كتب : أحمد نجيب | السبت، 09 يناير 2016 - 14:54

كالتشيوبولي بالمصري

قبل عقد كامل فُتح التحقيق حول شبكة كبرى للتلاعب بنتائج مباريات الدوري الإيطالي تضم مجموعة من رؤساء الأندية بسبب تسريبات وصلت للمحكمة تحوي مكالمات مسجلة بين رؤساء العديد من الأندية ومسؤولين في الاتحاد الإيطالي أسفرت عن فضيحة كروية كبري أُطلق عليها فيما بعد "كالتشيوبولي"..

التحقيقات لم تكشف عن رشاوي تلقاها الحكام ولكنها كشفت عن طلب حكام "محببين لرؤساء الأندية" أو طلب تغيير أسماء تم تعيينها لإدارة مباريات فرقهم.. لكنها في النهاية كانت فضيحة كبرى عصفت بالكثيرين داخل جدران الاتحاد الإيطالي وأدت كذلك لتوقيع عقوبات مغلظة علي الأندية المتورطة..

أما في مصر فبطبيعة الحال بدأت المقارنات بدون أساس واضح بين المكالمة المسربة لرئيس لجنة الحكام وجيه أحمد والمدير التنفيذي لاتحاد الكرة ثروت سويلم وفضيحة "كالتشيوبولي" التي عصفت بالكرة الإيطالية في 2006..

مصر مش زي إيطاليا..

وبغض النظر عما سيحدث في الأيام المقبلة فالوضع يبدو مختلفا بعض الشيء عما حدث في إيطاليا وليوفنتوس تحديداً..

فضيحة "كالتشيوبولي" ظهرت عندما تم إثبات تورط عدة أندية منها يوفنتوس وميلان وفيورنتينا حيث تم استخدام المكالمات الهاتفية لإثبات وجود اتصالات مباشرة بين هذه الأندية والحكام وبالتالي بدأ التحقيق..

انتمائي للنادي الأهلي شرف ولا يقبل المزايدة ولكن الزمالك يبقي غير متورط بشكل مباشر فيما يحدث حالياً بسبب تلك المكالمة المسربة أو ما قد يُطلق عليه "إيچيبتوبولي" بحسب تعبير أحد الأصدقاء..

بمعنى آخر يوفنتوس لم يتورط إلا بعد أن دخل مديره الرياضي لوتشيانو مودجي ونائب رئيس النادي أنطونيو جيراودو في القضية بمكالمات شخصية منهما وبالتالي فإن أي حديث من جانب أعضاء الجبلاية مثلاً لن يضر نادي الزمالك إلا في حال تورط هذا النادي بدخول أحد مسؤوليه في القضية بطريقة أو بأخري..

إيچيبتوبولي الموسم الماضي..

نحن إذن أمام حقيقة دامغة ألا وهي أن المكالمة المسربة لا تدين الزمالك.. النادي الأبيض ورئيسه ليسا مدانين بأي شكل ولا يعدا من أطراف تلك القضية المزعومة.. ولكن هل كانا يتمتعان بنفس تلك البراءة في الموسم المنقضي؟!

تباهى رئيس الزمالك في الموسم الماضي بالظهور شبه اليومي علي الفضائيات وعقب مباريات فريقه تحديداً لتهديد أو توجيه عصام عبد الفتاح رئيس لجنة الحكام آنذاك بحسب نتيجة مباراة الزمالك في تلك الليلة..

رئيس لجنة الحكام ضيفاً لأحد الاستديوهات التحليلية ورئيس الزمالك يقوم بعمل مداخلة هاتفية.. "ما بتردش عليا ليه يا عصام".. "أنا قلتلك بلاش الحكم ده".. "لما اتصل بيك ترد عليا".. "ماحدش هيقدر يوقع الزمالك".. "وحياة .... يا عصام ما هاسكت"..

العبارات السابقة وردت علي لسان رئيس الزمالك وغيرها الكثير ورغم ذلك لم يلتفت إليها أحد.. ما بين الخوف والتجاهل كان الاختيار الأسهل لقطاع عريض من الإعلاميين والمتابعين وحتى المسؤولين..

تفجير القضية هذه المرة من جانب أحد الإعلاميين هو ما جعل الأمر برمته مختلفاً.. الزج بالزمالك في الأمر قد لا يخلو من النوايا السيئة وإلا كان الانتفاض من أجل الحق قد اندلع منذ العام الماضي..

لا تخلو جعبة رئيس الزمالك من القضايا والتصريحات الشائكة..

بحد تعبير الصحفي محمد شبانة مُفجر القضية فإن اتهامات منصور المتتالية لا تعدو كونها" فنكوش" لا تتخطى حدود التشهير بغرض التهديد والوعيد وإلهاء المتابعين عن خطاياه بحق الزمالك بصفة خاصة والرياضة المصرية عامة..

أخيراً وليس آخراً.. اتهام بلا دليل من مرتضي منصور لأحد الشركات العالمية بدفع رشوة قدرها مليون جنيه من أجل ابعاد الزمالك عن المنافسة علي لقب الدوري.. فقط في مخيلة كبير الزملكاوية يمكنك الفوز بالدوري طالما قمت بدفع مليون جنيه بينما شراء لاعب واحد قد يتكلف 6 أو 7 أضعاف ذلك الرقم بكل تأكيد..

موقف رئيس الأهلي المتخاذل..

وكأحد المنتمين للأهلي كنت شاهداً علي سوء مستوى الفريق في الموسم الماضي.. كذلك كنت شاهداً علي فقدان عدة نقاط ليست بالقليلة بسبب أخطاء الحكام المباشرة ضد فريقي أو غير المباشرة بمجاملة المنافس..

حقيقة لا أملك أن ألوم رئيس نادي الزمالك علي ما فعله طيلة الموسم الماضي فهو في النهاية يبحث عن مصلحة ناديه بالشكل الذي يراه مناسباً.. كذلك لا ألوم الإعلاميين علي صمتهم طوال الموسم بعكس ما يحدث حالياً..

أما الحكام فهم في النهاية بشر يتأثرون بالضغوط المحيطة بهم فما بالك إن كانوا غير مؤهلين فنياً ونفسياً للعمل في الظروف العادية وبلا ضغوط..

اللوم كل اللوم يتوجه إلي السيد رجل الأعمال رئيس النادي الأهلي الذي تناسي الدفاع عن حقوق ناديه وممارسة مهام عمله كقائد للنادي الأكثر تتويجاً في العالم..

تفرغ محمود طاهر للحفاظ علي كرسيه أمام المعارضين وتسديد الفواتير الانتخابية بدلاً من إيجاد حالة من التوازن داخل الوسط الكروي كما هو معتاد بين القطبين..

رغم كل ما سبق من سقطات إدارية لرئيس النادي الأهلي إلا أنه يملك فرصة ذهبية لتصعيد الأزمة والتقدم ببلاغ رسمي ضد مشروعية فوز الزمالك بلقب دوري الموسم الماضي إن تم تجميع التسجيلات السابق ذكرها والتواصل مع شهود إثبات الوقائع المختلفة..

لا تسرع في نعتي بالمتعصب أو حتى تصديقي سواء كنت زملكاوياً أو أهلاوياً.. محمود طاهر لن يفعل ذلك.. من وجهة نظره فهو لديه العديد من المعارك الشخصية الأخري ربما تكون أهم وأبقي من تلك المعركة من أجل الأهلي..

أما عن الأزمة نفسها فسوف يتم احتوائها بشكل أو بأخر.. "قعدة عرب" أو "مجلس عرفي" تحت رعاية السيد وزير الشباب والرياضة ربما يكونان السبيل لتصفية الأجواء بين الأطراف المتراشقة..

إيچيبتوبولي كل موسم..

هناك مغالطة شهيرة في كرة القدم تفترض دائماً أن من يفوز بالبطولة في النهاية هو بالضرورة الأكثر استفادة من أخطاء التحكيم.. ولكن الأكثر منطقية أن العكس هو الصحيح..

قد يتأخر حسم بطولة الدوري بسبب التحكيم.. أحد الفرق مستواه لا يؤهله للمراكز المتقدمة قد يجد نفسه ثانياً أو ثالثاً بسبب التحكيم.. قد تجد فريقك منافساً على البطولة في النهاية بينما الحقيقة هي أن أخطاء التحكيم هي من وضعته في تلك المكانة غير المستحقة..

تكرار الأخطاء هو في النهاية إفساد لمتعة اللعبة وإعطاء الحقوق لغير مستحقيها.. نحن في الطريق لما هو أكثر من فضيحة "كالتشيوبولي".. الدوري المصري قد يملك فضيحة "إيچيبتوبولي" كل موسم ما لم يتدارك المسؤولون عن الرياضة المصرية الأمر..

--

Follow: @ahmednaguibgad

التعليقات