"قوة كلمة بيلسا" التي حولت بوكيتينو إلى مهندس توتنام

"أنت توقفت عن فعل الكثير من الأشياء التي كنت تقوم بها، لم تعد اللاعب الذي أعرفه". كانت تلك كلمات قاسية قالها مارسيلو بيلسا مدرب إسبانيول في وقت ما إلى لاعبه ماوريسيو بوكيتينو.

كتب : إسلام مجدي

الأربعاء، 18 أكتوبر 2017 - 10:40
بوكيتينو

"أنت توقفت عن فعل الكثير من الأشياء التي كنت تقوم بها، لم تعد اللاعب الذي أعرفه". كانت تلك كلمات قاسية قالها مارسيلو بيلسا مدرب إسبانيول في وقت ما إلى لاعبه ماوريسيو بوكيتينو.

بعد ذلك يدين بوكيتينو بالفضل إلى مدربه الذي علمه ما وصفه بـ"قوة الكلمة" لأن تلك الكلمات كانت السبب في تحول مسيرته وانضمامه إلى باريس سان جيرمان ثم منتخب الأرجنتين والمشاركة في كأس العالم.

في 2009 تولى بوكيتينو مهمة تدريب إسبانيول ووقتها وصفت الكرة التي يلعبها فريقه بالكرة الهجومية المباشرة وتفضيله الدائم لضم لاعبين شباب إلى تشكيلته.

بعد ذلك تم اختياره كمدرب لساوثامبتون في عام 2013 ووقتها تعززت مهاراته التدريبية ليتواجد اسمه كواحد من أفضل المدربين الشباب المتواجدين على الساحة وبدأ في تنفيذ عدد من الخطط والأشكال التكتيكية غير المتطابقة على لاعبيه تلك التي كان ولازال بيلسا يستعملها.

مع النادي الإنجليزي اشتهر المدرب الأرجنتيني بإشراك ثنائي صانع الألعاب، وكان لديه الثلاثي جاي رودريجيز وآدم لالانا وريكي لامبارت وجميعهم شارك للمرة الأولى مع منتخب إنجلترا تحت ولاية بوكيتينو.

اهتم بوكيتينو ببناء منظومة كاملة وليس تكتيكا ثابتا أو شكلا معينا يوصف به الفريق، شجع لاعبيه في كتيبة القديسين على الضغط في كافة أنحاء الملعب وبالطبع تطلب ذلك مجهودا بدنيا وقوة وسرعة مضاعفة، والنتيجة كانت الحصول على 12 نقطة من 9 مباريات خاضها الفريق معه في البداية.

وقتها كان بوكيتينو جديدا في مهمته وفاز بنتيجة 3-1 ضد ليفربول، لكن الجميع في إنجلترا علم أن هناك مدربا يجب أن تتم متابعته.

سرعان ما بدأت لمسته واضحة والفريق تطور مع الوقت وتواجد ضمن المراكز المتقدمة في جدول الترتيب ليلفت نظر الأندية إليه، لكن أكثر نموذج كان يلائم عمله هو مشروع توتنام لينضم في صيف 2014 إلى النادي اللندني.

قاد بوكيتينو توتنام إلى المركز الخامس برصيد 64 نقطة في موسمه الأول، وفي الموسم الثاني رفع من سقف الطموحات وبدأ يفكر في المنافسة على الألقاب.

كان على بعد خطوة من الفوز باللقب إلا أن توتنا أهدر عددا من النقاط الحاسمة جعل ليستر سيتي يحقق إنجازا تاريخيا في الموسم الثاني له.

وقتها كان الأرجنتيني غاضبا للغاية وخرج وانتقد سلوك وشخصية لاعبيه الشباب وأكد على أنهم بحاجة إلى الخبرة.

وصرح قائلا :"ما الذي نفتقر إليه؟ الشخصية والخبرة نحن بحاجة لكي تكون شخصيتنا أقوى من ذلك".

بدا وكأن بوكتينيو وضع وعدا أمام نفسه بتطوير كتيبته الشابة، وطور أسلوبا للعب وشكلا لفريقه أصبح يعرف به بل واهتم بتوحيد النادي بالكامل خلف هدف محدد وواضح.

صرح جاري نيفيل عن المدرب الأرجنتيني قائلا: "أعتقد أن دانييل ليفي كان يحاول إعادة تغيير الفريق، بوكيتينو حينما وصل إلى توتنام لم يكن سعيدا بما شاهده وحاول إعادة بناء الفريق من كل الجوانب".

وأضاف "بإمكاننا ملاحظة تواجد عناصر جديدة مثل بين دافيز وإريك لاميلا وإريك داير وديلي ألي وهيونج سون مين وهاري كين، منذ عام كان هناك كريج داوسون وآرون لينون وباولينيو وموسى ديمبيلي وروبيرتو سولدادو وإيمانويل أديبايور".

وتابع "متوسط الأعمار تحول من 26.2 إلى 23.6، أصبح الأصغر في الدوري".

وأردف "لم يحول التشكيل فقط بل غير الثقافة، إنه يحاول تغيير كل شيء، حتى أن الفريق أقال فرانكو بالديني من أجل بدء صفحة جديدة".

غير بوكيتينو الكثير في طريقة توتنام الفريق يضغط بسرعة شديدة ويحاول استعادة الكرة منذ تخطيها لخط وسط ملعبه.

وفور الحصول على الكرة ينتقل توتنام إلى منطقة جزاء الخصم سواء من الخلف أو العمق عن طريق صانع اللعب أو كما حاليا ثنائي صناعة اللعب.

كما بدل طريقته من اللعب بأربعة مدافعين في الخط الخلفي إلى 3، بجانب تطويره منظومة الشباب.

وسأله صحفي في مؤتمر عن سبب تغيير طريقة اللعب فقال :"طريقة اللعب التي نختارها ليست مهمة، ما يهم حقا هو تحركاتنا وكيف نحرك الكرة".

ووصفته شبكة "إن بي سي" بـ"مهندس توتنام الجديد".

قال بوكيتينيو عن الطريقة التي حول بها توتنام إلى فريق منافس :"نحن سرنا في طريق جيد وأصبحنا فريقا جيدا للغاية، نحن في لحظة يجب أن نؤمن أننا قادرين على إدارة الأشياء الكبيرة والمباريات الكبيرة، ولدينا فرصة جيدة لإظهار قدرتنا".

وتابع "لدينا تشكيل شاب للغاية لكن إن لعبت وأظهرت مميزاتك قدر الإمكان فهذا سيثبت جدارتك بالمنافسة".

وأردف "أعتقد أنه في بعض الأحيان قد تلعب بمستوى ضغط قوي لمدة 15 دقيقة أو أكثر لكن أرى أن فريقنا كان متميزا فيما يخص الضغط وتنفيذ التعليمات بدقة".

واستطرد "ما أحاول أن أجعل لاعبي يفعلونه هو أن نستمتع بكل ما نفعله في كل حصة تدريبية وفي كل مباراة وطوال الوقت، حينما نبدأ في لعب كرة القدم فعلينا أن نظهر عواطفنا وأن نؤدي بشغف".

وفي الموسم الجاري عمد المدرب الأرجنتيني إلى اللعب بطريقة 3-4-2-1 ولعب بثنائي صناع لعب خلف هاري كين بتواجد ديلي ألي وكريستيان إريكسن خلفه.

وربما قدم مارسيلو بيلسا إلى كرة القدم مدربا واعدا وقويا للغاية هو بوكيتينو، لكنه وعلى الرغم من ذلك فضل تكوين شخصية خاصة به في الملعب ولم يطبق نظام بيلسا بالكامل.

وقال عنه ريكاردو لوناري مدرب نادي مليوناريوس الكولومبي ومساعد بيلسا في تدريب منتخب تشيلي :"أفكار بيلسا وبوكيتينو متطابقة بشكل عملي".

وأضاف "إنهما يرغبان في الهجوم من كل أطراف الملعب وقاعدتهما التكتيكية قائمة على اللاعبين الشباب".

وأتبع "لديهما شخصيتان مختلفتان بالطبع، بيلسا عصبي دائما ويعيش المباريات كرجل مجنون، أما بوكيتينو فهادئ في أغلب الأوقات، لكنني ألاحظ أفكار بيلسا في مباريات وأداء توتنام خصوصا هذا الموسم والموسم الماضي، الضغط كان العامل الأساسي والمفتاح حتى وإن استقبلت الأهداف، بيلسا يقول إن الأخطاء تأتي من عدم تطبيق الضغط الصحيح في أماكن معينة من الملعب".

وبوكيتينو نفسه كان قد اعترف بذلك وأكثر موضحا أن بيلسا كان السبب في ظهور جيل ممتاز من اللاعبين الأرجنتينين.

وصرح قائلا :"لقد كان بيلسا مهما لي للغاية، حتى وإن كنا نسير في مسارين مختلفين وفلسفتنا في كرة القدم مختلفة قليلا، لكن في الملعب قد لا تفضل أسلوبا مختلفا، لكن بالنسبة لي شغفه انتقل إلينا وجعلنا ما نحن عليه أنا وأقراني من أبناء الأرجنتين".

وأردف "ليس أنا فقط، هناك جيل كامل من المدربين ظهر بفضله، وبالنظر للطريقة التي يشعر بها بكرة القدم وشغفه أعتقد أنني أخذت ذلك منه وأكثر".

وأتم "لقد أمدنا بشغفه حتى وإن كان كل المدربين الذين تراهم اليوم يدربون بطرق مختلفة لكنهم سيتفوقون على أمر واحد هو بيلسا".

ربما تكون طريقة بوكيتينو بإشراك ثنائي صناع لعب خلف مهاجم وحيد مختلفة عما فعله مدرب أخر قد يكون أسلوب ضغطه خاص به وأسلوبه في اختيار لاعبين شباب ووضع ثقته بهم، لكنه في نهاية المطاف اتفق على أن بيلسا هو من شكل أسلوبه التدريبي.

في شهر سبتمبر من العام الماضي حينما غضب بوكيتينو على لاعبيه في المؤتمر الصحفي، ثم هدأ بعد يومين من الهزيمة أكد أنه عاد للاعبيه واكتفى بتدريبهم ولم يعرض أي شيء عن أخطاء تلك المباراة التي خسرها فريقه.

وتحدث بوكيتينو عن موقف مشابه حدث معه وبيلسا بينه وبين هاري كين مهاجمه قائلا:"في وقت الغداء اكتشفت أن هاري كين يريد أن يتحدث معي، ولكني تجنبته لأن غضبي لم يكن قد انتهى بعد، انتهيت من وجبتي وجلست في الشرفة وبعدها أتى كين وجلس بجانبي وتحدثنا معا حتى الثالثة عصرا، اعترفت له أن بيلسا جعلني أبكي ذلك اليوم حينما أخبرني بالحقيقة".

وأضاف "كنت أعرف أنني كنت قاسيا مع كين عند قدومي في 2014، ولكن كان علينا التغلب على القلب والعقل والجسم من أجل مواصلة الضغط والركض في كل أرجاء الملعب، ولكن قلت له ولباقي الفريق إن عليهم أن يعطوا كل ما لديهم ولا يقلقوا، وإن شعروا بالتعب فإني سأقدم أحد آخر لكي يقوم بالمهمة، ولكن عليهم أن يبذلوا كل مجهودهم".

وأتم بوكتينيو حديثه حول سر هندسته وتحويله لتوتنام الذي كان يعاني دفاعيا إلى فريق صلب ومخيف قائلا :" "هكذا حولت الفريق من صاحب السجل الدفاعي الأضعف بين العشرة الأوائل إلى صاحب الدفاع الأقوى ودون حتى أن ألعب كرة دفاعية، الأمر يتعلق بالشجاعة، لطالما أحببت هذه الكلمة، يجب ان نلعب بشجاعة".

في موسمه الأول مع توتنام استقبل الفريق 53 هدفا، وفي الثاني استقبل 35 هدفا وفي الثالث استقبل 26 هدفا، وخلال الموسم الجاري استقبل 5 أهداف، فهل يحقق بوكيتينو حلمه أخيرا ويتوج بطلا للدوري خاصة وأنه حاليا ليس ببعيد عن أهل القمة قطبي مانشستر إذ أنه على بعد 3 نقاط من المركز الثاني ليونايتد و5 نقاط من المركز الأول لسيتي، فهل يفعلها توتنام الجديد؟