حينما عاند الحظ كوبر وفالنسيا في 2001.. القصة التي لم تكتمل مع ذات الأذنين

الأربعاء، 16 نوفمبر 2016 - 12:51

كتب : إسلام مجدي

هيكتور كوبر

"فليرحل هيكتور كوبر إنه مدرب لا يمتعنا بكرة القدم التي يقدمها". كانت تلك إحدى الهتافات ضد هيكتور كوبر مدرب فالنسيا في موسم 2000-2001 حسب ما نقلت صحيفة "ماركا" الإسبانية، لكن ما حدث بعد ذلك كان درسا عظيما يدون في كتب التاريخ.

كانت المهمة صعبة وشبه مستحيلة، الجولة الثانية من مجموعة التصفيات في دوري أبطال أوروبا 2000-2001 شكلت عقبة كبيرة، أندية كبيرة تأهلت مثل ميلان وليون ولاتسيو ثم ريال مدريد الذي تألق وتخطى جالاتاسراي بمجموع 5-3 وبايرن ميونيخ الذي حصل على انتقامه من مانشستر يونايتد بنتيجة 3-1 بمجموع مباراتي الذهاب والإياب.

قبل الوصولات للجولات النهائية كان على فالنسيا مواجهة أرسنال في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا الفريق الإنجليزي العنيد الذي يحتوي على أمثال لي ديكسون وباتريك فييرا وديفيد سيمان ودينيس بيركامب وروبرت بيريس وسيلفيان ويلتورد وتيري هنري وغيرهم.

في أبريل 2001 كانت المواجهة، ربع نهائي دوري أبطال أوروبا لقاء الإياب بين فالنسيا المضيف وأرسنال الضيف على ملعب "ماستايا"، كان لقاء الذهاب قد انتهى بنتيجة 2-1 للمدفعجية.

الأجواء كانت متوترة للغاية، وهدف وحيد قد يقلب الموازين للفريقين، كانت مباراة عنيف اللاعبين يجذبون بعضهم البعض من القمصان وعدد من البطاقات ظهرت والجماهير تغضب والدعم تام للخفافيش.

فالنسيا نجح في شل إيقاع أرسنال تماما، نجح ذلك الأمر مع كتيبة كوبر، وساعدهم على التوازن والوقوف على أقدامهم ضد كتيبة أرسين فينجر.

راي بارلور لاعب وسط أرسنال فقد الكرة كثيرا في عمق مناطق فالنسيا مما منح ذلك جايزكا مينديتا فرصة أكبر ليتخطى باتريك فييرا ويشن هجمة خطيرة جدا على المدفعجية.

وبعد الأداء القوي والشجاع الذي لعب به فالنسيا كانت المكافأة، عن طريق جون كارو الذي سجل برأسية هدف المباراة الوحيد ليمنح الكتيبة الإسبانية الأفضلية، وصعب اللحظات التالية على الجانبين.

تبقت 15 دقيقة على نهاية المباراة والأفضلية لفالنسيا بسبب تسجيل هدف خارج الأرض ضد فريق رشحته صحيفة "جارديان" و"دايلي ميل" وشبكة "بي بي سي" قبل اللقاء لتحطيم فالنسيا والتتويج باللقب الغالي، احتاج فالنسيا للثبات والقوة، خاصة وأن أرسنال تسلم زمام المباراة ويلتورد وهنري وبيريس وليونبرج جميعهم كانوا يقدمون كل ما لديهم لكن منظومة فالنسيا الدفاعية أجبرت الكرة على أن تبتعد خارج الشباك.

الوقت المحتسب بدلا من الضائع كان 3 دقائق وفي تلك اللحظة قام فييرا بتوزيع كرة رائعة جهة اليمين في الهواء لهنري لكن البطل سانتياجو كانيزاريس دفع الكرة بعيدا، وتبقت فرصة بدأها هنري لكن فالنسيا بكل ما أوتي من قوة أبعد الكرة الرغبة كانت واضحة للجميع وهي الفوز والفوز فقط على أرسنال.

أثناء كل تلك الأحداث كان هيكتور كوبر يجري على الخط كالمجنون بكل غضب يتحرك هنا وهناك يشير بيديه للاعبيه يصرخ بغضب فيهم، بعد ذلك أطلق الحكم صافرته النتيجة 1-0، الفريق نجح بالتأهل لنصف نهائي البطولة للمرة الثانية على التوالي إنهم يكتبون تاريخا جديدا والحكاية تبدأ مرة أخرى.

فالنسيا في ذلك الوقت حسب وصف صحيفة "ماركا" :"كانوا يلعبون كرة ممتازة دفاعيا قوية جدا، مع عدد من الهجمات المرتدة السريعة الممتعة لمصلحتهم، شخصية مدعومة بمواهب شابة وخبرة في عقل المدرب".

ضمت التشكيلة حارس ريال مدريد السابق المخضرم كانيزاريس وفابيو أوريلو وماوريسيو بيللجرينو وروبيرتو أيالا ومينديتا وديفيد ألبيلدا وديديه ديشامب وبابلو أيمار ودييجو ألونسو وجون كارو وغيرهم.

مينديتا كان الأداة التي تنفذ كل ما يدور في عقل هيكتور كوبر في تلك الفترة، الشخصية التي تمتلك الجرأة لتحويل كل أفكار المدرب لحقائق ملموسة.

رئيس فالنسيا في ذلك الوقت قال عن مينديتا "أفضل أن أجوع أو أن نفلس على أن نبيع مينديتا".

على الجانب الأخر كان ليدز يونايتد قد أطاح بديبورتيفو ألافيش المباراة كانت صعبة للغاية، لا يمكنك تخيل فالنسيا سيصمد للحظة ضد قوة ليدز سواء بدنيا أو هجوميا.

وصفت صحيفة "ماركا" مباراة ليدز يونايتد وفالنسيا في نصف النهائي بـ"العنيفة" فقط كانت كلمة واحدة وصفت ما ستكون عليه المباراة.

حسب فيلما وثائقيا فإن هيكتور كوبر طلب من لاعبيه أن يلعبوا أكثر على الجانب البدني والعنيف في التدريبات وأشارت الصحيفة الإسبانية أيضا إلى طلب كوبر ووصفته بالغريب، الفكرة كانت تحضير اللاعبين فعليا لما ستكون عليه المباراة في "إيلاند رود".

صرح روبيرتو أيالا لاعب فالنسيا في ذلك الوقت للصحفيين "ليدز فريق إنجليزي كلاسيكي تقليدي جدا، إنه يقاتل من أجل كل كرة، نعرف كل شيء عن ألان سميث إنه لاعب عنيف للغاية".

كل فريق كان واثقا من طرفه يعرفان أنهما مباراتين ستخرجان بفائز وحيد، خاصة وأن ليدز في تلك الفترة كان يحتوي على أكثر مواهب بريطانيا الواعدة، مثل روبي كين وريو فيرديناند وألان سميث الأسترالي المتميز هاري كيويل كانت فكرة ديفيد أوليري مدرب ليدز أن يبني فريقا شابا لمستقبل الكرة الإنجليزية يقارع الكبار ويشكل عقبة للجميع.

صرح أوليري قبل تلك المباراة "إنها خبرة فريدة للغاية لي وللاعبين نحن على بعد مباراتين من نهائي دوري أبطال أوروبا، قد لا نصل لتلك النقطة مرة أخرى".

سافرت كتيبة كوبر إلى يوركشاير في مباراة انتهت بنتيجة 0-0 مما يمنح فالنسيا الأفضلية في لقاء الإياب بالأندلس، كلا الفريقين كانت لديه فرصا تهديفية، لكن ليدز كان عنيفا لأنه لم يتمكن من إحباط مخططات كوبر، خاصة وأنهم وأمام جماهيرهم فشلوا في تسجيل هدف وحيد.

في تلك الفترة شهد كوبر من جماهير فالنسيا تملقا وسخرية، خاصة الأخيرة، هناك حادثة شهيرة حينما قامت مجموعة بعمل كمين لسيارة كوبر بعد استبداله كلاوديو لوبيز ضد ريال مدريد في موسم 1999-2000 في المباراة التي انتهت بنتيجة 1-1.

ثم تعالت صيحات من المدرجات تطالب بخروجه في الموسم الثاني نظرا للأسلوب البطيء في كرة القدم الذي يلعبه، حتى مع تطور أسلوب مينديتا وطريقة مرتداته وتواجد باراخا وكيلي جونزاليز وبابلو أيمار لم يشاهد أحدا منهم الصورة الكاملة قط، كان كوبر في تحدي مع نفسه قبل الجماهير ليثبت أنه الأفضل.

وصرح كوبر بعد تلك الصيحات "لم يكن ذلك أمرا سعيدا بالنسبة لي، لم أخسر يوما إيماني بقدرتي، لم أتأثر بها، ولم تتأثر ثقتي بنفسي".

بكل تأكيد انتقلت ثقة كوبر في نفسه إلى لاعبيه أصبحوا يثقون أن بإمكانهم تحقيق شيئا ما، ظهر ذلك جليا في المباراة التالية بعد 6 أيام من تلك التصريحات ضد ليدز.

لم يكن ذلك الحافز فقط، لكن أيضا حصل الخفافيش على وعد ملكي، إذ أن الملك خوان كارلوس ملك إسبانيا وعد كوبر وكتيبته بحضور نهائي دوري أبطال أوروبا يوم 23 مايو.

بكل ذلك التحفيز كان سهلا على فالنسيا أن يتقدم في المباراة مبكرا عرضية من الممتاز مينديتا تصل إلى خوان سانشيز الذي يسكنها الشباك، الخفافيش حلقت عاليا، تمريرة أخرى من إيمار إلى سانشيز ليكون الهدف الثاني، بعد ذلك جاء الهدف الثالث عن طريق ميدنيتا الذي تعمق في الثلث الخاص بليدز ليسدد ويسجل الثالث.

تحدث ديفيد أوليري عقب المباراة "أعتقد أن الفريق الأفضل فاز". بينما قال فيرديناند عن ذلك اللقاء "شعرنا بالصدمة في غرفة الملابس كنا نشعر وكأن روحنا قد تمزقت".

على الجانب الأخر كان بايرن ميونيخ قد نجح في بلوغ النهائي بعد الفوز على ريال مدريد بنتيجة 1-0 ذهابا و 2-1 إيابا.

وصف هنري وينتر كاتب صحيفة "تايمز" تلك المواجهة بين بايرن ميونيخ وريال مدريد "واحدة من أكثر الإحباطات في تاريخ دوري الأبطال، لقد كان بايرن قويا على الصعيد الدفاعي وأوليفر كان بطلا لكن على الأقل كان يجب أن يسجل ريال مدريد أكثر".

هيكتور كوبر المدرب العنيد والذكي للغاية سمح في صيف 2000 بمغادرة كلاوديو لوبيز وجيرارد وخافيير فارينوس من أجل بناء ذلك الفريق الجيد للمستايا، مجموعة من الشباب والخبرات فريق قوي يطبق مخططاته، ركز على تعديل فريقه أكثر من تقويته الصقل أهم من القوة، عقلية الدفاع أولا، ونفعته كثيرا، وصل فالنسيا لنهائي دوري أبطال أوروبا للعام الثاني على التوالي وها هو سيواجه بايرن ميونيخ.

وبعد عام مضى محبط فطر قلبه للخسارة في النهائي قال :"أنا حريص للغاية على الفوز بهذا النهائي أريد الفوز به".

وأضاف كوبر "في بعض الأحيان تشعر وكأن دورك قد حان للفوز، لكن عليك أن تعمل وتستعد لمثل تلك الأحداث".

شهد تشكيل فالنسيا في النهائي ضد بايرن ميونيخ 6 وجوه جديدة بدلا من الراحلين و5 من القدامى وجاء الـ11 لاعبا كالتالي: سانتياجو كانيزاريس وأنجلوما وروبيرتو أيالا وماوريسيو بيلليجرينو وأميديو كاربوني وروبن باراخا وجايزكا مينديتا وكيلي جونزاليز وبابلو إيمار وخوان سانشيز وجون كارو.

على الجانب الأخر كانت لدى أوتمار هيتزفيلد القوة الحقيقية متمثلة في ثنائي خط الوسط أوين هارجريفز وإيفينبرج وحسن صالحميتيدش.

فاجأ فالنسيا نظيره بايرن ميونيخ وهاجمه بقوة انطلاقة من كيلي جونزاليز الذي مررها لمينديتا وفي الدقيقة الثانية تحصل فالنسيا على ركلة جزاء أسكنها جايزكا ببراعة في شباك الفريق الألماني.

لم يكن هناك لعبا مفتوحا في المباراة، فالنسيا كان يدافع بضراوة عن حلم كوبر، ولمسة يد في وسط الهجمات الكثيرة من عرضية إلبير لتحتسب ركلة جزاء على أماديو كاربوني.

والباقي كان من التاريخ توج أوتمار هيتزفيلد بطلا لدوري أبطال أوروبا على حساب هيكتور كوبر وكتيبته، بركلات الترجيح، انتهى الأمر بصدمة كبيرة كوبر كان يأمل بأن يحمل ذات الأذنين، لكنه لم يفعل.

افترضت العديد من التقارير أنه سيرحل عن الفريق وقد فعل في نهاية الموسم ليتولى مهمة تدريب إنتر ميلان، موسم 2000-2001 في دوري الأبطال سيظل عالقا في الأذهان إنها قصة كتبها كوبر بشجاعة لكن ليست كل النهايات سعيدة.

التعليقات