كتب : نصري عصمت | الأحد، 18 يوليه 2004 - 18:40

ولماذا لا يحترف التابعي في بورتسموث؟!

تابعت باهتمام شديد صفقة انتقال المدافع التونسى راضى الجعايدى الى نادى بولتون الانجليزى , ومن بعدها انتقال المغربى طلال القرقورى الى تشارلتون وشعرت بالغيرة من هذين اللاعبين على نظرائهم المصريين , وتساءلت : لماذا لا يوجد ولو مصرى واحد محترف حقيقى فى الدورى الانجليزى؟

وسبب هذه الغيرة تنبع من ان الجعايدى نفسه لا يختلف عن مدافعينا المصريين كثيرا , بل ازعم اننا شاهدنا مراحل تطور ادائه مع المنتخب التونسى ومع ناديه الترجى , وهو لا يختلف كثيرا عن لاعب مصرى مثل بشير التابعى , فكلاهما مدافع دولى , يملك بنيانا قويا , وروح قتالية عالية , وأخطاء قاتلة يرتكبها بين حين وآخر مع ناديه او منتخب بلاده.

ورغم ذلك , وفى الوقت الذى انتقل فيه التابعى الى تركيا , حزم الجعايدى حقائبه الى انجلترا , وليت الامر يقتصر عليه وحده , بل ان الدورى الانجليزى يضم لاعبين من اكثر من خمسين دولة , من بينها دولا متقاربة المستوى مع مصر بل واقل منها , ويكفينا ان نعرف ان فى انجلترا سبعة لاعبين نيجيريين وخمسة كاميرونيين ومثلهم من السنغال وجنوب افريقيا بالاضافة للاعبين من غانا والمغرب وفنلندا وايسلندا وكندا وجاميكا وترينداد وتوباجو , وحتى الكونغو وإسرائيل والصين.

والمؤسف ان هؤلاء المحترفين لا يتميزون عن نظرائهم المصرييين بشىء , بل ونشاهدهم اسبوعيا يقعون فى اخطاء ساذجة للغاية مع فرقهم , ولكنهم فى المقابل متفرغون تماما لكرة القدم مصدر رزقهم الوحيد , وازعم ان لدينا فى مصر مواهب عديدة خاصة على مستوى الناشئين تصلح لحجز مكانا اساسيا فى فرق الوسط فى الدورى الانجليزى مثل فولهام وبورتسموث وبلاكبرن ومانشستر سيتى , وهو افضل كثيرا من الجلوس احتياطيا فى مانشستر يونايتد او الارسنال , ولن اتحدث عن فرق القمة حتى لا اتهم بالمبالغة.

واعتقد ان غياب المحترفيين المصريين عن بطولات اوروبا الكبرى يعود لعدة عوامل اهمها ابتعادنا عن المناسبات الكروية المهمة مثل عدم التأهل لكأس العالم منذ 14 عاما وعن الدور قبل النهائى لكأس امم افريقيا منذ عام 1998 , وهذه البطولات الدولية هى السبيل الوحيد لعرض لاعبينا فى "فاترينة التصدير" الى اوروبا مثلما ظهر الجعايدى والقرقورى بمشاركتهما فى المباراة النهائية لكأس الامم الافريقية الاخيرة , ولنا ان نتخيل نظرة الاوروبيين للاعب المصرى باعتباره صفقة غير مضمونة تماما مثلما ننظر للاعبى اثيوبيا وجزر الرأس الأخضر.

وحتى عندما نلعب فى كأس العالم للشباب او الناشئين ويتلقى احد اللاعبين الصغار عرضا للاحتراف نفاجأ بمغالاة من ناديه فى مطالبه المادية لـ "تطفيش" اى عرض , وهو بالطبع ما ترفضه الاندية الاوروبية , لأنها تشترى لاعبا ناشئا قد تثبت قيمته فيما بعد او لا تثبت.

اما العامل الاخطر فهو الجهل وغياب الثقافة الكروية المتفشى بين لاعبينا , واتساءل هنا : كم من لاعبينا يشاهد المباريات الاوروبية ليتعلم؟ ومن منهم يعرف قوانين الاحتراف فى الخارج وتشكيل الفرق الكبرى؟ وهل هناك اندية مصرية توفر التوعية للناشىء عن موضوع الاحتراف الخارجى وكيفية الحصول على حقوقه دون الاضرار بناديه؟ بل واشك ان لاعبا مثل احمد فتحى كان يعرف من يلعب فى خط وسط الارسنال , وهل سيذهب ليلعب اساسيا ام ليجلس كاحتياطى ثالث او رابع فى مركزه , وذلك بعدما اكد فى كل مكان انه سافر الى انجلترا ليخوض الاختبارات مع "المدفعجية" دون ان تنشر اى من وسائل الاعلام البريطانية خبرا عنه.

واذا اعتبرنا ان هانى رمزى وميدو هما الاستثناءان من قاعدة الجهل الكروى للاعبينا فسنجد ان كلاهما كان يجيد لغة اجنبية تسهل له الاندماج فى مجتمع الدولة التى يحترف فيها , بل وكلاهما ادرك ان الانتقال من ناد صغير الى آخر كبير يجب أن يتم تدريجيا بناء على ارتفاع مستوى اللاعب نفسه واثباته لجدارته مثلما ارتقى رمزى من نيوشاتل الى بريمن ثم كايزرسلاوترن وارتقى ميدو من جنت الى اياكس ولعل هذا هو ما يضحكنى عندما اسمع عن عروض احتراف من نوعية "عبد الحفيظ مطلوب فى برشلونة" و"فتحى يهدد فييرا فى الأرسنال".

بل والمؤسف ان الكثيرين من لاعبينا يعتبرون الاحتراف فرصة لتأمين مستقبلهم المادى بعيدا عن رفع المستوى الفنى , ولهذا وجدنا لاعبا موهوبا مثل بركات يتاجر بموهبته فى قطر والسعودية بدلا من اللعب فى فرنسا او اسبانيا , وحتى عندما يسافر المصرى الى اوروبا فهو لا يطيق الغربة ولا يستطيع التأقلم فى مجتمع يعتبره لاعبا عاديا , فسرعان ما يعود الى مصر حيث الاضواء والشهرة والنفاق الاعلامى , بالإضافة لعيشة السهر والشيشة , "وليه لأ هو؟ مش مولد وصاحبه غايب"؟

مبروك الجعايدى على تونس .. ومبروك القرقورى على المغرب .. أما نحن فعلينا الجلوس فى انتظار ماذا سيفعل اتحاد الكرة فى مشكلة "احتراف" الشاطر فى الاهلى , وازمة "احتراف"

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات