كيف أعاد بينيتيث سفينة نيوكاسل سريعا إلى الطريق الصحيح؟

الثلاثاء، 25 أبريل 2017 - 00:32

كتب : علي أبو طبل

رافا بينيتيث

قبل أقل من عام اقترب نيوكاسل كثيرا من الهبوط من الدوري الإنجليزي الممتاز تحت قيادة الإنجليزي المخضرم ستيف مكلارين. تأخر قرار الإقالة من إدارة النادي، ولكنه حدث في النهاية.

في 11 مارس 2016، أي قبل أقل من 3 أشهر من نهاية الموسم الماضي، حددت إدارة نيوكاسل اسم المدير الفني الجديد.

الإسباني رافايل بينيتيث، الذي بدأ الموسم نفسه مع ريال مدريد لكنه لم يوفق ليرحل في منتصف الموسم، تم اختياره في مهمة تكاد تكون مستحيلة لانقاذ الـ "ماكبايز" من الهبوط.

هبوط

"خائف؟ ليست الكلمة المناسبة. أعلم أن فرص البقاء صعبة ولكني قمت بالحسابات، ويمكننا أن نتفائل". حاول بينيتيث بهذه الكلمات تصدير التفاؤل إلى جماهير ملعب "سانت جيمز بارك"، ولكنه كان يعلم في داخله أن الأمر صعب للغاية.

وقع بينيتيث عقدا يمتد لـ 3 مواسم، وبدا أنه قادم من أجل مشروع طويل الأمد حتى في حالة الهبوط.

بدايته كانت مخيبة بهزيمة أمام ليستر سيتي، بطل الموسم في النهاية، ولكنه استطاع تحسين العديد من الأمور ورفع المعنويات بعد ذلك.

قبل قدوم الجولة الأخيرة، كان نيوكاسل هبط بالفعل في ظل تألق الغريم سندرلاند وضمانه للبقاء، ولكن كتيبة بينيتيث حققت سلسلة متتالية من الانتصارات، ختمها بنهاية الموسم بانتصار سادس عريض بنتيجة 5-1، وليس ضد خصم عادي بل توتنام الفريق الذي نافس على الفوز بالدوري.

كانت رسالة واضحة من بينيتيث. سنرحل ونحن أقوياء، وسنعود أقوى مما كنا عليه.

العاطفة تحكم

لم يكن اسم تدريبي بحجم بينيتيث مجبرا على البقاء مع فريق هابط إلى دوري الدرجة الأولى.متد عقده مع الفريق لـ 3 مواسم ولكنه يملك حق الرحيل إن أراد بوجود بند في التعاقد يسمح له بفسخه في حال الهبوط. وذلك قبل أن يوقع بعد ذلك على التعاقد الجديد.

"قلبي يقول لي نعم. ولكن علي أن أرتب أفكاري وأن أضع الأمور في نصابها"

بينيتيث من خلال تلك الكلمات بدا وأنه يلبي رغبات جماهير الـ "مكابيز" التي رغبت في استمراره لوقت أطول، ورأت فيه الرجل المناسب من أجل عودة سريعة لأضواء البريميرليج"

بدا بينيتيث متفهما لمطالب الجماهير.

"الجماهير تريد فريق أقوى في الموسم القادم، وهذا ما أتفهمه وأرجوه أنا كذلك".

انتظرت الجماهير 10 أيام بعد الفوز على توتنام لمعرفة مصير المدير الفني الإسباني. وفي 25 مايو، أعلن النادي في بيان رسمي عن توقيع بينيتيث لعقد جديد يمتد لـ3 سنوات بمهام مختلفة، أهمها أنه له الحق التام في التحكم في كل ما يخص أمور فريق كرة القدم.

"حب الجماهير ورغبتهم في بقائي كان له تأثير كبير على قراري. هذا نادي كبير وأتمنى أن يكون لي دور في مستقبل قريب رائع له".

اختار بينيتيث الرهان على البقاء مع نيوكاسل وبناء مشروع جديد بعيدا عن الضغوط، وبدا القرار حكيما.

البناء

أيا كان اسمك، فرصة أن تحافظ على أفضل لاعبيك وأنت هابط إلى درجة أدنى تكاد تكون منعدمة.

الحال لم يختلف مع نيوكاسل، ورغم وجود اسم تدريبي كبير مثل بينيتيث، إلا أن بعض الأسماء قررت أن تترك سفينة نيوكاسل وتعود لأضواء البريميرليج مع أندية أخرى.

موسى سيسوكو كان اسما بارزا في صفوف الفريق، واستمر في تألقه في الصيف الماضي رفقة منتخب فرنسا في يورو 2016. في هذه الحالة لا يمكنه أن يرفض عرضا من توتنام هوتسبير.

جورجينيو فينالدوم كان اسما آخر في صفوف الـ "ماكبايز"، اختار الانضمام لكتيبة يورجن كلوب في ليفربول.

أندروس تاونسيند كان رائعا في نيوكاسل، وخاصة في الأسابيع الأخيرة في البريميرليج الموسم الماضي تحت قيادة بينيتيث، ولكنه قرر الرحيل أيضا إلى كريستال بالاس.

الظهير الأيمن الهولندي داريل يانمات قرر الرحيل إلى واتفورد كذلك.

عدة أسماء من المفترض أنها أساسية في تشكيلة الفريق، بدا من الصعب تعويضها سريعا.

لكن وجود اسم مثل بينيتيث بعينه الخبيرة ساهم في جلب عدة أسامي شابة وجيدة.

الأسكتلندي الدولي مات ريتشي قرر الرحيل عن جنة بورنموث في الدوري الممتاز، وانضم لبينيتيث مقابل 12 مليون يورو.

الظهير الأيمن الأمريكي الدولي دياندري يدلين قرر الانضمام كذلك قادما من صفوف توتنام.

محمد ديامي قدم من صفوف هال سيتي لتقوية وسط ملعب الفريق، وانضم حارس المرمى البلجيكي الشاب ماتز سيلس من صفوف فريق جينت، كما حصل الفريق على خدمات خيسوس جاميز مجانا بعد انتهاء عقده مع أتليتكو مدريد، وكذلك على خدمات الجناح الغاني كريستيان أتسو على سبيل الإعارة من تشيلسي، والتقطت أعين بينيتيث خدمات اللاعب إيساك هايدين من شباب فريق أرسنال.

ولكن الصفقة الأبرز كانت انضمام المهاجم الإنجليزي الجامايكي دوايت جايل من صفوف كريستال بالاس.

الحفاظ على أسماء هامة مثل المدافع شانسيل مبيمبا ولاعبا الوسط جونجو شيلفي ويوهان جوفران وكذلك أيوزي بيريز وألكساندر ميتروفيتش في الهجوم كان له الدور كذلك في تكوين قوام فريق قوي.

والهدف واضح من اليوم الأول. عودة سريعة إلى البريميرليج.

موسم رائع

قبل جولتين من نهاية دوري الدرجة الأولى، نيوكاسل يضمن الصعود رسميا إلى البريمرليج بـ 4 أهداف هزت شباك بريستون نورث إيند.

الفريق يحل ثانيا في الترتيب خلف برايتون المتألق والذي ضمن الصعود مسبقا، ولكن رغم ذلك فإن الـ "ماكبايز" قدموا موسما مميزا.

البداية لم تكن مميزة بهزيمتين، ولكن في النهاية يجمع نيوكاسل 88 نقطة حتى الآن بفارق 4 نقاط عن المتصدر.

27 انتصارا و7 تعادلات و10 هزائم هي حصيلة بينيتيث هذا الموسم في الدوري، وأيا كانت نتيجة المبارتين المتبقيتين فلن يكون هناك تأثيرا كبيرا.

الفوز بدوري الدرجة الأولى رسالة معنوية هامة، ولكن الهدف الأهم تحقق.

ينظر بينيتيث باهتمام إلى الموسم القادم والمستقبل القريب أكثر من الوضع الحالي، ويرغب في أن يكون نيوكاسل فريقا منافسا بشكل أقوى في الدرجة الأعلى.

نيوكاسل بالفعل برهن على تكوين فريق قوي كونه أقوى خط هجوم في مسابقة الشامبيونشيب بتسجيل 80 هدفا، بينما تلقت شباكه 40 هدفا ليكون ثاني أقوى خط دفاع خلف برايتون.

الفوز الأكبر كان على حساب كوينز بارك رينجرز في بدايات الموسم، والذي تحقق بنتيجة 6-0.

نجوم الفريق

إن أردت تحقيق أهدافك وأن تنتصر كفريق كرة قدم، فعليك أن توظف مهاجما ينهي الأمور بالشكل الأمثل.

دوايت جايل كان الصفقة الأفضل والرهان الأنجح في موسم بينيتيث مع نيوكاسل.

33 مباراة شارك بها المهاجم ذو الـ25 عاما، مسجلا 22 هدفا ليصبح هداف الفريق خلال الموسم الحالي، وثالث هدافي البطولة متأخرا عن متصدر الهدافين، كريس وود مهاجم ليدز يونايتد برصيد 25 هدفا.

استفاد كذلك نيوكاسل من تواجد المدافع الشاب جمال لاسكيلز ليصبح قائدا للفريق، ويكون شراكة دفاعية قوية رفقة الويلزي بول داميت في أغلبية مباريات الموسم.

دياندري يدلين كان اسما بارزا كذلك وكان رائعا في جبهة الفريق اليمنى.

جونجو تشيلفي كذلك أفاد الفريق بخبرته الغير قليلة في كرة القدم الإنجليزية وفتراته السابقة رفقة ليفربول وسوانزي سيتي.

لكن الاسم الأبرز في وسط الملعب كان مات ريتشي. تمكن اللاعب القادم من بورنموث من تسجيل 15 هدفا ليصبح ثاني أفضل هدافي الفريق خلال الموسم الحالي.

كارل دارلو، حارس مرمى الفريق الأساسي في أغلبية مباريات الموسم، كان مميزا كذلك وخرج في 13 مباراة بشباك نظيفة.

موسم ثاني دون دربي

يعد دربي التاين وير أو شمال شرق إنجلترا بين نيوكاسل وسندرلاند هو أحد أهم المواجهات التنافسية في كرة القدم الإنجليزية، مهما كانت أوضاع الفريقين.

الموسم الحالي شهد غياب ذلك الدربي بسبب هبوط نيوكاسل للدرجة الأولى مع بقاء سندرلاند في الدوري الممتاز.

الآن نيوكاسل ضمن الصعود من جديد، ولكن من المرجح عدم مشاهدة دربي التاينسايد في الموسم القادم كذلك.

سندرلاند الذي ينجو من الهبوط بصعوبة في كل موسم أصبح قريبا من ضمانه بفارق مريح، بقيادة المدير الفني الأسكتلندي ديفيد مويس.

وبالتالي، من الصعب رؤية هذا الدربي في الدوري الممتاز، ولكن من الممكن مشاهدته في إحدى الكؤوس المحلية في إنجلترا إن أوقعتهم القرعة سويا.

احذر من الغضب

في الأول من فبراير الماضي، وبعد ساعات قليلة من إغلاق سوق الانتقالات الشتوية، تعادل نيوكاسل مع كوينز بارك رينجرز بهدفين لكل فريق.

"خياراتي كان واضحة للغاية. لم يكن ذلك قراري"

هكذا أجاب بينيتيث عن سؤال بخصوص عدم تعاقد الفريق مع أي لاعب في فترة الانتقالات في وسط الموسم.

بينيتيث أبلغ إدارة الفريق متطلباته وأراد عدة لاعبين، كان أبرزهم أندروس تاونسيند. ولكن الإدارة لم تنه الأمر.

بينيتيث يعبر مرارا وتكرارا عن مدى سعادته بالتواجد في نيوكاسل ومدى حبه للجماهير التي ظلت تدعمه على الدوام منذ قدومه وحتى هذه اللحظة.

ولكنه كان غاضبا في تلك التصريحات تحديدا، والتي تضمنت رسالة خفية إلى مالك النادي مايك آشلي بعدم الرضا.

وبالتأكيد، ليس من العقل تماما أن تغضب أو تفرط في بينيتيث الذي أنجز مهمته على أكمل وجه وأعاد نيوكاسل إلى الواجهة.

التعليقات