الحكايات المنقوصة في الألفية الجديدة: جورجي هاجي

الأحد، 05 فبراير 2017 - 17:52

كتب : إسلام مجدي

هاجي

هذا المشهد لنتذكره جيدا في البداية، كأس العالم 1994، منتخب رومانيا يصطف وينظر اللاعبون إلى بعضهم البعض في مشهد واضح للجميع إنهم يحاولون اكتساب الثقة، جورجي بوبيسكو لاعب بي إس في أيندهوفن وفلورين رادوتشويو نجم ميلان، ثم هاجي الذي كان يلعب لبريشيا في ذلك الوقت.

هؤلاء النجوم يقف بينهم لاعب يلعب في دوري الدرجة الثانية الإيطالي بعدما كان يلعب لريال مدريد، وكان هناك قلقا رومانيا كبيرا من تلك البطولة بعدما عرفوا مجموعتهم في كأس العالم، فكيف بدأت القصة؟

منحت الجماهير هاجي لقب "مارادونا الكاربات" تلك الجبال الممتدة في أوروبا الوسطى والشرقية بشكل قوس، في ذلك الوقت كان نيكولا تشاوتشيسكو ديكتاتور رومانيا خلال فترة الحرب الباردة أطلق على نفسه لقب "عبقري الكاربات".

في ذلك الوقت كان فريق بلدة الديكتاتور أولت سكورينشستي حقق نتائج 18-0 ضد منافسيه وهمين، كان الديكتاتور يعي جيدا أن كرة القدم لديها سحر وقوة للهيمنة والتأثير على الشعوب، فقرر أن يشتري ويهيمن على أكبر نادي في المنطقة وهو ستيوا بوخاريست في ذلك الوقت.

بعد ذلك بقليل منح تشاوتشيسكو ابنه فالنتاين ليدير الأمور في النادي، نظرا لأنه بدأ حياته كلاعب كرة قدم في القوات المسلحة الرومانية، بعد ذلك قام فالنتاين بضم الشاب الصغير جورج هاجي في بدايات 1987، وأشركه في مباراة نهائي كأس السوبر الأوروبي ضد دينامو كييف.

صرح ماك بوبسكو مالك فريق سبورتول ستودينتيسشك الذي قام فالنتاين بأخذ هاجي منه إلى ستيوا قائلا :"هاجي أخذ مننا بالقوة ولم يمنحنا ستيوا أي شيء".

لم يهم الأمر، تشاوتشيسكو قد يفعل أي شيء يريده وبحلول عام 1989، بلغ جورج هاجي الـ24 من عمره، وخسر فريقه بنتيجة 4-0 من ميلان في نهائي دوري أبطال أوروبا بنتيجة 4-0.

أتت عدة عروض من إيطاليا لضم اللاعب حسب ما ورد بسيرته الذاتية حسب أكثر من موقع فإن عمالقة إيطاليا أمثال يوفنتوس وميلان رغبوا في ضمه.

وفي تصريحات سابقة نقلها له موقع FourFourTwo قال هاجي :"في كل مرة كنت أرحل للعب في الغرب بأوروبا كانت تأتيني عدة عروض".

وأضاف "كنت لأحب قياس مستواي ضد لاعبين من الغرب، لقد كان الأمر سهلا لي لكي أرحل، لكنني لم أرغب في ذلك، لأنني لم أكن لأرى عائلتي مرة أخرى في حياتي".

في مقابل ولائه الدائم للديكتاتور كان هاجي يحصل على هدايا من تشاوتشيسكو، وفي ديسمبر 1989 قامت الثورة الرومانية ضد الديكتاتور وإعدامه وزوجته يوم الكريسماس.

بالنسبة لحاجي ومعظم الشعب الروماني عالم جديد أصبح متاحا في الأفق لهم، لن يكون أحدهم ممنوعا من الرحيل لأنه يخشى اختفاء أسرته أو مقتله.

وبعد ذلك مثل هاجي دولته في كأس العالم 1990 بإيطاليا، وانضم إلى ريال مدريد في الـ25 من عمره، وبدا كما لو أنه وجد ضالته لكي يقدم مستواه أمام أوروبا بالكامل.

وصرح هاجي "قديما كنا نرغب في الفوز ضد هذه النوعية من اللاعبين، لأننا كنا نغار منهم، الطريقة التي كانوا يقفون بها وملابسهم مهندمة وأحذيتهم جديدة، وأطقمهم حديثة، كنا نرتدي القديم دوما".

تعقدت الأمور بالنسبة لهاجي، كان في رومانيا "مارادونا" لكن مع ريال مدريد الوضع مختلف هؤلاء النجوم من الغرب كانوا متميزين للغاية أمثال إيميليو بوتراجوينو وهوجو سانشيز.

وقال هاجي "فشلت، واجهت كل هؤلاء النجوم الكبار وكدت أسقط من الصدمة". سجل هاجي ما يقرب من 14 هدفا في موسمين، أما مع ستيوا فكان تقريبا يسجل هدفا في كل مباراة.

لنعد إلى مشهد البداية، هؤلاء النجوم لكن بجانبهم نجم فوق العادة، كأس العالم 1994، رومانيا كانت في مجموعة ضمت سويسرا وكولومبيا والبلد المستضيف أمريكا.

فازت ضد كولومبيا وضد أمريكا وخسرت من سويسرا، والآن كان عليهم مواجهة الأرجنتين في دور الـ16، وبكل بساطة فازت رومانيا بنتيجة 3-2، هاجي سجل هدفا في تلك المباراة في الدقيقة 58 ضد تشكيل راقصي التانجو الذي ضم جابرييل باتيستوتا ودييجو سيميوني وأرييل أورتيجا.

تلك المسيرة والمغامرة توقفت عند التعادل في ربع النهائي ضد السويد بنتيجة 2-2، وخسرت رومانيا بنتيجة 5-4 بركلات الترجيح.

تحدث هاجي بعد ذلك قائلا :"أسلوبنا المذهل في لعب كرة القدم كان سبب أداؤنا في تلك البطولة".

كانت تلك هي أول مرة تصل رومانيا خلالها إلى ربع نهائي كأس العالم، وصرح أنجيل لوردانيسكو مدرب المنتخب في ذلك الوقت :"قد يكون هذا أكبر احتفال تم بواسطة شعبنا منذ الثورة".

عقب كأس العالم تلك انضم هاجي إلى برشلونة لكنها لم تكن تلك المسيرة الناجحة أيضا، ثم استمر فترة لا بأس بها مع جالاتاسراي منذ 1996 وحتى 2001، لتكون تلك الفترة تتويجا لمسيرته العظيمة والتي توجها بعدة ألقاب مع النادي التركي.

هاجي لم يكن ليجرؤ وحده على القتال ضد تشاوتشيسكو لكنه كان قادرا بكل تأكيد على ترك بصمة وفرحة لكافة الشعب لأنه لم يكن ديكتاتورا على الكرة بل كان صديقا لها حسبما وصفته صحيفة "نيويورك تايمز" عقب كأس العالم 1994.

التعليقات