كتب : أحمد الدريني | الأربعاء، 04 فبراير 2015 - 16:05

رحلتي من الشك للإيمان.. شادي محمد قدوتي

هذا كلام ساخر، فيه جزء قائم على تأملاتي في "شادي محمد".

شادي هو الدليل القاطع في حياتي على أنه عز وجل يرزق من لا حيلة له حتى يتعجب أصحاب الحيل.. كما في الحديث القدسي.

لاعيب كورة ملوش نهائيا في الكورة.. مدافع سيء.. مساك قليل التركيز.. ليبرو أخرق.. لاعب ارتكاز بلا عقل..

ورغم فشله الذريع إلا إنه لعب سنوات وسنوات، لحد ما بقى كابتن الأهلي!

تبدل عليه اللاعبون، بزغ نجم لاعبين واندثر آخرون، ظهرت مواهب وانخسفت مواهب، وظل شادي محمد كما هو، يلعب في كل تشكيلة وتحت أي بند ومع أي مدرب كأنه القدر المحتوم.

شادي محمد راح الأهلي منتقلا من الكروم.. الكروم نفسه اختفى من الوجود.. ويبدو كما لو كان الله قد خلق نادي الكروم كجزء من رزق شادي محمد ولو كره الكارهون.

(شادي احتفل مع كام كاس وكام دوري وكام بطولة إفريقية؟) رقم خرافي لم يتأت لأعظم لاعبي مصر مطلقا..

كنت أراقب شادي والدنيا كلها تتحول وهو باق في مكانه.. يصله رزقه.. ويظل في دائرة الضوء ولو تبدلت الأرض غير الأرض والسماوات..

كان شادي منيعا وعصيا على أي سبب منطقي أن ينال من مسيرته..

حتى في مباراة الأهلي والإسماعيلي الشهيرة التي انتهت 4-4، مسلجة واحدة من أعظم ملاحم الكرة المصرية على الإطلاق، تم طرد شادي محمد في آخر المباراة لسبب غريب جدا!

شادي صد الكرة بإيده قبل ما تدخل في الأهلي، والحكم طرد شادي واتحسبت ضربة جزاء على الأهلي ودخلت جون..

لكنه رغم الحركة الطفولية دي، جمهور الأهلي ولعيبة الأهلي اتعاملوا معاه كما لو كان بيؤدي عمل بطولي خارق خلف خطوط العدو..

مع شادي محمد، يمكن للمثالب والمآخذ أن تتحول –ما بين غمضة عين والتفاتتها- إلى منجز تاريخي ضخم.

هل شادي له شخصية ما فارقة في الملعب أو خارجه؟ هل يتسم بأي موهبة استثنائية؟ أي مهارة على أي مستوى؟ هل يقرض الشعر أو يترجم الأدب الإنجليزي؟ هل يجيد الطهو؟ هل يحب السفر أو تربية الطيور النادرة؟ هل يتاجر في العطور؟ هل له تاريخ إجرامي؟ هل هو خفيف الظل؟

الإجابة القاطعة: ليس في شادي أي شيء استثنائي..بل هو فرط عادي لدرجة تثير التساؤل والخوف قبل أن تثير الغيظ..

لقد جرب شادي نفسه في بطولات إفريقية وعالمية..وكان مكلفا بمراقبة لاعبين من طراز خاص..

لكنه رغم سنوات التجربة الطويلة لم يطور أسلوب لعبه ولم يكتسب أي مهارة جديدة تذكر.. لم يصبح يوما ما "المدافع المخضرم شادي محمد".. بل ظل مستوى شادي في يومه الأول كمستواه يوم اعتزل.

يجري بطريقة تظنها سريعة، ويتحرك على نحو قد يبدو رشيقا، ويتعامل مع الكرة بجدية مزعومة..لكن الجمهور واللاعبين والخبراء والنقاد يدركون جيدا أن لا شيء من هذا حقيقي على الإطلاق..

في لقاء تلفزيوني، تحدث شادي ضاحكا بصدق وهو يحكي عن مرة طلب منه فيها جوزيه أن يلعب كلاعب وسط مدافع، يقول شادي: "والله- وما ليك عليا حلفان- جيت أباصي الكورة.. طلعت مني إيه! تقولش باتريك فييرا! والله ما أعرف إزاي ده حصل يومها".

اللهم لك الحمد أن أريتني عجائب قدرتك في رزق شادي محمد.. وفي بقائه وصموده، ثم في تحوله لمذيع فاشل بعدما كان لاعبا فاشلا.. ليظل في دائرة الضوء وتحت مصب الرزق الوفير..

اللهم زد شادي محمد فإني لا أجحده ما قدرت له من الرزق.. اللهم زدني إيمانا بفضل ما أريتني من عظيم تجليك في هذا المخلوق ياربنا.

شكرا يا كابتن شادي على ما ثبتتني عليه من الدين..

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات