تقرير – حينما أجبرت إفريقيا الفيفا على تغيير نظام كأس العالم للأبد

الأربعاء، 13 يوليه 2016 - 15:32

كتب : رامي جمال

كانت بطولة كأس العالم 1966 والتي توجت بها إنجلترا للمرة الأولى والأخيرة في تاريخها حتى الآن هي النسخة الوحيدة من المونديال التي أقيمت في ظل مقاطعة قارة بأكملها لها وهي إفريقيا.

لماذا قاطعت إفريقيا المونديال؟

نشرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تقريرا مطولا من فيلم وثائقي حول نضال قارة إفريقيا ضد الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" لإثبات أحقيتها بالحصول على مقعد دائم في أعرق البطولات الكروية.

القصة بدأت حينما قررت الفيفا في شهر يناير من عام 1964 أن يقام كأس العالم بمشاركة 16 فريقا بواقع 10 من أوروبا من بينهم منتخب إنجلترا المستضيف للبطولة.

هذا بالإضافة لوجود أربعة فرق أخرى من أمريكا الجنوبية وواحد من أمريكا الوسطى وجزر الكاريبي، أما المكان الأخير فسيكون عليه صراعا بين ثلاث قارات.

تلك القارات هي إفريقيا وآسيا وأوقيانوسيا، وهنا قرر المسؤولون عن الرياضة في القارة السمراء عدم الصمت والرد على الفيفا.

قام أوهيني دجان مدير الرياضة في غانا في ذلك الوقت وعضو اللجنة التنفيذية بالفيفا بالتأكيد على خطأ الفيفا ومحاولة إثنائهم عن القرار.

وأرسل أوهيني برقية إلى الفيفا كتب فيها"نحن نسجل اعتراضنا على طريقة تنظيم كأس العالم الغير عادلة بالنسبة للدول الأفرو آسيوية، أوقفوا ذلك القرار".

وأضاف"الدول الأفرو آسيوية تعاني من أجل خوض مباريات التصفيات المكلفة للغاية من أجل مقعد وحيد في المونديال أمر مثير للشفقة وغير صحيح".

وأتم"أوقفوا ذلك الأمر إفريقيا يجب أن يكون لها مقعد واحد على الأقل في البطولة".

في الصورة أوهيني دجان

نضال أوهيني دجان ضد قرار الفيفا استمده من رئيس غانا في ذلك الوقت كوامي نكروماه الذي كان يرغب في استخدام كرة القدم لزيادة اتحاد إفريقيا، وطلب من الأول القيام بأي شيء لوضع كرة القدم في القارة السمراء على خريطة العالمية.

في ذلك الوقت كان يساعد دجان الذي كان عضوا في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم أيضا في مهنته رجلا من إثيوبيا يدعى تيسيما ييدنيكاتشيو.

وجهز الثنائي خطابا به العديد من الأسباب التي تؤكد خطأ الفيفا في قرارها بإبعاد إفريقيا عن المونديال وعدم إعطائها مقعدا أساسيا في البطولة.

فماذا قال الثنائي؟

قاما أولا بالتأكيد أن الكرة في إفريقيا تحسنت كثيرا خلال الأعوام التي سبقت ذلك القرار.

ثانيا التأكيد أن خوض مباريات التصفيات ضد فرق من آسيا وأقيانوسيا سيكون مكلفا للغاية للجميع.

هذا قبل أن تتدخل الأمور السياسية في الأمر بسبب موقف الكاف المعادي من الفيفا بسبب معاملتها بشكل طبيعي لجنوب إفريقيا بعد اتخاذ حكومتها قرارا بالفصل العنصري بين أصحاب البشرة البيضاء والسمراء.

الاتحاد الإفريقي كان أول مؤسسة رياضية تقوم بإبعاد جنوب إفريقيا من أي مسابقاتها في عام 1960 بسبب قرارها بالفصل العنصري، واتبع الفيفا الأمر ذاته في البداية.

وهنا تحدث المؤرخ الرياضي آلان توملينسون قائلا:"منذ البداية كان واضحا أن هذه القصة كان بسبب السياسة والثقافة في فترة ما بعد الاستعمار".

ما أدى لتفاقم الوضع هو أن الفيفا أعاد جنوب إفريقيا له في عام 1963 بعد تعهدها بإرسال فريقا من أصحاب البشرة البيضاء لبطولة عام 1966، ومن أصحاب البشرة السمراء لنسخة عام 1970.

على يسار الصورة الإثيوبي تيسيما ييدنيكاتشيو

وأضاف المؤرخ الرياضي"بعدما رأيت ذلك الحل لأول مرة ضحكت كثيرا".

واستدرك"لكن من حيث التدرج ونموذج للتنمية، اعتقد ستانلي روس رئيس الفيفا آنذاك أن كرة القدم يمكن أن تجلب أنواع مختلفة من الناس معا".

وقرر الفيفا وضع جنوب إفريقيا –الطريدة من قارتها آنذاك- في تصفيات المونديال في القارة الآسيوية لجعلهم يتفادون اللعب مع منتخبات من إفريقيا.

ولكن بما أن هناك مباراة فاصلة مع أحد المنتخبات من إفريقيا أو آسيا أو إفريقيا كان سيضع جنوب إفريقيا في مواجهة محتملة مع أحد منتخبات القارة السمراء ما يعني لقاء به ظروف سياسية.

ماذا فعل الاتحاد الإفريقي؟

في شهر يوليو من عام 1964 قرر الكاف مقاطعة كأس العالم 1966 إلا في حالة إعطاء القارة مقعدا خاصا بها في البطولة، وفي ظل أن مصر كان المنتخب الوحيد الذي شارك في المونديال عام 1934 فلم يكن ذلك القرار بلافتة صغيرة.

وكتب سكرتير الفيفا الجنرال هيلموت كاسير لرئيس الاتحاد ستانلي روس آنذاك قائلا:"طالما أن قرارات اللجنة المنظمة للمونديال نهائية، لا أعتقد أن هيبة الفيفا ستكون بحالة جيدة إن تراجعنا عن القرارات حتى لو كان ما يقوله الإثيوبي تيسيما يظهر معقولا".

وفي شهر أكتوبر من عام 1964 نجحت ضغوطات الكاف في إجبار الفيفا أيضا على تعليق عضوية جنوب إفريقيا، وبالتالي انسحب من تصفيات المونديال 15 فريقا من القارة السمراء.

وتحدث فيكرو كيداني الذي كان صديقا لتيسيما ويعمل حاليا في الكاف أن قرار الانسحاب لم يكن صعبا وأوضح"كان الأمر كله متعلق بهيبة قارة بأكملها تحارب من أجل استقلالها".

وأتم"والكاف كان يدافع عن كرامة إفريقيا كلها".

مع إنهاء أسطورة كرة القدم البرتغالي الجنسية والإفريقي الأصل إيزيبيو مونديال 1966 هدافا للبطولة بدأت رياح التغيير تهب على البطولة.

نهاية المقاطعة

تفاعل الفيفا أخيرا ونجحت المقاطعة وبعد عملية تصويت بالإجماع تقرر حصول قارة إفريقيا على مقعد دائم خاص بها في كأس العالم ونفس الأمر بالنسبة لآسيا.

وأصبح منذ تلك البطولة هناك منتخب على أقل تقدير يشارك من إفريقيا في المونديال،

ونجحت جنوب إفريقيا في تنظيم البطولة عام 2010 وكان للقارة السمراء آنذاك ستة مقاعد في البطولة بدلا من خمسة مثل كل نسخة.

بل وتطالب إفريقيا حاليا بزيادة عدد المقاعد المخصصة لها في المونديال.

التعليقات