إيطاليا.. لأن الكل أكبر من مجموع الأجزاء

كان عام 2017 عصيبا على المنتخب الإيطالي، بداية من الفشل في التأهل إلي كأس العالم، ومرورا بإعلان كلا من أندريا بارزالي، دانييلي دي روسي، جانلويجي بوفون و جورجيو كيليني اعتزالهم،

كتب : عمر مختار

السبت، 05 يونيو 2021 - 13:35
تحليل في الجول - إيطاليا

كان عام 2017 عصيبا على المنتخب الإيطالي، بداية من الفشل في التأهل إلي كأس العالم، ومرورا بإعلان كلا من أندريا بارزالي، دانييلي دي روسي، جانلويجي بوفون و جورجيو كيليني اعتزالهم، قبل أن يعود الأخير عن قراره، ووصولا لطرد المدير الفني جيان بييرو فينتورا، واستقالة رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم كارلو تافيكيو.

في 14 مايو 2018، تم تعيين روبرتو مانشيني مديرا فنيا للفريق، تحت قيادته تأهل الأتزوري إلي اليورو بواقع 10 انتصارات من أصل 10 مباريات ليحقق بذلك رقما قياسيا، في الواقع، شهد عام 2018 آخر خسارة لإيطاليا والتي جاءت أمام البرتغال حامل لقب البطولة.

لا أحد كان بإمكانه اختيار تدريب المنتخب الإيطالي عندما وصل إلى أدنى تصنيف دولي له على الإطلاق في عام 2018، لكن مانشيني تحمل المسوؤلية ونجح بالفعل في الدمج بين جمال شخصية كرة القدم البرازيلية والتنظيم الإيطالي التقليدي، أصبح المنتخب الإيطالي الآن ذو عقلية هجومية.

أدت التغييرات التي أجراها مانشيني على الفريق وأسلوب اللعب والتشكيل إلى تحسين الأداء بشكل كبير، حقيقة أن إيطاليا لم تخسر في 21 مباراة تحت قيادة مانشيني هي دليل كاف على النقلة النوعية داخل الأتزوري.

للتأهل إلى كأس الأمم الأوروبية 2020، كان لدى إيطاليا مجموعة مريحة إلى حد ما بجانب فنلندا، اليونان، البوسنة والهرسك، أرمينيا، ليختنشتاين، سجلت إيطاليا 37 هدف وبلغ متوسط ​​أهدافها 3.7 هدفا في المباراة الواحدة بينما لم تتلق شباكهم سوى 4 مرات في 10 مباريات، من المؤكد أن هذه كانت مجموعة أسهل نسبيا حيث بلغ متوسط ​​تصنيفات الفيفا للفرق التي واجهتها إيطاليا 87.2، في الوقت الذي واجهت فيه فرنسا متوسط ​​تصنيف 96.4 ومع ذلك كان متوسطها 1.2 هدفا في المباراة الواحدة أقل من إيطاليا وجمعوا خمس نقاط أقل.

في التصفيات، فقط بلجيكا تمكنت من تسجيل أهداف أكثر من إيطاليا بواقع 40 هدف، بينما سجلت إنجلترا نفس عدد أهداف إيطاليا لكن بالنسبة لإنجلترا، كان عدد المباريات 8 مقابل 10 مباريات لبلجيكا وإيطاليا، لم تكن كل هذه الإنجازات الجديرة بالثناء ممكنة بدون الاختيار المناسب للاعبين ووضع نظام مثالي لإخراج أفضل ما لديهم، كما سنرى في هذا التحليل.

أحد الأسباب التي تجعل إيطاليا قوة كبيرة هو عمق تشكيلتهم، تمثل قائمة إيطاليا حقا مقولة "الكل أكبر من مجموع الأجزاء"، على الرغم من تسجيلهم لعدد كبير من الأهداف في التصفيات، لكن أندريا بيلوتي، بأربعة أهداف، هو هداف الفريق.

في إيطاليا، العديد من اللاعبين عبر خط الوسط والهجوم ينضمون إلى الأمام وينتهي بهم الأمر بالتسجيل، إن اللاعبين الذين تم اختيارهم يتمتعون بتوازن رائع بين الجودة التكتيكية والتأقلم السريع.

يستخدم مانشيني طريقة 4-3-3، بوجود محور ارتكاز أمامه لاعبي وسط مركزيين، مع تواجد أجنحة عكسية.

في التشكيل الأساسي، يظل جيانلويجي دوناروما هو الخيار الأول، في مركز الظهير الأيمن، يبقي أليساندرو فلورينزي اللاعب الأكثر احتمالية للمشاركة أساسيا، مع ليوناردو سبيناتزولا في مركز الظهير الأيسر، خلال التصفيات وفي المواجهات الحاسمة، رأينا فرانشيسكو أتشيربي كقلب دفاع أيسر مع ليوناردو بونوتشي، تميل إيطاليا عند الاستحواذ إلى استخدام هيكل غير متماثل، حيث يتحول الظهير الأيمن إلي قلب دفاع أيمن بينما ينطلق سبينازولا في اليسار أكثر للهجوم.

يمثل جورجينيو محور الارتكاز حيث يوفر الاستقرار في القاعدة، ويتمركز أمامه الثنائي ماركو فيراتي في اليسار (يسقط للمساعدة في الخروج بالكرة) ونيكولو باريلا في اليمين وهو الأكثر ديناميكية من بين الثلاثة.

سيختار مانشيني تشكيلته اعتمادا على الفريق الذي سيواجهونه، تتمتع إيطاليا بعمق في القائمة ومجموعة متنوعة من لاعبي الوسط، لكن في الوقت الحالي لا أحد في القائمة قادر على استبدال فيراتي أو جورجينو، لكن إذا احتاج إلى الدعم من البدلاء بوجود لورنزو بيليجريني، ستيفانو سينسي، مانويل لوكاتيللي وبريان كريستانتي سيضمن خط وسط متنوع الخصائص.

يستطيع بيليجريني لاعب روما الحفاظ على الكرة في مناطق الهجوم وإزعاج الدفاعات بسبب تسديداته القوية، أما ستيفانو سينسي لاعب إنتر ميلان الذي انضم للقائمة رغم ابتعاده فترات طويلة عن الملاعب بسبب الإصابات فبإمكانه تهدئة الرتم والسيطرة على مجريات اللعب، سيساعدهم لوكاتيللي الذي يتمتع بقدرة مذهلة على التمرير مع الذكاء في توقع اللعب، مع وجود كريستانتي صاحب المزايا المختلفة بدون الكرة.

في الأمام يوفر لورينزو إنسيني الإبداع في الجهة اليسرى، بينما سيكون مركز المهاجم من نصيب تشيرو إيموبيلي، لكن دوره ليس مجرد مهاجم يتمركز في الصندوق، إنه يعود دائما لإشراك الآخرين في اللعب وفتح مساحات في دفاع المنافسين، من المتوقع أن يأخذ فيديريكو كييزا مركز الجناح الأيمن، كان تناغمه مع باريلا دائما في مصلحة الفريق، عند الحاجة، يمكنه تقديم الإبداع أو حتى العمل كمهاجم ثانٍ.

في الخط الأمامي، هناك لاعب مثير للاهتمام حقا هو جياكومو راسبادوري، يقدم مهاجم ساسولو شيئا مختلفا، مهاجم متحرك رشيق، يتخطى واجب المهاجم التقليدي ويساهم في اللعب الجماعي والتحرك المستمر.

تضغط إيطاليا بكتلة عالية بـ 4-1-4-1، يستخدم مانشيني أسلوب الضغط الموجه للمساحة، حيث يضغط لاعب إيطاليا على لاعب الخصم الحامل للكرة بينما يغلق زملاؤه جميع المساحات الممكنة والتي يمكن فيها استلام الكرة.

تضع إيطاليا مصايد للضغط في مكانين، الأول تبقي عمدا ممر مركزي عمودي بين المهاجم والجناح الإيطالي الضاغط، إذا اختار الخصم أن يمرر بشكل عمودي فستسمح له بالتقدم بالكرة إلي بداية الثللث الثاني ثم بعد ذلك سيتم الضغط على اللاعب، والثاني عند الخطوط الجانبية في الأطراف بالضغط عاليا لغلق زوايا التمرير في كل الاتجاهات، يتم الأمر ببطء وتفاهم حتي يتم خنق المنافس فإما يتم الحصول على الكرة في مناطق متقدمة أو إجبار الخصم على العودة لحارس المرمي ليحدث المشهد الآتي.

هنا يبدأ إيموبيلي في الضغط على سيليسين بينما يغلق مسار التمرير على فان دايك، يستعد كييزا وبيليجرني للضغط على قلبي دفاع هولندا في اليمين واليسار، يراقب باريلا وجورجينو كلا من دي يونج وفاينالدوم بينما يغطي فيراتي المساحات المركزية، نتيجة لذلك سيضطر سيليسين للعب الكرة الطويلة وستسترجع إيطاليا الكرة مرة أخري.

يجبر المنتخب الإيطالي خصومه على التوجه نحو الأطراف ثم يبدأون في تكثيف الضغط هناك، بمجرد أن يقوم قلب دفاع المنافس بالتمرير نحو الخط الجانبي، يبدأ ظهير إيطاليا بالصعود للأمام والضغط عليه، حينها يغلق الجناح مسار التمرير نحو قلب الدفاع مرة أخري، ويقترب واحد أو إثنين (على حسب عدد لاعبي الخصم القريبين من الكرة) من لاعبي الوسط أفقيا من حامل الكرة لغلق خيارات التمرير حوله بينما يغطي ثالث الوسط الملعب طوليا، ينكمش الفريق نحو المساحة التي بها الكرة مما يسهل عليهم استرجاع الكرة هناك.

via GIPHY

من المؤكد أن إيطاليا التي ستلعب مباريات دور المجموعات في روما هي المرشح الأبرز لتصدر مجموعة تضم ويلز وتركيا وسويسرا، قد يكون افتقارهم إلى الخبرة مشكلة، نظرا لأن معظم اللاعبين لم يتم اختبارهم أبدا في المستويات الأعلى، يحتاج مانشيني إلى بناء أدائه على الحماس والأمل، عندها يمكن له التخطيط لرحلة العودة مرة أخري إلى ملعب ويمبلي، حيث خسر هناك نهائي كأس أوروبا عام 1992 رفقة سامبدوريا أمام برشلونة.