
أفضلية اللعب داخل ملعبك
يزداد الاهتمام بقدرات فرق كرة القدم على الفوز داخل ملعبها وتحقيق أفضل نتائج ممكنة انطلاقا من قناعة لدى جميع الرياضيين والمتابعين أن تحقيق الفوز على أرضك أمر بديهي ولا يمكن التخلي عنه نظرا لكل الظروف المهيئة للفوز، لكن هل حقيقي أن اللعب على أرضك يعطيك أفضلية على الفريق الخصم؟ وإن كان صحيحا فما هو السبب الحقيقي وراء ذلك.
أفضلية حقيقية (داخل ملعب ضد خارج ملعبك)
من الثابت تقريبا في كرة القدم أن الفرق تحقق نتائج أفضل على ملعبها عن خارج ملعبها، ففي السنوات الأخيرة وبحسب بحث معمق لكل مباريات الدوري الإنجليزي بدرجاته الأربع لأكثر من مائة عام، لم يستطيع فريق تحقيق نتائج خارج ملعبه أفضل من داخله، وغالبا ما يفوز بالدوري الفريق الذي يحقق أفضل نتائج خارج ملعبه.
لكن الفرق التي حققت نتائج جيدة داخل ملعبها كانت بالفعل فرق متميزة، استطاعت الفوز خارج ملعبها أيضا بنسب قريبة مما حققته داخل ملعبها، ليستر سيتي الفائز بالدوري الإنجليزي في مفاجأة تاريخية حقق داخل ملعبه ٤٢ نقطة وخارج ملعبه ٣٩ نقطة، فيما فشل مانشستر يونايتد في التأهل لدوري أبطال أوروبا بعد أن حقق ٤١ نقطة داخل ملعبه كثاني أفضل فريق في الدوري لكنه فشل خارج ملعبه في جمع أكثر من ٢٥ نقطة وضعته في المركز التاسع في جدول الدوري خارج الملعب فقط، أما فريق توتنام الذي فشل في الفوز باللقب في امتاره الأخيرة فيمكن إيعاز الفشل في ذلك لتحقيقه ٣٦ نقطة فقط داخل ملعبه وضعته في المركز الخامس في جدول الدوري في ملعبه.
أفضلية الفوز داخل ملعبك تبدو حقيقة ثابتة تؤكدها الاحصائيات، لكن ربما المعلومة التي نحتاج للبحث عنها هي لماذا تحقق الفرق نتائج أفضل داخل ملعبها عن خارج ملعبها، في النهاية نحن في عصر احتراف، قد يكون قائمة الـ١٨ لاعب لديك جميعهم من خارج البلد أصلا التي تلعب باسمها مثلما فعل أرسين فينجر مدرب فريق أرسنال أمام كريستال بالاس في ١٤ فبراير ٢٠٠٥ على ملعب الهايبري القديم وفاز ٥-١، إذا ففريق كريستال بالاس كان لديه لاعبين يمكن وصفهم بأنهم يلعبون في بلدهم أكثر من لاعبي أرسنال ومع ذلك تلقت شباكهم خمس أهداف.
بنفس المنطق يصعب تصديق أن لاعب محترف يسافر دوما مع فريقه على الأقل ٢٠ مرة في السنة في الفرق الكبرى سيعاني عندما يقابل فريق ضعيف خارج ملعبه فقط لأنه خرج مئات الكيلومترات عن ملعب فريقه بينما هو بالأساس على بعد آلاف الكيلومترات من المكان الذي يمكن أن يصفه ببلده.
الدربيات المحلية أيضا مسألة غير مفهومة فحقيقة السفر أو تغير المدينة لا تحدث هنا، عندما ينطلق ريال مدريد ليواجه أتلتيكو مدريد في ملعب فيسنتي كالديرون فأنه بالكاد يضيع نصف ساعة للتنقل داخل المدينة نفسها التي تعتبر معقل الفريق ومع ذلك تبدو المباريات صعبة!
أتلتيكو كان يخسر ذهابا وعودة بسبب ضعف الفريق ونجح في الفوز ذهابا وعودة بعد قدوم المقاتل الأرجنتيني دييجو سيميوني على رأس الادارة الفنية للفريق.
لذلك دعونا نستعرض كافة العوامل التي يمكن أن تكون مؤثرة فيما يطلق عليه أفضلية اللعب على ملعبك.
اللاعب رقم ١٢
اللاعب رقم ١٢ كما يحب أن يطلق عليه الجميع، حتى أن بعض الفرق تحجب هذا الرقم عرفانا بدور جماهيرها. ٨٠ ألف مشجع لا يكفون عن التشجيع في ملعب الفيستيفاليا يجب أن يكون لهم تأثير على نتائج بروسيا دورتموند الألماني، أم أن هذا ما نود جميعا أن نتخيله، للحظة تخيل أن حضور الجماهير لا قيمة له، فلماذا ستذهب لتشجع فريقك وتشتري تذكرة موسمية أو يكون الحظ قد عاندك وتشجع أرسنال وتكتشف أن ثمن تذكرة المباراة الواحدة ٢٠٠ جنية أسترليني في بعض الأحيان، بالطبع نحتاج كجمهور أن نشعر بأهمية وجودنا حتى نضيع ساعات وأموال للذهاب لمؤازرة فريقنا، لكن هل هذا مجرد وهم؟
تنقسم أهمية الجمهور لجزئين، الأول هو دعم وتشجيع الفريق صاحب الأرض وإثارة الرعب في قلوب الفريق الخصم، والجانب الثاني التأثير على حكم اللقاء، ففي النهاية أصوات الاعتراضات على حكم اللقاء ستكون أعلى لجمهور الفريق صاحب الأرض عن تلك الصادرة من المدرج الصغير ذي الـ٣٠٠ مقعد للفريق الضيف.
سياحة المدرجات
بمقارنة بسيطة سنجد أن تأثير الجمهور الداعم للفريق ليس بتلك الأهمية فجمهور برشلونة وريال مدريد الذي يوصف بأنه مجموعة من السياح بالأساس يحقق فريقه نفس النتائج أو أفضل في ملعبه عن تلك التي يحققها بايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند الذي توصف فيه الأجواء بأنها عدائية ضد الخصوم، أو حتى تلك الخاصة بجمهور إنجلترا الذي يمنع فيه الوقوف في المباراة ويجلس جميع مشجعي الفريق.
إذا فتأثير الجمهور ليس بتلك القوة، تذكر معي كيف يتفاعل جمهورك مع تأخر فريقك بهدف أو اثنين، أنت شخصيا أمام التلفاز تفقد الكثير من حماسك وتفتر مشاعرك وتبدأ في صب غضبك على فريقك مع كل كرة ضائعة، غالبا فإن التأخر على أرضك لا يقابله رد فعل إيجابي من فريقك.
معجزات اسطنبول
في مباراة فريق بيشكتاش التركي الأخيرة على أرضه أمام بنفيكا البرتغالي في منافسات الجولة الخامسة من دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا تأخر الفريق بثلاثية نظيفة في الشوط الأول، ونجح في إدراك التعادل في ملحمة مماثلة لتلك التي وصفت بمعجزة إسطنبول عندما تعادل ليفربول بعد تأخره بثلاثية نظيفة في نهائي دوري الأبطال أمام ميلان، راجع شريط المباراة وليس الأهداف فقط وستجد أن الجمهور التركي المشهور بتشجيعه المستديم لفريقه تراجع عن ذلك وكان مجرد رد فعل على الهدف الأول ولم يبدأ تشجيع الفريق إلا بعد الهدف الثاني عندما بدا للجميع أن التعادل بعد التأخر بثلاثية أمر ممكن، لكننا كجمهور نحب دائما أن نعزز من قيمتنا ففي النهاية كما سبق أن ذكرنا، من منا سيذهب لمشاهدة مباراة وتشجيع فريقه اذا شعر أن وجوده من عدمه لا يؤثر على النتيجة النهائية للمباراة.
في النهاية كان عدد جمهور بشكتاتش عندما تأخر بثلاثية هو ٩٩٪ من سعة الاستاد، وعدد جمهور ميلان ليفربول عندما حقق المعجزة هو بحد أقصى ٥٠٪ من سعة نفس الملعب.
ضربات جزاء يونايتد واختبار ليفربول
الجزء الثاني من تأثير الجمهور هو على الحكم، ذلك الرجل عاثر الحظ الذي أسندت
له مباراة بين مانشستر يونايتد وبولتون واندررز في الدوري الإنجليزي على أرض الأول، حظه عاثر لأن كل كرة سيحتسبها ضد يونايتد ستقابل بصافرات استهجان من الجمهور في ملعب الأحلام، أما أي قرار غير محتسب لصالح الشياطين الحمر سيعني بدء الحديث عن والدته بشكل مسيء، اذا فالجمهور له أفضلية الآن! سنذهب للمباراة ولا نتوقف عن التأثير على الحكم، وهذا تحديدا ما يفترضه جمهور كل الفرق التي تواجه مانشستر يونايتد خاصة إبان العصر الذهبي لفريق تحت إمرة السير أليكس فيرجسون. كان عدد ضربات الجزاء المحتسبة ليونايتد يفوق باقي الفرق.
يقول "جيف وينتر" وهو حكم بريطاني متقاعد أن تأثير الجمهور على الحكم قليل للغاية ربما يكون له تأثير عكسي، ففي النهاية عندما يسمع الحكم سباب موجهه له فالطريقة الوحيدة لرد اعتباره قد تكون احتساب مخالفات وهمية للفريق الضيف أو على أقل تقدير البقاء غير منحاز لأي من الفريقين.
ورغم كلمات وينتر التي يحاول فيها التأكيد على نزاهة التحكيم فأن تجربة أجريت عام ٢٠٠٠ ربما تؤكد عكس ذلك، حيث قام فريق من العلماء بوضع ٤٠ حكم تحت الاختبار من خلال مشاهدتهم لمباراة مسجلة بين فريقي ليفربول وليستر سيتي في موسم ١٩٩٨-١٩٩٩ وقسمت المجموعة لفريقين الأول شاهد المباراة بدون صوت جمهور الريدز أما الثاني فشاهدها بكامل تفاصيلها، النتائج كانت قوية، فالمجموعة التي شاهدت المباراة بصوت الجمهور احتسبت أخطاء أقل على الفريق صاحب الأرض والجمهور، هذا حدث أمام التلفزيون وجميعهم لم يبذلوا نقطة عرق واحدة، فما بالك لو أن ذلك يحدث بالفعل أمام الجمهور في استاد مثل أنفيلد رود.
الشاهد من هذه التجربة أن الحكم بشر يتأثر ربما بشكل أكبر حتى من اللاعبين بالجمهور، وحتى وإن لم يشجع الجمهور فريقه فإنه لا يكف أبدا عن اتهام الحكم واستهجانه من المدرجات فمن السهل لوم الحكم في النهاية على خسارة فريقك.
أمتار قليلة تصنع الفارق
لا يحدد الفيفا أبعاد قياسية لملاعب كرة القدم ويكتفي بأن يضع حدود لطول وعرض الملعب، في قانون الفيفا رقم ١ يصف مساحة ملعب كرة القدم طولا بين ٩٠-١٢٠ متر (٣٠ متر فرق) و ٤٥-٩٠ متر عرضا (٤٥ متر كاملة فرق!)، اذا يمكن أن تتقلص مساحة اللعب تقريبا لأقل من النصف في مباريات فريق بين اللعب في ملعبه وخارج ملعبه.
تلعب معظم الفرق الكبرى في أوروبا بالأبعاد المثالية التي ترشحها الفيفا كالأفضل وهي ١٠٥ متر طول و٦٨ متر عرض وهذا هو حال ملاعب كامب نو، سانتياجو برنانبيو وأولد ترافورد، لكن مازلنا نسمع الكثير من المدربين حول العالم يشتكون من أبعاد الملاعب وكيف أنها تؤثر بالسلب على نتائج الفريق خارج ملعبه، ففي النهاية بضع أمتار قد تصنع الفارق لفريقك، فالبحث الدائم عن المساحات وفتح الملعب بالعرض هو غاية كل فريق كبير يلعب من أجل الهجوم، لكن هل تصنع هذه الأمتار فعليا فرق كبير لفرق كرة القدم؟
أمتار بوكيتينو وبوليس
يقول ماوريسو بوكيتينو المدرب الأرجنتيني لفريق توتنام الإنجليزي أن أبعاد وايت هارت لين معقل الفريق اللندني مضرة له ولكرته الهجومية فالملعب الذي تصل أبعاده لـ١٠٠ متر طول و٦٦ متر عرض أقل بحوالي خمسة أمتار طول ومترين عرض من النموذج المثالي وهو ما يراه الأرجنتيني كفيل بتحقيق نتائج أفضل داخل ملعب الفريق، المفاجأة أن هذه الأبعاد هي نفس أبعاد ملعب بريطانيا معلق ستوك سيتي والذي صرح مدربه السابق توني بوليس أنه لا يريد تغير تلك الأبعاد عندما اشترطت اليويفا عليه توسعة الملعب للمشاركة في بطولة الدوري الأوروبي.
إذا فالمدربين يرون أن تلك الأمتار القليلة قد تؤثر، فعندما يدرك لاعب أنه أمام ١٥ ركضة (Sprint) قبل أن يصل لخط المرمي سيفاجئ إن وصل بعد ١٤ فقط، كما أن الفرق التي تلعب بشكل دفاعي تحتاج لتقليل المساحات بين لاعبيها المدافعين ولو حتى خمس أمتار أقل.
مفاجأة أنويتا
لم يحقق برشلونة الفوز في ملعب ريال سوسيداد أنويتا لسبع مواسم متتالية، البعض يعتبرها لعنة، والبعد قد يلقي باللوم على الملعب، لكن المفاجأة أن أبعاد ملعب الأنويتا هي الأكبر في الدوري الأسباني وأكبر حتى من ملعب الفريق الكتالوني حيث يصل طول الملعب ١٠٥ متر ولكن عرضه ٧٠ متر مما يوفر مترين إضافيين للفريق الكتالوني الذي يحب الكرة الهجومية ويتميز باللعب على الأطراف وفتح مساحات الملعب، إذا أبعاد الملعب ليس لها هذا التأثير، لكن ربما نفسيا يشعر اللاعبين بأن الملعب مختلف عما تعودوا عليه.
الأمر لا يتوقف فقط عند أبعاد الملعب، فنوع العشب والرطوبة فيه تؤثر فعليا على جودته لكنها في النهاية عوامل بسيطة لا يمكن أن نتخيل أنها تجعل فريق صغير لا تتعدى ميزانيته بضع ملايين من الفوز على فريق تصل ميزانية لمئة ضعف ذلك.
السفر
يسافر لاعبي الفرق الكبيرة في المتوسط ٢١ مرة في الموسم قد تصل الرحلات لبضع مئات من الكيلومترات إلى آلاف الكيلومترات، لكن لاعب يحصل على ملايين الدولارات سنويا يتوقع منه أن يتحمل ارهاق السفر في أفضل الدرجات على متن طائرة تقطع تلك الرحلات في ساعات معدودة وربما أقل من ساعة، لكن في النهاية نحن بشر واللاعبين كذلك يوثر فينا تغير الروتين، فعندما لا تحتاج لأكثر من عشر دقائق بسياراتك لتصل لملعب فريقك فأن الأمر سيبدو صعب جدا عندما تضطر للسفر لثلاث ساعات لملاقاة منافسك في مباراة خارج أرضك.
لكن لأي مدى يؤثر السفر في اللاعبين، ففي النهاية عندما تلعب في الدوري المحلي فأن أقصى ما تسافره هو بضع مئات من الكيلومترات، ربما اللعب في بطولات أوروبا والسفر بعيدا هو الاستثناء الوحيد.
بركان انتر ميلان
تعرض فريق برشلونة لاختبار صعب عندما ذهب لملاقاة نادي إنتر ميلان الإيطالي في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا عام ٢٠١٠، فرغم أن الفريق كان يفترض أن يصل لميلانو معقل الفريق الإيطالي بعد ساعتين من السفر أضطر الفريق للسفر بالأتوبيس بعد توقف الرحلات الجوية بسبب انفجار بركان في ايسلندا.
سافر برشلونة برا في ست ساعات لمدينة كان الفرنسية ثم بات الفريق ليلته في المدينة وانطلق في اليوم التالي ليسافر لأربع ساعات أخري ليصل لمدينة ميلانو، كيف انتهت المباراة؟ فاز إنتر بثلاثية لهدف واحد وفي مباراة العودة فشل برشلونة في تحقيق فوز يعوض خسارته الأولى وأكمل رجال مورينيو المشوار وفازوا في النهائي على بايرن ميونيخ.
هل خسر برشلونة بسبب الرحلة؟ ربما، لكنه لم يفز أيضا في لقاء العودة بهدفين واكتفي بهدف وحيد، خطأ بشري من الحكم المساعد فصلت اللاعب بويان كريكيتش عن احتساب هدفا تسلل بدلا من هدف صحيح كان كفيل بإيصال رجال بيب جوارديولا للنهائي الثاني على التوالي.
تكتيك المدربين (النبوءات ذاتية التحقق)
يدخل المدربين بخطط مختلفة عندما يلعبون على أرضهم، الفرق القوية تبدأ مبارياتها بضغط عالي بغية تسجيل هدف في الدقائق الأولى من المباراة تكفي ليفقد الفريق الضيف توازنه ويضيف بعدها صاحب الأرض أهداف أخري ثم يركن إليها باقي المباراة. أما الفرق الضعيفة فتغلق المساحات في الملعب وتبقى في حالة دفاعية منتظرة هجمة مرتدة تسجل منها هدف يحقق لها الثلاث نقاط فيما التعادل السلبي سيكون بمثابة نقطة إضافية وليس نقطتين مهدرتين.
هل تنجح نبوءات المدربين وتتحقق طبقا للنظرية النفسية الشهيرة المعروفة بالنبوءات ذاتية التحقق، والتي تعني أن توقعك لشيء يعزز من فرص حدوثه، أم بشكل تكتيكي بحت، عندما تقرر أن تضغط خصمك وتحرز الأهداف فكرة القدم في الغالب ستطوع تحت أقدام لاعبيك وتسجل الأهداف؟
بالنظر لنتائج فريق تشيلسي صاحب واحد من أفضل المسيرات على أرضه، ٨٦ مباراة لم يذق فها البلوز طعم الهزيمة في معقلهم ستامفورد بريدج، ستجد أن هناك أسباب كثيرة لتلك السلسلة من اللا هزيمة، البداية كانت شراء الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش للنادي الإنجليزي، ثم إنفاق مئات الملايين لجلب أفضل اللاعبين، ثم التعاقد مع واحد من أفضل مدربي العالم البرتغالي جوزيه مورينيو لتدريب الفريق، ثم القدرات الدفاعية للفريق والعقلية الدفاعية للمدرب الاستثنائي، كلها صبت في صالح الفريق وسلسلته، هل تعرف كيف خسر الفريق هذه السلسلة؟
هدف من تشابي ألونسو لاعب وسط ليفربول في الدقيقة التاسعة من تصويبة اصطدمت بالمدافع جوزيه بوسينجوا وغالطت الحارس العملاق بتر تشك.
الشاهد هنا أن الفريق خسر المباراة لنفس السبب الذي فاز به في العديد من المباريات على أرضه، فوسط الضغط الكثيف من لاعبي تشيلسي على لاعبي ليفربول في الدقائق الأولى من عمر اللقاء كما يفعل كل الكبار على ملعبهم، تلقى الفريق هدف عكسي من تصويبه اصطدمت بمدافع فغالطت حارس عملاق.
نبوءة مورينيو هذه المرة لم تنج، ولم تسعفه خططه أو لاعبيه في الفوز أو حتى التعادل، هذه هي كرة القدم، يمكن أن تخسر حتى وأنت الفريق الأفضل، ملعبك، جمهورك، خطتك ولاعبيك قد يفشلوا في ايصالك لهدفك وكرة طائشة قد تنهي ٨٦ مباراة بدون هزيمة.
لماذا لا نهاجم في أرض الخصم؟
يبقي السؤال لماذا لا ننهي أزمة الأفضلية للفريق الضيف بلعب كل المباريات بنفس الطريقة؟ إذا كانت النبوءات تتحقق فلماذا لا يتنبأ كل المدربين بفوز فرقهم خارج ملعبهم ويلعبوا بضغط عالي من الدقائق الأولى ويحاولوا الفوز فيها لقتل تلك الأفضلية عند الفريق الخصم؟
الإجابة بسيطة، ضغطك العالي ورغبتك في الفوز ليست كافية لتحقيقه، اللعب خارج ملعبك له تأثير سلبي على لاعبيك، جانب منه نفسي تحاول الفرق الكبيرة التغلب عليه، جانب آخر فعلى مثل التأثير على الحكم أو الحماسة التي يدخل بيها الفريق صاحب الأرض للقاء، وجانب أخير هو أننا كبشر نجد صعوبة في السير عكس التيار، كل مدرب يخاف أن يبدأ اللقاء مهاجما في مباراة يفترض أنها خارج ملعبه، راجع ما حدث لنادي الزمالك عندما قرر مؤمن سليمان وهو مدرب شاب ربما لم يتعرض لضغط كبير ويحاول أن يثبت أن فريقه قادر على الفوز والهجوم حتى في مباراة لفريقه في نهائي دوري أبطال إفريقيا، خسر الفريق بثلاثية نظيفة.
الذكري الأسوأ لنا كمصريين ستبقي الخسارة بستة أهداف لهدف أمام منتخب غانا، عندما كان المنتخب المصري يحتاج لتحقيق نتيجة يستطيع التغلب عليها في مباراة العودة، لم يتوقف بوب برادلي القادم من أرض الأحلام الأمريكية عن الهجوم، استقبل هدف ثم الثاني ثم الثالث، فطالب لاعبيه بالضغط والهجوم أكثر، فسجل هدف وانتظر أن يسجل المزيد فتلقى ثلاثية جديدة وخسر اللقاء وحول مباراة العودة لمعادلة مستحيلة وفقد الفريق المصري فرصة الوصول لكأس العالم للمرة السابعة على التوالي.
مصر والجزائر، أو كيف تختار بديل لملعبك الأساسي؟
عندما سجل عماد متعب لاعب منتخب مصر الهدف الثاني ضد منتخب الجزائر في آخر مباريات تصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم أصبح لعب مباراة فاصلة أمر حتمي، هنا ستكون القرعة وحدها هي الفيصل في اختيار ملعب المباراة التي بفوزك بها ستصل لكأس العالم مباشرة، لكن ليس الحظ فقط، فالجهة المنظمة للتصفيات طلبت من كل منتخب أن يختار ملعبه المفضل، فاختار المنتخب المصري ملعب أم درمان بالسودان وكانت حيثيات الاختيار بحسب تقارير غير رسمية وتصريحات علنية هي قرب السودان من مصر وسهولة وصول الجماهير للملعب والعلاقات الطيبة بين الشعبين السوداني والمصري.
الآن وبعد الهزيمة هل تري أن ملعب المباراة كان له أي تأثير إيجابي على الفريق المصري؟ السؤال بطريقة أخري، هل ترى أن الاختيار كان الأفضل بعد كل الحقائق التي سردناها عن أسباب نجاح الفرق في الفوز على ملعبها؟
بالطبع لا، على الأقل نحن متأكدين أن اللعب في أم درمان ليس أفضل اختيار ففي النهاية خسرنا اللقاء، لكن ما هي الاختيارات الأخرى ولماذا تبدو أفضل؟
ملعب أفضل، أجواء أفضل وسابقة جيدة
انحصرت اختيارات القائمين على المنتخب المصري في ثلاثة، السودان للأسباب السابق ذكرها، غانا، بعد فوز المنتخب بكأس الأمم، وجنوب إفريقيا لملاعبها المتميزة واستضافتها للبطولة والنتائج المذهلة التي حققها المنتخب المصري في بطولة كأس العالم للقارات.
السودان، لم يلعب المنتخب المصري منذ سنوات في أم درمان، وفشل النادي الأهلي في تحقيق الفوز هناك بل وتلقت شباكه ثلاثية في بطولة إفريقيا، الملاعب سيئة في العموم والمدرجات ضيقة وغير منظمة.
غانا، لعب المنتخب المصري بطولة لا يمكن أن تنسى في غانا وحقق لقب كأس الأمم لمرة السادسة عندما كان خارج ترشيحات كل وسائل الاعلام، الملاعب الغانية جيدة للغاية بعد تطويرها لاستضافة كأس الأمم ٢٠٠٨.
جنوب إفريقيا، فاز المنتخب المصري على إيطاليا هناك، خسر بصعوبة بأربع أهداف لثلاثة أمام البرازيل وكان أول فريق يسجل ثلاثية في السامبا منذ مدة طويلة، النادي الأهلي والذي يمثل القوام الرئيسي للمنتخب لم يهزم أبدا في جنوب إفريقيا قبل ٢٠١٠، الملاعب ستستضيف كأس العالم ودون الاستضافة بالأساس الملاعب ممتازة وتضاهي ملاعب أوروبا.
ورغم أن جنوب إفريقيا تعطى أفضلية نسبية للمنتخب المصري فإن القائمين على المنتخب فشلوا في الاختيار وإضافة ولو أفضلية ضئيلة للمنتخب المصري في معركته الملحمية للوصول لكأس العالم منذ عام ١٩٩٠.
نرشح لكم








