برشلونة بدون ميسي - وداعا للمركزية والاتكالية.. ولكن

في الظروف السيئة يفتش الناس عن المؤشرات الإيجابية في كل مكان، بعد كارثة بايرن ميونخ، سمعنا الكثير من التعليقات المتفائلة بمجرد فوز برشلونة برباعية-للصدفة- على فياريال

كتب : أحمد أباظة

الأحد، 15 أغسطس 2021 - 22:52
برشلونة وريال سوسيداد

في الظروف السيئة يفتش الناس عن المؤشرات الإيجابية في كل مكان، بعد كارثة بايرن ميونخ، سمعنا الكثير من التعليقات المتفائلة بمجرد فوز برشلونة برباعية-للصدفة- على فياريال، والآن قد يود بعض مشجعي برشلونة سماع نفس الأشياء بعد اجتياز المهمة الأولى وضرب سوسييداد بنفس الرباعية.

الحياة ليست سوداء 100%، ولكنها ليست قريبة من أي درجات الوردي على الإطلاق، ورباعية فياريال انتهت بالمركز الثالث في وجود ليونيل ميسي، اليوم لا نعرف أين ستنتهي رباعية سوسييداد في غيابه.

ولكن بما أنه لم يكُن هناك حديث سوى عن مدى كارثية رحيل ميسي، إليكم بعض إيجابياته الضئيلة..

عقدة الرقم (1)

يصفها أرجنتيني آخر هو باولو ديبالا، حين قال أن التمرير لميسي إغراء يصعب مقاومته، وهذا صحيح.. حين مارس بعضنا كرة القدم في الشارع بجوار لاعب أفضل بوضوح، ألم نكن نجد أنه من الأفضل تسليمها إليه عوضا عن الخطأ والتعرض للصراخ؟

كان هذا صراخ بعض أصدقاء الشارع، لن يتجاوز عددهم 10 أفراد في أفضل الحالات، فما بالك بصراخ ملعب كامل العدد والملايين عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟

الآن لم تعُد نقطة الارتكاز الهجومي موجودة، بكلمات أخرى، بات الكل مجبر على التصرف، لدرجة اضطرت جوردي ألبا للتسديد أيا كانت النتيجة. هذا لن يعني أبدا أن أحدهم أقدر على التصرف من ميسي، ولكن رحيله كانت النهاية الحتمية والإجبارية لعصر الاتكالية الكتالونية.

الجماعية كنز لا يفنى

ميسي لا يضغط إلا قليلا، الكل يعرف ذلك بالنظر لعمره وحاجته لتوزيع الجهد، الآن لا يوجد من يحق له اعتبار نفسه فوق المشاركة في عملية الضغط.

بالتالي، هذا سيساعد المدرب رونالد كومان على فرض منظومة يفضلها، أكثر توافقا مع أفكاره الشخصية، عوضا عن التعامل مع وزن يضاهي ميسي الذي مهما كان اسمك، يجب أن تتأقلم أنت معه وليس العكس.

نقطة أخرى صحيحة للغاية ولكن بها عيب وحيد يظهر بمجرد طرح السؤال: هل تُغني منظومة كومان واكتساب الضاغط الإضافي عما كان يقدمه ليو؟

هذه هي المشكلة، عملية الخروج من حقبة ميسي ودخول حقبة جديدة هي مرحلة انتقالية عنيفة بحد ذاتها في برشلونة، وكانت ستحدث عاجلا أم آجلا، وحين تحدث يجب أن يتم التخطيط لها جيدا بمشروع متكامل، أي مدرب يملك فكرة واضحة عما يريد تنفيذه + إدارة تثق به وتملك القدرة على تحقيق مطالبه.

في حقيقة الأمر لدينا مدرب أبلغته الإدارة بوضوح أنه سيبقى فقط لأنهم لم يتمكنوا من إيجاد بديل، ولم تكُن تنوي أن تخوض مرحلة الإحلال والتجديد هذه من الأساس إذ انهار التجديد في الخامس من أغسطس، كما أنها تملك قرابة 3 يورو في خزينة النادي.

بكلمات أخرى.. أي نجاح سيتولد من رحم هذه الفوضى هو صدفة كبرى وعمل خرافي من المدرب وما تيسر من اللاعبين، هذا إن تولد أي نجاح أصلا.

رحل ميسي.. ولكن كومان لا يزال هنا

رحيل ميسي أخيرا منح صفقة جريزمان شكلا من أشكال المعنى، بعد أن كانت غير قابلة للتفسير منذ 2019. جريزمان هو من سيتسلم الراية أخيرا، لأن الأزمة الرئيسية كانت في تداخل مناطق عمله الرئيسية مع مناطق عمل ميسي دون وجود مدرب قادر على فض هذا الاشتباك.

صحيح أنه لن يقدم الكفاءة ذاتها أبد الدهر، ولن يتحول لنقطة مركزية جديدة مثل ميسي، ولكنه بات قادرا على اللعب بحرية أكبر، ومن الممكن أن يثمر هذا عن فائدة ما في المستقبل، المشكلة أن المدرب الذي يُرجى منه الإتيان بمعجزة ما في مثل هذه الظروف الكارثية، هو رونالد كومان على وجه التحديد.

تذكرون تغييرات الكلاسيكو الأول؟ خطوة روبرتو الشهيرة التي أبكت لاعبي الشطرنج في الكلاسيكو الثاني؟ مباراة ليفانتي؟ أمثلة كثيرة ومتعددة على أشياء أفسدها كومان بطرق مختلفة.

ولكن طريقته الأبرز والأوضح دائما أبدا، هي أزمته مع إجراء 3 خطوات صحيحة على التوالي وأحيانا خطوتين. لا تخف كثيرا على برشلونة إن رأيت التشكيل غير مناسب، على الأرجح سيصلحه في الشوط الثاني، ولكن يجب أن تخاف جديا حين يكون التشكيل مناسبا في ضوء المتاح، ويجب أن تخاف أكثر حين يكون هذا التشكيل المناسب متفوق بوضوح على أرض الملعب.

النتيجة أن بيدري الذي لعب 73 مباراة في الموسم الماضي آخرها كان في ختام الأولمبياد قبل بضعة أيام، لعب لمدة 90 دقيقة في هذه المباراة أيضا، لأنه لسبب ما، ارتأى كومان أن روبرتو يجب أن يشارك بدلا من دي يونج وليس الإسباني الذي يصدر جسده شتى أصوات الاستغاثة.

سوسييداد يحاول قلب الطاولة فيقرر كومان إجراء تبديل ثاني في الوسط، بنزول عديم الخبرة نيكو بدلا من.. بيدري أخيرا؟ لا، بدلا من بوسكيتس، ولا عجب في نجاح الخصم بتسجيل الهدف الثاني والاقتراب من التعادل لولا المرتدة التي حولها برايثوايت إلى تمريرة حاسمة أنهاها روبرتو، لأن خط الوسط الذي كان يفترض به حماية دفاع برشلونة المتهالك في هذه اللحظات، مكون من مراهق يعانق حدود الإرهاق ومراهق آخر في ظهوره الأول، وسيرجي روبرتو.