تحقيق في الجول – السعوديون في الليجا.. شراء أماكن أم انطلاق للعالمية

فجأة وبدون مقدمات.. تسعة لاعبين يغادرون الدوري السعودي للمحترفين إلى الليجا الإسبانية، خطوة فاجأت الجميع ليس فقط في محيط الوطن العربي بل في إسبانيا أيضا، ويتصدر مشهدها تركي آل شيخ رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية.

كتب : محمد البنا وإسلام مجدي ورامي جمال

الأحد، 28 يناير 2018 - 23:28
تركي آل شيخ - احتراف السعوديين

فجأة وبدون مقدمات.. تسعة لاعبين يغادرون الدوري السعودي للمحترفين إلى الليجا الإسبانية، خطوة فاجأت الجميع ليس فقط في محيط الوطن العربي بل في إسبانيا أيضا، ويتصدر مشهدها تركي آل شيخ رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية.

ثلاثة عناصر لفتوا الأنظار أكثر، هم الثلاثي الدولي فهد المولد (ليفانتي) ويحيى الشهري (ليجانيس) وسالم الدوسري (فياريال) فرط في مركزه الأساسي مع أنديتهم الاتحاد والنصر والهلال على الترتيب للانضمام إلى الدوري الإسباني مع نسبة مشاركة مشكوك فيها قبل أشهر معدودة قبل بداية المسابقة الأهم في مسيرة أي لاعب ألا وهي كأس العالم.

FilGoal.com يحقق حول الخطوة المفاجئة وهل توقيت خروج اللاعبين صحيحا أم لا؟

عناصر التحقيق

حسنا.. تبدأ القصة عندما أعلن تركي آل شيخ عن رحيل اللاعبين في مؤتمر صحفي حضره مندوب من لا ليجا وكشافي الأندية التي ضمت اللاعبين للإعلان عن الحدث الجديد عن الكرة السعودية.

نشر الموقع الرسمي لليجا في بيان رسمي عن أسماء اللاعبين وأنديتهم، يمكنك مطالعته من هنا.

وخلال تحقيق FilGoal.com تباينت الآراء.. البعض يؤيد الفكرة ويراها تأخرت كثيرا، وآخرين يتعجبون من التوقيت، والبعض يتشكك في مدى صحة القرار قبل كأس العالم، وهناك رأي يرى الأمر يشوبه شراء مقاعد في الأندية.

الرأي الرياضي المؤيد

يؤيد محمد الدعيع فكرة احتراف اللاعبين السعوديين مبكرا ويقول لـFilGoal.com: "هذه خطوة تفتقدها الرياضة السعودية وبداية لاحتراف اللاعبين في أوروبا، قد تبدو الفترة قصيرة لكن سنرى المردود في كأس العالم، فكل المحترفين صغار السن وسيثبتون وجودهم حسبما آمل".

وأضاف "لابد أن يخرج اللاعب السعودي للاحتراف ويختلط بالكرة الأوروبية، فالاحتراف له مكاسب عديدة سواء في طرق العيش وغيرها، هذه التجربة ناجحة سواء ثلاثة أو أربعة أشهر، سواء لعب أساسي أو ربع ساعة.. الاحتراف مهم وعندما يختلط اللاعب بنوعية هذا الدوري من المهارة والسرعة غير الموجودة في ألمانيا وإنجلترا ستعود بالإيجاب له".

وتابع الحارس السابق "الأندية والاتحاد الإسباني لم يختاروا اللاعبين إلا بعد بحث مضني ويشكر على ذلك تركي آل شيخ.. اليابان وكوريا كان لهما السبق في ذلك في التسعينيات وأعتقد أنهم أرسلوا إلى أوروبا ما يقرب من 50 لاعبا".

وشدد الدعيع "تلك الخطوة مهمة للغاية واللاعبون التسعة منضبطون ومحترفون وأعتقد أنهم سيشكلون فائدة للكرة السعودية لأن النظرة من الدوريات الأوروبية للكرة السعودية قليلة جدا ولا نمتلك وكلاء مسوقين للاعبين في أوروبا.. نتمنى أن يزداد العدد بعد المونديال ويخرج ما لا يقل عن 10 لاعبين آخرين".

واختتم وجهة نظره قائلا: "الاحتراف في الكرة السعودية ليس بالصورة الكاملة وليس محاضرات وتدريبات صباحية وغيرها، نحن سيطرنا على الكرة الآسيوية لكن الاحتراف سيضيف للسعودية".

اتفق فيصل أبو أثنين نجم الهلال السابق والمحلل الفني، مع رأي الدعيع ووصفها بأنها نقلة كبيرة لكنه تمنى "مشاركة اللاعبين في المباريات وهو الهدف الأساسي من الاحتراف من أجل أن ينقل صورة اللاعب السعودي في الخارج".

وأضاف فيصل "خطوة احتراف اللاعب السعودي تأخرت كثيرا، خصوصا أن لاعب بحجم محمد صلاح الذي أعتبره من أفضل 10 لاعبين في العالم أثار نقطة هامة وهي أن الموهبة موجودة لكنها تحتاج لتسليط الضوء عليها فقط في العالم العربي".

وتابع "لدينا وقت قصير قبل كأس العالم من الصعب أن تعمل على كل المنتخب لكنك منحت فرصة لبعض اللاعبين وهو قرار شجاع أن يخرج اللاعبون في الوقت الحالي أشكر عليه رئيس الهيئة".

وشدد "أتمنى أن الأسماء المختارة للاحتراف تعمل على كسب ثقة الأندية السعودية وإعطاء صورة أفضل للاعب السعودي، وأقول لهم إنهم سيرون الاحتراف الحقيقي وأتمنى أن يفتحوا الطريق أمام زملائهم لتكرار تجربتهم مثلما فعل صلاح مع اللاعبين المصريين".

شرط المشاركة

ولم يختلف عنهما عبد الله غراب أيقونة اتحاد جدة، فقال لـFilGoal.com: "يرغب الاتحاد السعودي في خروج لاعبين للاحتراف في ظل تواجد نموذج مثل محمد صلاح يقدم مستويات رائعة ويشكلون إضافة كبيرة حينما يعودون للمنتخبات".

وأضاف "ستضيف التجربة للاعبين ثقافيا قبل كأس العالم وأتمنى احتراف المزيد مستقبلا".

وتابع غراب "أعتقد أن هناك تفاهما قبل توقيع العقود ووضع في الاعتبار أمر كأس العالم وضرورة المشاركة، وبالتأكيد هناك شروط أكبر لمشاركتهم في المباريات".

وأردف قائلا: "لا أعتقد أن اللاعبين ذهبوا ليشاهدوا المباريات ويتدربون فقط، يجب أن يكون هناك نظر لمصلحة اللاعب وشرط المشاركة في بعض المباريات لأن الوقت قصير ويرغبون في المشاركة للإضافة لخبراتهم".

وشدد "المدرب والجماهير ستشاهد اللاعب السعودي وأعتقد أن المدربين سيختارون الوقت المناسب لتقديم اللاعب والذي أنصحه بالتركيز في الظهور الأول لأنه يجب أن يكون إيجابي جدا وهذا يرجع للاعب نفسه ومدى قدرته على التعايش مع التجربة".

الإعلام السعودي

وجد FilGoal.com صعوبة بالغة في إقناع المعارضين لفكرة الاحتراف في الحديث حول وجهة نظرهم نظرا للقيود المحيطة بالأمر. لكن في المقابل تحدث مؤيدون صراحة عن ترحيبهم بالفكرة.

فقال خالد قاضي لـFilGoal.com: "تجربة ممتازة وتساهم في رفع ثقافة اللاعب السعودي لكن بالنسبة للصغار أرى أن خروجهم مبكر وكنت أتمنى أن يبدأوا مع الدوري السعودي لموسمين على الأقل".

وأضاف "تم اختيار الأسماء من لجنة وصلت السعودية من قبل الدوري الإسباني، ونأمل أن يعتاد اللاعب من خلال التجربة على أجواء الاحتراف الأوروبي ورفع مستوى اللياقة".

وعن إمكانية عدم مشاركتهم قال: "حتى لو جلس اللاعبون احتياط لا توجد مشكلة، فالتدريب وحده مكسب وعلى قول المثل العربي من عاشر القوم 40 يوم صار منهم".

الإعارة حتى نهاية الموسم.. بالتأكيد سيمكث اللاعبون التسعة أكثر من 40 يوما.

محمد الشاهين يرى أن القرار جريئا وتأخر كثيرا، فقال لـFilGoal.com: "لدينا مواهب كثيرة لكن كان ينقصنا جرأة في كسر حاجز الاحتراف الخارجي، والفائدة ستكون على المدى البعيد أكبر وهو المطلوب للكرة السعودية، لأنها لن تتوقف بعد المونديال".

وأضاف "خطوة رائعة وستجعل من خاضها على استعداد كامل للمشاركة في أكبر مناسبة كروية وهي المونديال، وشريحة كبيرة مؤيدة للخطوة وترى أن إيجابياتها أكبر من سلبياتها فالتواجد في أوروبا ودوري كبير مثل الليجا مطمع لأي عنصر كروي عربي".

رأي متشكك

"الفكرة ممتازة لو طبقت بشكل إيجابي، ستكون الفائدة ممتازة إن شارك اللاعبون كأساسيين ولم يجلسوا على دكة البدلاء" فيصل البدين مدرب السعودية في بداية تصفيات كأس العالم ومساعد فان مارفيك المدير الفني الأسبق للأخضر السعودي.

وأضاف البدين "النقطة الإيجابية هي فتح الأعين عن اللاعبين السعوديين للاحتراف، لكني أتوقع أن تكون مشاركاتهم ضعيفة، كنت أفضل استمرارهم مع أنديتهم والمشاركة معهم قبل كأس العالم".

واختتم "لكن لو شاركوا في الليجا ستكون الفكرة ممتازة جدا".

للدخول في تفاصيل الرأي المتشكك من صحة القرار تواصل FilGoal.com مع عبد الرحمن المشبب الصحفي بجريدة الرياضية السعودية الشهيرة.

وقال المشبب: "تجربة احتراف اللاعبين في إسبانيا نقلة تاريخية تكتمل بإثبات اللاعبين لوجودهم.. والكرة أصبحت في ملعبهم الآن".

وأضاف "من الصعوبة توقع نجاح أو تأثير إيجابي كبير من أول تجربة على منتخب السعودية في كأس العالم، لكنك ستلاحظ تغييرا في أداء الثلاثي الدولي كونهم الأبرز، كما أنهم خرجوا قبل خمسة أشهر من المونديال وهي فترة ليست قصيرة".

وأوضح "اللاعبون القدامى يرون أن هناك مغريات تعيق احتراف اللاعب السعودي خارجيا أبرزها المال والشهرة إلى جانب عدم إدراك الاحتراف الحقيقي من كافة النواحي سواء النظام الغذائي والنوم والثقافة والاهتمام بالبنية الجسمانية وغيرها".

ثم استدرك الصحفي "الشيء الجميل في القرار أن اللاعبين جددوا عقودهم مع أنديتهم لمدة 4 سنوات وهذا يمنحهم استقرارا وبالتالي سينعكس إيجابيا عليهم".

واختتم "نتفاءل كثيرا بعد أن جاء اختيار اللاعبين من قبل الأندية الإسبانية نفسها وفقا لمعايير معينة ومشاهدة على أرض الواقع بعد زيارة فريق عمل متكامل في كل نادي للأندية السعودية ومشاهدة عدد من المباريات".

ومن هنا ننتقل لليجا لسؤال نادي فياريال الذي ضم سالم الدوسري وجابر مصطفى، وقد وجد FilGoal.com صعوبة أيضا من الجانب الإسباني للحديث باستفاضة.

قال مصدر في نادي فياريال سنشير له بالرمز ز.ن لـFilGoal.com: "لا يمكنني قول أكثر ما ورد بالبيان، الصفقة جزء من مشروع يشارك فيه النادي مع رابطة الدوري والهيئة العامة الرياضية والاتحاد السعودي لكرة القدم لتطوير كرة القدم لديهم".

ربما يكون هذا سبب ضيق الإعلام الإسباني من الاتفاق، وهذا ما لمسه FilGoal.com من خلال الصحفي جونزالو كابيزا الذي هاجم الأمر كليا.

الرأي المعارض

"بالنسبة لنا في إسبانيا؟ الأمر سيء.. أعني يبدو الأمر كما أنك لو اشتريت أماكن هؤلاء اللاعبين، لا يوجد روح رياضية في الأمر أبدا، وكأن كل شيء يتمحور حول المال ولم يفكروا في أي شيء آخر".

وأضاف جونزالو كابيزا "الجزء الأسوأ أننا نرى أنها لم تكن خطوة ضرورية حاليا، لم يُظهروا أرقام اللاعبين لكن الأندية في الليجا لم تعد تعاني من ضغوط اقتصادية فهي خطوة غير مفهومة".

وشدد "لا أعتقد أن اللاعبين التسعة شيشاركون، إنهم جزء من الفريق سيتدربون لكن في الحقيقة المدربين حاليا لا يعرفون شيئا عنهم، سيتواجدون لأشهر قليلة فقط وسيكون عليهم أن يتكيفوا على كل شيء في تلك الفترة إن كانوا جيدين كفاية سيلعبون، غير ذلك فلا".

وتساءل "هل هم جيدين كفاية؟ الليجا دوري تنافسي للغاية ولم يلعبوا قط خارج السعودية، نرى أنهم قد لا يكونون جيدين كفاية لحجز أماكن أساسية في تلك الفرق".

وعبر الصحفي الإسباني عن صدمته قائلا: "طريقة الإعلان عن الصفقات غريبا للغاية، لم يكن هناك أخبار أو تمهيد وبعد ذلك حدث كل شيء بسرعة وفجأة، وأهم شيء ان الصحافة لم تفهم الصفقات كذلك لا أرى أنها فرصة جيدة.. أظن أن الأموال خلف الأمر".

ثم تدارك "لم يخبرنا أحد بشيء لكنني واثق أنها الأموال وراء هذا الاتفاق".

فائدة لهم فقط؟

ورد الصحفي جونزالو حول من يقول إن هذا الاتفاق قد يفيد إسبانيا من خلال متابعات أكبر في آسيا وأشياء مثل هذه، واستنكر قائلا: "لا يكترثون للعبة".

وأشار "سيستعد اللاعبون لكأس العالم جيدا، سيتدربون مع أشخاص من مستوى ممتاز وسيتعلمون، وربما يعودون أفضل لبلادهم، سيتدربون لكنهم قد لا يشاركون وإن لعبوا سيكون هناك تفسيرا اقتصاديا".

وأضاف "سيحتاجون لأشهر لكي يصلوا إلى مستوى سرعة الكرة هنا، بلا شك هي خطوة جيدة لهم فالأمر منطقي وجيد جدا للسعودية".

وتابع "بعض المدربين قالوا إنهم لم يعلمون شيئا بعد عن اللاعبين وسيرونهم حينما يتدربون معهم".

وأردف قائلا: "هي خطوة ليست جيدة للكرة الإسبانية لكنها جيدة للسعودية وللاعبين وأكثر من رائعة.. الأندية الإسبانية أرسلت رسالة سيئة وخاطئة للغاية".

وأكد جونزالو كابيزا أن لاعبي السعودية سيتطورون مشيرا "سيتعلمون الكثير هنا، فأفضل طريقة لتطوير كرة القدم والحياة عامة هي التعلم ممن هو أفضل منك مباشرة".

واستطرد "إن تدربت لفترة مع لاعبين جيدين ستحصل على نصائح وستصبح لاعبا أفضل في غضون أشهر قليلة، يتعلمون الكثير عن الكرة الأوروبية.. الأمر الذي سيعود بالنفع على منتخبهم".

ثم استدرك "لم تكن تلك خطوة رياضية عن طريق كشافين.. وسبب الصفقة لم يكن عادلا، أعلم أن السعودية تريد تحقيق هذا وهذا منطقي لاهتمامهم بلاعبيهم لكن ما لا أفهمه هو لماذا وافقت الأندية الإسبانية؟"

"هذه رسالة خاطئة.. ليست جيدة للدوري الإسباني على الإطلاق".

مغامرة؟

ربما إن اتفق صحفي (إل كونفدينشيال) مع نجوم السعودية السابقين حول تأييدهم للفكرة، فهناك إعلام سعودي رافض للفكرة أيضا خاصة في توقيتها قبل المونديال.

فقال إعلامي سعودي فضّل عدم ذكر اسمه نشير له بالرمز [م.ح]: "مغامرة كبيرة أن تقوم بإخراج أهم ثلاثة لاعبين في المنتخب بالوقت الحالي للاحتراف ولا يوجد ضمان لمشاركتهم باستمرار".

وأضاف "هذا سيؤثر سلبيا على مستوياتهم مع المنتخب في كأس العالم رغم احتكاكهم بالتدريبات لكن رتم المباريات مختلفا".

واختتم "الفائدة الوحيدة من الاحتراف هو الاستفادة البدنية لأن التحضيرات في أندية أوروبا مختلفة عن السعودية".