ستيفن جيرارد.. الكرة تضع النهايات كما تحب وليس كما نتمنى

السبت، 26 نوفمبر 2016 - 19:03

كتب : محمد البرمي

ستيفن جيرارد

كان الأمر يشبه كثيراً أفلام الخيال العلمي أرض تنزلق دون مناسبة تسحب الكرة بعيداً تتزايد المسافات ينزلق جيرارد ليتقدم ديمبا با ويسكنها الشباك، كما يمكن أن يكون السيناريو شبيها بمشهد لراسل كرو في رائعته «Gladiator» وهو يكافح للنهوض بعد ضربات متتالية تلقاها وسط هتافات الجماهير.

السقوط كان سينمائياً حزيناً يداعب الذاكرة لاسترجاع كل المشاهد الحزينة التي عاشها، كان يقتل حلمه في البطولة الـ20 التي تمنى الفوز بها ليهديها إلى رفيقه وابن عمه جون بول في الذكرى الـ25 لحادثة "هيلزبروه"، وفي ملعب ممتلئ عن أخره وهتافات تنادي بالعدالة لستة وتسعين مشجعا سقطوا في مثل تلك الأيام منذ خمسة وعشرين عاما.

كانت الأجواء غاضبه لكنها لم توقف الهتاف الشهير «you will never walk alone» أصابعهم تتجه إلى أميرهم جيرارد أنهض لا تستسلم دوى الهتاف في الأنفيلد، لكنه لم يمنع حزنه أو يوقف نفسه التي لامته كثيراً .. بين شوطي المباراة لم يكن على عادته فمن عاش ليستثير الحماس في نفوس زملائه لم يتمكن من هزيمة يأسه مكتفياً بهز رأسه «الأمر قد انتهي».. الكرة تضع النهايات كما تحب لا كما نتمنى.

"حين انسحبت الأرض من تحت قدمي جيرارد لتبتعد الكرة قليلاً عنه كانت الجماهير غاضبة، الحلم الذي داعبهم لعقدين كاملين يقترب من ملامسه أطراف أصابعهم بينما جيرارد يسقط ويخطي ليفوز تشيلسي. في تلك اللحظة بدأ كل شيء يهرب، رأيت الكرة تمر من تحت قدم ستيفي، شاهدت كيف كان ديمبا با يجري وحيدا. الأمر الوحيد الذي كان بامكاني فعله هو الدعاء لكي يتمكن سيمون مينيوليه بشكل ما من التصدي للكرة ولكن الأمر لم يحدث لو كنت في مكان ستيفي، لا أعرف إذا ما كان بامكاني الاستمرار في اللعب مجددا، الأمر بكل تأكيد كان صعبا عليه للغاية من الناحية العاطفية، التطلعات كانت كبيرة. قيل أنه سيقودنا نحو اللقب بعد غياب استمر أكثر من 20 عام".. لويس سواريز لاعب ليفربول السابق.

"أربعة وعشرون عاما مرت علـى تلك اللحظة التي دونتها ذاكرتي الصغيرة بكل تفاصيلها، وفي الرابع والعشرين من عام ٢٠١٤ كنا على موعد مع تشيلسي بعد تحقيقنا لإحدى عشر انتصارا متتاليا منهم تخطي عقبة مانشستر سيتي منافسنا الأقرب على اللقب، الفوز على البلوز يعني عودة اللقب لآنفيلد وبالتالي فالخسارة تقتل الحلم، ولكن ماذا إذا قتل بأقدامي".

"بكيت وكأن أحد أفراد أسرتي توفى، لحظات تذكرت فيها حينما كنت طفلا في الثامنة من عمري وبدأت مسيرتي مع النادي الذي يعشقه والدي بأساطيره آنذاك، أربعة وعشرون عاما قضيتهم هنا، وألقاب عدة حصدناها بخلاف مسيرة قاربت على الأربعة عشر عاما مع منتخب إنجلترا، رأيت أمام عيني معركة أسطنبول حينما أحرزت هدفا أعادنا للقاء من جديد وحتى قبلت الكأس الثمين، فانهالت الدموع من عيني أكثر وأكثر.. بالفعل لم أبك لهذه الدرجة منذ سنوات".

أسطنبول 2005 “You’ll Never Walk Alone”

هل تستمعون؟؟ هل تسمعون جمهوركم؟؟ أنهم يغنون.. أنهم لا ييأسون أبداً ! هيا بنا !

نظرت للاعبي ميلان فوجدتهم ينظرون لجمهورنا في حيرة.. فقط لو سجلنا هدفاً!

رييسه يرفع الكرة.. سأقفز وألعبها برأسي وليكن ما يكون.. هدف! جريت لجمهورنا وأنا أشير لهم "استمروا".. لم يكونوا بحاجة إلى ذلك ،دقيقة واحدة مرت.. سميتشر يسدد.. 3-2.. شابي ألونسو أخذ الكرة.. صدها ديدا.. في اللحظات التي تبعت ذلك كنت أفكر أننا خسرنا.. لكن شابي تابع الكرة في المرمى.. 3-3 .. تعادلنا في أقل من ست دقائق!..

أعاد جيرارد تخيل سيناريو ما دار في أسطنبول هناك حين كتب رجال رفائيل بينيتث التاريخ بعودة هي الأقوى في التاريخ أمام الفريق الأقوى في تلك الفترة على الإطلاق.

10سنوات يخطو فيها جيرارد خطواته الأول التي وصلت ذروتها في 2005 حين توج بلقب دوري أبطال أوروبا ليصبح حلم تحقيق الدوري الإنجليزي هو الأهم، 10 سنوات كاملة بين لحظة الركض لإحراز هدف أعاد ليفربول للحياة وانزلاقة قضت على حلم جمهور عاش 20 عام يحلم بلقب للدوري كحلمه أن يختتم بطله جيرارد مسيرته بالبطولة الوحيدة التي لم يحصل عليها.

الآن تمشي وحدك يا جيرارد .. لم تكن لحظة السقوط عادية أو عابرة لكنها كانت نهاية حزينة كتاريخ هذا النادي العريق صاحب الحوادث الأشهر في العالم كم من جمهوره راح ضحية تشجيعه ومع ذلك يصرون دائماً ألا يتركوه ليصبح شعاره «لن تمشي وحدك أبدا» الأهم في تاريخ كرة القدم وبين جميع المشجعين بلا استثناء.

لكنه الآن قرر أن يغادر، لا سبيل للبقاء انزلقت قدمه وانزلق هو في بحر الخيبة والتشتت يلوم نفسه دائماً. موسم محبط تبعه موسم مخيب كتب به أخر سطور الرحيل من الأنفيلد الذي طالما تنفس هوائه.

"هذا أصعب قرار في حياتي، واستلزم الأمر وقتا لاتخاذه. أعلن اليوم عن مغادرتي النادي بنهاية الموسم حتى لا يبقى أمام المدرب واللاعبين أي مجال للشكوك".. ثلاثة وثلاثون عامًا قضى منهم خمسة وعشرين يدافع عن ألوان الأحمر العريق، من طفل صغير يعبر بوابات شانكلي إلى ملعب أنفيلد وصولاً لحمل شارة قيادة النادي.

"أنا لا أستحق الاستمرار هنا بعدما خذلت الجميع وأحزنتهم، وطلبت ألا يراني صغيراتي الثلاث في موقف ضعف وانكسار، وفي الوقت الذي سمعت زوجتي فيه تتحدث لوكيل أعمالي لتلبي رغبتي، ووسط دموع لا تتوقف ومواقف وذكريات كادت تفتك برأسي سقطت مغشيا علي".

كانت رحلة جيرارد تضع أوزارها كرحلات مئات العظماء الذين سكنوا وراحوا، منهم من أكمل المسيرة مدرباً ومنهم من تركها. لكن في الحالتين بقي شبحه كلاعب يطارده. ما الذي تفعله الكرة بنا؟ ربما لو وجدنا إجابة للسؤال لما بقي لهذه اللعبة قيمة.

التعليقات