جوارديولا وطرق أخرى للفوز – (14) نهائي ويمبلي.. والمحاضرة الفنية التي لا تنسى

الثلاثاء، 26 يناير 2016 - 15:53

كتب : محمد الفولي

كان ويمبلي أيضا يحمل قيمة خاصة وشخصية بالنسبة لبيب. فهناك كان حيث وضع يديه لأول مرة على الكأس ذات الأذنين كلاعب، وكان يرغب في تجربة ذلك الإحساس مجددا كمدرب.

فهناك بدأ النادي الكتالوني أسطورته في العصر الحديث حينما توج بلقب كأس أوروبا عام 1992 واستغل جوارديولا هذا الأمر في تحفيز لاعبيه.

وتصل الأحداث بعد قفزة زمنية هذه المرة لنهائي دوري الأبطال 2011 على ملعب ويمبلي بين برشلونة ومانشستر يونايتد.

ولم يكن استغلال هذه النقطة في الفترة التي سبقت المباراة، بل منذ تم الإعلان عن أن ويمبلي سيحتضن اللقاء النهائي. ولكن بيب كان ذكيا في الكم والكيف الذي استخدم فيه عامل التحفيز على مدار الموسم لكي يدرك الكل ما الذي يعنيه ويمبلي لبرسا.

لذا فإنه كان بدأ منذ بداية الموسم خطة تسعى لإعادة الابتكار في الفريق تمثلت في السعي وراء التعاقد مع ديفيد بيا من فالنسيا وهو الأمر الذي تم في صيف 2010 بعد منافسة مع ريال مدريد وعدد من الأندية الإنجليزية.

كان ديفيد بيا رائعا طوال الموسم، لذا قرر بيب منحه قليل من الراحة في المنعطف الأخير من الليجا بعد أن كانت حسمت لصالح برسا ليصل للنهائي في أفضل حالة ممكنة.

قبل النهائي، قرر بيب ومعاونوه تقديم موعد السفر للندن يومين وذلك تخوفا من تكرار ما حدث الموسم الماضي حينما تسبب السحب الرمادية الناجمة عن انفجار بركان في أيسلندا في سفر الفريق برا لميلانو والتعرض للإقصاء من إنتر من نصف النهائي بعد رحلة منهكة للغاية.

وساهم تقديم موعد الرحلة والإقامة بأحد المنتجعات في تخفيف الضغط من على لاعبي برسا وشعورهم بحالة من الصفاء الذهني الإيجابي قبل المباراة، التي كان بيب يرسم ويدرس كل تفاصيلها الكبيرة والصغيرة.

المحاضرة الأفضل

لم يقدم جوارديولا للاعبيه هذه المرة قبل المباراة النهائية مقطع فيديو تحفيزي من فيلم (جلادييتور)، ولكنه وفقا لرواية الكثير من اللاعبين قاد واحدة من أفضل المحاضرات الفنية في التاريخ التي كانت يجب أن تصور على حد وصف عدد من اللاعبين مثل ديفيد بيا وماسكيرانو.

ووفقا لرواية اللاعبين فهذا كان جزء من المحاضرة الفنية:

- "اريك (أبيدال)، فلتلق نظرة على هذا: أنطونيو فالنسيا يصعد دائما للأمام لذا فأنت ستتقدم دائما لكي لا يشعر فالنسيا بالراحة، وأنت يا ألفيش، اسمعني: بارك (جي سونج) يفضل الدخول في العمق بدلا من الركض على الأطراف، ستجد مساحات".

"منذ فترة قصيرة بدأ مانشستر يونايتد في لعب ركنيات قصيرة، لذا تذكرا ما كنا نتمرن عليه دائما من أجل هذه الحالات في التدريبات، وإن كنت سأتمنى ألا يحصلوا على ركنية واحدة أمامنا اليوم".

-"ستتمكنوا من خلق مساحات هنا وهنا وهنا تقريبا (يشير بيديه على اللوحة الخططية)، هنا حيث يمكن الفوز بالمباريات أو خسارتها، تنبهوا لحالات لاعبين ضد واحد لأنهم سينتشرون هنا وهنا وهنا (يشير بيديه مجددا)، في نصف الملعب سنكون أربعة أمام ثلاثة، سنمتلك زيادة عددية في هذه المنطقة، هنا حيث ستفوزون بالمباراة، بسبب ما رأيته وتحليلي أقول لكم سنفوز هنا".

يقول ماسكيرانو عن تلك المحاضرة الفنية: "ولكن يا له من لئيم! أصاب في كل شيء، تلك المحاضرة الفنية في ويمبلي كانت واحدة من أكثر المحاضرات التي أذهلتني، حينما كان يتحدث لم أكن أشعر بأنه يتحدث عن مباراة سنلعبها، كنت أشعر أننا نلعبها بالفعل".

وأضاف ماسكيرانو "كانت يتحرك للأسفل وللأعلى ولليمين واليسار أمام اللوحة، ربما لو أغلقت عينيك فقط واستمعت لشعرت أنك في أرض الملعب، كل ما قال أنه سيحدث حدث بنفس الصورة التي توقعها، لدرجة أنني حينما كنت في الملعب قلت لنفسي (أين رأيت هذا مسبقا؟)".

قبل المباراة كان بيب تلقى تقريرا من صديق له في إنجلترا يخبره بأن مانشستر يونايتد كان يتدرب على خطة 4-3-3 ولكنه في النهاية سيلعب بخطته التقليدية 4-2-3-1 ، وهو الرسم الذي ربما يتغير لـ4-4-1-1 ، لذا قرر جوارديولا في النهاية اللعب بخطته الكلاسيكية 4-3-3.

كان التقرير الذي أرسله صديق جوارديولا صائبا، حيث أن مانشستر يونايتد طبق في أول 10 دقائق كل التكثيف والضغط الذي كان قادرا عليه برقابة رجل لرجل في نصف الملعب، حيث كان روني قريبا من بوسكيتس لكي يمنع برسا من بداية اللعب من الخلف عن طريقه، فيما أصبح جيجز ظلا لشابي.

كان برسا يتحرك بصعوبة ولم يجد مكانه في أرض الملعب، ولكن بعد أول 10 دقائق حدث أول تغيير هام في الليلة حيث أخر شابي مركزه لاستقبال الكرة في المكان الذي من المعتاد أن يشغله بوسكيتس، هذا كان يعني أن البرسا غير طريقة اللعبة لـ4-2-3-1.

لم يتجرأ مان يونايتد على إرسال لاعب لمراقبة شابي بل وحتى حينما حدث هذا كان متأخر الوصول، حيث سمح هذا الأمر للاعب بلمس الكرة أكثر والحصول على مساحة أكبر للعب وسط ضغط أقل واختيار التمريرات لبدء تسيير اللعب من الخلف.

الحركة الثانية

بعدها جاءت الحركة التكتيكية الثانية التي غيرت كل شيء، حيث انضم ميسي لوسط الملعب، أي انه انتقل لمركز تشافي التقليدي بين الخطوط، حيث لم يتبعه أي من فيديتش أو فرديناند خوفا من الابتعاد كثيرا عن مركزهما في الدفاع.

هذا الأمر كان يعني أن معركة نصف الملعب كانت بين بوسكيتس وشابي وإنيستا وميسي من جهة برشلونة وروني وكاريك وجيجز من ناحية مانشستر يونايتد، وهي معركة أربعة رجال ضد ثلاثة كما قال بيب في تلك المحاضرة الفنية.

دانت السيطرة على المباراة لبرشلونة حيث افتتح بيدرو التسجيل في الدقيقة 27 ولكن روني تعادل بعدها بخمس دقائق حيث كثف "الشياطين الحمر" من هجماتهم للدفاع عن كرامتهم، كانت تلك الصحوة نفسية أكثر منها تكتيكية، ولكن البرسا لم يتأخر كثيرا في استعادة قوامه والسيطرة.

اختناق

أظهر الفريق الكتالوني شجاعته باستمرار الضغط العالي جدا، لدرجة أن لاعبي الفريق الإنجليزي خلال الشوط الأول كانوا أكملوا 12 تمريرة متتالية دون القدرة على عبور منتصف الملعب، مما يوضح حالة الاختناق التي كانوا فيها.

خلال الاستراحة تلقى اللاعبون توبيخا كبيرا من فيرجسون لأنهم نسوا التعليمات التي قالها لهم عشرات المرات عن كيفية وضع الكرة في منطقة جزاء برشلونة بالركلات الثابتة، فيما أن أكثر اللاعبين تعرضا للتأنيب كان روني لأنه لم يراقب بوسكيتس كما أمره.

خلال الشوط الثاني حاول مانشستر يونايتد أن يضغط في الأمام بشكل مفاجىء بواسطة تشيتشاريتو وروني بالركض وراء الكرة حينما يكون فالديز قريبا من استقبالها، ولكن الخط الثاني (جيجز وكاريك) لم يقم بنفس العمل بنفس الحدة والتكثيف، وهو الأمر الذي سمح لبرسا بمواصلة بناء اللعب من الخلف بسهولة كبيرة والعثور على بوسكيتس لبدء الهجمة.

لم يعثر مانشستر يونايتد على الطريق المنشود أو حتى يرسل ركنية واحدة طوال المباراة، فيما أن برسا استمر بنفس الطريقة، حيث سجل ميسي غير المراقب وسط هذا الهدف الثاني.

جاء الهدف من لعبة تظهر الصعوبات التي يواجهها المنافسين حينما يواجهون برشلونة حيث أن هجومه يتضمن دائما تغييرات مستمرة في المراكز بين خمسة لاعبين بمهاجم هجومية بل وبمشاركة مدافعين أحيان.

حينما قرر جناحا مانشستر يونايتد الظهور في وسط الملعب، لجأ برشلونة للهجوم من على الأطراف وبالأخص من ناحية ألفيش مما جعل المباراة تقع تحت سيطرتهم أكثر حينما سجل ديفيد بيا الهدف الثالث.

في ظل تأخر مان يونايتد بهدفين قرر الهجوم بكل ما لديه من قوة، وذلك وسط تراخي من قبل لاعبي برشلونة كاد يكلفهم المباراة، ولكن الأمور مرت بسلام، حيث كانت نسخة برشلونة بيب في نهائي 2011 أكثر رونقا من 2009 وذلك لأن بيدرو وبيا كانا أفضل من هنري وإيتو من حيث الأداء، بشكل عام كانت ليلة جديدة سعيدة لبرشلونة وجوارديولا.

--

يستعرض FilGoal.com كتابا جديدا.. "طريقة أخرى للفوز" الذي يحكي حياة المدرب الإسباني بيب جوارديولا منذ طفولته وحتى رحيله عن برشلونة.

هو واحد من انجح الكتب الرياضية في السوق الإسباني وترجم لعدة لغات، ويقدم الكثير من القصص والحكايات عن مسيرة جوارديولا ولاعب والصعوبات التي واجهها بجانب شرح الكثير من الجوانب الفنية والتكتيكية في مسيرته التي قادته ليصبح واحد من أبرز المدربين في الوقت الحالي، هذا بجانب حوارات مع المدرب نفسه وعدد من لاعبيه ومنافسيه.

وألف الكتاب الصحفي الإسباني المخضرم جييم بالاجيه، صاحب الخبرة الكبيرة في المجال الرياضي بالعمل مع كل من (سكاي سبورتس) و(آس) و(تيليجراف) و(بليتشر ريبورت).

اقرأ الحلقة الأولى.. (اضغط هنا)

اقرأ الحلقة الثانية.. (اضغط هنا)

اقرأ الحلقة الثالثة.. (اضغط هنا)

الحلقة الرابعة.. (اضغط هنا)

الحلقة الخامسة.. (اضغط هنا)

الحلقة السادسة.. (اقرأ هنا)

اقرأ الحلقة السابعة (اضغط هنا)

اقرأ الحلقة الثامنة.. (أضغط هنا)

اقرأ الحلقة التاسعة.. (اضغط هنا)

اقرأ الحلقة العاشرة (اضغط هنا)

الحلقة الـ11.. (اضغط هنا)

الحلقة 12.. اضغط هنا

التعليقات