لحظة في الجول – صرخة "رجل الأعمال" التي دمرت حلم الأم وأظهرت الاستثنائي

الإثنين، 26 سبتمبر 2016 - 11:27

كتب : معتز سيد

تقف وحيدا في غرفتك، وسط العديد من الكتب المتواجدة على أرضية الغرفة التي تعكس أشعة الشمس التي تمر من فتحة صغيرة في النافذة، تفكر طويلا وطويلا. هل أتخذ القرار الذي أريده وأفكر فيه؟ هل أفعل ذلك حقا وأحطم حلم والدتي أم استسلم؟

لا. سأفعل ذلك. لن استسلم. سأفعل ما أريد للوصول إلى حلمي. أسف يا أمي لن أحقق حلمك ولكني سأجعلك تشعرين بالفخر بسببي. أوعد بذلك، سأصبح "الاستثنائي".

حوار تخيلي يدور في رأس جوزيه ماريو دوس سانتوس مورينيو قبل اللحظة الأهم، ليس فقط في مسيرته بل في عالم كرة القدم أجمع. شكرا لك يا مورينيو على تلك اللحظة. لحظة تدمير حلم الأم.

لحظة في الجول - سلسلة جديدة يقدمها FilGoal.com يسرد من خلالها لحظات مرت على نجوم الساحرة المستديرة كانت سببا رئيسيا في تحول حياتهم بالكامل ليصبحوا كما هم الآن.

طالع أيضا - لحظة في الجول - نصيحة "المطبخ" التي حولت الطفل "الغامض" إلى وحش

وهنا نتحدث عن "المجنون.. المبهر.. العظيم.. الاستثنائي".. جوزيه مورينيو

الطفل مورينيو

شغف وحب كرة القدم يُولد معك منذ اليوم الأول. وهذا ما حدث مع الطفل مورينيو منذ أم وُلد سنة 1963.

وُلد جوزيه في مدينة سيتوبال البرتغالية. وعلى عكس كل قصص الأبطال التي تبدأ دائما بالتواجد مع عائلة تعاني من ظروف مادية صعبة، عائلة جوزيه كانت في مقام جيد جدا.

الأب هو جوزيه مانويل مورينيو فيليكس (شهرته فيليكس مورينيو) وكان يلعب كرة القدم في مركز حراسة المرمى.

بينما الأم هي ماريا جوليا كاراجولا دوس سانتوس وتعمل معلمة في مدرسة ابتدائية. ومن هنا بدأت حياة مورينيو، بين حب الكرة وضرورة الالتزام الدراسي.

ويقول مورينيو عن نشأته: "حياتي في البداية كانت عبارة عن صفقة تجارية".

"سأعطيك ما تريد إذا أعطيتني ما أريد. بمعنى أخر، أبي وأمي سيجعلاني ألعب بالكرة مثل ما أحب في حالة نجاحي في دراستي وأن أكون تلميذا مجتهدا. عملية تجارية".

جوزيه بدأ ممارسة كرة القدم منذ الصغر ولعب في العديد من الأندية مع والده الذي كان مدربا أيضا وقتها. وسار على نفس نهج والده. أكاديمية بيلينينسش ثم ريو أفي.

وعلى الرغم من مشاركة مورينيو في أكثر من 90 مباراة في مسيرته كلاعب كرة قدم إلا أن شغفه مع الكرة كان في جانب أخر وهو جانب التدريب.

ويقول والد مورينيو: "كان جوزيه يحب دائما الجلوس في المدرجات خلف مقعد الجهاز الفني ويراقب جميع من في الملعب ويكتب ذلك ملاحظاته".

"في سن الـ16 قال لي، أبي أريد أن أكون مديرا فنيا. منذ وقتها كان يذهب لمشاهدة الفرق التي سنلعب ضدها الأسبوع المقبل، ويسجل ملاحظاته حول طريقة لعبهم ومثل هذه الأمور".

"كان رائعا وعاشقا لكرة القدم والتدريب. لقد ساعدني كثيرا رغم صغر سنه".

ولكن دائما ما تمر لحظات يكون عليك الاختيار بين ما تحب وما ستحققه بالفعل.

حلم الأم Vs رغبة الابن

مورينيو الذي لم يعد لاعبا، ماذا سيفعل الآن؟ هل سيبقى ذلك الابن الذي يساعد والده فقط؟ بالتأكيد لا. هنا تتدخل الأم.

وقررت ماريا أن تحقق الحلم الذي أرادته دائما وهو أن يكون الابن "رجل أعمال كبير"، بنفسها.

وهنا قررت أن يلتحق نجلها بأكاديمية رجال الأعمال (جامعة خاصة لدراسة التجارة).

وبالفعل ترك مورينيو كرة القدم – كلاعب – والتحق بالجامعة الخاصة بالتجارة. ولكن هل يترك جوزيه رغبته وحلمه الأكبر وحبه مع كرة القدم ويستسلم من أجل تحقيق حلم والدته.

نعم. فعل ذلك ولكن لمدة 24 ساعة فقط.

يوم واحد فقط في الجامعة قبل أن يقرر مورينيو صاحب الـ22 عاما "لن أذهب إلى هناك مرة أخرى. أنا أحب كرة القدم. هي كل حياتي". إنها صرخة الحلم. صرخة الشغف بكرة القدم.

وقتها ترك جوزيه حلم والدته والتحق بجامعة ISEF (جامعة التربية البدنية لدراسة العلوم الرياضية).

وانتهت دراسة جوزيه وتخرج من الجامعة وبدأ عمله في المدارس البرتغالية ثم فرق الشباب في فرق البرتغال قبل أن تأتي خطوة المترجم.

ولكن عليك أن تتخيل ماذا لو استسلم مورينيو لحلم والدته ولم يترك الجامعة الأولى التي التحق بها. نحمد الله على عدم حدوث ذلك.

المترجم "الذي لم أتوقع له كل هذا"

السير بوبي روبسون يأتي إلى البرتغال من أجل تولي تدريب نادي سبورتنج لشبونة. ولكنه لا يتقن اللغة البرتغالية بعد، ورئيس النادي لا يتحدث الإنجليزية. فما الحل؟ الحل في المترجم. مورينيو المترجم.

ويقول روبي روبسون: "أتذكر يومي الأول في البرتغال. لقد وصلت إلى المطار ووجدت رئيس النادي ينتظرني مع تواجد أعداد من الجماهير، إلى جانب شاب وسيم أخبروني أنه مترجمي ويدعى، جوزيه مورينيو".

"كان يلازمني في كل وقت وعملنا معا للعديد من السنوات. كنت أن أنه سيتركني في يوم من الأيام، كان يمتلك طموحا كبيرا".

"ولكن في الحقيقة لم أتصور أبدا أنه سيكون بتلك العظمة. لم أتصور له كل ذلك".

مع روبسون، عمل مورينيو مترجما في لشبونة ثم رحلا سويا إلى بورتو وهنا تغيير منصب جوزيه من مترجم إلى مدرب مساعد.

وحقق الثنائي نجاحا كبيرا مع بورتو قبل أن تأتي لحظة الرحيل. الرحيل إلى برشلونة.

روبسون مديرا فنيا لبرشلونة ومورينيو يقوم بأكثر من دور مع الفريق الكتالوني. مترجم في المؤتمرات الصحفية ومدرب مساعد في التدريبات ومحلل للأداء.

ومن جديد تكررت النجاحات وحقق برشلونة لقب كأس الكؤوس الأوروبية مع روبسون ومورينيو.

ومرة أخرى، حان وقت الرحيل ولكن هذه المرة بدون مورينيو. جوزيه يبقى في برشلونة وروبسون يرحل.

ويقول مورينيو: "من أهم الأشياء التي تعلمتها من روبسون هي أنك عندما تفوز لا تعتقد أن عظيما وعندما تخسر لا تعتقد أنك قمامة".

وعمل مورينيو مع لويس فان جال في برشلونة وحققا سويا النجاحات الكبيرة في إسبانيا قبل أن تأتي فرصة بنفيكا.

عودة إلى الديار

يبدأ الحلم أخيرا في التحقق. لن أستمر فقط كمدرب مساعد وسأصبح الآن مديرا فنيا، وليس لأي فريق بل للعملاق البرتغالي بنفيكا.

وبالفعل يتولى مورينو مسؤولية تدريب بنفيكا في سبتمبر 2000 كأولى مهمة تدريب فريق أول للاستثنائي جوزيه.

ومع بنفيكا نجح مورينيو في تحقيق الانتصار أمام سبورتنج لشبونة بثلاثية مقابل لاشيء، لتبدأ قصة الحب بينه وبين الجماهير.

ولكن تلك القصة لم تستمر سوى 3 أشهر فقط!.

أزمة في انتخابات رئيس بنفيكا ثم محادثات مع مدرب جديد ورفض تجديد عقد من مورينيو = رحيل مبكر جدا.

ولم يرفع مورينيو راية الاستسلام وبعدها بـ7 أشهر تولى قيادة فريق يونياو دي ليريا ونجح في تحقيق نتائج رائعة بفريق لم يكن يضم بين صفوفه الأسماء الكبيرة.

قبل أن تبدأ الرحلة الأفضل. رحلة التألق واللمعان في سماء أوروبا أمام أعين الجميع. رحلة بورتو

ظهور الاستثنائي

تحقق نتائج طيبة في الدوري البرتغالي، تحقق لقب الدوري والكأس، كل ذلك سيجعلك محط أنظار، ولكن ليس لفترة طويلة.

على عكس تحقيق البطولة الأغلى والأفضل. دوري أبطال أوروبا.

نقطة تحول في حياة مورينيو تلك اللحظة التي أطلق فيها الحكم صافرته معلنا تتويج بورتو بدوري أبطال أوروبا في موسم 2003-04.

نعم نجح قبل ذلك في الفوز بالدوري البرتغالي وبالدوري الأوروبي – المسمى القديم – ولكن هنا نتحدث عن دوري الأبطال يا ســـادة.

وفي دوري الأبطال تواجه مورينيو أمام السير أليكس فيرجسون في دور الـ16. مواجهة ستبقى دائما في الذاكرة نظرا لأحداثها المثيرة.

بورتو ينتصر 2-1 في الذهاب وطرد لروي كين ومناوشات قوية بين فيرجسون ومورينيو بسبب "إدعاء السقوط من لاعبي بورتو".

وفي الإياب يونايتد يُسجل أولا عن طريق بول سكولز في الشوط الأول، والمباراة تصل إلى الدقيقة 90 والنتيجة 1-0 والتأهل هو مانشستر.

ولكن لحظة أخرى فارقة في حياة مورينيو. جووووووووووول فرانشيسكووو دا كوستااا وهدف قااتل لبورتو في شباك يونايتد والحكم يطلق صافرته مباشرة معلنا عن تأهل تاريخي لبورتو وفرحة هيستيرية من مورينيو ستبقى دائما وأبدا في الذاكرة.

وتحدث فيرجسون عن مواجهة مورينيو قائلا: "بعد نهاية مباراة الذهاب ذهبت إليه لأقول له أن لاعبي فريقه يدعون السقوط، وأن حارس مرماه لم يتعرض لأي لمسة من كين الذي خرج مطرودا بسبب تلك اللقطة".

"ولكنني بعد ذلك شاهدت اللقطة في المنزل، وبالفعل روي فعلها ولكن الحارس بالغ أيضا".

"وفي الإياب لم يعجبني فقط تلك الصرخة الجنونية والركض الذي فعله مورينيو عقب الهدف. ولكنني في النهاية هنأته وأخبرته أنه يقوم بعمل جيد جدا".

مورينيو أيضا تحدث عن لقطة الاحتفال ولكن بعد مرور ما يقرب الـ11 عاما، وقال مورينيو في حديث مع قناة BT "يوجد 3 احتفالات "غبية" مني ولكن يوجد عامل مشترك بينهم".

"احتفالي مع بورتو ضد يونايتد ومع ريال مدريد ضد مانشستر سيتي ومع تشيلسي ضد باريس سان جيرمان".

"هدف في أخر دقيقة يؤهلك إلى الدور التالي. هدف يحولك فجأة من فريق يغادر البطولة إلى فريق يعود إلى المنافسة".

"هذا أصعب موقف في تحديد كيفية احتفالك".

شكرا مورينيو

"أرجوكم لا تتهموني بالغرور ولكنني بطل أوروبا وأعتقد أنني استثنائي. 'I am a Special One". مؤتمر تقديم مورينيو مدربا لتشيلسي.

شكرا مورينيو على عدم تحقيق حلم والدتك. شكرا على رفضك الاستمرار كلاعب والتحول كمدرب. شكرا لأن بتواجدك، كرة القدم أكثر إثارة.

شكرا جوزيه مورينيو.

التعليقات