كتب : ضياء الدين محمد | الجمعة، 21 فبراير 2014 - 04:14

حاسبوا الداخلية وليس الأولتراس!

في سابقة هى الأولى في تاريخ كرة القدم، تقرر أجهزة الأمن في دولة اقتحام مدرج ملعب ممتلئ بالجماهير بالغاز المسيل والضرب، دون التفكير ولو للحظة في احتمالية وقوع مجزرة!

جماهير الأهلي توجه السباب للأمن وتحديدا "حبيب العالي" لتقرر القوات المتواجدة داخل ملعب مباراة المارد الأحمر والصفاقسي في السوبر الإفريقي الاشتباك معها.

يلقي البعض باللوم على أولتراس أهلاوي، بحجة أن توجيه السباب للشرطة لا يصح وأن رد فعل الأخير باقتحام المدرج وتعريض من فيه لخطر الموت رد فعل بديهي.

ولكنهم ينسون أو يتناسون أن ذلك الجهاز الأمني المشهود له بالتقصير في أخر ثلاث سنوات، ليس من حقه الرد على السباب بشكل كاد أن يؤدي لمجزرة لولا ستر الله.

في كل دول العالم يتم التعرض لأجهزة الأمن بالهتافات والسباب، ولكن رجل الأمن صاحب العقيدة السوية التي تجعله يؤمن بأن المواطن ليس ندا له وأن مهمته تتمثل في حمايته لا يبالي ولا يرد كونه يتعلم خلال دراسته الشرطية كيفية ضبط النفس.

في مصر الأمر مختلف تماما، الشرطة ترى باقي أفراد الشعب خصوما لها، وهو ما دفعها للرد على السباب بمحاولة نزع بانر مجموعة أولتراس أهلاوي وضرب المدرج بالغاز المسيل للدموع واقتحامه، بغض النظر عن نتيجة رد الفعل ذلك والذي كاد أن يسفر عن مجزرة جديدة، وكأن أجهزة الأمن لم تكتفي من الدماء التي سالت بسبب تقاعسهم وتواطئهم في بورسعيد.

جهاز الشرطة مثله مثل باقي أجهزة الدولة، عليه التعامل مع الاستفزازات بحكمة وليس بالعنف، ولا يوجد أي مبرر لاشتباكه مع جماهير في مدرج، وإلا فلنطالب لاعبو الأهلي بالاشتباك مع جماهير الزمالك ونطالب لاعبي الزمالك بالاشتباك مع جماهير الأهلي حينما يتعرضون للسباب أو نطالب رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء بالاشتباك مع الشعب حينما تتم مهاجمته.

ولكن يبدو أن وزارة الداخلية لا تريد عودة الجماهير للمدرجات، في ظل رغبتهم الواضحة في عدم العمل أو تحمل المسؤولية والتي تسيطر عليهم منذ قيام الثورة اعتقادا منها انها بذلك تعاقب الشعب على ثورة يناير.

فأنت حينما تحرر محضرا بسرقة سيارتك ينصحك الضابط المسؤول بالتفاوض مع السارق، فهل تتوقع أن يريد الضابط المسؤول الأخر تولى تأمين مباراة بما يحتاجه الأمر من مجهود؟

جهاز الشرطة بات يتعامل مع أي تحدي يخوضه برفع السلاح، والدليل ما حدث في شارع صلاح سالم عقب المباراة من ضرب بالغاز والخرطوش بل والرصاص الحي، الذي سينكر البعض استخدام الشرطة له رغم أن كل ضابط يزين حزامه بطبنجة 9 مللي.

مباراة كرة قدم يتم خلالها ضرب الجماهير بالغاز والخرطوش والرصاص الحي، رغم أن حجة زعزعة الدولة وضرب استقرارها لا تتوفر أركان استخدامها في تلك المرة.

وكأن الداخلية تخطط لإشعال أزمة مع الجماهير لتكون بمثابة حجة لأصدار قرار بعدم عودتهم للمدرجات، مع العلم بأنها تضطر للسماح للجماهير بالحضور في المباريات القارية الكبرى نزولا على رغبة الاتحادين الإفريقي والدولي لكرة القدم وليس كرما منها.

وعلى أجهزة الدولة أن تدرك حالة الغضب والكراهية التي تسيطر على فئة الشباب ضد جهاز الشرطة والتي تؤدي دائما لنشوب الاشتباكات فور اجتماعهما في مكان واحد، وتسعى لتكرار تجارب الدول الأوروبية الناجحة بإسناد تنظيم المباريات إلى شركات أمن متخصصة مع الاستعانة بأفراد الأولتراس نفسهم والذين أثبتوا نجاحهم في التنظيم من قبل.

وفي النهاية لا استطيع اتهام الأولتراس بالخطأ بتوجيه السباب المتكرر لجهاز الشرطة، فأنتم من أدخلتوهم إلى الدهاليز القذرة للسياسة بأسقاط 72 شهيدا منهم، وجعلتوهم يؤمنون بضرورة الثأر منه لدوره البارز في مجزرة بورسعيد.

لمتابعة الكاتب عبر تويتر @Diaa_Soliman

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات