قبل أن يعود إلى إسبانيا من جديد لخوض تجربة جديدة كليا.

فكرة الوصول لنهائي كأس أسبانيا في الموسم الأخير كانت مجرد حلم لجماهير ديبورتيفو ألافيش، ولكن لاعب الفريق السابق ومدربهم خلال ذلك الموسم جعله حقيقة باقتدار.

تمكن ألافيش من تجاوز سلتا فيجو في نصف النهائي بعد فوز مستحق بهدف نظيف في مدريد، ليكون النهائي الثاني على الإطلاق للفريق في بطولة كبرى بعد نهائي كأس الإتحاد الأوروبي عام 2001 ضد ليفربول.

خسر ألافيش في النهائي ضد برشلونة بنتيجة 1-3، ولكن الجميع عرف بيلليجرينو وقدراته التدريبية، حيث أنهى الفريق موسمه في الدوري الإسباني في المركز التاسع في إنجاز جيد خلال الموسم الأول بعد الصعود من الدرجة الأدنى.

"يستطيع أن يحفز الجميع وينقل لهم مدى أهمية الفريق بالنسبة للجماهير ومدى التعلق بالمدينة" الكلمات السابقة على لسان مانو جارسيا قائد ديبورتيفو ألافيش والذي ولد في مدينة فيتوريا التي ينتمي لها الفريق، وعاش فيها على الدوام.

وأضاف"عمري الآن 31 عاما. وقد لعبت تحت قيادة العديد من المديرين الفنيين وتعلمت منهم، ولكن ما تعلمته في العام الماضي تحت قيادة هذا الرجل ليس بقليل على الإطلاق، وهو ليس بالأمر السهل".

يعتمد بيلليجرينو في طريقة لعبه على خطة 4-4-2 مع إمكانية تحويلها إلى 4-3-3 يستطيع الاستفادة كليا من الظهيرين ومع تقدمهما للهجوم يصبح لاعبي وسط الملعب بمثابة ظهيرين بديلين مؤقتا.

يستفيد من جميع العناصر المتاحة قدر الإمكان ويهدف دوما في الملعب إلى التدعيم بالكثافة العددية الهجومية، فلسفته هجومية بحتة وهو أمر يعتقد أنه قد ينجح مع عقلية نادي مثل ساوثامبتون.

"أعتقد أن فلسفتي وعقلية النادي قد يعملان سويا أرغب في الفوز في كل مباراة وجعل الجماهير تستمتع وتفخر بما نقدمه، أريد من كل لاعب هنا أن يقدم 100% من عطائه وأن يدعم الجميع بعضهم البعض" كانت تلك هي كلمات المدرب الأولى بعد الإعلان الرسمي عن تعيينه كمدير فني جديد لساوثامبتون.

يدرك بيلليجرينو كذلك أن الدفاع أمر هام لتأمين الفوز فهو شخص يكره الخسارة وخاض مسيرته بالكامل كلاعب وكمدرب من أجل تجنبها.

وما يجب أن يدركه أيضا هو أن وظيفة المدير الفني في نادي ساوثامبتون ليست آمنة على الدوام.

كلود بويل تمكن من الوصول لنهائي كأس رابطة المحترفين وأنهى الموسم في المركز الثامن في جدول الترتيب، ولكن ذلك لم يؤمن بقائه لموسم آخر.

كلمات بيلليجرينو وفلسفته في كرة القدم التي عبر عنها في وقت سابق قد تدل على مدى إدراكه أن لا شيء ثابت في تقييمات كرة القدم.

"كرة القدم مثل شخصان يتراقصان سويا إذا قام الشخص الآخر بدعس أصابعك فلن تتمكن من رفع قدمك لتأدية حركتك إنها أمر يخص 22 لاعبا وليس 11 فقط هناك ما تريد أن تفعله وما يمكنك أن تفعله".

ويضيف:"الخبرة أثبتت أن الأراءء تختلف باختلاف وضعية النتائج حتى إن كنت الشخص نفسه، إذا ربحت وأنت شخص تتسم بالهدوء، فسيشيد الجميع بهدوءك وقدرتك على الإدارة، وإذا خسرت بنفس سماتك، فسينتقدك الجميع لأنك هادئ أكثر من اللازم ولا تستطيع التعامل مع الوضع، كل لاعب وكل مدرب وكل شخص في المنظومة من الممكن أن يتحول من الأفضل إلى الاسوأ أو العكس في أعين الجماهير في أقل وقت ممكن وعلى الدوام".

التعليقات