كتب : ضياء الدين محمد | الأربعاء، 11 فبراير 2015 - 19:50

إصحوا ليغفلونا

أركان عديدة تتضمنها مذبحة جماهير الزمالك التي شهدها ملعب الدفاع الجوي، لا يجب إغفالها حتى لا نساهم في زعزعة قضيتنا، ولكن علينا ترتيبها كأولويات.

سقوط أكثر من 22 مشجعا في مباراة كرة قدم، جريمة كاملة الأركان، جريمة لا يمكن إغفال أحد أركانها على حساب الأخر.

ترتيب الأولويات مطلوب مننا في أحلك الظروف، الأولوية الأولى يجب الانتهاء منها قبل الكل، ولكن هذا ليس معناه إغفال رقم 2 و3 و4 في قائمة أولوياتك.

أولا، هناك من يريد دفع القضية لاتجاه بعيد عن القاتل الحقيقي، القاتل الحقيقي الذي أطلق الغاز على ألاف الجماهير في محيط ضيق مساهما بشكل مباشر في قتلهم، والذي ابتدع فكرة القفص الحديدي التي لم نرها منذ أن عرفنا أن كرة القدم دائرية الشكل!

لذلك رقم 1 لدينا يجب أن يكون تحويل جهودنا تجاه انتزاع اتهام واضح وصريح تجاه أجهزة الأمن، التي إذا كان هناك نسبة شك في أنها تعمدت قتل الجماهير، فهناك يقين 100% بإنها أهملت أداء مهامها وضربت بأدنى معدلات التعامل الأمني السليم عرض الحائط، لتتسبب في سقوط ضحايا.

ثانيا، مرتضى منصور متهم رئيسي في القضية، تواطوء واضح مع أجهزة الأمن، تصريحات بالسماح للجماهير بالدخول مجانا لتجميع أكبر عدد، تحريض واضح وصريح سواء قبل المذبحة "لو كنت سواق الأتوبيس لكنت دهستهم"، أو منذ توليه رئاسة النادي حينما وجه رسالة لأسر المشجعين "لو استلمت ابنك جثة متعيطش"، مع تصريحات عدائية قوامها الرئيسي أن الجماهير هي التي تتحمل ذنب موتها عقب وقوع الحادث، في محاولة مستميتة لطمس الحقائق بشكل مريب!

ولذلك رقم 2 لدينا يجب أن يكون الحرص والضغط على ألا يمر مرتضى منصور دون محاكمة، خاصة وأن أدلة التحريض والتواطوء واضحة وضوح الشمس.

ثالثا، موقف لاعبي الزمالك المتخاذل ضد جماهيرها يجب أن لا يمر مرور الكرام، فالسكوت على هذا الموقف المخذل فيه ظلم كبير للجماهير التي دائما ما كانت تقول "نحن من نصنع النجوم ولأجلنا تلعب كرة القدم".

نعم نحن كجماهير ندرك أن الكرة هي "أكل العيش" اللاعبين، ولكننا ننتظر منهم دائما موقفا لنا، فلولا الهتاف بأسمائهم لما أصبحوا نجوما ولا أصبحت كرة القدم مصدر رزقهم.

وأي محاولة لربط اتخاذ موقف ضد اللاعبين بهدم نادي الزمالك، هي محض "كلام فارغ" فالكيانات تكتسب بقائها وقوتها من جماهيرها وليس ببطولاتها ولاعبيها ومجالس إداراتها.

والزمالك نفسه خير دليل، فرغم أن الزمالك نادر الحصول على بطولات ورغم العديد من السنوات العجاف التي عاشها، لم ينهر الكيان وظل صامدا كواحد من أكبر الكيانات الرياضية في العالم، لماذا؟ بسبب جماهيره التي تفتخر بإنها ستظل تشجعه وتدعمه حتى لو هبط للدرجة العاشرة.

ولذلك رقم 3، علينا أن نجعل هؤلاء اللاعبين يدركون جيدا حقيقة إن جماهيرهم هي الباقية لهم وليس رئيس ناديهم أو أي شيئ أخر.

رابعا، النقطة الأخيرة مرتبطة ارتباط وثيق بما قبلها، وهي تتمثل في ضرورة دعم عمر جابر، الذي استجاب لصوت الإنسانية بداخله ولم يكترث بأعذار مثل "أكل العيش" و"مرتضى منصور" ليبيع أدميته.

فعدم اتخاذ موقف ضد لاعبي الزمالك سيضع جابر تحت ضغط ويجعله يشعر بأن موقفه لم يكن له أي داع، سيجعل أي شريف في هذا البلد يفكر أكثر من مرة قبل أن ينطق بالحق، سيجعله يشعر بأنه رغم تضحيته العظيمة بات على الأقل متساوي مع من أثر الاختباء والموالاة لاعتبارات دنيوية زائلة.

جابر سبح ضد التيار الفاسد، ومجرد مساواته بمن فضل ركوب الموجة ظلم شديد له وقتل مع سبق الإصرار والترصد لأي قيم نبيلة وما أندرها وسط مجتمعنا الحالي.

وفي النهاية، المجهود يجب توزيعه على كل العناصر السابقة، بنسب متفاوتة، ولكن إغفال أي عنصر منها سيتسبب بشكل أو بأخر في زعزعة أحد أركان القضية وبالتالي هدمها، وهو ما يريده البعض، ولذلك أختم بقول مشجعي الزمالك أنفسهم "أصحوا ليغفلونا".

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات