بطل في الجول – موسكاتيللي.. الحارس الإيطالي الذي حارب مع المصريين

الأربعاء، 21 ديسمبر 2016 - 17:38

كتب : أحمد العريان

موسكاتيللي

إيتوري موسكاتيللي.. اسم لم يصنع الشئ الكبير ربما كرويا، لكنه سيبقى جزء من تاريخ كرة القدم المصرية، بل الأمة كلها.

في بورسعيد عام 1916 وتحديدا 12 أبريل ولد الطفل إيتوري لعائلة من أصول إيطالية، إحدى العائلات التي استقرت في بورسعيد في أعقاب حفر قناة السويس.

انضم موسكاتيللي لنادي "Virtus" أحد الأندية الأجنبية المنتشرة في مصر فترة الاحتلال، لكن مسيرة هذا الرجل لم تستمر طويلا بسبب الاعتقال!

الاعتقال

خلال فترة الحرب العالمية الثانية من 1940 حتى 1945 ألقت سلطات الاحتلال البريطاني القبض على موسكاتيللي ضمن التدابير المتخذة لحماية المصالح البريطانية ضد الإيطاليين الذين ولدوا ويعيشون في مصر.

كان ذلك طبيعيا وقتها بالنظر لأن بريطانيا ضمن دول الحلفاء، فيما تعد إيطاليا إحدى دول المحور، فألقوا القبض عليه وأودعوه معسكرا حربيا في مدينة فايد بالإسماعيلية.

انتهت الحرب في 1945 وعاد موسكاتيللي إلى بورسعيد حيث البلد التي نشأ فيها وترعرع.

النادي المصري

خلال فترة اعتقاله لم يكن موسكاتيللي بعيدا عن كرة القدم أبدا. فأثناء تواجده في المعسكر الحربي كان يمارس كرة القدم مع المعتقلين بشكل طبيعي طيلة الخمس سنوات.

وما إن عاد إلى بورسعيد عام 1944 حتى عاد لمداعبة كرة القدم بشكل احترافي من جديد.. لم يعد موسكاتيللي إلى نادي القديم "VIrtus" لكنه انضم هذه المرة إلى النادي المصري صاحب الشعبية الجارفة في مدينته.

مع المصري حصد موسكاتيللي 4 بطولات دوري منطقة القناة، ليحافظ على مسيرة الفريق في حصد اللقب والتي استمرت 17 عاما متتاليا حتى اعتزاله عام 1947.

موسكاتيللي وصل مع المصري لنهائي نسختين أيضا لكأس مصر عامي 1945 و1947، لكنه خسر في المرتين أمام الأهلي رغم تقدم المصري في عام 1945 بهدفين للا شيء أولا، لكن الفريق الأحمر عاد بثلاثية.

اعتزل موسكاتيللي كرة القدم، لكن علاقته بالمصري وبورسعيد لم تنقطع عند هذه النقطة.

مصور الحرب

بعد اعتزاله كرة القدم عاد موسكاتيللي إلى هوايته القديمة، إذ كان يهوى الرجل الإيطالي التصوير منذ طفولته.

بدأ نشاطه كمصور فعمل كمراسل لصحيفة Le Journal d'Égypte وفي نفس التوقيت افتتح الاستوديو الخاص به "فوتوليدو موسكاتيلي" والذي أصبح شهيرا في وقت قصير ومقصدا لكل سكان مدينة بورسعيد.

ظل موسكاتيللي بين شعب بورسعيد يعيش بشكل طبيعي، حتى قرر الرئيس جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس عام 1956 وهنا كانت بداية بطولة هذا الرجل الحقيقية.

اندلعت الحرب في منطقة القناة.. إسرائيل وإنجلترا وفرنسا يدكون محافظات السويس، بورسعيد والإسماعيلية بالطيران فيما عُرف بـ "العدوان الثلاثي".

لم يهرب موسكاتيللي إلى بلاده. ظل صامدا مع أسرته في بورسعيد، بل ولم يكتف بدور المتفرج..

كان موسكاتيللي بارعا في التصوير.. ربما براعته في التصوير فاقت تألقه في حراسة المرمى، كان حريصا على تصوير أثار الدمار التي نتجت عن قصف العدوان الثلاثي.

كان يصور كل ما يقابله من دمار ووفيات بين المدنيين ويسافر لأوروبا كي يوثقه ويفضح العدوان الآثم.

انتهت الحرب على بورسعيد، لكن مصر كانت وفية مع الرجل الذي أخلص لها وهو لا يحمل جنسيتها.

وأصدرت الحكومة المصرية قرارا بتعيين إيتوري موسكاتيللي مصورا رسميا لمدينة بورسعيد.

كان يصور كل الزيارات الرسمية للمدينة الباسلة، ومنها زيارة جمال عبد الناصر التاريخية مع الزعيم السوفيتي نيكيتا كروتشوف في مايو ١٩٦٤ وأيضا زيارات الشخصيات الهامة مثل الزعيم الجزائري أحمد بن بلا والسوفيتي يوري جاجارين وغيرهم حيث كانت بورسعيد وقتها مقصدا للزعماء السياسيين من مختلف دول العالم.

لم يتوقف تكريم مصر لموسكاتيللي عند هذا الحد، وفي عام 1966 بمناسبة مرور 10 سنوات على العدوان الثلاثي، أصدرت السلطات المصرية كتابا تذكاريا يضم مجموعة من أهم صوره عن الحرب، ومنها بعض الصور التي حصدت جوائز عالمية لعمق معناها الإنساني.. بعض تلك الصور مازالت معروضة في المتحف الحربي ببورسعيد إلى الآن..

وفي منتصف السبعينات رحل موسكاتيللي عن مصر متجها إلى العاصمة الإيطالية روما، ومع ذلك اعتاد زيارة مصر كل عام حتى توفي في عام 2000.

ألدو

هل تظنون أن قصة موسكاتيللي مع مصر انتهت هنا؟

موسكاتيللي ترك لنا خليفته، والذي ربما هو الأشهر بين الحراس الأجانب في تاريخ الدوري المصري.

"شالوا ألدو جابوا شاهين، ألدوا قال منتوش لاعبين".. تلك الكلمات رنت في أذننا من أغنية ثلاثي أضواء المسرح تتحدث عن ألدو الحارس الإيطالي للنادي المصري أولا لعشر سنوات، ثم لنادي الزمالك حيث حصد العديد من البطولات.

ألدو ستيلا هو ابن خالة موسكاتيللي، وموسكاتيللي هو الذي بدأ في إعداد ألدو ليكون هو خليفته في الملاعب حينما شعر بأنه قارب على الاعتزال.

الصور المرفقة للموضوع مهداة من أننا موسكاتيللي ابنة إيتوري موسكاتيللي..

التعليقات