مراحل سقوط بايرن ميونيخ من القمة إلى البحث عنها بلا دليل

"لويس فان جال يعمل بصعوبة ولا يشركنا ولا يتقبل النقد". كانت تلك كلمات أولي هونيس رئيس بايرن ميونيخ قبل فترة قليلة من إقالة المدرب الهولندي وتعيين يوب هاينكس بدلا منه.

كتب : إسلام مجدي

الخميس، 28 سبتمبر 2017 - 18:26
تصميم عبد الرحمن عمرون

"لويس فان جال يعمل بصعوبة ولا يشركنا ولا يتقبل النقد". كانت تلك كلمات أولي هونيس رئيس بايرن ميونيخ قبل فترة قليلة من إقالة المدرب الهولندي وتعيين يوب هاينكس بدلا منه.

تم الإعلان في مارس 2011 عن تعيين يوب هاينكس كمدرب لبايرن ميونيخ خلفا للويس فان جال المدرب الذي كان يعاني مع الفريق في حجز بطاقة التأهل حتى لدوري أبطال أوروبا واحتل في ذلك الموسم المركز الثالث برصيد 65 نقطة بفارق 10 نقاط عن بوروسيا دورتموند المتصدر، فقط بعد موسم من خسارة نهائي دوري أبطال أوروبا ضد إنتر ميلان.

وصرح أولي هونيس رئيس النادي قائلا :"الوضع بدأ يتحول إلى فوضى لقد استبدا هانز جورج بات بتوماس كرافت، سبب ذلك فجوة في الدفاع ولم نتمكن من التماسك لفترة طويلة".

وأضاف "كرة القدم يجب أن تكون ممتعة، لكن لا يوجد أي شيء ممتع في الكرة التي يقدمها بايرن ميونيخ معه".

وصرح كارل هاينزه رومينيجه المدير التنفيذي للنادي في يوليو عام 2011 قائلا :"نحن سعداء للإعلان عن توصلنا لاتفاق مع يوب هاينكس لتدريب الفريق لمدة عامين، أنا واثق أن تلك الشراكة ستكون ناجحة".

وأضاف "لقد كان المرشح المثالي للمهمة والذي أردناه أن يتولى المهمة".

وقال هاينكس في المقابل :"دربت بايرن ميونيخ مرتين ولطالما قدرت العمل والأجواء هنا، كمدرب للفريق هناك واجب مؤكد عليك وهو النجاح على الرغم من ذلك أنا أعتبر هذا تحدي وأنا سعيد به للموسمين المقبلين".

سرعان ما ظهرت النتائج على بايرن ميونيخ، الأداء القوي والمباشر الطريقة الألمانية التي بدت ممتعة للغاية سجل الفريق 77 هدفا واستقبل 22 فقط الأقوى دفاعي في الدوري لكنه خسر اللقب أمام بوروسيا دورتموند بفارق 8 نقاط.

في ذلك الموسم ضم بايرن مانويل نوير وجيروم بواتينج ورافينيا ونيلس بيترسن وتاكاشي أوسامي بمبلغ 52 مليون يورو.

تحول الأمر في الموسم التالي وبدا ذلك واضحا من سوق انتقالات الفريق، خافي مارتينيز وماريو ماندجوكيتش وزريدان شاكيري ودانتي ميتشيل فايزر وتوم شتارك وكلاوديو بيتزارو كل ذلك كلف النادي مبلغ 70.3 مليون يورو.

لم يخسر في الدوري الألماني سوى مباراة وحيدة من باير ليفركوزن في ذلك الموسم غير ذلك حقق 29 فوزا وتعادل 4 مرات.

سجل فريقه 98 هدفا واستقبل 18 أخرين وحصد 91 نقطة بفارق 25 نقطة عن دورتموند صاحب المركز الثاني.

تحول بايرن ميونيخ لعملاق مخيف لكل أوروبا في الموسم الأول لهاينكس خسر لقب دوري أبطال أوروبا بركلات الترجيح ضد تشيلسي، ثم عاد في الموسم الثاني ليتوج بطلا للمسابقة وأبرز ضحاياه في ذلك الموسم كان برشلونة الذي خسر بنتيجة 7-0 بمجموع مباراتي الذهاب والإياب.

صرح هاينكس وقتها :"كنا نلعب كرة ممتازة طوال الموسم، لم تكن مفاجأة كبيرة لي أن نسجل هذا الكم من الأهداف ضد برشلونة لعبنا بهذا المستوى الكبير طوال الموسم".

وأضاف "أحلل دوما الفريق الذي سأواجهه كيف يلعب وكيف هو أسلوبه وكيف يتحرك كل لاعب فيه يجب أن يكون لديك شيئا ضد كل ما يمتلكونه لا أترك شيئا للحظ".

وتابع "لدي محاضرة دوما أظهر بها طرق العمل المختلفة لكل فريق ويجب أن يلعب فريقي بالتزام تكتيكي كبير".

وأردف "ندافع بطريقة جيدة وفيما يخص الاستحواذ فلدينا أسلوبنا في اللعب بطريقة مباشرة للهجوم ولدينا عدد لا بأس به من اللاعبين أصحاب المهارات وخليط من الفنيات والقدرة البدنية".

في يناير من عام 2013 أعلن بايرن ميونيخ أن جوسيب جوارديولا هو المدرب القادم للفريق خلفا لهاينكس.

وقتها كان هناك العديد من الحديث حول هيمنة بايرن وطريقة التمريرات التي سيلعب بها والفلسفة التي ستتغير، خاصة وأن نسخة هاينكس كانت أفضل نسخة قدمت كرة قدم ممتعة في تلك الحقبة.

مع تولي جوارديولا للمهمة في صيف 2013 لم يكن الفريق بحاجة للكثير من اللاعبين فقط ضم ماريو جوتزة وتياجو ألكانتارا ويان كريتشوف بمبلغ 62 مليون يورو.

سواء هاينكس أو جوارديولا أو حتى فان جال فجميعهم ليس من النوعية التي تنصاع لإدارة النادي بل تفرض كامل سيطرتها لكي تطبق فلسفتها بالكامل.

تفكير إدارة بايرن ميونيخ انصب على استعمال الشباب وتقليل النفقات بجانب مدرب سيواصل مع الفريق الهيمنة على أوروبا وصنع حقبة خاصة بالفريق، المراحل كانت فان جال للبناء وهاينكس للحصاد وجوارديولا كان الثالثة للاستمرار.

بايرن كانت تحدي لجوارديولا والعكس، لاعبو الفريق تكيفوا تماما على أسلوب هاينكس واحتاج المدرب الإسباني إلى فرض فلسفته.

في موسمه الأول كان على بعد نقطة من تكرار إنجاز هاينكس بتحقيق أكبر عدد من النقاط في موسم واحد وتوج بطلا للدوري برصيد 90 نقطة بفارق 19 نقطة عن دورتموند.

ولكنه اصطدم بريال مدريد بطل نسخة 2013-2014 وخسر بنتيجة 5-0 بمجموع مباراتي الذهاب والإياب.

الهيمنة على الدوري الألماني بنوعية وقوة الأسماء التي امتلكها بايرن ميونيخ في تلك الفترة كانت سهلة والتحدي الأكبر كان دوري أبطال أوروبا.

ناهيك عن انتقادات الجماهير، فبايرن ميونيخ أصبح يستحوذ أكثر ويأخذ وقتا أطول في بناء الهجمات عكس الكرة الهجومية المباشرة التي كان يقدمها مع هاينكس.

وفي موسم 2015-2016 كانت الانتقادات قد وصلت ذروتها، بايرن ميونيخ أصبح فريقا مملا مع جوسب جوارديولا هكذا تراه الجماهير.

ونشرت مجلة "فور فور تو" تحقيقا قال أحد مشجعي بايرن فيه :"بالنسبة لي كمشجع لبايرن أتساءل ما المهم السيطرة على المباريات أم البطولات؟".

طالبت جماهير بايرن ميونيخ بمدرب لا يستحوذ على الكرة بل بأخر يجيد الفوز بالبطولات خاصة دوري أبطال أوروبا الذي فشل جوارديولا في الفوز به 3 مرات متتالية وودع البطولة من نصف النهائي.

قال أحد المشجعين لمجلة "فور فور تو":"كنا نسيطر على المباريات ونهيمن فيما يخص الاستحواذ، لكن جزء من ذلك الأمر كان صعبا علينا، جماهير بايرن تفكر في الفوز والألقاب وأشياء أكثر من الاستحواذ وبناء الهجمات".

وتابع "تغيير أسلوب بايرن ميونيخ بعد الفوز بكل شيء لم يكن أمرا جيدا مع الجماهير الوفية للفريق، لما لا يمكننا فقط ان نلعب بطريقة 4-2-3-1؟".

مع الاحتجاجات الكبيرة ورغبة بيب في التدريب في الدوري الإنجليزي، حاولت إدارة بايرن ميونيخ العودة إلى مسار مشابه قليلا إلى هاينكس لكن بلا دليل محدد للبحث لم يكن هناك نمط، الهدف كان الفوز بدوري أبطال أوروبا، واتجه الفريق إلى رجل لن يرفض توجه الإدارة في ترشيد النفقات لضم اللاعبين وفي نفس الوقت سيفوز باللقب الغائب، كارلو أنشيلوتي.

صرح رومينيجه عن ذلك الاختيار :"كارلو أنشيلوتي نجح في كل مكان كمدرب وفاز بدوري الأبطال 3 مرات، إنه هادئ وخبير في جلب الاستقرار والتوازن إلى الفريق ويعرف كيف يتعامل مع النجوم بسبب أسلوب لعبه الفريد، كنا نتطلع إلى ذلك ووجدنا ونتطلع للعمل معه".

وصرح أنشيلوتي :"أنا فخور لأنني سأكون مدرب لنادي كبير مثل بايرن ميونيخ في الموسم المقبل".

عقب توليه المسؤولية باع بايرن ميونيخ ماريو جوتزة وخرج منه المهدي بن عطية معارا ولم يضم خلال الصيف سوى ريناتو سانشيز وماتس هوميلس.

وأثنى أنشيلوتي على إدارة بايرن ميونيخ قائلا :"بايرن تجربة مختلفة لي لأن رئيسي كان لاعبا رائعا يعرف كل شيء عن كرة القدم والموقف بالكامل، بالنسبة له لا يوجد شيء جديد، لهذا السبب ستكون تلك تجربة جديدة لي".

وأضاف "ليس علي أن أشرح لرومينيجه كيف يعمل الفريق لأنه يعرف كل شيء، هذا اختلافه مع رؤسائي السابقين إنه يعرف هذا العالم فعليا".

وتابع "يجب أن تبني نظاما يشعر من خلاله اللاعبون بالراحة ويقتنعون به".

لم تسر الأمور على ما يرام احتاج بايرن ميونيخ لأن يدخل إلى سوق الانتقالات بقوة لكنه لم يفعل واكتفى أنشيلوتي بما لديه لكن ذلك لم يكن كافيا.

ودع الرجل الذي فاز بدوري أبطال أوروبا 3 مرات البطولة من ربع النهائي على يد ريال مدريد مما دفع الجماهير لانتقاد أداء الفريق مرة أخرى.

إضافة إلى ذلك الشخصية لم تكن قوية كما كانت في الماضي فالفريق حصد هذه المرة 82 نقطة بفارق 15 نقطة عن لايبزج صاحب المركز الثاني.

شعر مانويل نوير حارس بايرن ميونيخ بما يمر به فريقه، لم يعد يقدم كرة ممتعة ولم يعد مخيفا كما كان في الماضي.

وصرح قائلا :"نعلم أننا لم نصل بعد للنقطة التي ننشدها، نريد لعب كرة جيدة جدا معتمدة على الهيمنة ليس فقط كرة جيدة، الخصوم في الدوري أصبحوا أكثر ثقة ضدنا الآن".

وتابع "الخصوم أصبحوا يشعرون أنهم قد يحصلون على شيء من المباراة ضدنا، علينا أن نوقف ذلك وأن نعيد فكرة أننا سنقرر ما سيحدث في الملعب دائما".

بحث بايرن ميونيخ طوال ذلك الموسم عن هويته القوية التي لمسها مع يوب هاينكس لكنه لم يستطع وظهر ذلك جليا الفريق لم يعد مخيفا واللاعبون شعروا بذلك وخسر أنشيلوتي ثقة لاعبيه فيه حتى مع قلة التعاقدات وانصياعه لقرارات الإدارة.

وصرح لام في وقت سابق خلال الموسم الماضي قائلا:" "فريقنا عليه أن يعتاد على عدم الاستحواذ في بعض الفترات، وأن يعلم أنه من الطبيعي أن يحصل عليها الخصم".

وتابع "في خط الدفاع علينا أن نوازن بين استحواذنا واحتمالية تجنب الهجمات المرتدة".

واستطرد "كل لاعب في فريقنا يجب أن يقدم أفضل ما لديه، لأننا نلعب ضد فريق من الصفوة مع لاعبين من طراز رفيع في كل مركز".

اعتاد بايرن ميونيخ على تواجد لاعبين أصحاب بنية بدنية قوية في خط وسطه وتنوع لا بأس به على فترات مر عليه أوين هارجريفز ولويس جوستافو وباستيان شفاينشتايجر وخافي مارتينيز قبل إصابته وغيرهم.

بعد اعتزال شابي ألونسو احتاج الفريق لمحور ارتكاز بدني قوي لكنه ضم كورنتين توليسو من ليون وفضل شراء كينجسلي كومان بصفة نهائية ونيكلاس سولي وجيمس رودريجيز وسيرج جنابري وسيباستيان رودي.

لم تكن تلك سوق الانتقالات القوية التي انتظرها الفريق ليصبح مخيفا وظهر ذلك جليا في الجولة التحضيرية للموسم الجديد التي شكلت ناقوس خطر لبايرن.

وخاض بايرن ميونيخ 9 مباريات ودية فاز في 5 ضد فولفراتهاوزن وإرلانجن وفيردر بريمن وهوفنهايم وتشيلسي، وخسر من أرسنال بركلات الترجيح بعد التعادل بنتيجة 1-1، ومن ميلان وإنتر وليفربول.

وعانى بايرن ميونيخ في المواجهات ضد الأندية غير الألمانية وديا، إذ أنه سجل 4 مرات واستقبل 12 هدفا.

لم يكترث أنشيلوتي وطالب الجماهير بانتظار بداية الموسم لكن ذلك لم يحدث وفاز في 4 مباريات من أصل 6 في الدوري وتعادل مباراة وخسر مباراة.

وصرح ليفاندوفسكي مهاجما سياسة فريقه في سوق الانتقالات قائلا :"الفريق عليه فعل شيء للمنافسة مع أمثال برشلونة وباريس سان جيرمان في السوق".

هاجمه رومينيجه دون الإنصات للتهديد الذي تحول لواقع في خسارة بنتيجة 3-0 في الجولة الثانية من دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا.

ثم تحدث أولي هونيس رئيس النادي قائلا :"القادم سيكون فصلا جديدا لبايرن ميونيخ لن نضم لاعبين سنهتم بتطوير ما لدينا حاليا". لكن ما لدى الفريق لم يكن كافيا.

ونشر بايرن ميونيخ بيانا قال فيه :"بعد تحليل داخل بايرن ميونيخ للوضع نعلن إنهاء تعاقدنا مع كارلو أنشيلوتي مدرب الفريق".

وصرح رومينيجه قائلا :"مستوى الفريق منذ بداية الموسم لم يرتق للتوقعات التي وضعناها، مباراة باريس أظهرت أننا كان يجب أن نتحرك".

وأتم "اتخذنا قرارا في مصلحة بايرن ميونيخ وأتوقع تطورا إيجابيا الآن".

هل يتطور بايرن ميونيخ ويجد أخيرا ضآلته في أن يلعب بطريقته المباشرة التي فقدها مع رحيل يوب هاينكس؟ هل يصعد إلى القمة مرة أخرى؟