كتب : أحمد نجيب | السبت، 07 نوفمبر 2015 - 00:49

تحليل أهلاوي - هناك كرة قدم.. وهناك ما قدمه الأهلي أمام المقاصة

الأمانة الكروية تقتضي أن نقر واقعاً لا خلاف عَلَيْه.. بيسيرو تولي المسؤولية بدون فترة إعداد وقبل أول مباراة في الدوري بأربعة أيام.. الفارق بين كل مباراة والتي تليها ثلاثة أيام..

تدريب واحد يومياً بين المباريات بدون زيادة الحمل الفني أو البدني خوفاً من الإصابات.. ملامح التعديلات التكتيكية أو الفنية يتم إبلاغها للاعبين بشكل شفهي دون وجود فرصة حقيقية للعمل عليها في التدريبات بشكل أكثر فاعلية حتي يحفظها اللاعبين.. عدم القدرة علي تغيير تشكيل الفريق بشكل كبير والحذر في إقحام الصفقات الجديدة لضيق الوقت..

يبقى بيسيرو حتي هذه اللحظة وبعد توليه المسؤولية لمدة إسبوعين خاض فيهم 4 مباريات رسمية كاملة فاز في ثلاث وخسر واحدة غير خاضع للتقييم أو قابل للحكم على مدى صلاحيته الفنية من عدمها..

ولكن بطبيعة الحال تبقي هناك بديهيات في كرة القدم قد لا يختلف عليها اثنان.. أما بيسيرو فقد ضرب عرض الحائط بتلك الأساسيات..

--

كل شيخ وله طريقة..

مبدئياً لا يوجد في كرة القدم طريقة لعب أو خطة تكتيكية معينة تكون هي الأفضل أو الأمثل علي الإطلاق.. ربما توجد طريقة مناسبة وطريقة أخري لا تناسبني في الوضع الحالي..

وربما تتغير المعطيات الفنية داخل الفريق يوماً ما فتجدني مجبراً على اللجوء لطريقة لعب ثالثة لم تكن في الحسبان منذ البداية..

إذن كل شيخ وله طريقة.. وكل طريقة ولها أصول فنية يجب اتباعها وإلا أصبح فريقك نموذجاً للمزيج التكتيكي والفني الفاسد يجب التخلص منه في أقرب فرصة..

استمر بيسيرو علي تجاربه داخل الفريق وقرر أن يهاجم منافسه هذه المرة بمهاجميّن في التشكيل الأساسي.. بدأ الأهلي المباراة بالرسم التكتيكي 4-4-2 (4-2-2-2)..

كُتب كرة القدم التي تتحدث عن قواعد التكتيك للمبتدئين تقر واقعاً ألا وهو إذا أردت أن يحتوي خط هجومك علي لاعبين، يجب أن تختلف نوعية كليهما لإحداث حالة من التوازن داخل ذلك الخط..

وإن لم يحدث ذلك الاختلاف في النوعية وكانا متشابهين في الإمكانيات يجب عليك أن تجد من يدعمها بالشكل المناسب لتحقيق الاستفادة القصوي من تواجدهما معاً..

المزيج الأمثل لخط الهجوم المكون من لاعبيّن.. هو أن يكون أحدهما المهاجم المتمركز والثاني هو المهاجم المتحرك صانع الفرص.. ويمكن توصيف كلا النوعيّن كالتالي..

‏Poacher.. المهاجم القناص الذي يتمركز داخل منطقة جزاء المنافس ومن الممكن أن يتم بناء تكتيك الفريق كله عليه من أجل إمداده بالعديد من الفرص..

اللاعب الذي قد يفتقر لمهارات معينة ولكنه يستطيع التسجيل من نصف فرصة ومن زوايا مستحيلة يمتلك ذكاء التحرك في الأماكن الخالية مع غريزة التهديف واللمسة الأخيرة القاتلة لا يقدم أي مردود دفاعي ودائماً ما ينتظر الكرة لتصل إليه وبالتالي قد يراه البعض غير مفيد للفريق إلا في أوقات محددة لكنه يمتلك قدرات تهديفية هائلة تجعلك في حاجة دائمة إليه.. عالمياً يكون روبرت ليڤاندوفسكي هو النموذج لذلك النوع..

‏Deep-lying Forward.. هو المهاجم الذي يصنع الفرص لزملائه سواء بالتمرير أو التحرك أكثر مما يساهم في إحراز الأهداف بنفسه.. وبالتالي يكون هدفه هو التراجع واللعب وظهره للمرمى مع سحب المدافعين وراءه لإفساح المجال للقادمين من الخلف.

ومع كثرة تدوير الكرة ومشاركته تنويع اللعب بالتمريرات القصيرة يتحرك بشكل مفاجئ ويقدم نفسه كخيار هجومي إضافي ودائماً هو يتمركز داخل أو حول منطقة الجزاء في انتظار الكرة الثانية من الزميل أو المنافس..

مساهمته الدفاعية الأساسية هي إجباره لإثنين من المدافعين علي البقاء حوله وعدم مشاركة هجمات فريقيهما لتخوف من سرعته وتفوقه البدني علي رقيبه إن تُرك وحيداً معه.. عالمياً يكون سيرچيو أجويرو هو النموذج لذلك النوع..

وبحسب تنصيف مهاجمي الأهلي من ناحية القدرات المهارية والبدنية فإن الفريق يمتلك 3 لاعبين هم الأقرب للنوع الأول چون أنطوي، عمرو جمال، وعماد متعب..

أما من النوع الثاني فيوجد هناك ماليك إيڤونا ومحمد حمدي زكي وإلي حد ما قد يستطيع مؤمن زكريا تقديم ذلك الدور لإجادته في حالات معينة مثل التحركات المفاجئة والتقاط الكرة الثانية..

ولكن ماذا فعل بيسيرو؟!

أشرك البرتغالي مهاجمين من النوع الأول.. كل ما يميزهما هو التواجد داخل منطقة الجزاء في انتظار الكرات العرضية من الأجنحة أو الظهيرين..

في خطة لعب 4-2-2-2 التي اعتمدها الأهلي في مباراة المقاصة يكون التركيز علي ظهيري الجنب في التقدم وإرسال الكرات العرضية أكثر من لاعبي الوسط المتقدم لأنهما في الأساس ليسا جناحين بالمفهوم التقليدي حيث يميلان لاستلام الكرة من الخط الجانبي ثم الانطلاق للتواجد في عمق الملعب فيما بين خطي وسط ودفاع المنافس..

التوصيف السابق يمكن تسميته بالشكل الأقرب لصانع اللعب من الجناح أو لاعب الجناح الذي يتحول لصانع لعب فيما يُعرف بمركز Wide Creator أو Inside Winger وبشكل تفصيلي فهما مركزين مختلفين في المهام والواجبات..

كان من المفترض أن يقوم الثنائي مؤمن وعبد الله بلعب ذلك الدور.. ولكن ذلك لم يحدث وكان كافياً اشتراك أحدهما فقط علي أن يتواجد في الناحية المقابلة لاعب يستطيع أداء دور الجناح الكلاسيكي عملاً بمبدأ إحداث حالة من التوازن وتنوع القدرات الموجودة داخل كل خط من خطوط الفريق..

لماذا لم يقدم قلبي الدفاع أو لاعبيّ الوسط المتأخر المساندة اللازمة؟!

الضغط يولد الانفجار.. نجح فريق المقاصة في القضاء علي قلب ملعب النادي الأهلي بالضغط المباشر علي الرباعي المتمركز من أمام منطقة جزاء الفريق الأحمر.. ساهم ذلك بعدم حدوث التدرج المعتاد في بناء الهجمة والاعتماد علي الكرات الطويلة المرسلة للمهاجميّن مباشرة..

اشتراك مهاجميّن من نفس الطراز في ظل وجود ظهيرين لا يرسلان أي كرات عرضية سليمة ولاعبيّ وسط متقدم غير مناسبين لطبيعة طريقة اللعب مع الضغط المتواصل علي رباعي العمق ساهم في ظهور الأهلي بذلك الشكل الباهت هجومياً ودفاعياً..

--

لوغاريتم التغييرات..

الأهلي يلعب بمهاجمين لا تصل إليهما الكرة.. رباعي الوسط تائه فيما بين خماسي وسط المنافس.. فجأة وبلا مقدمات يضع شريف إكرامي المقاصة في المقدمة بعد مرور دقائق قليلة من انطلاق الشوط الثاني..

بيسيرو قام بإخراج المهاجميّن وأشرك بدلاً منهما مهاجماً يفضّل التحرك وعدم التمركز مع جناحاً يميل للعب بقدمه العكسية وإرسال الكرات العرضية عند علامة الجزاء أو التسديد المباشر..

لا جديد رغم تغيير طريقة اللعب إلي 4-2-3-1 بعد التأخر بهدف.. حسناً فلنلعب بمهاجميّن مرة أخري ولكن هذه المرة يشترك المهاجم بدلاً من لاعب الوسط الدفاعي لتتحول الخطة إلي 4-1-3-2.. لا تعليق!

ماذا تفعل لو كنت بيسيرو؟

حل مشكلة بناء الهجمات هو ما كان يجب أن يشغل بال الجهاز التدريبي للأهلي وليس عدد المهاجمين داخل الملعب..

لو نجح الفريق الأحمر في السيطرة علي منطقة نصف الملعب ومن ثَمَ بناء الهجمات بشكل سليم والتدرج بالكرة مثلما هو معتاد لكان سهلاً الخروج بالعلامة الكاملة قبل توقف الدوري..

كان لزاماً بحسب معطيات المنافس أن يتواجد ثلاثة لاعبين في خط وسط الأهلي.. عاشور ومن أمامه غالي وجمعة علي خط مائل هو الشكل الأفضل لتدرج هجمات الفريق..

اللاعبان الآخران في خط الوسط يتم تحديد اسميهما بحسب المهام الموكلة إليهما إذا أردت استحواذاً مطلقاً يمكنك البدء بالسعيد ورمضان.. وإن أردت أن تكون مباشراً وأكثر سرعة بمباغتة خصمك خلف ظهيري الجنب يوجد هناك وليد ومؤمن أو أحمد الشيخ..

هكذا تدار الأمور التكتيكية.. ليس هناك من هو علي صواب أو خطأ بشكل مطلق.. ولكن في النهاية يجب أن تكون متسقاً مع معطياتك الفنية لتحديد الشكل الأفضل لفريقك ولو بشكل مرحلي..

--

المحلل الفني للأداء..

الجهاز الفني للنادي الأهلي يضم محللاً فنياً للأداء.. تتلخص وظيفة ذلك الرجل في شقيّن أساسيين..

أولهما تحليل أداء المنافسين جماعياً وفردياً قبل مواجهتهم.. أما الثاني فيتركز علي تحليل أداء لاعبي الأهلي أنفسهم داخل المباريات بشكل رقمي وإحصائي مع تقديم تقارير دورية للمدير الفني تساعده في اختيار خطة اللعب والتشكيل الأمثل مع المركز المناسب لكل لاعب..

عندما تلعب بطريقة لعب 4-2-2-2 لابد أن تمتلك ظهيري جنب يجيدا إرسال الكرات العرضية باتقان كما سبق الاسترسال في ذلك.. أرسل أحمد فتحي 9 كرات عرضية منهم 2 فقط صحيح بنسبة دقة 22%، أما صبري رحيل فقد أرسل 5 كرات عرضية منهم 2 فقط صحيح بنسبة دقة 40%..

عند اختيار مهاجم الفريق الأساسي يجب مراعاة إمكانياته الفنية ودقة تصويباته علي المرمي.. ماليك ايفونا لعب 32 دقيقة فقط كان له 4 محاولات علي المرمى بنسبة دقة 50%.. الثنائي عماد متعب وچون انطوي لم يقوما سوى بمحاولة واحدة على المرمى فقط كانت لانطوي خلال 58 دقيقة..

وإن كان لتغيير طريقة اللعب سبب مباشر في تلك الأفضلية ولكن أرقام إيفونا السابقة تدعمه كذلك.. ولكن من الجانب الأخر يُعد ذلك مؤشراً واضحاً لأي طرق اللعب أفضل للفريق في الوقت الحالي..

هل يتحدث بيسيرو في أي مما سبق مع مُحلله الفني؟!!

via Twitter: @ahmednaguibgad

التعليقات