معجزة ليستر - هل تعلم أصل اسم "درينك ووتر".. والقصة الغريبة لمحرك الدمى
الثلاثاء، 03 مايو 2016 - 17:16
كتب : إسلام محمود

كانوا يشربون البيرة الرخيصة بدلا من الماء حتى إذا تحول أحدهم إلى مدمن للخمر من كثرة معاقرة البيرة ذكروه بأن عليه العودة إلى الماء، وأطلقوا عليه لقب "درينك ووتر".
لاحقا في المجتمع الأنجلوساكسوني بدأ الآباء خاصة من يعملون في المطاعم ويقدمون الماء النظيف يطلقون على أولادهم اسم "درينك ووتر" حتى يرتبط الطفل مبكرا بمهنة والده ويتحول الأمر إلى اسم عائلة كبير.
الآن قد يحصل الاسم على بعد جديد ويطلقه أب على طفل يأمل في أن يكون نجما لكرة القدم في يوم كما حدث مع داني درينكووتر.
فذلك اللاعب الإنجليزي الرائع حقق إنجازا لا يقل غرابة عن اسمه حين قاد فريقا يستهدف دوما عدم الهبوط إلى الدرجة الثانية
والغرابة كانت رفيقا لرحلة درينكووتر، فهل تعلم مثلا أن هذا اللاعب تم رفضه من مانشستر يونايتد الذي لم يقدر موهبة الآن ترفع درع الدوري الإنجليزي وتضحك بينما يجلس مورجان شنايدرلين يفكر في مستقبله؟
--
كلاوديو رانييري: "داني لاعب هادئ وخجول، هو قوي الملاحظة. لا يحب التحدث كثيرا، وإذا تحدث عليك أن تسمعه فهو دوما على صواب ويقول الشيء."
جايمي فاريدي: "دور داني في ليستر يشبه محرك الدمى على المسرح، هو يملك كل الخيوط في يده ويوجه اللاعبين لموقعهم المناسب، دوما يمرر لنا الكرة في المكان الأمثل".
--
الحلم
كأي طفل يحب كرة القدم وولد في مدينة مانشستر الكبرى كان داني درينكووتر يحلم باللعب لمانشستر يونايتد.
تحقق له ما أراد عندما راقبه يونايتد وهو في عمر السابعة ويلعب لفريق في مقاطعة ألترينشام ليذهب بعدها للتجربة ويتم قبوله بعمر التاسعة.
تدرج داني في فئات يونايتد السنية وكان لاعبا أساسيا، ثم وقع عقده الأول مع الفريق عام 2006 بعمر 16 عاما وفي العام التالي صعد مع الشياطين الحمر لنهائي كأس تحت 18 عاما لكن الفريق خسر أمام ليفربول.
أصبح درينكووتر لاعبا في الفريق الرديف أيضا بالإضافة لكونه لاعبا أساسيا في فريق تحت 18 عاما الذي كان يضم وقتها داني ويلبيك وتوم كليفيرلي، ولقبه الكشافون ببول سكولز الجديد لتشابه دوره وخصائصه في الملعب مع خصائص النجم الأشقر صاحب الرقم 18 في صفوف مانشستر.
انضم داني لقائمة مانشستر مرة واحدة فقط، في مباراة هال سيتي بنهاية موسم 2009 لكنه لم يشارك في اللقاء.
جاري نيفيل قائد الفريق رأى أنه يفتقد للتركيز وليس جاهزا بعد ليكون لاعبا الفريق الأول، وسير أليكس فيرجسون رأى أن لاعبه الشاب بحاجة لاكتساب بعض الخبرة فأرسله في إعارات بداية من موسم 2010 لهارسفيلد في الدرجة الثانية ثم كارديف وواتفورد في الدرجة الأولى عام 2011 وبارنسلي عام 2012.
وقت انضمامه لكارديف قال درينكووتر في لقاء صحفي: " أرغب في أن أكون لاعبا مهما لمانشستر يونايتد، لو سارت الأمور على ما يرام في فترة إعارتي اعتقد أنني سأحقق ذلك بالرغم من صعوبة الأمر لامتلاك الفريق لاعبين مميزين في منتصف الملعب كبول سكولز ومايكل كاريك".
ويلبيك وكليفيرلي وقتها قد تم تصعيدهما للفريق الأول وأصبحا يشاركان بصفة مستمرة، واستبشر درينكووتر خيرا بأن حلمه على وشك التحقق وسيرتدي قميص الفريق الأول قريبا لكنه لم يكن يعلم أن حلمه على وشك أن يصبح كابوسا.
الكابوس
في فترة الانتقالات الشتوية في يناير 2012 وأثناء إعارته لبارنسلي، تقدم ليستر سيتي بعرض رسمي لمانشستر يونايتد لضم درينكووتر ووافق يونايتد عليه ليعلن نهاية مغامرة الفتى الشاب مع فريقه المفضل والتي استمرت 13 عاما دون أن يلعب لقاءا رسميا واحدا.
يقول داني عن تلك الفترة: "كانت الأسوأ في حياتي وشعرت أنني وصلت للحضيض".
وتابع "أن تترك مانشستر يونايتد شيء ضخم، فما بالك لو كنت مشجعا له. الكثير من زملائي يلعبون كرة القدم في الدرجات الثانية والثالثة وبعضهم توقف عن اللعب، شعرت أن ذلك يمكن أن يحدث لي أيضا".
واستدرك "لكن القصص المأساوية في كرة القدم تعلمك الكثير".
التحدي
وأكمل "يونايتد هو النادي الأفضل في العالم، كنت أخرج في فترة إعارة وأعلم أنني سأعود، أتعرض للإصابة فلا أشعر بالقلق لأن طاقم طبي محترف سيقوم بالإشراف على علاجي، أتدرب في ملاعب على أعلى طراز، كنت أشعر بالأمان في مانشستر والآن كل ذلك أصبح جزء من الماضي".
وأضاف "الآن مع التحدي.. عليْ أن أركز مع ناديَ الجديد وأرفع رأسي وأنظر للمستقبل وأقوم ببذل مجهود مضاعف بدلا من الندم والبكاء على ما حدث، كرة القدم هي مهنتي وعليْ أن أوفر المال لعائلتي"
انضم درينكووتر إلى ليستر في وقت كان النادي قد اشتراه ملاكا جدد وقاموا بتعيين مدرب جديد، طموح الفريق كان كبيرا والمعنويات في السماء.
في موسمه الأول في الدوري الممتاز لم يكن درينكووتر الخيار الأول في منتصف الملعب وكانت الأفضلية للأرجنتيني المخضرم إستيبان كامبياسو، وشارك فقط في 23 لقاء دون أن يسجل أو يصنع أهدافا.
كل ذلك تغير بتولي كلاوديو رانييري الإدارة الفنية للفريق خلفا لنايجل بيرسون بداية موسم 2016.
رانييري اختصه بالحديث أكثر من مرة وقال عنه: "داني دائما يكون متاحا ويتمركز بالقرب من زملائه ويطلب الكرة، لقد شكل ثنائيا رائعا مع كانتي وأصبح يتبادل الأدوار معه بسهولة".
هو لاعب رائع ويفعل كل شيء بطريقة جيدة، ويكون عصبيا للغاية عندما يخطئ لكنني أحبه لأنه دائما يقدم أفضل ما لديه."
بول سكولز
ربما لاعب الوسط الإنجليزي المعتزل وأسطورة مانشستر يونايتد هو الأكثر تأثيرا في مسيرة درينكووتر، لما لا وقد كان مثله الأعلى وسبب رحيله عن الفريق وأثر في شخصيته داخل وخارج الملعب ليقوم تقريبا بنفس الأدوار التي قام بها سكولز.
يقول درينكووتر عن سكولز: "لاعب عظيم، كنت أراه يوميا في التدريبات وأتعلم منه وتمنيت أن ألعب بجواره، لكنه كان سببا في رحيلي عن الفريق فكيف تقتحم التشكيل بوجود لاعبا مثله يؤدي بهذا الشكل في هذا السن؟".
لم يكن سكولز يحب التحدث للصحفيين ولم يؤثر ذلك على أسطورته.
درينكووتر معروف عنه أنه أيضا لا يحب التحدث للإعلام مثلما كان سكولز لدرجة أن مدربه السابق نايجل بيرسون وصفه بأنه شخصية مركبة ومعقدة قليلا نظرا لعزوفه الدائم عن التصريحات والأحاديث الصحفية.
كما أن لاعب الوسط صاحب الـ26 عاما لا يتحدث كثيرا في غرفة خلع الملابس لكنه يظل أحد اللاعبين المؤثرين مثلما كان سكولز أيضا.
الموسم التاريخي
درينكووتر لا يزال يسكن في جنوب مانشستر ولا يزال يتابع أخبار الفريق ونتائجه بصفته مشجعا وفيا ليونايتد لا لشعوره الندم والحسرة على ترك الفريق.
يقول داني مازحا: "أحيانا أنظر على ترتيب يونايتد وأجدهم خلفنا لكنني أشعر بالخوف من أن يلحقوا بنا في الصدارة كما اعتادوا".
ويضيف "لا أحمل أي ضغينة تجاه النادي، استفدت كثيرا من وقتي في مانشستر يونايتد لكن جزءا مني يرغب في إثبات أنهم كانوا على خطأ بتركي أرحل، عندما أسمع شخصا يتساءل هل يندم يونايتد على التفريط في درينكووتر أدرك أنني أقوم بعمل جيد".
أحلام درينكووتر لا تتوقف عند تحقيق لقب الدوري، فاللاعب الإنجليزي تم استدعاؤه للمشاركة مع المنتخب في مارس الماضي ويملك فرصة كبيرة للدخول للقائمة النهائية التي ستشارك في يورو 2016 نظرا لإصابات جاك ويلشير وجوردان هندرسون الذان يعتمد عليهما المدرب روي هودجسون في منتصف الملعب.
وعن ذلك يقول درينكووتر: "كنا في حصة تدريبية عندما تم إعلان قائمة المنتخب وكان اسمي أنا وجايمي فاردي بها للمرة الأولى، نجولو كانتي أيضا كان قد تم استدعاؤه لمنتخب فرنسا، الأمر كان جنونيا وتوقف التدريب لمدة 5 دقائق وتصافح الجميع في سعادة".
وعن الانضمام للمنتخب يقول مازحا: "كنت استغل فترات التوقف الدولي ونهاية الموسم للذهاب لقضاء العطلة والسفر ومحاولة اكتساب سُمرة، والآن أنا لاعب دولي وأتطلع للمشاركة في المباريات الودية وبطولة اليورو، الأمور تتغير بسرعة!".
كان درينكووتر شريكا رئيسيا في تتويج ليستر، لا يقل مجهوده عما قدمه وجوه الفريق جايمي فاردي و رياض محرز ونجولو كانتي..
فتذكر دوما أن كرة القدم لعبة جماعية، وإلا لفعلها ليفربول في الموسم الاستثنائي للويس سواريز.
نرشح لكم






