فن الحرب – (4) حكاية كوستا: مرحلة التمرد.. ورفض الانتقال إلى برشلونة

الأحد، 20 مارس 2016 - 14:34

كتب : محمد الفولي

بدأت عدة أندية أخرى في 2009 تهتم بدييجو كوستا بعد المستوى الطيب الذي قدمه مع ألباسيتي في الموسم السابق، حيث كانت هناك الكثير من العروض المطروحة على طاولة خيسوس جارسيا بيتارتش المدير الرياضي لأتلتيكو مدريد، وكان أحدها من برشلونة.

يقص بيتارتش تلك الكواليس بنفسه قائلا: "تلقيت اتصالا من البرت فالنتين، السكرتير الفني لبرسا وسألني (ما الذي ستفعله مع دييجو. أنا معجب به كثيرا. يبدو لاعبا جيدا للغاية)، فقلت له (وأنا أيضا لهذا هو لاعبنا)".

كان فالنتين يرغب في ضم كوستا للفريق الثاني لبرسا لذا كان رد المدير الرياضي لأتلتي واضحا حيث أجابه "هذا غير ممكن، أولا لأنني مؤمن بقدراته كلاعب وثانيا، لأنني سأبيعه لفريقك الثاني بكم؟ ثلاثة ملايين يورو؟ أفضل الاحتفاظ به لفريقي".

وتابع "في المستقبل سيساوي الكثير وحينها سيمكنني بيعه لك مقابل 40 مليون يورو".

- التمرد:

لم تكن هذه هي المشكلة الوحيدة التي اضطر بيتارتش لمواجهتها بخصوص دييجو كوستا في تلك الفترة، بل أن اللاعب نفسه حاول التمرد حيث وصل بعد الموعد المفترض لبدء فترة الاعداد بحوالي 10 أيام!

الحقيقة أنه لم يظهر إلا حينما اتصل به المدير الرياضي لأتلتيكو وعنفه بشدة على هذا الأمر، خاصة وأنه كان مقتنعا بأنه بداية من هذا الموسم يجب أن يلعب في الدرجة الأولى.

حينما ظهر دييجو كانت تبدو عليه ملامح زيادة الوزن بصورة كبيرة. حوالي ستة أو سبعة كيلوجرامات.

سأله بيتارتش عن سبب هذا الاهمال وأجابه دييجو "الأمر بالنسبة لي سيان. أنتم لا تثقون في كلاعب وأنا أرغب في الرحيل".

يقص بيتراتش أنه شعر بالدهشة وأجابه "تقول إننا لا نثق بك حسنا، فلتأت معي الآن ولنوقع العقد الذي تريده بعدد السنوات والراتب الذي تراه مناسبا، هل هذا يرضيك، فوجدته يقول لي أنه لا يمكنه فعل هذا بدون وكيله، فأجبته (من الذي لا يثق في الآخر الآن)".

وأضاف "الحقيقة أنني قبلها بعدة أيام كنت تلقيت اتصالا من مسؤول في نادي فيتوريا دي باهيا البرازيلي وأخبرني بأن دييجو تحدث معه وكان يحدثني عن صفقة إعارة أو استغناء نهائي".

يضيف المسؤول السابق في النادي المدريدي "تراجع دييجو في النهاية عن قراره وأرسل لجورجي مينديش العقد ووافق عليه ثم جرى التوقيع. هذه هي شخصية دييجو، في مدة 10 ثوان تظن أنه ربما يقدم على قتلك ولكن بعدها يصبح مثل العجين بين يديك".

وأكمل "تحدث معي بعدها وأخبرني عن سبب شعوره بالاستياء، لم يكن يرغب في أن يحدث ما حدث سابقا: قضاء فترة الإعداد مع أتلتي والخروج معارا في الأسبوع الأخير".

- الحل مع بلد الوليد:

تفهم أتلتيكو رغبة دييجو كوستا سريعا لذا تمت عملية انتقاله لبلد الوليد.

على الرغم من أن الصفقة كانت عبارة عن عملية بيع، إلا أنها كانت إعارة مقنعة، حيث اشتراه الأتلتي مجددا بموجب اتفاق مع مسؤولي النادي الآخر وهو أمر شائع الحدوث.

انتقل دييجو كوستا لبلد الوليد كجزء من صفقة قدوم الحارس سرخيو أسينخو لأتلتي، لكي تكون كل الأمر مغطاة بشكل جيد، حيث لم يتوقف اتصال مسؤولي الـ"روخيبلانكوس" به للاطمئنان على أحواله ليشعروه بالثقة التي كان يفتقدها.

- مخنث!:

كانت هذه أول مرة لدييجو منذ وصوله لإسبانيا يقضي فيها فترة الإعداد مع الفريق الذي سيلعب له، حيث جلس احتياطيا في أول مباراة بالليجا أمام ألميريا حيث فضل المدرب خوسيه لويس مينديليبار الدفع بمانوتشو القادم من مانشستر يونايتد، ولكن بمرور الوقت بدأ كوستا في أخذ دور البطولة.

على الرغم من هذه المنافسة المباشرة نظريا بينهما إلا أن الثنائي تشكلت بينهما صداقة من نوع خاص كان لمانوتشو فيها دائما اليد العليا حيث يقول الأخير ضاحكا "كنت لا أناديه إلا بلقب المخنث، فكان يصاب بنوبات غضب مضحكة ولكنه لم يقدر على فعل شيء معي لأنني كنت أكبر حجما".

وأكمل "كنا نشغل الموسيقى البرازيلية بأعلى صوت في غرفة الملابس ونبدأ بالرقص، وأحيانا كنا نخفي أحذية وملابس باقي الفريق. قضينا وقتا ممتعا معا".

- الانطلاق ودور مينديليبار:

بداية من الجولة الثانية أمام فالنسيا بدأ كوستا في اللعب أساسيا حيث سجل ستة أهداف في أول 12 مباراة لدرجة أن المدرب مينديليبار قال: "في الوقت الحالي لدينا أفضل رأس حربة بإسبانيا فيما يتعلق باللعب في المساحات". كان الفريق في تلك الفترة يبدأ في البحث عنها بالمناطق الأمامية حينما يكون ساقطا على أي من طرفي الملعب.

كانت علاقة مينديليبار مع كوستا تعتمد على نوع خاص من الكيمياء بين الثنائي، لدرجة أن كوستا يقول عنه "إنه أقسى مدرب لعبت معه ولكن أكن له معزة خاصة. إنه بمثابة الأب، ربما يكون سيء المزاج، ولكنه يعرف كيف يوجهك. يطلب منك الكثير وفي نفس الوقت يعطيك حريتك".

قبل عطلة أعياد الميلاد كان يجب أن يحدث شيء يتعلق بكوستا ومسألة التحكيم حيث حصل في 20 ديسمبر أمام سبورتنج خيخون على بطاقته الخامسة في الموسم، ليخرج المدرب وينتقد التحكيم بأنهم يشهرون بطاقاتهم ضد كوستا بسبب صورة مسبقة عنه.

- تغييرات جديدة:

لم تسر الأمور بشكل جيد بالنسبة لمينديليبار حيث قررت الإدارة إقالته في فبراير عقب التعادل مع ألميريا لتدفع بمدرب الفريق الثاني أونيسيمو سانشيز الذي جمعته علاقة جيدة بكوستا وساهم في تحسين قدراته الفنية والتكتيكية بحكم أنه كان مهاجما إبان حقبته كلاعب، ولكنه لم يتمكن من جعل كل قدراته تتفجر.

يقول أونيسيمو: "اذا ما أردت أن تخرج كل ما لدى كوستا عليك أن تحفزه، اذا لم تحفزه فإنه سيلعب بـ20% من طاقته"، وهو الأمر الذي ربما يفسر سبب تألقه الكبير لاحقا في أتلتيكو تحت قيادة الأرجنتيني دييجو سيميوني.

ويؤكد أيضا أن المدرب الجديد على الرغم من معرفته بمفتاح تألق اللاعب إلا أنه لم ينجح في استغلاله، حيث لم يسجل البرازيلي في عهده سوى هدف وحيد أمام ريال سرقسطة.

لم يحقق الفريق تحت قيادة أونيسيمو سوى فوز واحد في 10 مباريات، لذا نفد رصيده لدى الادارة التي قررت إقالته والاستعانة بخابيير كليمينتي الذي يمكن تأليف كتاب كامل عن كل الطرائف التي جمعته باللاعب البرازيلي، فعلى سبيل المثال كان يتحدث في يوم من الأيام مع عناصر الجهاز الفني وبدأ أحدهم في شرح فكرته حول الدور الذي يجب أن يلعبه دييجو ولكنه سألهم "من دييجو هذا؟"، كان يعرفه في الحقيقة بلقب كوستا أو "كوستينيا".

تمكن كليمينتي من تعديل دفة الفريق وحصد النقاط حيث اعتمد خطته على اللعب بالثنائي كوستا ومانوتشو معا، ولكن في الجولة الأخيرة الحاسمة بالنسبة لمسألة البقاء كان يجب على الفريق مواجهة برشلونة في أوج قوته تحت قيادة بيب جوارديولا حيث خسر فريق "الغواصة الصفراء" برباعية نظيفة.

يقول بورخا فرناندز لاعب بلد الوليد: "في نهاية الموسم، على الرغم من الهبوط وأنه كان عائدا لأتلتيكو أقمنا حفلا وحصل فيه دييجو على جائزة أفضل لاعب في الفريق. كان الجميع يرى المجهود الذي قام به ورأوا أن هذه أفضل طريقة لوداعه".

التعليقات